فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب - نسخه متنی

سلیمان بن عبدالوهاب النجدی الحنبلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وممّا يدلّ على بطلان مذهبكم :

ما في الصحيحين(116) عن عقبة بن عامر ، أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) صعد المنبر فقال: إنّي لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ، فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم .

قال عقبة: فكان آخر ما رأيتُ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر ، إنتهى.

وجه الدلالة منه: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أخبر بجميع ما يقع على أمّته ومنهم إلى يوم القيامة ، كما كرّر في أحاديث أُخر ، ليس هذا موضعها.

وممّا أخبر به هذا الحديثُ الصحيحُ : أنّه أمن أنّ أمّته تعبد الأوثان ، ولم يخافه عليهم ، وأخبرهم بذلك .

وأمّا الذي يخافه عليهم ، فأخبرهم به ، وحذّرهم منه ، ومع هذا فوقع ما خافه عليهم .

وهذا خلاف مذهبكم .

فإنّ أمّته ـ على قولكم ـ عبدوا الأصنام كلّهم ، وملأت الأوثان بلادهم .

إلاّ إن كان أحدٌ في أطراف الأرض ما يلحق له خبرٌ .

وإلاّ ، فمن أطراف الشرق إلى أطراف الغرب إلى الروم إلى اليمن ، كلّ هذا ممتليءٌ مما زعمتم أنّه الأصنام .

وقلتم: من لم يكفّر مَن فعل هذه الأمور والأفعال فهو كافر.

ومعلومٌ أنّ المسلمين كلّهم أجرَوا الإسلام على من انتسب إليه ، ولم يكفّروا من فعل هذا .

فعلى قولكم جميع بلاد الإسلام كفّار إلاّ بلدكم!

والعجب أنّ هذا ماحدث في بلدكم إلاّ من قريب عشر سنين!

فبان بهذا الحديث خطؤكم ، والحمد لله ربّ العالمين.

فإن قلت: ورد عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنـّه قال(117) : أخوف ما أخاف على اُمتي الشرك(118) .

قلت: هذا حقٌّ ، وأحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لاتتعارض ، ولكن كلّ حديث ورد عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)(119) أنّه يخاف على أمّته الشرك ، قيّده بالشرك الأصغر ، كحديث شدّاد ابن أوس ، وحديث أبي هريرة ، وحديث محمود ابن لبيد ، فكلّها مقيّدةٌ ومبيّنة أنّ ما خاف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) منه على أمّته الشرك الأصغر .

وكذلك وقع ، فإنّه ملأ الأرض ، كما أنّه خاف عليهم الافتتان والقتال على الدنيا فوقع .

وهو ـ أي الشرك الأصغر ـ هو الذي تسمّونه الآن الشرك الأكبر ، وتكفّرون المسلمين به ، بل تكفّرون من لم يكفّرهم .

فاتّفقت الأحاديث ، وبانَ الحقّ ووضح ، والحمد لله.

فصل


وممّا يدلّ على بطلان مذهبكم :

ما روى مسلم(120) في صحيحه عن جابر بن عبدالله ، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: إنّ الشيطان قد أيس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم .

وروى الحاكم(121) ـ وصحّحه ـ وأبو يعلى ، والبيهقيّ عن ابن مسعود ، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ الشيطان قد يئس أن تُعبد الأصنام بأرض العرب ، ولكن رضي منهم بما دون ذلك ، بالمحقّرات ، وهي الموبقات .

وروى الإمام(122) أحمد ، والحاكم ـ وصحّحه ـ وابن ماجة عن شدّاد بن أوس ، قال سمعتُ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أتخوّف على أمّتي الشرك .

قلت: يا رسول الله ، أتشرك أمّتك بعدك؟ قال: نعم ، أما إنّهم لا يعبدون شمساً ، ولا قمراً ، ولا وثناً ، ولكن يراؤون بأعمالهم ، إنتهى.

