ثم عقَّب عليها بقوله : "و هذا الشعر منحول، ولا أعلم فيه شيئاً يُستحسن" (37)، وهو نص يثبت أن ابن قتيبة - هو كذلك - يقرّ بوجود ظاهرة النحل والانتحال في الشعر الجاهلي دون التفصيل في مسائلها. أما إذا خصصنا الحديث عن ظاهرة النحل والانتحال في الشعر الجاهلي، والشك في رواياته ورُواته فإننا نجدها مسألة أفاض فيها الكثير من العلماء والنقاد القدماء منذ القرن الثاني للهجرة، وتجلت بوضوح في القرنين الثالث والرابع الهجريين، معتبرينها قضية جزئية لا تهم الفكر والتراث العربي ولا تضره في شيء، ويكفي أي باحث أن يتصفح - على سبيل المثال لا الحصر- كتاب "طبقات الشعراء " لابن سلام الجمحي ليجد فيه إقراراً بظاهرة النحل والانتحال التي قد لحقت الشعر الجاهلي في الكثير من مواطن روايته. ففي ((الشعر مصنوع مفتعل، وموضوع كثير لا خير فيه ))(38)، وفي ذلك إقرار بوجود الوضع والانتحال في تاريخ الشعر العربي القديم.