(وَإذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإسْمَاعِيلُ)(1). بدأت مرحلة أهل البيت، فالله أصبح له في الأرض بيت، وللبيت أهل، ولا يمكن أن يكون الأهل أناساً مجهولين، كما لا يمكن أن يوجد بيت أهله من غير اختيار ربّ البيت. الله تعالى منذ أن رفع إبراهيم القواعد من البيت صار أهل البيت إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، حتى استتم بنوا إسرائيل مواكب أنبيائهم وكانت القاعدة فيهم، فهم يتوافدون نبياً بعد نبي، حتى إذا غيّر بنوا إسرائيل ما بأنفسهم غيّر الله ما أنعم عليهم. وجاء التغيير في سورة الأعراف لمّا أرادوا أن يستديموا اختيارهم وقالوا (إنَّا هُدْنَا إلَيْكَ) أي انقدْنا إليك، وهدنا هذه هي على الراجح السبب في تسميتهم يهود، فأجيبوا: (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ)(2)، فالله العظيم الرحيم يردّ عليهم: أنتم مستوجبين العذاب بما فعلتم وبدّلتم، ولهذا قدّم العذاب على الرحمة هنا، لأنّه في مقام الردّ على مستحقي العذاب، لكن رحمتي واسعة ولها سبب ولها باب ولها مدخل: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيِّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبَاً عِنْدَهُمْ