فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب - نسخه متنی

سلیمان بن عبدالوهاب النجدی الحنبلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فصل


[الإيمان الظاهر]

قال الشيخ تقيّ الدين في (كتاب الإيمان)(79):

الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا لا يستلزم الإيمان في الباطن ، وإنّ المنافقين الذين قالوا : { آمنّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }(80) هم في الظاهر مؤمنون ، يصلّون مع المسلمين ، ويناكحونهم ، ويوارثونهم ـ كما كان المنافقون على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ولم يحكم النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم بحكم الكفّار المظهرين الكفر ، لا في مناكحتهم ولا في موارثتهم ، ولا نحو ذلك .

بل ، لمّا مات عبدالله بن أُبيٍّ ـ وهو من أشهر الناس في النفاق ـ ورثه عبدالله ابنه ـ وهو من خيار المؤمنين ـ وكذلك سائر من يموت منهم ، يرثه ورثته المؤمنون ، واذا مات لهم وارثٌ ورثوه مع المسلمين ، وإن عُلم أنـّه منافقٌ في الباطن .

وكذلك كانوا في الحدود والحقوق كسائر المسلمين ، وكانوا يغزون مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) .

ومنهم مَن هَمَّ بقتل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة تَبوك ، ومع هذا ففي الظاهر تجري عليهم أحكام أهل الايمان .

إلى أنْ قال : ودماؤهم وأموالهم معصومةٌ ، لا يُستحلّ منهم ما يُستحلّ من الكفّار ، والذين يظهرون أنـّهم مؤمنون ، بل يظهرون الكفر دون الإيمان .

فإنّه(صلى الله عليه وآله وسلم)قال : أمرت أن أقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله ، وأنّي رسول الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دمائهم ، وأموالهم إلاّ بحقّها ، وحسابهم على الله .

ولمّا قال لأُسامة : اقتله ـ بعد أن قال : « لا إله إلاّ الله » ـ قال : فقلت : إنّما قالها تعوّذاً .

قال : هل شققتَ عن قلبه؟

وقال : إنّي لم أُؤمر أن أنقّب عن قلوب الناس ، ولا أشقّ بطونهم .

وكان إذا استؤذن في رجل يقول : أليس يصلّي؟ أليس يشهد؟ فإذا قيل له : إنّه منافق ، قال ذلك .

فكان حكمه في دمائهم وأموالهم كحكمه في دماء غيرهم ، ولا يستحلّ منها شيئاً ، مع أنـّه يعلم نفاق كثير منهم ، إنتهى كلام الشيخ .

قال ابن القيّم في (إعلام الموقّعين)(81) :

قال الإمام الشافعيّ : فرض الله سبحانه طاعته على خلقه ، ولم يجعل لهم من الأمر شيئاً ، وأنْ لا يتعاطَوا حكماً على عيب أحد بدلالة ولا ظنّ ، لقصور علمهم عن علم أنبيائه الذين فرض عليهم الوقوف عمّـا ورد عليهم حتّى يأتيهم أمره ، فإنّه سبحانه ظاهَرَ عليهم الحُجج ، فما جعل عليهم الحكم في الدنيا إلاّ بما ظهر [من ]المحكوم عليه .

ففرض على نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ يقاتل أهل الأوثان حتّى يسلموا ، فيحقن دمائهم إذا أظهروا الإسلام .

واعلم أنـّه لا يعلم صدقهم بالإسلام إلاّ الله تبارك وتعالى ، ثم أطلع الله رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) على قوم يظهرون الإسلام ويسرّون غيره ، ولم يجعل له أنْ يحكم عليهم بخلاف حكم الإسلام ، ولم يجعل له أن يقضي عليهم في الدنيا بخلاف ما أظهروا .

فقال تعالى لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) : { قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا }(82) يعني أسلمنا بالقول مخافة القتل والسبا .

ثمّ أخبر أنـّه يجزيهم إن أطاعوا الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، يعني : إن أحدثوا طاعة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) .

وقال في المنافقين وهم صنفٌ ثان : { إذا جاءَك المنافقون قالوا نشهد إنّك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إنّ المنافقين لكاذبون اتّخذوا أيمانهم جُنّةً }(83) يعني جُنّةً من القتل .

وقال : { ويحلفون بالله إنـّهم لَمنكم وما هم منكم }(84) . . . الآية ، فأمَر بقبول ما أظهروا ، ولم يجعل سبحانه لنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يحكم عليهم بخلاف حكم الإيمان ، وقد أعلم الله سبحانه نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أنـّهم في الدرّك الأسفل من النار .

فجعل حكمه سبحانه على سرائرهم ، وحكم نبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا على علانيّتهم .

إلى أن قال : وقد كذّبهم في قولهم في كل ذلك ، وبذلك أخبر النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)عن الله سبحانه بما أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عطاء ابن يزيد ، عن عبيدالله بن يزيد بن عديّ بن الخَيار ، أنّ رجلا سارّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يُدْرَ ما سارّه؟ حتّى جهر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، فإذا هو يسارّه في قتل رجل من المنافقين .

قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) : أليس يشهد أن لا إله إلاّ الله؟ قال : بلى ، ولا صلاة له .

فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أولئك : الذين نهاني الله عن قتلهم .

ثم ذكر حديث : أُمرت أن أقاتل الناس ـ حتّى قال ـ : فحسابهم بصدقهم وكذبهم وسرائرهم على الله العالم بسرائرهم ،المتولّي الحكم عليهم ، دون أنبيائه وحُكّام خلقه .

وبذلك مضت أحكام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بين العباد من الحدود ، وجميع الحقوق ، أعلمَهم أنّ جميع أحكامه على ما يُظهرون ، والله يدين بالسرائر .

فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم ـ استدلالا على ما أظهروا خلافَ ما أبطنوا بدلالة منهم ، أو غير دلالة ـ لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسُنّة .

إلى أن قال : ومَن أظهر كلمة الإسلام ، بأن شهد «أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)» قُبل ذلك منه ، ولم يُسأل عن كشف حاله ، أو عن باطنه ، وعن معنى ما لفَظَ به ، وباطنه وسريرته إلى الله ، لا إلى غيره من نبيّ أو غيره .

فهذا حكم الله ودينه الذي أجمع عليه علماء الأمّة ، إنتهى كلام الشافعيّ(رحمه الله) .

قال ابن القيّم ـ بعدما حكى كلام الشافعيّ ـ : وهذه الأحكام جاريةٌ منه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثم هي التي مشى عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان ، والأئمة ، وسائر المتّبعين له من علماء أمّته إلى يوم القيامة ، إنتهى .

فصل


[شروط المجتهد الذي يجوز تقليده في علوم الدين]

قد تقدّم لك من كلام أهل العلم وإجماعهم أنـّه لا يجوز أن يقلَّد ويؤتمَّ به في الدين إلاّ من جَمَع شروط الاجتهاد إجماعاً .

وتقدّم أن من لم يجمع شروط الاجتهاد أنّه يجب عليه التقليد ، وأنّ هذا لا خلاف فيه :

وتقدّم أيضاً إجماع أهل السُنّة : أنّ من كان مقرّاً بما جاء به الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)ملتزماً له ، أنـّه ـ وإن كان فيه خصلةٌ من الكفر الأكبر ، أو الشرك ـ أن لا يكفّر حتّى تقام عليه الحجّة التي يكفّر تاركها ، وأنّ الحجّة لا تقوم إلاّ بالإجماع القطعيّ لا الظنّيّ ، وأنّ الذي يقيم الحجّة الإمام ، أو نائبه ، وأنّ الكفر لا يكون إلاّ بإنكار الضروريّات من دين الإسلام ، كالوجود ، والوحدانيّة ، والرسالة ، أو بإنكار الأمور الظاهرة ، كوجوب الصلاة .

وأنّ المسلم المقرّبالرسول إذا استند إلى نوعِ شبهة تخفى على مثله لا يكفّر .

وأنّ مذهب أهل السُنّة والجماعة التحاشي عن تكفير مَن انتسب إلى الإسلام ، حتّى أنـّهم يقفون عن تكفير أئمّة أهل البدع ، مع الأمر بقتلهم دفعاً لضررهم لا لكفرهم .

وأنّ الشخص الواحد يجتمع فيه الكفر والإيمان ، والنفاق والشرك ، ولا يكفر كلّ الكفر .

وأنّ مَن أقرّ بالإسلام قُبل منه ، سواءٌ كان صادقاً أو كاذباً ـ ولو ظهرت منه بعض علامات النفاق ـ .

وأنّ المكفِّرين هم أهل الأهواء والبدع ، وأنّ الجهل عذرٌ عن الكفر ، وكذلك الشبهة ـ ولو كانت ضعيفةً ـ .

وغير ذلك مما تقدّم .

فإن وفّقت ففي هذا كفاية للزجر عن بدعتكم هذه التي فارقتم بها جماعة المسلمين وأئمّتهم ، ونحن لم نستنبط ، ولكن حكينا كلام العلماء ونقلهم عن أهل الاجتهاد الكامل .

[أدلّة الدعاة على مسلكهم باطلة]

فلنرجع إلى ذكر وجوه تدلّ على عدم صحّة ما ذهبتم إليه من تكفير المسلم ، وإخراجه من الإسلام إذا دعا غير الله ، أو نذر لغير الله ، أو ذبح لغير الله ، أو تبرك بقبر ، أو تمسّح به ، إلى غير ذلك ممّا تكفّرون به المسلم ، بل تكفّرون من لا يكفّر مَن فعل ذلك ، حتّى جعلتم بلاد الإسلام كفراً وحرباً .

[ليسوا أهلا للاستنباط]

فنقول : عُمدتكم في ذلك ما استنبطتم من القرآن!

