لأنّها تقول: أنّ أبي غير موجود(1). يعني أحسّ بأنّه ارتكب خطأً. فما بال الذين حاصروا ركب الإمام الحسين (عليه السلام) وهم يرون بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن أسلموا، وما أسلموا بل ازدادوا نفاقاً، أنظروا يا أحباب: أصبحوا كفاراً بعد إعلان الإسلام. الكفر المبتدىء كفر، لكن كفر بعد إعلان إسلام! هذا تلاعب بالله وسنته، ولهذا القرآن يعاقب المنافقين بأشد ما يعاقب به الكافرين، الحق يقول: (إنَّ المُنَافِقينَ فِي الدَّرْكِ الأسفَلِ مِنَ النَّارِ)(2) حتى قيل: إنّ المنافقين في النار هم موطىء نعلي إبليس. ويقول الحق عمّن كفر بعد إيمان: (إنَّ الَّذينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَروا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَروا ثُمَّ ازدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهديَهُمْ سَبِيلا)(3). ويقول في سورة آل عمران: (إنَّ الَّذينَ كَفَروا بَعدَ إيمَانِهِمْ
1 - القصّة وردت مع اختلاف في الألفاظ، واختلاف في أسم الضارب، وزيادات ونقيصة، في كل من: تاريخ الطبري 2/104، البداية والنهاية 3/219، سيرة ابن هشام 2/337، وغيرها، فتأمّل. 2 - النساء: 145. 3 - النساء: 137.