آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی - نسخه متنی

محمد بلوحی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فصورة المرأة في الشعر الجاهلي في طرح علي البطل نابعة في مكونها الجوهري من الإشكاليات الكبرى التي واجهها الإنسان القديم، وبخاصة مشكلة الميلاد،(( إذ رأى الإنسان القديم أن التناسل سر تختص به المرأة وحدها وليس للرجل دور فيه، لذلك كان الجميع ينتسبون إلى الطوطم المقدس في القبيلة. ولقد ربط الإنسان سر الخصوبة في المرأة بسر الخصوبة في الأرض، في المجتمعات الزراعية بشكل خاص، لذلك عبدت الأرض بوصفها أما، ورمز لها في الدين القديم بالهات أمهات، أي بمعنى الأمومة هو المعبود، في حالة الآلهة الأرض، والآلهة المرأة ...و لأن فكرة الخصوبة - أو الأمومة - كانت هي الأساس في عبادة كهذه، كانت صورة الآلهة - المرأة تبرز استعدادا خاصا لهذه الوظيفة ... ولم يكن العرب أصحاب زراعة يعتد بها، وبخاصة مرحلة التبدي ... ولعل هذا هو سر اتجاههم إلى الشمس وهي أظهر ما في حياة الصحراء، خالعين عليها صفة الأمومة، فاعتبروها الربة، الإلهة الأم، ولعل هذا هو سر تأنيث الشمس في اللغة العربية على عكس اللغات التي ربطتها بإله ذكر))(20).

فالخصوبة هي الرؤية الجوهرية لصورة المرأة في الشعر الجاهلي، منها كان المنبع وإليها كان التصوير. وبذلك كانت الرؤية الميثيودينية هي الأصل في تكوين الصورة في الشعر الجاهلي، والفكر الطوطمي هو المسيطر على الخلفية الفكرية للشاعر الجاهلي وهو ينحت صورة المرأة، ومن ثم نجد أن علي البطل يؤسس طرحه في مقاربة صورة المرأة في الشعر الجاهلي من التصور الميثولوجي الذي يرى أن (( الصورة القابعة دفينة وهاجعة في خافية الإنسان منذ فجر الثقافة، وتستيقظ كلما خرجت الأزمنة عن مفصلها ووقعت الجماعة البشرية في خطأ فادح. عندما يندّ الناس عن سواء السبيل، يشعرون بحاجة إلى المرشد، أو المعلم، أو حتى طبيب. هذه الصور البدئية كثيرة، لكنها لا تظهر في أحلام الأفراد أو في الأعمال الفنية إلا عندما يدعوها إلى الحضور انحراف عن النظرة العامة. فعندما تتميز الحياة الواعية بالأحادية والموقف الخاطئ، تنشط - بودنا أن نقول "غريزياً" - هذه الصور وتظهر إلى النور في أحلام وفي رؤى الفنانين والرائيين، وبذلك تعيد إلى العصر توازنه النفسي ))(21)، ذلك التوازن الذي كان يبحث عنه الشاعر الجاهلي من خلال صورة المرأة.

ولما كان هاجس الخصوبة هو المسيطر على المكون الفكري للشاعر الجاهلي وهو يتعامل مع صورة المرأة، كان تصوير الأعضاء الأنثوية هو البارز في صورة المرأة في الشعر الجاهلي، حتى أخذت شكل الأنموذج السائد عند الكثير من الشعراء، بل بالغ بعضهم في تضخيمها وإبرازها، ولم يكن ذلك بدافع ليبيدي جنسي، بل نابع من لاشعور جمعي أساسه ميثيوديني، وهذا ما يؤكده براندون في كتابه "بزوغ العقل البشري" - والذي يعتمده علي البطل منطلقا نظريا لطرحه في التعامل مع صورة المرأة في الشعر الجاهلي - فبراندون يؤكد أن الحفريات التي عثر عليها والتي ترجع إلى العصر الحجري، والخاصة بتماثيل لنساء يلفت فيها النظر ملاحظتان أساسيتان. الأولى أن الأعضاء الأنثوية قد بولغ في تضخيمها. والثانية أن الوجه لا يحمل أي ملامح. ومغزى تضخيم أعضاء الأنوثة مع الوجه الخالي من الملامح، أنهم لم يكونوا يرسمون امرأة بشخصها المعين، ولكنهم بستحضرون "المرأة" بوصفها "أُماً" أي مصدر الخصوبة واستمرار الحياة (22). وبذلك فهي الأمل المستمر في الفكر البدائي بتجدد الحياة واستمرارها، باعتبار أن المشكلات الرئيسة للإنسان الأول كانت هي الميلاد، والموت، والحصول على الطعام، فوجد في المرأة رمزاً لاسمرار الحياة والتجدد، وبذلك كون حولها صورة المثال في الآثار الفنية ومنها ترسبت إلى العهود اللاحقة ومنها عصر ما قبل الإسلام عند العرب، ومن ثم يؤسس وجهة نظره بناء على طرح يونغ في أن (( في عالم البدائي كل شيء يتصف بالصفات النفسية، أي كل شيء يتمتع بعناصر النفس الإنسانية، وبالتحديد عناصـره الخافيـة العامة (اللاشعور الجمعــي)؛ لأنـه لا يوجد حياة نفسية فردية ))(23)، فاللاشعور الجمعي هو المصدر الرئيس لصورة المرأة عند الشاعر الجاهلي.

/ 139