أقول: وجه الدلالة منه ـ كما تقدّم ـ أنّ الله سبحانه أعلم نبيّه من غيبه بما شاء ، وبما هو كائنٌ إلى يوم القيامة ، وأخبر(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ الشيطان قد أيس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب.

وفي حديث ابن مسعود : أيس الشيطان أن تُعبد الأصنام بأرض العرب .

وفي حديث شدّاد: أنّهم لا يعبدون وثناً .

وهذا بخلاف مذهبكم .

فإنّ البصرة وما حولها ، والعراق من دون دجلة ـ الموضع الذي فيه قبر عليّ وقبر الحسين رضي الله تعالى عنهما ـ .

وكذلك اليمن كلّها .

والحجاز كلّ ذلك من أرض العرب .

ومذهبكم أنّ المواضع كلّها عُبد الشيطان فيها ، وعُبدت الأصنام ، وكلّهم كفّار ، ومن لم يكفّرهم فهو عندكم كافر .

وهذه الأحاديث تردّ مذهبكم .

هذا ، ولا يقال: إنّه قد وُجد بعض الشرك بأرض العرب زمن الردّة .

فإنّ ذلك زال في آن يسير ، فهو كالأمر الذي عَرَض ، لا يعتدّ به ، كما [لو[ أنّ رجلا أو أكثر من أهل الكفر دخل أرض العرب ، وعَبَد غير الله في موضع خال ، أو خُفْيةً .

فأمّا هذه الأمور التي تجعلونها شركاً أكبر وعبادة الأصنام! فهي ملأت بلاد العرب من قرون متداولة .

فتبيّن بهذه الأحاديث فساد قولكم : إنّ هذه الأمور هي عبادة الأوثان الكبرى .

وتبيّن أيضاً بطلان قولكم: إنّ الفرقة الناجية قد تكون في بعض أطراف الأرض ، ولا يأتي لها خبرٌ .

فلو كانت هذه عبادة الأصنام ، والشرك الأكبر لقاتل أهلَه الفرقةُ الناجيةُ المنصورون الظاهرون إلى قيام الساعة .

وهذا الذي ذكرناه واضحٌ جليٌّ ، والحمد لله ربّ العالمين.

ومن العجب أنّكم تزعمون : أنّ هذه الأمور ـ أي القبور ، وما يعمل عندها ، والنذور ـ هي عبادة الأصنام الكبرى .

وتقولون: إنّ هذا أمر واضحٌ جليٌّ ، يُعرف بالضرورة حتّى اليهود والنصارى يعرفونه!

فأقول ـ جواباً لكم عن هذا الزعم الفاسد ـ : سبحانك هذا بهتانٌ عظيم .

قد تقدّم ـ مراراً عديدةً ـ أنّ الأمّة بأجمعها على طبقاتها من قُرب ثمانمائة سنة ملأت هذه القبورُ بلادَها ، ولم يقولوا : هذه عبادة الأصنام الكبرى .

ولم يقولوا : إنّ من فعل شيئاً من هذه الأمور فقد جعل مع الله إلهاً آخر .

ولم يجروا على أهلها حكم عُبّاد الأصنام ، ولا حكم المرتدّين أيّ رِدّة كانت.

فلو أنّكم قلتم: إنّ اليهود ـ لأنّهم قومٌ بُهت ، وكذلك النصارى ، ومن ضاهاهم في بَهت هذه الأمّة من مبتدعة الأمّةِ ـ يقولون: إنّ هذه عبادة الأصنام الكبرى .

لقلنا : صدقتم ، فما ذلك من بهتهم ، وحسدهم ، وغلوّهم ، ورميهم الأمّة بالعظائم بكثير .

ولكنّ الله سبحانه وتعالى مُخزيهم ، ومظهر دينه على جميع الأديان بوعده : {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون}(123) .

ولكن أقول: صدق رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حيث دعا للمدينة وما حولها ، ولليمن ، وقال له من حَضَره: ونجد ، فقال: هناك الزلازل والفتن .

