بیشترلیست موضوعات فصل الخِطاب المقدمة : المؤلّف والكتاب لجنة التحقيق دار الروضة الشريفة ـ المدينة المنوّرة صفحة فارغة تكفير المسلمين الجاهل معذور أهل الردّة المعتزلة وآراؤهم المرجئة وأقوالهم الجهميّة ودعاواهم مذهب السلف عدم تكفير الفرق الإيمان الظاهر شروط المجتهد الذي يجوز تقليده في علوم الدين الحدود تدرء بالشبُهات نجاة الأمّة حسب نصوص الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)[ حقيقة الشرك وأسبابه حقيقة الإسلام وصفة المسلم الفهارس العامّة پاورقي هاتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
قال الشيخ(33) أيضاً: مَن نذر إسراج بئر، أو مقبرة أو جبل، أو شجرة، أو نَذَر له ، أو لسكّانه لم يجُز ، ولا يجوز الوفاء به ، ويصرف في المصالح ما لم يعرف ربّه ، انتهى .فلو كان الناذر كافراً لم يأمره بردّ نذره إليه ، بل أمر بقتله .وقال الشيخ أيضاً : من نذر قنديل نقد للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) صُرف لجيران النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)انتهى .فانظر كلامه هذا وتأمّله ، هل كفّر فاعل هذا ؟ أو كفّر من لم يكفّره ؟ أو عدّ هذا في المكفّرات هو أو غيره من أهل العلم ؟ ـ كما قلتم أنتم وخرقتم الإجماع ـ ؟وقد ذكر ابن مفلح في (الفروع) عن شيخه الشيخ تقيّ الدين ابن تيميّة : والنذر لغير الله ، كنذره لشيخ معيّن للاستغاثة ، وقضاء الحاجة منه ، كحلفه بغيره ، وقال غيره : هو نذر معصية ، إنتهى .فانظر إلى هذا الشرط المذكور ـ أي نَذَر له لأجل الاستغاثة به ـ بل جَعَله الشيخ كالحلف بغير الله ، وغيره من أهل العلم جَعَله نذر معصية .هل قالوا مثل ما قلتم : مَن فعل هذا فهو كافر ؟ ومن لم يكفّره فهو كافر؟ـ عياذاً بك اللهمّ من قول الزور ـ .كذلك ابن القيّم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من المدارج(34) .واستدلّ له بالحديث الذي رواه أحمد(35) عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) النذر حِلْفة ، وذكر غيره من جميع ما تسمّونه شركاً ، وتكفّرون به ، فعل الشرك الاصغر .[في الذبح لغير الله]وأمّا الذبح لغير الله :فقد ذكره في المحرّمات ، ولم يذكره في المكفّرات ، إلاّ إنْ ذبح للأصنام ، أو لما عُبد من دون الله ، كالشمس ، والكواكب .وعدّه الشيخ تقيّ الدين في المحرّمات الملعون صاحبها ، كمن غيّر منار الأرض ، أو من ضارّ مسلماً ـ كما سيأتي في كلامه إن شاء الله تعالى ـ .وكذلك أهل العلم ذكروا ذلك ممّا أُهِلّ به لغير الله ونهوا عن أكله ، ولم يكفّروا صاحبه .وقال الشيخ تقّي الدين : كما يفعله الجاهلون بمكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ وغيرها من بلاد المسلمين ، من الذبح للجنّ ، ولذلك نهى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذبائح الجنّ ، إنتهى .ولم يقل الشيخ : مَن فعل هذا فهو كافرٌ ، بل من لم يكفّره فهو كافرٌ .ـ كما قلتم أنتم ـ .[في السؤال من غير الله]وأمّا السؤال من غير الله ، فقد فصّله الشيخ تقيّ الدين(رحمه الله) : إن كان السائل يسأل من المسؤول مثلَ غفران الذنوب ، وإدخال الجنّة ، والنجاة من النار ، وإنزال المطر ، وإنبات الشجر ، وأمثال ذلك مما هو من خصائص الربوبيّة ، فهذا شركٌ وضلالٌ ، يُستتاب صاحبه ، فإن تاب وإلاّ قُتل .ولكنّ الشخص المعيَّن الذي فعل ذلك لا يكفر ، حتّى تقوم عليه الحجّة التي يكفر تاركها ـ كما يأتي بيان كلامه في ذلك إن شاء الله تعالى ـ .فإن قلت : ذكر عنه في (الإقناع) أنـّه قال : من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ، ويسألهم ، ويتوكل عليهم كفر إجماعاً .قلت : هذا حقٌّ ، ولكنّ البلاء من عدم فهم كلام أهل العلم .لو تأمّلتم العبارة تأمّلاً تامّاً لعرفتم أنكم تأوّلتم العبارة على غير تأويلها .