بیشترلیست موضوعات آليات الخطاب النقدي العربي الحديث في مقاربة الشعر الجاهلي بحث في تجليات القراءات السياقية الإهداء المقدمة الفصل الأولالقراءة التاريخية 1 - القراءة التاريخية (مدخل نظري) 2 - جينالوجيا (جذور) الشعر الجاهلي 3 - مصادر الشعر الجاهلي 4 - التحليل الفيلولوجي للشعر الجاهلي الفصل الثانيالقراءة النفسية 1 - القراءة النفسية ( مدخل نظري) 2 - المقدمة الطللية 3 - المكان والزمان 4 - القـلـق الفصل الثالثالقراءة الأسطورية 1 - القراءة الأسطورية (مدخل نظري) 2 - ميثيودينية الشعر الجاهلي 3 - المكون الميثيوديني للصورة في الشعر الجاهلي أ - صورة المرأة ب - صورة الحيوان 1 - ثور الوحش 2 - النـاقـة ج - مظاهر الكون 1 - الشمس 2 - القمـر الخـاتـمة مكتبة البحث المصادر المراجع توضیحاتافزودن یادداشت جدید
يرى الدارسون المحدثون في" المفضل الضبي " أبرز العلماء الرواة الثقاة لأنه ((كان راوية عالماً بأخبار العرب وأيامها وأشعارها ولغاتها، وقد أخذ عنه كثيرون من علماء الطبقة الثانية، وفي مقدمتهم الفراء والكسائي وابن الأعرابي، وإليه ينتهي إسناد كثير من الروايات الشعرية لدواوين الشعراء ودواوين القبائل على السواء ))(30)، فبمثل المفضل الضبي انتقلت رواية الشعر الجاهلي من يد الرواة الهواة ورواة الأخبار التاريخية إلى يد الرواة العلماء بالشعر واللغة العربية، فمفضلياته تعد من أوثق مصادر الشعر الجاهلي، لأن صاحبها من الرواة الثقاة، على أنها تصور جوانب الحياة الجاهلية بأيامها وأحداثها وعلاقة القبائل بعضها ببعض، وبملوك الحيرة والغساسنة. فالرواية المؤسسة هي السمة الرئيسة للمفضل الضبي في تعامله مع رواية الشعر الجاهلي. فالفحص والتمحيص والتوثيق من المقاييس الأساسية التي اعتمدها لقبول أي نص شعري جاهلي، وتلك ميزة الرواة العلماء، وهي المقاييس التي اعتمدتها رواية الرواة العلماء في التعامل مع رواية الشعر الجاهلي حتى أصبحت منهجا علمياً مأثوراً، فـقد (( كان لعلماء الرواية قواعد خاصة التزموا بها في فحص الشعر الجاهلي ودراسته، وتمحيصه وتوثيقه، ولم يقبلوا منه إلا ما ثبتت صحته، ولم يرووا منه إلا ما اطمأنوا إلى سلامته من الوضع والنحل، وكان حرصهم شديداً، في تحديد مصادرهم، لذلك كانوا يتحرزون جيّداً عن مخبريهم من الأعراب وغيرهم، وكان حرصهم أشد عند أخذهم من الرواة الشعراء الذين قد يدخلون شعرهم الذاتي في ثنايا القصائد والمقطوعات التي يروونها لآبائهم ولقبائلهم ))(31)، وبذلك كانت تسعى القراءة التاريخية الحديثة إلى التفصيل في مسألة الرواية والاستقصاء في مسائلها وأعلامها بغية إقامة الحجة العلمية في مسألة القول بأن ليس كل الشعر الجاهلي موضوعاً منحولاً، بل إن جل نصوصه موثقة من قبل علماء ثقاة حكّموا مقاييس علمية صارمة في التعامل مع روايته معتمدين على منهج قوامه التمحيص والتوثيق والتثبت. تُعد الأصمعيات أيضا من "الدرر الشعرية" التي عمل صاحبها في تدوينها على أساس علميٍّ صارم مستمد من المقاييس التي سار عليها "الضبي" من تمحيص وتوثيق وتثبت، وهي كالمفضليات في الثقة بها، فعمل الأصمعي فيها بالإسناد عمن قبله في كثير من المواطن، وهو الذي لم يكن معروفاً عند الطبقة الأولى من الرواة العلماء، وبذلك أرسى أساساً صلباً للرواية باعتماده الإسناد، متأثراً في ذلك بعلوم الحديث النبوي الشريف وخاصة التجريح والتعديل، ((فالأصمعي ومن في طبقته من علماء المدرستين: البصرية والكوفية، كانوا الطبقة الأولى من الرواة العلماء، وأن من بعدهم قد روى عنهم، وأسند روايته حتى ارتفعت إليهم ثم انتهت عندهم، وأنهم لم يكونوا يسندون إلا في القليل النادر))(32)، فأضاف الأصمعي معلماً توثيقياً آخر لرواية الشعر الجاهلي، كان الدعامة القوية على صحة هذا الشعر وتمييزه من المنحول الموضوع، لذلك رأت القراءة العربية الحديثة في الأصمعيات عيوناً من الشعر العربي القديم التي يمكن الاعتماد عليها في تقديم الحجة على صحة الشعر الجاهلي، وأن منهج العلماء الرواة في رواية هذا الشعر لم يكن منهجاً مهتزاً ولا مضطرباً، وإنما كان منهجاً علمياً صارماً إدراكاً من الأصمعي ومن العلماء الرواة الآخرين.