مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 5

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



البحث السادس في السجود


و وجوب سجدتين في كل ركعة من فريضة شرعا، او نافلة شرطا مجمع عليه، بل ضروري
الدين.و النصوص فيه متواترة معنى.

و هما معا ركن، بمعنى بطلان الصلاة بالاخلال بهما معا، عمدا و سهوا، و بزيادتهما
معا كذلك، و لا تبطل بالاخلال بواحدة او زيادتها سهوا.

اما الاولان فبالاجماعين، مضافا في اولهما الى ما مر من اصالة
الركنية-بهذا المعنى-في كل جزء واجب من الصلاة، و صحيحة زرارة: «لا تعاد الصلاة الا
من خمسة: الطهور، و الوقت، و القبلة، و الركوع، و السجود» (1) .

و في الثاني الى ما ياتي من القاعدة المستندة الى الاخبار الدالة على بطلان
الصلاة بالزيادة.

و تؤيده رواية زرارة: «لا يقرا في المكتوبة شي ء من العزائم، فان السجود زيادة في
المكتوبة » (2) .

و قد يجعل ذلك دليلا (3) ، و فيه نظر (4) .

و جعلهما ركنا في بعض الركعات دون بعض-كما عن المبسوط (5) -باطل، كما ياتي في
محله.

و اما الثالث و الرابع فعلى الحق المشهور، بل عن التذكرة و الذكرى: على
اولهما الاجماع (6) ، للمستفيضة في الاول، كصحيحة ابي بصير: عمن نسي ان يسجد سجدة
واحدة فذكرها و هو قائم، قال: «يسجدها اذا ذكرها ما لم يركع، فان كان قد ركع
فليمض على صلاته، فاذا انصرف قضاها وحدها و ليس عليه سهو» (7) .

و ابن جابر: في رجل نسي ان يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر و هو قائم انه
لم يسجد، قال: «فليسجد ما لم يركع، فاذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض
على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها، فانها قضاء» (8) .

و قريبة منها موثقة الساباطي (9) ، و غيرها.

و لموثقتي ابني حازم، و زرارة في الثاني:

الاولى: عن رجل صلى فذكر انه زاد سجدة، فقال: «لا يعيد صلاة من سجدة و يعيدها من
ركعة » (10) .

و الثانية: «و الله لا تفسد زيادة سجدة » (11) .

خلافا في اولهما، للمحكي عن الكليني (12) ، و ظاهر العماني (13) ، فتبطل بالاخلال مطلقا.

للاصل المتقدم.

و اقتضاء الركنية لذلك.

و رواية معلى، عن ابي الحسن الماضي: «في الرجل ينسى السجدة من صلاته، قال: اذا
ذكرها قبل ركوعه سجدها و بنى على صلاته و سجد سجدتي السهو بعد انصرافه، و ان
ذكرها بعد ركوعه اعاد الصلاة » (14) .

و يدفع الاصل: بما مر.

و اقتضاء الركنية: بمنعها بهذا المعنى، و المسلم الركنية بالمعنى الذي ذكرنا، كيف؟
! و لم يرد لفظ الركن في نص، و لو ورد لم يثبت له معنى خاص، و انما هو امر اصطلحوا
عليه و لم يثبت الاصطلاح في السجدتين الا بذلك المعنى.

و الرواية: بعدم صراحتها، بل و لا ظهورها في المخالفة، لاحتمال السجدة فيها
السجدتين لا الواحدة بقرينة تعريفها بلام الجنس.و احتمال الاستحباب، لعدم
تضمنها الامر المفيد للوجوب، و لو سلم فلا شك في شمولها للواحدة و الاثنتين
فيتعين التخصيص بما مر.

مضافا الى ما في الرواية من خللها باعتبار تقدم المعلى على ابي الحسن
الماضي، فلا يمكن روايته عنه، و معارضتها مع ما هو ارجح منها سندا و عددا و عملا.