أما والله ، لفتنة الشهوات فتنةٌ ، والظلمة التي يعرف كلّ خاصّ وعامّ من أهلها أنّها من الظلم والتعدّي، وإنّها خلاف دين الإسلام، وأنّه يجب التوبة منها ، أنّها أخفّ بكثير من فتنة الشبهات التي تضلّ عن دين الإسلام، ويكون صاحبها من {الأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً}(124).

وفي الحديث الصحيح(125): هلك المتنطعون ـ قالها ثلاثاً ـ .

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون .

أنقذنا الله وإياكم من الهلكة ، إنّه رحيمٌ.

فصل


وممّا يدلّ على بطلان مذهبكم :

ما أخرجه الإمام أحمد(126) ، والترمذيّ ـ وصحّحه ـ والنسائي ، وابن ماجة من حديث عمرو بن الأحوص ، قال سمعتُ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول في حجّة الوداع: ألا إنّ الشيطان قد أيس أن يُعبد في بلدكم هذا أبداً ، ولكن ستكون له طاعة في بعض ما تحقّرون من أعمالكم ، فيرضى بها .

وفي صحيح الحاكم(127) عن ابن عبّاس أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) خطب في حجّة الوداع ، فقال: الشيطان قد أيس أن يُعبد في أرضكم ، ولكن يرضى أن يُطاع فيما سوى

ذلك ، فيما تحقّرون من أعمالكم ، فاحذروا أيّها الناس ، إنّي تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لم تضلّوا أبداً ، كتاب الله وسُنّة نبيّه ، إنتهى.

وجه الدلالة: أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرفي هذا الحديث الصحيح أنّ الشيطان يئس أن يُعبد في بلد مكّة ، وأكّد ذلك بقوله: (أبداً) لئلاّ يتوهّم متوهّمٌ أنّه حدث ثم يزول .

وهذا خبرٌ منه(صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو لا يخبر بخلاف ما يقع .

وأيضاً بُشرى منه(صلى الله عليه وآله وسلم) لأمّته ، وهو لا يبشّرهم إلاّ بالصدق .

ولكنّه حذّرهم ما سوى عبادة الأصنام ، لا ما يحتقرون .

وهذا بيّن واضحٌ من الحديث.

وهذه الأمور التي تجعلونها الشرك الأكبر وتسمّون أهلها عُبّاد الأصنام أكثر ما تكون بمكّة المشرّفة .

وأهل مكّة المشرّفة ـ أُمراؤها ، وعلماؤها ، وعامّتها ـ على هذا من مدّة طويلة أكثر من ستمائة عام .

ومع هذا هم الآن أعداؤكم ، يسبّونكم ويلعنونكم لأجل مذهبكم هذا! وأحكامهم وحُكّامهم جارية ، وعلماؤها وأمراؤها على إجراء أحكام الإسلام على أهل هذه الأمور التي تجعلونها الشرك الأكبر!

فإن كان ما زعمتم حقّاً فهم كفّار كفراً ظاهراً .

وهذه الأحاديث تردّ زعمكم ، وتبيّن بطلان مذهبكم هذا .

وقد قال(صلى الله عليه وآله وسلم) في الأحاديث التي في الصحيحين(128) وغيرهاـ بعد فتح مكّة وهو بها ـ «لا هجرة بعد اليوم» .

وقد بيّن أهل العلم أنّ المراد لا هجرة من مكّة .

وبيّنوا أيضاً أنّ هذا الكلام منه(صلى الله عليه وآله وسلم) يدلّ على أنّ مكّة لا تزال دار إيمان .

بخلاف مذهبكم ، فإنّكم توجبون الهجرة منها إلى بلاد الإيمان ـ بزعمكم ـ التي سمّـاها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بلاد الفتن .

وهذا واضحٌ جليٌّ صريحٌ لمن وفّقه الله ، وترك التعصّب والتمادي على الباطل ، والله المستعان ، وعليه التكلان.

/ 28