فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب - نسخه متنی

سلیمان بن عبدالوهاب النجدی الحنبلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وإنّما المقصود : أنّ العبارة التي تستدلّون بها على تكفير المسلمين لا تدلّ لمرادكم .

وأنّ من نقل هذه العبارة واستدلّ بها هم الذين ذكروا النذر ، والدعاء ، والذبح ، وغيره ، ذكروا ذلك كلّه في مواضعه ، ولم يجعلوه كفراً مخرجاً عن الملّة ، سوى ماذكره الشيخ في بعض المواضع في نوع من الدعاء ، كمغفرة الذنوب ، وإنزال المطر ، وإنبات النبات ، ونحو ذلك ممّا ذكر أنّ هذا وإن كان كفراً فلا يكفّر صاحبه حتّى تقوم عليه الحجّة التي يكفّر تاركها ، وتزول عنه الشبهة .

ولم يحكه عن قوله ، ـ أي التكفير بالدعاء المذكور ـ إجماعاً حتّى تستدلّون ـ أنتم ـ عليه بالعبارة .

بل ـ والله ـ لازم قولكم تكفير الشيخ بعينه ، وأحزابه ، نسأل الله العافية .

وممّا يدل على أنّ ما فهمتم من العبارة غير صواب : أنـّهم عدّوا الأمور المكفّرات فرداً فرداً في كتاب الردّة في كل مذهب من مذاهب الأئمّة .

ولم يقولوا أو واحد منهم : من نذر لغير الله كَفَر .

بل الشيخ نفسه ـ الذي تستدلّون بعبارته ـ ذكر: أنّ النذر للمشايخ لأجل الاستغاثة بهم، كالحلف بالمخلوق ـ كما تقدّم كلامه ـ والحلف بالمخلوق ليس شركاً أكبر . بل قال الشيخ : فمن قال : «انذروا لي تُقضى حوائجكم» .

يُستتاب ، فإن تاب وإلاّ قتل لسعيه في الأرض بالفساد .

فجعل الشيخ قتله حدّاً لا كفراً .

وكذلك تقدّم عنه من كلامه في خصوص النذور ما فيه كفاية .

ولم يقولوا أيضاً : من طلب غير الله كفر .

بل يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ ما يدّل على أنـّه ليس بكفر .

ولم يقولوا : مَن ذبح لغير الله كفر .

أتظنّهم يحكون العبارة ، ولا عرفوا معناها ؟!

أم هم أوهموا الناس ـ إرادةً لإغوائهم ـ !؟

أم أحالوا الناس على مفهومكم منها الذي مافهمه منها من أوردها ، ولا من حكاها عمّن أوردها ؟

أم عرفتم من كلامهم ما جهلوا هم ؟

أم تركوا الكفر الصراح الذي يكفر به المسلم ، ويحلّ ماله ودمه ، وهو يعمل عندهم ليلا ونهاراً ، جهاراً غير خفيّ ، وتركوا ذلك ما بيّنوه ، بل بيّنوا خلافه ، حتّى جئتم أنتم فاستنبطتموه من كلامهم ؟

لا ، والله ، بل ما أرادوا ما أردتم ، وإنّهم في واد ، وأنتم في واد!

وممّا يدلّ على أنّ كلامكم وتكفيركم ليس بصواب : أنّ الصلاة أعظم أركان الإسلام ـ بعد الشهادتين ـ ومع هذا ذكروا : أنّ من صلاّها رئاء الناس ردّها الله

عليه ، ولم يقبلها منه ، بل يقول الله تعالى(86) : (أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه ، ويقول له يوم القيامة : أُطلب ثوابك من الذي عملت لأجله) .

فذكروا أنّ ذلك يبطل العمل .

ولم يقولوا : إنّ فاعل ذلك كافرٌ حلال المال والدم ، بل من لم يكفّره ـ كما هو مذهبكم فيما [هو[ أخفّ من ذلك بكثير ـ .

وكذلك السجود، الذي هو أعظم هيئات الصلاة ـ التي هي أعظم من النذور والدعاء وغيره ـ فرّقوا فيه وقالوا : من سجد لشمس ، أو قمر أو كوكب ، أو صنم كَفَر .

وأمّا السجود لغير ما ذُكر ، فلم يكفّروا به ، بل عدّوه في كبائر المحرّمات .

ولكنّ حقيقة الأمر أنّكم ما قلّدتم أهل العلم ولا عباراتهم ، وإنّما عُمدتكم مفهومكم واستنباطكم الذي تزعمون أنـّه الحقّ ، مَن أنكره أنكر الضروريات .

وأمّا استدلالاتكم بمشتبه العبارات فتلبيسٌ .