و لظاهر التهذيب (15) ، و محتمل الاستبصار (16) ، فتبطل بالاخلال بالواحدة اذا
كانت من الاوليين خاصة، لصحيحة البزنطي (17) ، القاصرة عن افادة الوجوب، لتضمنها
الاخبار.بل عن الاستدلال، لما فيها من الاجمال.و عن معارضة ما مر، لاعتضاده
بالكثرة و الشهرة.مضافا الى اختصاصها بالركعة الاولى و عدم تعرضها للثانية،
مع دلالة رواية محمد بن منصور (18) على عدم الاعادة في ترك السجدة الواحدة من
الثانية.

و لوالد الصدوق و الاسكافي (19) ، فتبطل بالاخلال بها اذا كانت من الركعة الاولى
خاصة، و ظهر وجهه و جوابه مما مر.

و في الثاني، للمحكي عن الكليني و جمل السيد و الحلبيين و الحلي (20) ، فتبطل
بالزيادة، للقاعدة المتقدمة، و هي بالموثقين المعتضدين بالشهرة مخصصة.

و ياتي بيان هذه المسائل في باب الخلل.

ثم ان للسجود واجبات، و مستحبات، و احكاما، نذكرها في ثلاثة مطالب:

المطلب الاول في واجباته و هي امور:


الاول: السجود على سبعة اعضاء:


الجبهة، و اليدين، و الركبتين، و الرجلين، بالاجماع المحقق و المحكي مستفيضا
في كلمات اصحابنا.و هو الحجة فيه، مضافا الى النصوص المستفيضة:

منها: صحيحة حماد الواردة في التعليم، و فيها: فسجد على ثمانية اعظم:

الكفين، و الركبتين، و انامل ابهامي الرجلين، و الجبهة، و الانف، و قال: «سبعة
منها فرض يسجد عليها و هي التي ذكر الله عز و جل في كتابه و قال: «ان المساجد لله
فلا تدعوا مع الله احدا» (21) و هي الجبهة، و الكفان، و الركبتان، و الابهامان، و
وضع الانف على الارض سنة » (22) .

و زرارة: «السجود على سبعة اعظم: الجبهة، و اليدين، و الركبتين، و الابهامين،
و ترغم بانفك ارغاما، و اما الفرض فهذه السبعة، و اما الارغام بالانف فسنة » (23) .

و المروي في تفسير العياشي، و فيه بعد السؤال عن الوجه في قطع السارق من اصول
الاصابع: «قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: السجود على سبعة اعضاء: الوجه،
و اليدين، و الركبتين، و ابهامي الرجلين، فاذا قطعت اليد من الكرسوع او
المرفق لم تبق له يد يسجد عليها» (24) .

و الرضوي: «و السجود على سبعة اعضاء: على الجبهة، و اليدين، و الركبتين، و
الابهامين من القدمين، و ليس على الانف سجود، و انما هو الارغام » (25) .

فروع:


ا: موضع السجود من اليدين الكفان عند اكثر الاصحاب، بل في التذكرة و شرح
القواعد و عن الخلاف و الذكرى الاجماع عليه (26) ، لحمل مطلقات اخبار اليدين على
المقيد، و هو الصحيحة الاولى.

خلافا للحلي و المحكي عن السيد و الاسكافي (27) ، فبدلوا الكفين بمفصلهما عند الزندين.

فان ارادوا تعينه فلا دليل عليه.

و ان ارادوا الاجتزاء به، كما نقل عنهم في شرح القواعد و الدروس (28) ، و غيره، و هو
الظاهر و ان عبروا بالمفصل، فان الظاهر ان مرادهم انه منتهى محل السجود، و
حينئذ تحتمل موافقة كل من عبر باليدين كالشيخ في النهاية (29) و غيره (30) لهم.

فالدليل معهم، لكون المفصل ايضا من اليدين الواردتين في الاخبار، بل الكفين،
لان القدر المشترك بين الشيئين يكون من كل منهما ما دام الاشتراك.

و دعوى تبادر غيره من الكفين و منافاته للتاسي و عمل الائمة غريبة، لتجويز
المشهور السجود على ما دون المفصل و لو بيسير، و لا يختلف التبادر بالنسبة
اليهما و لا التاسي.

و هل يجب السجود على باطنيهما؟ كما عن نهاية الفاضل (31) ، و الشهيدين (32) ، و في
المدارك (33) ، بل عن الاول نسبته الى ظاهر علمائنا الا المرتضى، و عن الذكرى الى
الاكثر، و استدل له في المدارك بالتاسي، و في غيره بانه المعهود من فعل النبي و
الائمة و المسلمين (34) .