فقد تقدّم الإجماع على أنـّه لا يجوز لمثلكم الاستنباط ، ولا يحلّ لكم أن تعتمدوا على ما فهمتم من غير الاقتداء بأهل العلم .

ولا يحلّ لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أنْ يقلّدكم فيما فهمتم من غير اقتداء بأئمّة الإسلام .

فإنْ قلتم : مقتدون ببعض أهل العلم في أنّ هذه الأفعال شرك .

قلنا : نعم ، ونحن نوافقكم على أنّ مِن هذه الأفعال ما يكون شركاً .

ولكن ، من أين أخذتم من كلام أهل العلم : أنّ هذا هو الشرك الاكبر ، الذي ذكر الله سبحانه في القرآن؟ والذي يحلّ مال صاحبه ودمه؟ وتجري عليه أحكام المرتدين؟

وأنّ من شكّ في كفره فهو كافر ؟ بيّنوا لنا : مَنْ قال ذلك من أئمّة المسلمين؟

وانقلوا لنا كلامهم ، واذكروا مواضعه ، هل أجمعوا عليه أم اختلفوا فيه؟

فنحن طالعنا بعض كلام أهل العلم ، ولم نجد كلامكم هذا .

بل ، وجدنا ما يدلّ على خلافه ، وأنّ الكفر بإنكار الضروريّات كالوجود ، والوحدانيّة ، والرسالة ، وما أشبه ذلك ، أو بإنكار الأحكام المجمع عليها إجماعاً ظاهراً قطعيّاً ، كوجوب أركان الإسلام الخمسة وما أشبهها .

مع أنّ من أنكر ذلك جاهلا لم يكفر ، حتّى يُعرّف تعريفاً تزول معه الجهالة ، وحينئذ يكون مكذّباً بالله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) .

فهذه الأمور التي تكفّرون بها ليست ضروريّات .

وإن قلتم : مجمعٌ عليها إجماعاً ظاهراً يعرفه الخاصّ والعامّ!

قلنا لكم : بيّنوا لنا كلام العلماء في ذلك ، وإلاّ ، فبيّنوا كلام ألف منهم ، وحتّى مائة ، أو عشرة ، أو واحد ، فضلا عن أن يكون إجماعاً ظاهراً كالصلاة .

فإن لم تجدوا إلاّ العبارة التي في (الإقناع) منسوبة إلى الشيخ ، وهي : «من جعل بينه وبين الله وسائط . . . إلى آخره» .

فهذه عبارة مجملة ، ونطلب منكم تفصيلها من كلام أهل العلم ، لتزول عنّا الجهالة .

ولكن ، من أعجب العجب : أنّكم تستدلّون بها على خلاف كلام صاحبها ، وعلى خلاف كلام من أوردها ونقلها في كتبه ـ على خصوصيّات كلامهم في هذه الأشياء التي تكفّرون بها ـ .

بل ، ذكروا النذر والذبح ، وبعض الدعاء .

وبعضها عدّوه في المكروهات ، كالتبرّك والتمسّح ، وأخذ تراب القبور للتبرّك ، والطواف بها .

وقد ذكر العلماء في كتبهم ، منهم صاحب (الإقناع)(85) ـ واللفظ له ـ قال ـ : ويكره المبيت عند القبر ، وتجصيصه ، وتزويقه ، وتخليقه ، وتقبيله ، والطواف به ، وتبخيره ، وكتابة الرقاع إليه ، ودسّها في الأنقاب ، والاستشفاء بالتربة من الأسقام .

لأنّ ذلك كله من البدع ، إنتهى .

وأنتم تكفّرون بهذه الامور .

فإذا قلتم : صاحب (الإقناع) وغيره من علماء الحنابلة كصاحب (الفروع) جُهّال لا يعرفون الضروريّات ، بل ، عندكم ـ على لازم مذهبكم ـ كفّار .

قلت : هؤلاء لم يحكوا من مذهب أنفسهم ، لا هُم ولا أجلّ منهم ، بل ، ينقلون ويحكون مذهب أحمد بن حنبل ـ أحد أئمّة الإسلام الذي أجمعت الأمّة على إمامته ـ .

أتظنّون أنّ الجاهل يجب عليه أن يقلّدكم ، ويترك تقليد أئمّة أهل العلم ؟

بل ، أجمع أئمّة أهل العلم ـ كما تقدّم ـ أنـّه لا يجوز إلاّ تقليد الأئمّة المجتهدين .

وكلّ من لم يبلغ رتبة الاجتهاد [له[ أن يحكي ويفتي بمذاهب أهل الاجتهاد .

وإنّما رخّصوا للمستفتي أن يستفتي مثل هؤلاء ، لأنّهم حاكين مذاهب أهل الاجتهاد والتقليد للمجتهد ، لا للحاكي .

هذا صرّح به عامّة أهل العلم ، إن طلبته من مكانه وجدته ، وقد تقدّم لك ما فيه كفاية .

/ 28