بیشترلیست موضوعات آليات الخطاب النقدي العربي الحديث في مقاربة الشعر الجاهلي بحث في تجليات القراءات السياقية الإهداء المقدمة الفصل الأولالقراءة التاريخية 1 - القراءة التاريخية (مدخل نظري) 2 - جينالوجيا (جذور) الشعر الجاهلي 3 - مصادر الشعر الجاهلي 4 - التحليل الفيلولوجي للشعر الجاهلي الفصل الثانيالقراءة النفسية 1 - القراءة النفسية ( مدخل نظري) 2 - المقدمة الطللية 3 - المكان والزمان 4 - القـلـق الفصل الثالثالقراءة الأسطورية 1 - القراءة الأسطورية (مدخل نظري) 2 - ميثيودينية الشعر الجاهلي 3 - المكون الميثيوديني للصورة في الشعر الجاهلي أ - صورة المرأة ب - صورة الحيوان 1 - ثور الوحش 2 - النـاقـة ج - مظاهر الكون 1 - الشمس 2 - القمـر الخـاتـمة مكتبة البحث المصادر المراجع توضیحاتافزودن یادداشت جدید
وهذا ما جعل مصطفى عبد الشافي الشوري يؤكد القول بأنَّنا يمكن أن نرد صورة الثور الوحشي إلى ذلك التراث الديني الجاهلي الذي انطمست معالمه، وانمحت آثاره... فالثور الوحشي الذي تكررت صوره في الشعر الجاهلي له نظير في السماء، فهناك ثور وبجانبه مجموعة من النجوم تسمى الجبار، ويقال: "إن كل الشعوب تقريبا قد شاهدت صيادا أو محاربا في هذه المجموعة"، وصورة الكلاب التي تهاجم الثور في الشعر الجاهلي لها ما يناظرها أيضا من النجوم، "فمجموعتا الكلب الأكبر والكلب الأصغر لا تبعدان عن الجبار، وفي الكلب الأكبر أسطع نجم في السماء كلها، وهو الشعري اليمانية، وتسمى عادة نجم الكلب. وهو على خط مستقيم مع نجم حزام الجبار، وفي الكلب الأصغر نجم ساطع جدا هو الشعرى الشامية، ومن السهل أن نفهم التسمية؛ ولذا أطلقوا على المجموعات القريبة منها والأصغر اسم الكلاب"، وهكذا فكل ما يقال عن هذا الحيوان في الأرض إنما يراد به النموذج المعبود فوقهم، الذي له ارتباط بأساطير واعتقادات قديمة اندثرت ونسيتها ذاكرة الزمن، ولكنها لم تسقط من اللاوعي الجمعي للمجتمع العربي، فتسربت إليه عبر فنه الأول الذي هو الشعر، وهو نفس الطرح الذي قال به نصرت عبد الرحمن، لأن (( سر الإبداع الفني والأثر الذي يحدثه الفن يجب البحث عنه في العودة إلى حالة "المشاركة الصوفية"، إلى ذلك المستوى من الخبرة الذي من يعيش عنده هو الإنسان لا الفرد، والذي لا يُعتدُّ عنده بسعادة الفرد الإنساني ولا بشقائه، بل بالوجود البشري فقط، وهذا ما يفسر لنا لماذا كان كل عمل فني عظيم عملاً موضوعياً وغير شخصي، لكنه يظل، مع ذلك، يـحرك مشاعـرنا أفــرادا وجماعات ))(63)، عمل عظيم تجسدت عظمته في الرؤيا التي استمد منها الشاعر الجاهلي بناء صورته، في بعدها الجمالي والميثيوديني، وبعدها الجماعي الذي تحقق بفعل اللاشعور الجمعي. يختار مصطفى عبد الشافي الشوري لذلك نماذج من الشعر الجاهلي وردت فيها صورة ثور الوحش تعزيزاً لروايته، حيث تجمع في مجملها على أن الثور دائماً يعالج الظلمة، ويبحث عن الشمس، والشمس في المعتقد الجاهلي هي الإلهة الأم، التي عبدها العرب وأقاموا لها الهياكل والمعابد، والثور القمر هو الإله الأكبر أو الإلــه الأب ، وأن صورة المطر والبرق هي الصورة الملازمة له، مما جعل مصطفى عبد الشافي الشوري يؤكد - هو كذلك - الطرح القائل بعلاقة صورة ثور الوحش في القصيدة الجاهلية بالخصب، وأن الثور رمز للخصب والقوة والإرواء، وهو الطرح نفسه الذي قال به علي البطل من قبل. فصورة ثور الوحش في القصيدة الجاهلية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ الإنساني السحيق، لها صلة بقصة الإنسان في هذا الوجود، وفي دورة الحياة والموت، ولذا لا يمكن فهم هذه الصورة إلا إذا عادت القراءة إلى تفحص تاريخ الأمم والشعوب وبخاصة تاريخ الأمة العربية قبل الإسلام، بالاعتماد على آليات العلوم الحديثة من أنثروبولوجيا وعلم الآثار وعلم الاجتماع وعلم النفس. فطرح "ك. يونغ" في اللاوعي الجمعي والنماذج العليا واضح التأثير، إذ حاولت المقاربة الأسطورية أن تقدم طرحا ميثيودينيا لصورة ثور الوحش في القصيدة الجاهلية من هذا المنطلق ووفق هذه الرؤيا، باعتبار أن الشعر الجاهلي هو تعبير عن بقايا دينية من العبادات لدى الشاعر الجاهلي، وإن كان الخوض في مسألة طقوسية الشعر الجاهلي أمر يحتاج إلى تمحيص في تاريخ موغل في القدم من الصعوبة بمكان الخوض في مسائله وقضاياه، وأن الجزم فيه بقول يحمل من المجازفة العلمية التي لا تستند إلى سند علمي قائم على حجة واضحة وموثقة. ذاك ما تعترف به القراءة الأسطورية حتى في الفترات التاريخية المتأخرة، فما بالك بالفترات الموغلة في القدم، إلا أن مسألة تثاقف الحضارات القديمة أمر فيه من الموضوعية العلمية، لذا فالقول بتفاعل صورة ثور الوحش عبر الحضارات القديمة، وتأثيرها في الحضارة العربية قبل الإسلام، وفي القصيدة الجاهلية طرح فيه من الصفة المميزة التي أضافت لقراءة الشعر الجاهلي خطوة إضافية لفهم مكنونات ومكونات هذا الشعر، وبخاصة المكون الميثيوديني الذي كثيرا ما أُهمل من قبل.