جفاف ينابيع الخير في بني إسرائيل أنّه لا يوجد أحد من ذكور بني إسرائيل أهلا لمريم الطاهرة البتول، والتي شهد الله لها بذلك، ويبدو لي أنّ الله تعالى أراد أن يبيّن همزة الوصل بين انتهاء إمامة بني إسرائيل وبدء إمامة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ جاء عيسى (عليه السلام) وهو كما يصفه القرآن همزة وصل فعلا: (وَإذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إسْرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُول يَأتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(1)، ما معنى هذا؟ بنو إسرائيل كانوا لا يتصورون أن يكون نبي من غيرهم! مريم مشهود لها صلوات الله عليها، فقد قرأت خبراً عن الإمام الصادق (عليه السلام) في مجمع البيان، وقرأت تصديقه في الإنجيل صحيح (مُصَدِّقٌ لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)(2). إنّ مريم البتول الطاهرة العذراء لمّا جاءها ملك الربّ وتمثل لها وهي في خلوة، وفي الإنجيل أنها اعتزلت تغتسل فبرز لها ملك الربّ بشراً سويّاً فاشتد فزعها! آيات إنجيل متى تقول: فزعت البتول ممّا ترى ولم تجد شيئاً تستتر به، إلى أن تقول: أعوذ بك إن كنت تعرف الربّ، (قَالَتْ إنِّي أعُوذُ بِالرَّحمنِ مِنكَ إنْ كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إنَّما أنَا رَسُولُ رَبِّكِ لاَِهَبَ لَكِ غُلامَاً زَكِيّاً)(3). 1 - الصف: 6. 2 - المائدة: 48. 3 - مريم: 18 ـ 19.