ولكنّ المقصود : أنّا نطلب منكم أن تبيّنوا لنا وللناس كلام أئمّة أهل العلم بموافقة مذهبكم هذا ، وتنقلون كلامهم ـ إزاحةً للشبهة ـ .

وإن لم يكن عندكم إلاّ القذف ، والشتم ، والرمي بالفرية والكفر ، فالله المستعان.

لآخر هذه الأمّة أُسوة بأوّلها .

الذين أنزل الله عليهم ، لم يَسْلَموا من ذلك .

فصل


[الحدود تدرء بالشبُهات]

وممّا يدلّ على عدم صوابكم في تكفير من كفّرتموه ، وأنّ الدعاء والنذر ليسا بكفر ينقل عن الملّة .

وذلك أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أمر في الحديث الصحيح(87) أن تُدْرءَ الحدودُ بالشبهات .

وقد روى(88) الحاكم في صحيحه ، وأبو عوانة ، والبزّار ـ بسند صحيح ـ وابن السُنّي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ، أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إذا انفلتت دابّة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا ، ياعباد الله احبسوا ، ياعباد الله احبسوا ـ ثلاثاً ـ فإنّ لله حاضراً سيحبسه .

وقد روى الطبرانيّ(89) : إن أراد عوناً فليقل : ياعباد الله أغيثوني .

ذكر هذا الحديث الأئمّة في كتبهم ، ونقلوه ـ إشاعةً وحفظاً للأمّة ـ ولم ينكروه .

منهم النوويّ في (الأذكار) وابن القيّم في كتابه (الكلم الطيّب) وابن مفلح في (الآداب) .

قال في (الآداب) ـ بعد أن ذكر هذا الأثر ـ :

قال عبدالله بن الإمام أحمد : سمعت أبي يقول : حججت خمس حجج ، فضللت الطريق في حجّة ـ وكنتُ ماشياً ـ فجعلتُ أقول : ياعباد الله دلّونا على الطريق ، فلم أزل أقول ذلك حتّى وقعتُ على الطريق ، إنتهى .

أقول : حيث كفّرتم من سأل غائباً ، أو ميتاً ، بل زعمتم أنّ المشركين الكفّار الذين كذّبوا الله ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) أخفّ شركاً ممّن سأل غير الله في بَرّ أو بحر .

واستدللتم على ذلك بمفهومكم الذي لا يجوز لكم ولا لغيركم الاعتماد عليه .

هل جعلتم هذا الحديث وعَمَلَ العلماء بمضمونه ، شبهةً لمن فعل شيئاً ممّا تزعمون أنـّه شركٌ أكبر؟

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

قال في (مختصر الروضة) : الصحيح أنّ من كان من أهل الشهادتين ، فإنّه لا يكفر ببدعة على الإطلاق ، ما استند فيها إلى تأويل يلتبس به الأمر على مثله ، وهو الذي رجّحه شيخنا أبو العبّاس ابن تيميّة ، إنتهى .

أتظنّ دعاء الغائب كفراً بالضرورة ، ولم يعرفه أئـمّة الإسلام ؟

أتظنّ أنّ على تقدير أنّ قولكم صوابٌ ، تقوم الحجّة على الناس بكلامكم ؟

ونحن نذكر كلام الشيخ تقيّ الدين الذي استدللتم بعبارته على تكفير المسلمين بالدعاء والنذر ، وإلاّ ففي ما تقدّم كفاية ، ولكنّ زيادته فائدة .

قال الشيخ رحمه الله تعالى في (اقتضاء الصراط المستقيم)(90) :

من قصد بقعةً يرجو الخير بقصدها ، ولم تستحبّه الشريعة ، فهو من المنكرات ، وبعضه أشد من بعض ، سواء كان شجرةً ، أو عيناً ، أو قناةً ، أو جبلا ، أو مغارة ، وأقبح أن ينذر لتلك البقعة ، ويقال : إنّها تقبل النذر ـ كما يقوله بعض الضالّين ـ فإنّ هذا النذر نذرُ معصية باتّفاق العلماء ، لا يجوز الوفاء به .

ثمّ ذكر رحمه الله تعالى(91) ـ في مواضع كثيرة ـ موجودٌ في أكثر البلاد في الحجاز منها مواضع كثيرة .

وقال في مواضع أُخَر من الكتاب المذكور(92) : والسائلون قد يدعون دعاءً محرّماً يحصل منه ذلك الغرض ، ويحصل لهم ضررٌ أعظم منه .

ثمّ ذكر أنـّه تكون له حسناتٌ تربو على ذلك ، فيعفو الله بها عنه .

قال(93) : وحُكي لنا أنّ بعض المجاورين بالمدينة إلى قبر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) اشتهى عليه نوعاً من الأطعمة ، فجاء بعض الهاشميّين إليه فقال : إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) بعث لك هذا ، وقال : اخرج من عندنا ، فإنّ من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا .

قال الشيخ(94) : وآخرون قُضيت حوائجهم ولم يقل لهم مثل ذلك ، لاجتهادهم ، أو تقليدهم ، أو قصورهم في العلم ، فإنّه يغفر للجاهل ما لا يغفر لغيره ، ولهذا عامّة ما يُحكى في هذا الباب إنّما هو عن قاصري المعرفة ، ولو كان هذا شرعاً أو ديناً لكان أهل المعرفة أولى به .

فَفَرْقٌ بين العفو عن الفاعل والمغفرة له ، وبين إباحة فعله .

وقد علمتُ جماعةً ممّن سأل حاجته لبعض المقبورين من الأنبياء والصالحين ، فقُضيت حاجته .

وهؤلاء يخرج ممّا ذكرته ، وليس ذلك بشرع فيُتّبع .

وإنّما يثبت استحباب الأفعال واتخاذها ديناً بكتاب الله وسُنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وما كان عليه السابقون الأوّلون .

وما سوى هذا من الأمور المحدثة فلا تستحبّ ، وإن اشتملت أحياناً على فوائد(95) .

وقال أيضاً(96) : صارت النذور المحرّمة في الشرع مأكل السدنة ، والمجاورين العاكفين على بعض المشاهد وغيرها ، وأولئك الناذرون يقول أحدهم : مرضت فنذرت ، ويقول الآخر : خرج عليّ المحاربون فنذرت ، ويقول الآخر : ركبت البحر فنذرت ، ويقول الآخر : حُبسْت فنذرت .

وقد قام في نفوسهم من هذه النذور [أنّها[ هي السبب في حصول مطلوبهم ، ودفع مرهوبهم .

وقد أخبر الصادق المصدوق(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّ نذر طاعة الله ـ فضلا عن معصيته ـ ليس سبباً للخير .

بل تجد كثيراً من الناس يقول : إنّ المشهد الفلانيّ ، والمكان الفلانيّ يقبل النذر ، بمعنى أنـّهم نذروا له نذوراً ـ إن قضيت حاجتهم ـ فقضيت(97) .

إلى أن قال(98) : وما يُروى أنّ رجلا جاء إلى قبر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)فشكى إليه الجَدْب عام الرمادة ، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج يستسقي بالناس .

قال : مثل هذا يقع كثيراً لمن هو دون النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأعرف من هذا وقائع.

وكذلك سؤال بعضهم للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أو غيره من أمّته حاجته ، فتُقضى له .

فإنّ هذا وقع كثيراً .

ولكن عليك أن تعلم أنّ إجابة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)أو غيره لهؤلاء السائلين لا يدلّ على استحباب السؤال .

وأكثر هؤلاء السائلين الملحّين ـ لمِا هم فيه من الحال ـ لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم ، كما أنّ السائلين له في الحياة كانوا كذلك(99) .

وقال(رحمه الله) أيضاً(100) : حتّى أنّ بعض القبور يجتمع عندها في اليوم من السنة ، ويُسافَر إليها من الأمصار في المحرّم ، أو في صفر ، أو عاشوراء ، أو غير ذلك ، تُقصد ويجتمع عندها فيه ، كما تقصد عرفة ومزدلفة في أيام معلومة من السنة ، وربّما كان

الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا أشدّ منكراً ، حتّى أنّ بعضهم يقول : نريد الحجّ إلى قبر فلان وفلان .

وبالجملة : هذا الذي يُفعل عند هذه القبور هو بعينه نهى عنه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا هو الذي أنكره أحمد بن حنبل(رحمه الله) ، وقال(101) : قد أفرط الناس في هذا جدّاً وأكثروا ، وذكر الإمام أحمد ما يُفعل عند قبر الحسين(رضي الله عنه) .

قال الشيخ(102) : ويدخل في هذا ما يُفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها ، وما يُفعل بالعراق عند القبر الذي يقال إنّه قبر عليّ وقبر الحسين ، إلى قبور كثيرة في بلاد الإسلام لا يمكن حصرها ، إنتهى كلام الشيخ .

[عبارة ابن تيميّة ومدلولها]

فيا عباد الله ، تأمّلوا : كم في كلام الشيخ هذا من موضع يردّ مفهومكم من العبارة التي تستدلّون بها من كلامه؟ ويردّ تكفيركم للمسلمين؟

ونحن نذكر بعض ما في ذلك تتميماً للفائدة :

منها قوله ـ في قصد البقعة ، والنذر في العيون والشجر والمغارات وما ذكره ـ : إنّه من المنكرات ، ولم يجب الوفاء به .

ولم يقل : إنّ فاعل ذلك كافر ، مرتدّ ، حلال المال والدم ـ كما قلتم ـ .

/ 28