ولكنّ هذا من العجب .تتركون كلامه الواضح .وتذهبون إلى عبارة مجملة ، تستنبطون منها ضدّ كلام أهل العلم ، وتزعمون أنّ كلامكم ومفهومكم إجماعٌ!!!هل سبقكم إلى مفهومكم من هذه العبارة أحدٌ؟يا سبحان الله ، ما تخشون الله؟!ولكن انظر إلى لفظ العبارة وهو قوله : «يدعوهم ، ويتوكّل عليهم ، ويسألهم» ، كيف جاء بواو العطف ، وقرن بين الدعاء والتوكل والسؤال ؟فإنّ الدعاء ـ في لغة العرب ـ هو العبادة المطلقة ، والتوكلّ عمل القلب ، والسؤال هو الطلب الذي تسمّونه ـ الآن ـ الدعاء .وهو في هذه العبارة لم يقل : أو سألهم ، بل جمع بين الدعاء والتوكّل والسؤال .والآن أنتم تكفّرون بالسؤال وحده ، فأين أنتم ومفهومكم من هذه العبارة؟!مع أنـّه(رحمه الله) بيّن هذه العبارة وأصلها في مواضع من كلامه ، وكذلك ابن القيّم بيّن أصلها .قال الشيخ : من الصابئة المشركين مَن يظهر الإسلام ويعظّم الكواكب ، ويزعم أنـّه يخاطبها بحوائجه ، ويسجد لها ، وينحر ، ويدعو .وقد صنّف بعض المنتسبين إلى الإسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتاباً في عبادة الكواكب ، وهي من السحر الذي عليه الكنعانيّون ، الذين ملوكهم النماردة ، الذين بعث الله الخليل ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ بالحنيفيّة ـ ملّة إبراهيم ـ وإخلاص الدين لله إلى هؤلاء .وقال ابن القيّم في مثل هؤلاء : يُقرّون للعالمَ صانعاً ، فاضلاً ، حكيماً ، مقدّساً عن العيوب والنقائص ، ولكن لا سبيل لنا إلى الوجهة إلى جلاله إلاّ بالوسائط ، فالواجب علينا أن نتقرّب بهم إليه ، فهم أربابنا ، وآلهتنا ، وشفعاؤنا عند ربّ الأرباب ، وإله الآلهة ، فما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى ، فحينئذ نسأل حاجاتنا منهم ، ونعرض أحوالنا عليهم ، ونَصْبو في جميع أمورنا إليهم ، فيشفعون إلى إلهنا وإليهم ، وذلك لا يحصل إلاّ من جهة الاستمداد بالروحانيّات ، وذلك بالتضرّع والابتهال من الصلوات ، والزكاة ، والذبائح والقرابين ، والبخورات!!!وهؤلاء كفروا بالأصلين اللذَين جاءت بهما جميع الرسل .أحدهما : عبادة الله وحده لا شريك له ، والكفر بما يُعْبَد من دونه من إله .والثاني : الإيمان برسله ، وبما جاؤوا به من عند الله ، تصديقاً وإقراراً وانقياداً ، إنتهى كلام ابن القيّم .فانظر إلى الوسائط المذكورة في العبارة ، كيف تحملونها على غير محملها؟ .ولكن ليس هذا بأعجب من حملكم كلام الله ، وكلام رسوله ، وكلام أئمّة الإسلام على غير المحمل الصحيح ـ مع خرقكم الإجماع ـ !؟وأعجب من هذا ، أنّكم تستدلّون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها ، ومن نقلها ، ترون بها صريح كلامهم في عين المسألة .وهل عملكم هذا إلاّ اتّباع المتشابه ، وترك المحكم؟أنقذنا الله وإيّاكم من متابعة الأهواء .[التبرّك بالقبور]وأمّا التبرّك والتمسّح بالقبور ، وأخذ التراب منها ، والطواف بها :فقد ذكره أهل العلم ، فبعضهم عدّه في المكروهات ، وبعضهم عدّه في المحرّمات .ولم ينطق واحدٌ منهم بأنّ فاعل ذلك مرتدٌّ ـ كما قلتم أنتم ، بل تكفّرون من لم يكفّر فاعل ذلك ـ .فالمسألة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن وزيارة الميّت ، فان أردت الوقوف على ماذكرت لك فطالع (الفروع) و(الإقناع) وغيرهما من كتب الفقه .[القدح في المؤلّفين لكتب الفقه]فإن قدحتم فيمن صنّف هذه الكتب ، فليس ذلك منكم بكثير ، ولكن ليكن معلوماً عندكم أنّ هؤلاء لم يحكوا مذهب أنفسهم ، وإنّما حكوا مذهب أحمد بن حنبل وأضرابه من أئمّة أهل الهدى ، الذين أجمعت الأمّة على هدايتهم ودرايتهم .فإن أبيتم إلاّ العناد ، وادّعيتم المراتب العليّة ، والأخذ من الادّلة من غير تقليد أئمة الهدى ، فقد تقدّم أنّ هذا خرقٌ للإجماع .