او لا يجب؟ كما هو محتمل عبارة الاكثر حيث اطلقوا، و تردد في المنتهى (35) .

مقتضى الاصل و الاطلاقات: الثاني.

و القول بان المطلق ينصرف الى الفرد الشائع المعهود، و المتعارف باطن الكف
كما في الحدائق (36) .

باطل، لانه ان اريد شيوع ارادة الباطن من اليد و الكف فهو ممنوع، و ان اريد شيوع
وضع الباطن من اطلاق السجود عليها او وضعها-فلو سلم-فيحتمل ان يكون ذلك
حادثا بعد زمان الشارع لاستحبابه او فتوى الاكثر بوجوبه.بل الظاهر عدم شيوع
السجدة على اليد قبل حكم الشارع بذلك حتى يكون له شائع، بل لا شائع للسجدة عليها و لا
استعمال له في غير هذا الموضع.و اما وضع اليد و الكف فلا شيوع له في الباطن قطعا.

و التاسي غير واجب.

و فعل الجميع كذلك-لو سلم-لم يعلم انه على سبيل الوجوب.

فالقول الثاني لا يخلو عن قوة، و الاول احوط.

ب: موضع السجود من الرجلين الابهامان، على الحق المشهور، بل في الكتب
المتقدمة و غيرها: الاجماع عليه، و تدل عليه الاخبار المتقدمة.

خلافا لجماعة من القدماء، فجعلوا عوض الابهامين اصابع الرجلين كما في كلام
جماعة، منهم: الشيخ في المبسوط و موضع من النهاية (37) ، و الحلبي (38) ، بل عن شرح الجمل
للقاضي نقل الاجماع عليه (39) .

او اطرافها، كما في كلام آخرين، منهم ابن زهرة (40) .

و لعلهما لروايتي الجمهور و ابن ابي جمهور عن رسول الله صلى الله عليه و آله و
سلم.

الاولى: «امرت بالسجود على سبعة اعظم: اليدين، و الركبتين، و اطراف القدمين،
و الجبهة » (41) .

و الثانية ما رواه في العوالي: «اسجدوا على سبعة: اليدين، و الركبتين، و اطراف
اصابع الرجلين، و الجبهة » (42) .

و فيها ايضا: «امرت ان اسجد على سبعة اطراف: الجبهة، و اليدين، و الركبتين،
و القدمين » (43) .

و المروي في قرب الاسناد: يسجد ابن آدم على سبعة اعظم: يديه، و رجليه، و ركبتيه، و
جبهته » (44) .

و يرد-بعد الاغماض عن ضعفها-بوجوب حمل المطلق على المقيد.

و الظاهر الاكتفاء فيهما بالباطن و الظاهر، للاطلاق، و ان كان السجود على
رؤوسهما افضل، لصحيحة حماد.

نعم لو تعذر السجود عليهما لعدمهما او قصرهما او عذر آخر، اجزا على بقية الاصابع
كما ذكره في الذكرى (45) ، و استحسنه في الذخيرة (46) ، و قال بعض مشايخنا المحققين: ان
عليه طريقة المسلمين في الاعصار و الامصار (47) ، بل الظاهر ان عليه فتوى
الاصحاب، لظهور ان تقييد المطلقات بالابهامين انما هو مع الامكان، فبدونه
تبقى بلا معارض، و ينجبر ضعفها بما مر من انه الظاهر من الاصحاب.

ج: المعروف من الاصحاب انه يكفي فيما عدا الجبهة من هذه الاعضاء ما يصدق عليه
الاسم، و لا يجب الاستيعاب، بل في المدارك و الذخيرة: لا نعرف فيه خلافا (48) .و في
الحدائق: من غير خلاف يعرف (49) .

و هو كذلك، للاصل، و صدق الامتثال، و اطلاق الاخبار (50) ، و رواية العياشي المتقدمة (51)
المنجبر ضعفها بما ذكر، و يؤيده فحوى ما دل على الاكتفاء بالمسمى في الجبهة (52) .
فتردد المنتهى (53) في الكفين لا وجه له.

