القراءة التاريخية في الخطاب النقدي الأدبي، إحدى القراءات القديمة التي واكبت الظواهر الأدبية، وحاولت مدارستها، وتفسيرها وتدوين أخبارها ومعطياتها وأسسها، وهي تسعى إلى تفسير نشأة الأثـر الأدبي، وربطه بزمانه ومكانه وشخصياته، حرصاً منها على البعد التاريخي للظاهرة الأدبية، ولذلك نجدها في كثير من طرائقها تشبه الدراسات التي تهتم بتاريخ الأدب، إن لم نقل إن تاريخ الأدب مرحلة أولى من مراحل تجسيد القراءة التاريخية في الخطاب النقدي الحديث ، عدتها المادة التي تنحصر في الرواية والأخبار، ووسيلتها التاريخ الذي يعبر في جوهره عن الذاكرة الإنسانية بمختلف نشاطاتها المادية والفكرية، ويدرس الإنسان بوصفه كائناً لـه ماضٍ، وهذا ما يجعلنا ندرك أن التاريخ يطلعنا على أفكار الإنسان الذي ينتسب لمجتمع ما، أو حضارة ما، وأفعاله وهذا ما عبر عنه "ابن خلدون" "بحقيقة التاريخ". تحولت هذه الصلة في العصر الحديث وفي القرن التاسع عشر تحديداً إلى حضور مكثف للتاريخي الذي اتخذ طابعاً منهجياً مؤسساً، وذلك بفضل جهود : " سانت باف"، و" تين "، و" فيلمار"، " وبرنتيار" ، و" هنيكان " و"لانسون"، متأثرين بدورها بالتاريخ الطبيعي الذي تمخض عن فلسفة العلوم الطبيعية بعامة وعلوم الأحياء بخاصة. ركزت القراءة التاريخية على تحقيق النصوص وتوثيقها باستحضار حياة المؤلف وجيله وبيئته، كما اهتمت بشرح الظواهر الإبداعية، فعمدت إلى إبراز العوامل الجغرافية والدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية،كما سعت إلى دراسة الأطوار التي مر بها أي جنس من الأجناس الأدبية، ورصد الأقوال التي قيلت في عمل ما أو مبدعه للترجيح بينها ، ومن ثم تعمد على المرجّح من الأقوال لمعرفة العصر والملابسات التاريخية المساهمة في إنتاج ذلك العمل.