فصل
[الجاهل معذور]وعلى تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنـّها كفرٌ ـ أعني النذر وما معه ـ فهنا أصلٌ آخر من أصول أهل السُنّة ، مجمعون عليه ـ كما ذكره الشيخ تقيّ الدين ، وابن القيّم عنهم ـ وهو :أنّ الجاهل والمخطىء من هذه الأمّة ـ ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أو كافراً ـ أنـّه يعذر بالجهل والخطأ ، حتّى تتبيّن له الحجّة التي يكفر تاركها بياناً واضحاً ما يلتبس على مثله ، أو ينكر ما هو معلومٌ بالضرورة من دين الإسلام ، ممّا أجمعوا عليه إجماعاً جليّاً قطعيّاً يعرفه كلٌّ من المسلمين ، من غير نظر وتأمّل ـ كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى ـ ولم يخالف في ذلك إلاّ أهل البدع .فإن قلت : قال الله عزّوجلّ : { مَنْ كفر بالله مِنْ بعد إيمانه }(36) . . . الآية ، نزلت في المسلمين ، تكلّموا بالكفر مكرَهين عليه .قلت : هذا حقٌّ ، وهي حجّةٌ عليكم لا لكم ، فإنّ الذي تكلّموا به هو سبّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ، والتبرّي من دينه ، وهذا كفرٌ إجماعاً ، يعرفه كلّ مسلم .ومع هذا إنّ الله عزّوجلّ عذر من تكلّم بهذا الكفر مكرَهاً ، ولم يؤاخذه .ولكنّ الله سبحانه وتعالى كفّر من شرح بهذا الكفر صدراً ، وهو مَن عرفه ورضيه واختاره على الإيمان ، غير جاهل به ، وهذا الكفر في الآية ممّا أجمع عليه المسلمون ، ونقلوه في كتبهم ، وكلّ من عدّ المكفّرات ذكره .آلهةً أُخرى }(38) والذين يقولون : { اللّهم إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السماء }(39) والذين يقولون : { أجَعَل الآلهة إلهاً واحداً }(40) .وقال فيهم : إنّهم كلابُ أهل النار(42) .وقال : إنّهم يقتلون أهل الإسلام(43) .وقال : شرّ قتلى تحت أديم السماء(44) .وقال : يقرؤن القرآن ، يحسبونه لهم ، وهو عليهم .إلى غير ذلك ممّا صحّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم .وهؤلاء خرجوا في زمن عليّ بن أبي طالب(رضي الله عنه) ، وكفّروا عليّاً وعثمان ومعاوية ، ومن معهم .واستحلّوا دماء المسلمين وأموالهم .وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب ، وبلادهم هي بلاد الإيمان .ويزعمون أنـّهم أهل القرآن ، ولا يقبلون من السُنّة إلاّ ما وافق مذهبهم .ومن خالفهم وخرج عن ديارهم فهو كافر .ويزعمون أنّ عليّاً والصحابة رضي الله عنهم أشركوا بالله ، ولم يعملوا بما في القرآن .بل هم ـ على زعمهم ـ الذين عملوا به .ويستدلّون لمذهبهم بمتشابه القرآن .وينزّلون الآيات التي نزلت في المشركين المكذّبين في أهل الإسلام .هذا ، وأكابر الصحابة عندهم ، ويدعونهم إلى الحقّ وإلى المناظرة .وناظرهم ابن عبّاس رضي الله عنهما ، ورجع منهم إلى الحقّ أربعة آلاف(45) .