و الكفان يشملان الاصابع ايضا، فيجوز الاكتفاء في السجود عليها.و ما في بعض
كلمات القدماء من ذكر باطن الراحتين لا دليل على التخصيص به ان اراده.

و الحق المشهور الاكتفاء به فيها ايضا، لما مر، مضافا الى المعتبرة
المستفيضة المصرحة، كصحيحة زرارة: الرجل يسجد و عليه قلنسوة او عمامة، فقال: «اذا
مس شي ء من جبهته الارض فيما بين حاجبيه و قصاص شعره فقد اجزا عنه » (54) .

و الاخرى: «اسجد على المروحة او عود او سواك » (55) (56) .

و الثالثة: عن حد السجود، قال: «ما بين قصاص الشعر الى طرف الانف مسجد، اي ذلك
اصبت به الارض اجزاك » (57) .

و نحوها موثقة الساباطي (58) ، و قريبة منهما روايتا زرارة (59) ، و العجلي (60) ، و زاد في
الاخيرة: «و السجود عليه كله افضل » .

خلافا للمحكي عن الصدوق و الحلي (61) ، و الدروس و موضع من الذكرى (62) ، فاوجبوا مقدار
الدرهم.

قيل (63) : و لعله لحسنة زرارة: «الجبهة كلها من قصاص شعر الراس الى الحاجبين موضع
السجود، فايما سقط من ذلك الى الارض اجزاك، مقدار الدرهم و مقدار طرف الانملة » (64) .

و لا اعرف لها وجه الدلالة، بل هو-كما اعترف به في المدارك و غيره (65) - بالدلالة على
خلافه اشبه، اذ مقتضاها الاكتفاء بقدر طرف انملة و هو دون الدرهم بكثير قطعا.

و قيل (66) : لصحيحة علي: المراة تطول قصتها، فاذا سجدت وقع بعض جبهتها على الارض و
بعض يغطيه الشعر، هل يجوز ذلك؟ قال: «لا حتى تضع جبهتها على الارض » (67) .

و ظاهرها ايجاب تمام الجبهة، و هو اما خلاف الاجماع، او شاذ يخرج به الخبر
عن الحجية، فهي على الندب محمولة.

مع انه لا دلالة لها على الدرهم، و اخراج الزائد بالاجماع ليس باولى من ارادة
الاستحباب.و حملها على كون الواقع من الجبهة على الارض ما دون المسمى، او
ردها باحتمال ذلك، باطل، اذ بعضها لا يقصر عن المسمى البتة، مع ان ترك
الاستفصال يفيد العموم.

نعم ذكر الدرهم في خبرين:

احدهما: الرضوي: «و ترغم بانفك، و يجزئك في موضع الجبهة من قصاص الشعر الى
الحاجبين مقدار درهم » (68) .

و الآخر: في الدعائم: «و اكمل ما يجزي ان يصيب الارض من جبهتك قدر درهم » (69) .

قيل: و هما نص فيما قالوه (70) .

و هو في الثاني محل نظر، للتقييد بالاكمل (71) .بل و كذا في الاول، لما مر من امكان
ارادة اجزاء الامر الندبي، مع ان فيه في النسخ المصححة التي راينا من فقه الرضا:
«و منخريك » مقام «يجزيك » و لا تكون له دلالة حينئذ، مضافا الى ما فيها من الضعف
الخالي عن الجابر.

و في الذكرى-بعد اختيار مقدار الدرهم-قال: لتصريح الخبر و كثير من الاصحاب،
فيحمل المطلق من الاخبار و كلام الاصحاب على المقيد (72) .انتهى.

فان اراد بالخبر بعض ما مر فقد عرفت حاله، و ان اراد غيره فلا نعرفه ككثير من
الاصحاب.

و قد ينقل عن الاسكافي القول بوجوب استيعاب الجبهة (73) .

و هو شاذ، و لا دليل عليه سوى الصحيحة، المردودة بالشذوذ، المعارضة باكثر منها
عددا، فيجب حملها على الاستحباب جمعا، بل قطعا بقرينة التصريح بافضليته في
الرواية المتقدمة (74) .

