آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی - نسخه متنی

محمد بلوحی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

لقد أتى ابن سلام الجمحي في الطبقات على ذكر أسباب هذا الوضع والانتحال، فنسب فساد الشعر وهجنه وغثائه إلى محمد بن إسحاق بن يسار ... فَقبِل الناس عنه الأشعار، وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، أُتِينا به فأحمله. ولم يكن له عذر، فكتب في السِّيَر أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعراً قط، وأشعار النساء فضلاً عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعاراً كثيرة ... أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا؟، ومن أداه منذ آلاف السنين … نحن لا نقيم في النسب ما فوق عدنان، ولا نجد لأولية العرب المعروفين شعراً، فكيف بعاد وثمود ؟ فهذا الكلام الواهن الخبيث... وقال أبو عمر بن العلاء في ذلك: ما لسان حمير وأقاصي اليمن اليوم بلساننا، ولا عربيتهم بعربيتنا، فكيف على عهد عاد وثمود، مع تداعيه ووهيه؟ فلو كان الشعر مثل ما وضع لابن إسحاق ومثل ما روى الصُّحُفِيُّون، ما كانت إليه حاجة ولا فيه دليل على علم ، فالرواية الشفهية التي كانت الأساس الكليّ للشعر الجاهلي في نقله من جيل إلى جيل قد لحقها من التحريف ما لم يستصغه عقل علمي ثاقب من مثل عقل ابن سلام، فرواية شعر ونسبته إلى عاد وثمود مثلاً لا يوجد له حجة ولا مسوغات علمية عند رجل مثل ابن سلام.

يذكر ابن سلام في الطبقات إلى جانب إسحاق بن سيار من أحد أعمدة رواية الشعر الجاهلي وروادها حماد الراوية فيقر أنه أول من جمع أشعار العرب وساق أحاديثها، وكان غير موثوق به، وكان يَنحَلُ شعر الرَّجُلِ غيره، وينحله غير شعره، ويزيد في الأشعار، ويحتج على ذلك بقصيدة نسبها حماد إلى الحطيئة في مديح أبي موسى الأشعري، وهي من وضع حماد، فيعجب ممن يأخذ عنه، وهو الكاذب اللحان.

يرجع ابن سلام عوامل للنحل والانتحال في الشعر الجاهلي إلى كذب الرواة للتكسب بالرواية والتملق للأمراء وسادة القبائل والعشائر، وأخرى خاصة التفاخر بين القبائل بعودة العصبية القبلية إلى المجتمع العربي في العصر الأموي، بعد أن حاول الإسلام تهذيبها والتقليل من فاعليتها داخل المجتمع والتكريس لفكرة الأمة المبنية على الأساس الديني وروحه، لكن الكثير من هذه المبادئ سرعان ما خبت وعاد العامل العصبي ليطفو على السطح، فكان قوم قلت وقائعهم وأشعارهم، فأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأشعار، فقالوا على ألسنة شعرائهم، ثم جاء الرواة بعد، فزادوا في الأشعار التي قيلت، كما كان للعامل الديني والسياسي دور كذلك في ظهور النحل والانتحال في الشعر العربي القديم.

إن لظهور الإسلام بكتابه وتعاليمه وتغييره السياسي والاجتماعي والفكري دوراً في ابتعاد العرب وانشغالهم عن رواية الشعر والاهتمام به فترة ليست بالقصيرة، لكن لما استقر العرب في الحواضر حاولوا رواية شعرهم، فلم يجدوا مدوناً يعتمدون عليه، وأن الكثير من حفاظ هذا الشعر قد هلكوا في الحروب والفتوحات، وهو ما دفع أبا عمرو بن العلاء إلى القول إن (( ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولو جاءكم وافراً لجاءكم علم وشعر كثير ))39. والجلي من كل هذه النصوص والملاحظات التي دونها النقاد القدماء وبخاصة ابن سلام حول ظاهرة النحل والانتحال التي لحقت الشعر الجاهلي أن مسألة تحقيق هذا التراث مسألة غاية في الصعوبة والتعقيد.

/ 139