آلیات الخطاب النقدی العربی الحدیث فی مقاربة الشعر الجاهلی نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
إن الحنين "النوستالجيا" في الشعر الجاهلي - بخاصة في الطللية - مرتبط بالمكان والزمان، والمرأة " الحبيب "عنصر مثير لفعل التداعي الذي يربط بينهما، لذلك فالنص الجاهلي - وبخاصة في الطللية - أعطى الصدارة في التوظيف للمكان المدغوم بالزمان، وجعلهما المركز النوستالجي والمرأة " الحبيب" مرتبطة بهما؛ وذلك ما لم تقف عنده قراءة "يوسف خليف" بل أشارت إلى حنينية المكان والزمان وبخاصة في الطللية، ولكن على الرغم من عمومية هذه القراءة وشموليتها على العناصر الحنينية "النوستالجيا" في النص الطللي؛ فإنّ ذلك لا يشين ولا ينقص من قيمتها النقدية؛ إذ لها فضل ملامسة الحس الحنيني في الشعر الجاهلي، خاصة في توظيفها لعنصري " المكان- الزمان" المدغوم بالمرأة " الحبيب"(58). فالمقدمة الطللية جمعت بين عنصرين أحدهما يذكر بالفناء، وهو الأطلال، والآخر يذكر بالحياة وهو الحب. وليس اجتماع هذين النقيضين: الحياة والفناء في الموقف الواحد، وارتباط أحدهما بالآخر، إلا تأكيدا لإحساس الشاعر بالتناقض العام الماثل سواء في العالم الخارجي أو عالمه الباطني، ولكن هذا التناقض هو الذي يكوّن سر حياة الإنسان في حد ذاته، بل سر الوجود في كليته والمبني وثنائية الحياة والفناء.