آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی - نسخه متنی

محمد بلوحی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إن ربط علي البطل صورة المرأة في الشعر الجاهلي بالفكر الميثيوديني، وبخاصة في جانبها الخصوبي الأمومي هو الذي جعله يبحث لها عن سند علمي يؤكد طرحه، إذ ليس من الغريب أن تكون (( صورة المرأة الممتلئة الجسم التي تميل إلى البدانة، من الصور المهمة في نظر الإنسان القديم... لتحقق الشروط المثالية التي تؤهلها لوظيفة الأمومة، والخصوبة الجنسية، ولقد ظلت هذه النظرة عالقة بتتيم الرجل للمرأة زمناً طويلاً، وليست القضية في أساسها قضية ذوق جمالي سائد، في عصر من العصور... وإنما هي قضية مترسبة عن معتقد ديني موغل في بدائيته، فمن كمال صورة المثال المعبود أن يكون متصفاً بالصفات التي تؤهله لأداء وظيفته التي عبد من أجلها، وليس هذا الأمر الذي ساد عند العرب وحدهم في هذه المرحلة الحضارية...و لكنها تراث سبقهم جميعا، فهي صورة دينية، ترسبت في الشعر القديم وتحولت إلى قالب فني ظل الشعراء يجددون عناصرها، ويحاولون تطوير حدودها حتى أفسدوها في نهاية الأمر ))(24)، بفعل تراجع التأثير العميق للموروث الديني المترسب من بقايا الديانات العربية وغير العربية القديمة، ولكن هذا الترسب يبقى هو الجوهر والأساس في تكوين الصورة عند المبدع، لأن كل عمل كبار الشعراء (( يزيد نموه عليه كما يزيد نمو الابن على أمه. السياق المبدع له صفة الأنوثة، والعمل ينشأ من أعماقه الخافية، أو من مملكة الأمهات، بعبارة أخرى كلما سادت الصورة المبدعة، تحكمت الخافية (اللاشعور) بالحياة الإنسانية وقولبتها من دون الإرادة الفاعلة؛ وعندئذ تُلقي بالأنيّة الواعية إلى تيار الأعماق بما هي ليست أكثر من مراقب للحوادث))(25)، تيار الأعماق الذي يبقى المحرك الأساس في صنع الصورة داخل الأعمال الإبداعية وذاك ما يريد أن يؤسس له علي البطل بخصوص صورة المرأة.

لقد وجد علي بطل في بعض نصوص امرئ القيس والمرقش والأعشى وبشر بن أبي حازم سنداً فنياً يفسر به صورة المرأة وفق ما طرحه الميثيوديني ؛ إذ يرى أنه لا تعوزنا النصوص التي تبرز هذه الصورة المتميزة للمرأة، فهي كثيرة، ومن أمثلة ذلك قول امرئ القيس(26):




  • وَ إِذْ هِيَ تَمْشِي كَمَشْيِ النَّزِيـ
    بَرَهْـرَهَةٌ، رُؤْدَةٌ، رَخـْصَةٌ
    فَتُورُ القِيَامِ، قَطِيعُ الكَلا مِ،
    تَفْتَرُّ عَنْ ذِي غُروبٍ خَصِرْ



  • يفِ يَصْرَعُهُ فِي الكَثِيبِ البُهُرْ
    كخُرْعُوبَة البَانَةِ المُنْفَطِرْ
    تَفْتَرُّ عَنْ ذِي غُروبٍ خَصِرْ
    تَفْتَرُّ عَنْ ذِي غُروبٍ خَصِرْ



يقف علي البطل من خلال هذا الأنموذج على خاصية التصوير التي عمد إليها امرؤ القيس في رسم صورة المرأة؛ حيث يكاد يقيمها أمامنا جسداً حياً متحركاً والسبب بدانتها التي يحرص الشاعر على إبرازها لأنه يحتذي صورة مثالية لامرأة كانت تقدس فيها صفة الخصوبة، خصوبة جنسية تؤدي إلى الأمومة التي هي الوظيفة الأساسية للإلهة الأم، واهبة الحياة، وضامنة استمرار النوع أو القبيلة بالعدد الذي يجعلها "جمرة" لا تحالف غيرها غناء بما فيها من عدد المحاربين. وهذه الصورة كثيرة الشيوع في الشعر العربي. يكاد لا يخلو منها شعر شاعر في مرحلة ما قبل الإسلام، فالطابع الغزلي ذو المنحى الشبقي الذي قرئت به مثل النصوص وبخاصة في نسيب امرئ القيس لا أساس له، بل هي قراءة لا تلامس إلا ظاهر النص، والذي يجب أن تقف عليه القراءة الواعية هو البعد الميثوديني.

/ 139