الثاني: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه:


فان لما يسجد عليه مدخلية في المعنى الحقيقي للسجدة.و تحقيق المقام في هذا
المرام، و بيان ما يصح السجود عليه و ما لا يصح بعد مقدمة و هي:

ان السجود، هل هو وضع الجبهة على الارض؟ كما فسرت به سجدة الصلاة في بعض كتب
اللغة (75) ، و تؤيده-على ما قيل-مرسلتا الفقيه: «السجود على الارض[فريضة]و على غير
الارض سنة » (76) و في احداهما: «و الخمرة » مكان «غير الارض » (77) دلتا على ان السجدة
المامور بها في كتابه سبحانه هي وضع الجبهة على الارض.

او الانحناء حتى يساوي موضع جبهته موقفه مع وضعها على شي ء؟ كما فسرت به بعض
الكتب الفقهية (78) ، و يؤيده عدم اشتراط الارض فيما يوضع عليه غير الجبهة مع اطلاق
السجود عليه.

الظاهر هو الثاني، لعدم صحة السلب، و عدم تبادر الغير، و ثبوت الاستعمال في
الاعم، و عدم ثبوته في غيره، فيتحد المستعمل فيه المعلوم، فيكون الاصل فيه
الحقيقة، و نحو قوله في الاخبار الكثيرة: السجود على الارض و على غير الارض،
فان المستفاد منه خروج كونها على الارض عن معناها.

و اما ما مر من قول بعض اللغويين، فالظاهر ان المراد من الارض مطلق ما
يحاذي الموقف، لانه انما فسر سجدة الصلاة بذلك مع انه من العامة التي لا يشترط
ذلك عنده فيها اصلا، بل على عدم الاشتراط اجماعهم، و مع انه في بيان المعنى
الشرعي، و قوله فيه ليس بحجة قطعا.

و من هذا القبيل ما قال بعض فقهائنا: و يجب وضع سبعة اعظم على الارض (79) ، مع انه لا
يقول باشتراط الارض في غير الجبهة.

و اما المرسلتان، فليستا بنصين و لا ظاهرتين في ارادة ما ذكر، بل لهما محامل
اخر ايضا.

هذا بيان معنى السجدة لغة، و مقتضاه بضميمة الاصل: حصول الامتثال بكل ما يسجد
عليه.

و لكن هاهنا اصلا آخر هو عدم جواز السجود الا على الارض او ما انبتته شرعا،
حصل ذلك الاصل بالاجماع المحقق، و المحكي في المعتبر و التذكرة و المدارك (80) ، و
غيرها، و الاخبار، كصحيحة هشام: «لا يجوز السجود الا على الارض او على ما
انبتت الارض الا ما اكل او لبس » (81) .

و المروي في قرب الاسناد، و فيه بعد السؤال عن السجود: «لا يصلح حتى يضع جبهته
على الارض » (82) .

المؤيدة بصحيحة حماد: «السجود على ما انبتت الارض الا ما اكل او لبس » (83) .

و رواية البقباق: «لا يسجد الا على الارض او ما انبتت الارض الا القطن و
الكتان » (84) و غيرهما من المستفيضة.

فليكن ذلك اصلا ثانويا في يدك، و مقتضاه عدم جواز السجود على كل ما علم عدم
ارضيته او نباتيته، او شك فيهما الا ما اخرجه الدليل، فالمرجع حينئذ ذلك
الاصل، فان حصل الشك بعد الرجوع اليه-لتعارض او نحوه-فالمرجع الاصل الاول.

اذا عرفت هذه فاعلم ان ما يمكن ان يسجد عليه اما ارض او نباتها او غيرهما،
و الثاني على قسمين: الاول الماكول او الملبوس، و الثاني غيرهما، فهذه اربعة
اقسام، و هاهنا اقسام اخر: ما يشك في ارضيته او في نباتيته، او في
ماكوليته و ملبوسيته.

فهذه اقسام تذكر احكامها في مسائل:

المسالة الاولى:


اعلم ان في كرة الارض اجزاء مختلفة الحقائق عرفا، ترابية و رملية و جصية و كحلية و
زرنيخية و ملحية و قيرية و حجرية و نحاسية و حديدية و ذهبية و هكذا الى آخر الفلزات و
الجواهر و المعادن، و لفظ الارض موضوع لتمام الكرة او مع قطعة عظيمة منها ايضا، و
ليس موضوعا لكل جزء جزء منها بخصوصه، كما في لفظ الماء الموضوع للكل و الجزء، و الا لصدق
على كل جزء الارض اذا انفصل من الارض ايضا، و ليس كذلك.

