بیشترلیست موضوعات آليات الخطاب النقدي العربي الحديث في مقاربة الشعر الجاهلي بحث في تجليات القراءات السياقية الإهداء المقدمة الفصل الأولالقراءة التاريخية 1 - القراءة التاريخية (مدخل نظري) 2 - جينالوجيا (جذور) الشعر الجاهلي 3 - مصادر الشعر الجاهلي 4 - التحليل الفيلولوجي للشعر الجاهلي الفصل الثانيالقراءة النفسية 1 - القراءة النفسية ( مدخل نظري) 2 - المقدمة الطللية 3 - المكان والزمان 4 - القـلـق الفصل الثالثالقراءة الأسطورية 1 - القراءة الأسطورية (مدخل نظري) 2 - ميثيودينية الشعر الجاهلي 3 - المكون الميثيوديني للصورة في الشعر الجاهلي أ - صورة المرأة ب - صورة الحيوان 1 - ثور الوحش 2 - النـاقـة ج - مظاهر الكون 1 - الشمس 2 - القمـر الخـاتـمة مكتبة البحث المصادر المراجع توضیحاتافزودن یادداشت جدید
أما اللاشعور الجمعي فيختزن (( الماضي الجنسي ، وهو الذي ولَّد الأبطال الأسطوريين البدائيين ، ولا يزال يولد أخيلة فردية مشابهة للرجل المتمدن. وهو الذي يجد تعبيره الأكثر في رمزية تتجاوز حدود الزمان غير أنها مألوفة نسبيا وهي رمزية ما تزال تتكرر أبداً))(40)؛ فالحياة النفسية عند "يونغ" تتكون من الوعي واللاوعي الجماعي، واللاوعي الفردي. فاللاوعي الفردي أو الشخصي يتكون أساساً من المضامين التي كانت في وقت من الأوقات شعوراً، ولكنّها أضحت مضمرة نسياناً أو كبتاً، أما مضمون اللاوعي الجماعي فلم يكن أبدا لـه حضور في الشعور أو الوعي، ولم يكتسب فرديا، بل استمد وجوده وراثة ، متشكلا في النماذج العليا واللاشعور الجمعي، والمبدع ليس كالإنسان العادي، بل هو الأكثر قدرة على الإفصاح عن هذه الرواسب الموروثة بأشكال رمزية دون وعي منه وذلك بفعل تأثير ضغط اللاشعور الجمعي، (( وتبعا لذلك فإن عمل الفنان لابد من أن يشبع الحاجة الروحية للمجتمع الذي يعيش في كنفه، بمعنى أنه لابد من أن يضطلع بمهمة إعادة التوازن النفسي إلى الحقبة التاريخية التي ينتسب إليها، وسواء أشعر الفنان بذلك أم لم يشعر، فإن عمله الفني لابد أن يعني في نظره شيئا أكثر مما تعنيه حياته الشخصية، أو مصيره الفردي، لأنه هو نفسه ليس سوى مجرد أداة في يد عمله الفني ))(41). فالمقدمة الطللية في قراءة يوسف اليوسف تعبير عن اللاشعور الجمعي المعبر عن الكبت الجنسي والتهدم الحضاري والمحل الطبيعي،أخذ الطابع الرمزي الذي يأخذ تصوره من الترسبات البدائية للإنسان الجاهلي، فالمقدمة الطللية الجاهلية تعبير عن ترسب بأعماق الإنسان العربي تكونت بفعل التراكمات النفسية ذات الطابع الحضاري الجمعي، ترسب عبر الزمن في اللاشعور الجمعي بفعل النسيان، وبذلك أخذ طابع اللغة المنسية، فالشاعر الجاهلي من خلال الطللية تجلت لديه هذه المكبوتات وانعكست بفعل امتلاك الطاقة اللغوية على إظهار هذه الرواسب الموروثة، فأخذت مظهراً رمزياً يجلي الكثير من الدلالات والمضامين الجمعية الضاربة في أعماق القدم، توارثت في العصر الجاهلي عن طريق الأسلاف منذ العهد الأولى لحياة الإنسان العربي الأول، والأصل متكونة من غرائز ترسبت في الذهنية مع تعاقب الأجيال، وهي ما تشكل جوهر النماذج الأولى الأصلية بوصفها تضم طرائق طبيعية للتفكير البدائي، باعتبار أن الأشكال الفنية ومنها الطللية نمط (( أولي ذو صبغة رمزية، تلعب وظيفتها التعبيرية حيثما لا توجد مفاهيم شعورية، أو حيث تكون متعذرة لأسباب داخلية أو خارجية))(42)، وهكذا نلاحظ أن يوسف اليوسف يعطي للطللية الجاهلية بعداً ميثولوجياً من حيث التكوين العميق، بوصفها رمزاً يجسد العمق اللاشعوري الجمعي للإنسان الجاهلي في صورته العميقة ذات البعد الجنسي المتواشح بحس الانهدام الحضاري. فقراءة يوسف اليوسف تستمد أصولها المعرفية وأدواتها الإجرائية من رؤية يونغ المبنية على أن الأعمال الإبداعية تعبر عن النماذج العليا واللاشعور الجمعي، وبذلك اعتبر أن اللحظة الطللية ليست لحظة آنية ولا فردية، وإنما هي لحظة ذات حس جماعي أخذت قناع اللغة المنسية فكانت ترجمة لاشعورية عن الرغبة في الخلاص من حالة حضارية متهدمة تتسم بالتحول العميق إلى حالة حضارية أسمى، وهو إحساس عميق بقهر الطبيعة وقسوة الواقع في عالم الوعي من أجل التأسيس لفلسفة التجاوز نحو واقع أرقى، وذلك هو عمق الطللية الجاهلية.