آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی - نسخه متنی

محمد بلوحی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لم تتوقف القراءة التاريخية العربية الحديثة عند مسألة إثبات اتصال رواية الشعر الجاهلي سماعاً في الكثير من الأخبار، بل درجت تبحث في مسألة الرواة في حد ذاتهم، فأتت على التفصيل في طبقاتهم وما أُثر عنهم من أخلاقيات في الرواية والأمانة والموضوعية العلمية، وكان ديدنها في ذلك التمحيص الدقيق في مسألة لها علاقة مباشرة بأول مصدر من مصادر الشعر الجاهلي "الرواية الشفهية".

صنفت القراءة التاريخية العربية الحديثة الرواة إلى طبقتين، طبقة الرواة الهواة وطبقة الـرواة المحترفين؛ فـ (( كان الرواة الهواة يلازمون شاعراً بعينه، يسمعون منه، ويحفظون شعره، ويتتلمذون له، ويحتذون فيما ينظمون نظمه، إلى أن يستقيم لهم فنهم، ويستطيعوا أن يصدروا عن موهبتهم الخاصة، فهم يروون شعره ليس من أجل إذاعته فحسب، بل من أجل أنفسهم أيضاً، فالرواية عندهم تدريب وهواية))(28)، فكانت ميزة الرواة الهواة أنهم يعتمدون في الغالب على الرواية الشفهية ولا يعتمدون على الكتابة إلا نادراً، وذلك ما جعل روايتهم لا ترقى إلى رواية الجيل الذي جاء من بعدهم، والذي امتاز بالاحترافية في الرواية باعتماده على الكتابة والتدوين، ينضاف إلى ذلك أن بعض هؤلاء الرواة الهواة لم يكونوا يلتزمون بالرواية لشاعر واحد فقط، بل كانوا يسمعون لأكثر من شاعر، ويحفظون لهم جميعاً، مما جعل روايتهم لا ترقى في نظر القراءة العربية الحديثة إلى درجة الرواية المحترفة التي يمكن أن تجعل منها مصدراً أساسياً في تدوين الشعر الجاهلي، على الرغم من أنها حلقة أساسية في رواية هذا الشعر لا يمكن إهمالها.

أما الطبقة الثانية - والتي تتشكل من أمثال المفضل الضبي والأصمعي وأبي عمروالشيباني - فتنظر إليها القراءة التاريخية العربية الحديثة من حيث أعلامها مثل الأمانة العلمية والتوثيق الرصين والاحتراف المتمكن، فكان لها الدور الرائد في تقويم ما اعوج في مسار رواية الشعر الجاهلي، ينضاف إلى ذلك أنها اعتمدت في تدوينها على وضع المصنفات التي مازالت إلى يومنا هذا ذُخر التراث العربي، وبذلك نقلت رواية الشعر العربي من مرحلة الشفهية البدوية إلى مرحلة الرواية الكتابية ذات البعد الحضاري المتمدن.

كان للتدوين في نظر القراءة التاريخية العربية الحديثة في أواخر القرن الثاني الهجري وأوائل القرن الثالث الدور الرئيس في التوثيق للشعر الجاهلي، بحيث انبرى ثُلة من الرواة الثقاة من مثل المفضل الضبي والأصمعي وأبو عمرو الشيباني إلى جمع مادة هذا الشعر في مختارات ودواوين شعراء وقبائل كما كان الأمر مع أبي عمرو الشيباني الذي جمع أشعار أكثر من ثمانين قبيلة ، فـ (( كان هؤلاء الرواة لا يدونون إلا ما يستوثقون منه، بل كانوا يرحلون إلى الصحراء للتحقق من صحة ما سمعوه. قالوا إن أبا عمرو الشيباني دخل البادية ومعه "دستيجتان" من حبر، فما خرج حتى أفناهما في كتابة ما سمع من الأعراب. كما كان بعض الأعراب يفدون الحواضر لإشباع نهم الرواة فيما يدونون ))(29)، وهكذا نذر هؤلاء الرواة الثقاة العدول أنفسهم لتعقب الوضاع والمنتحلين ليميزوا الصحيح من الزائف، ويؤسسوا لرواية صحيحة تكون أساس الشعر الجاهلي، وينتشلوا النصوص الصحيحة من الأخبار التاريخية المملوءة بالوضع والتحريف، التي كانت تقف وراءها عوامل كثيرة منها العصبية، والنزعات الدينية والمذهبية والطائفية.

/ 139