و لكن هذه الاجزاء الكائنة فيها: منها ما هو جزء للارض ايضا، و يصدق عليه انه بعض
الارض و انه جزء ارضي، و منها ما ليس كذلك بل جزء فيها.

و الضابط في التفرقة بينهما ان تفرض كرة الارض من ذلك الجزء خالصة فان صدق
عليها اسم الارض حينئذ ايضا، او فرضت كرة اخرى منه خالصة فان صدق انه تعددت كرة
الارض، او اذا حصلت قطعة عظيمة منه في الهواء صدق انها ارض ارتفعت، فهو جزء ارضي او
جزء للارض و بعض منها، و ذلك كالتراب و الرمل بل الجص.

و ان لم يصدق ذلك فليس جزءا ارضيا و لا بعضا منه، كالفضة و الذهب و الحديد و نحوها.

فما كان من الاول يصدق على السجود عليه حال اتصاله بالارض انه سجود على
الارض و ان لم يكن هو بخصوصه الا بعض الارض-كصدق تقبيل زيد و رؤيته على تقبيل جزء
من وجهه و رؤيته-و يصح السجود عليه قطعا.

و ما كان من الثاني فاما لا يصدق على السجود عليه حال الاتصال السجود على
الارض، او يشك في صدقه عليه، و على التقديرين لا يكون السجود عليه صحيحا، للاصل
الثانوي المتقدم.

اذا عرفت ذلك تعلم انه يصح السجود على التراب و الرمل اذا تمكنت الجبهة
عليه حال اتصالهما بالارض، لصدق السجود على الارض، الصحيح بالاجماع، بل
الضرورة و استفاضة النصوص، بل تواترها معنى.

و اما ما في صحيحة محمد بن الحسين: «لا تصل على الزجاج و ان حدثتك نفسك انه
مما انبتت الارض، و لكنه من الملح و الرمل و هما ممسوخان » (85) .

فلا يدل على عدم جواز السجود على الرمل، بل يدل على عدم جوازه على الحاصل منه و
من الملح معا، و هو كذلك.

و اما قوله «و هما ممسوخان » فيمكن ان يكون المراد منه انهما مسخا فصارا
زجاجا، لا انهما بنفسهما ممسوخان من الارض.

و اما الحجر، فان قلنا بكونه ارضا-كما هو ظاهر الاكثر بل صريحهم-فجواز
السجود عليه ظاهر.

و ان قلنا بعدم ارضيته، كما عن ظاهر الاسكافي (86) ، و السرائر (87) ، و صريح بعض
المتاخرين (88) ، بل هو ظاهر الشيخ في النهاية ايضا، حيث قال بعد نفيه جواز السجود
الا على الارض او ما انبتته، و حكمه بجواز السجود على الارض: و لا باس
بالسجود على الجص و الآجر و الحجر و الخشب (89) .

او شككنا في ارضيته، كما هو كذلك.

لم تكن الارضية موجبة لجواز السجود عليه.و لكن يحكم بصحته، للاجماع عليها،
مضافا الى روايات حمران، و الحلبي، و عيينة.

الاولى: «فاذا لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد» (90) .

و الثانية: «دعا ابي بخمرة فابطات عليه، فاخذ كفا من حصباء فجعله على البساط
ثم سجد» (91) .

و الثالثة: ادخل المسجد في اليوم الشديد الحر فاكره ان اصلي على الحصى،
فابسط ثوبي فاسجد عليه؟ قال: «نعم لا باس » (92) .

و هي و ان كانت واردة في حال الانفصال، و لكن ما يجوز السجود عليه منفصلا يجوز
متصلا ضرورة.

و لا فرق بين انواع الحجر من برام و رخام و نحوهما، و بالجملة كل ما يسمى
حجرا عرفا بالاطلاق حتى ما يقال له بالفارسية: مرمر، للاجماع المحقق، و المحكي
في كنز العرفان (93) ، بل-كما قيل-بالضرورة (94) ، و صدق الحصى و الحصباء على صغار الكل.

و لا يضر اطلاق المعدن على بعض انواعه، بل كلها، لعدم دليل على المنع في مطلق المعدن.
و لا احتمال تكونه من الماء، و الا لم يجز السجود على حجر، لقيام الاحتمال في
الكل.

نعم، لا يجوز فيما علم فيه الاجماع على عدم الجواز.

و الاحوط عدم السجود على حجر الكحل.

و اما الحجر الجصي و الارض الجصية فيصح السجود عليه، لصدق الارض او الحجر
و لو بعد الحرق، لاستصحاب الارضية او الحجرية، و لصحيحة ابن محبوب: عن الجص يوقد
عليه بالعذرة و عظام الموتى ثم يجصص به المسجد، ايسجد عليه؟ فكتب اليه بخطه:
«ان الماء و النار قد طهراه » (95) .

و حملها على التقية لا وجه له بعد عدم معارض معلوم.و كون السؤال عن السجود، و
الجواب عن التطهر غير ضائر، اذ يدل السؤال على ان الشك في السجود انما هو
لملاقاة العذرة و عظام الموتى.و كذا لا يضر عدم كونهما مطهرين بهذا النحو،
لعدم تحقق التنجس ايضا، فالمراد ارتفاع النفرة.

و الظاهر جواز السجود على النورة، اما قبل الاحراق فلكونه حجرا، و اما بعده
فللاستصحاب.و لا يضر عدم اطلاق الحجر حينئذ، لجواز ان يكون سبب جواز السجود
على الحجر ارضيته، و زوالها هنا مشكوك فيه.

و لا يصح على شي ء من الاراضي الفلزية و الجوهرية و الملحية و القيرية و نحوها
بالاجماع، لما مر، مع تايده ببعض النصوص (96) و ان كانت واردة في البعض بالخصوص.

و اما ما في بعض الاخبار من نفي الباس عن السجود على القير و القار (97) ، فمع
شذوذه المخرج له عن الحجية، لعدم معلومية قائل بالجواز فيه، كما صرح به
الاردبيلي (98) ، بل على خلافه اتفاق الاصحاب، كما في الحدائق (99) .

معارض بما هو اقوى منه سندا، كحسنة زرارة: قلت له: اسجد على الزفت؟ -يعني القير-فقال:
«لا» (100) .

فان السؤال عن الجواز قطعا فالنفي له.

و الترجيح لها، لمخالفتها العامة، و اختصاصها بغير حال الضرورة، و الاول
موافق لها (101) ، و اعم منه.مع انه مع التكافؤ يرجع الى اصالة عدم الجواز.

و مع ذلك لا دلالة لما نفي الباس فيه عن الصلاة، لجواز كون المراد القيام
عليه حال الصلاة (102) .

فتجويز القول بالكراهة-كما في المدارك و الوافي (103) -لا وجه له.

ثم انه ظهر مما ذكرنا ان المناط في تعيين ما لا يصح السجود عليه من الاجزاء
الكائنة في الارض: عدم صدق كونه بعض الارض، بل الشك في صدقه ايضا اذا لم يسبق
بالعلم بالصدق اولا حتى يستصحب، كما في الاجزاء المذكورة، لاحتمال كونها مخلوقة
كذلك ابتداء او متكونة من الارض و غيره من ماء و نحوه.

و اما جعل الضابط، المعدنية-كما في كلام كثير من الاصحاب (104) -فعندي غير حسن، لصدق
المعدن لغة و عرفا على الاعم من ذلك، فيقال: معدن الحجر الفلاني و التراب
الكذائي، كمعدن حجر الرحى و التراب الاحمر و الجص و غيرها، مع انه لم يرد نص
متضمن لذلك اللفظ حتى يجب جعله المناط.

المسالة الثانية:


اعلم انه لا يصدق على شي ء من اجزاء الارض حال انفصاله عنها اسم الارض قطعا، كما
صرح به بعض متاخري المتاخرين (105) ، و لا يطلق عليه اسمها حقيقة، لعدم التبادر، و
صحة السلب عرفا، فيكون مثل اجزاء الفرس حيث انه لا يصدق على شي ء منها حال الانفصال
انه فرس.نعم يصدق عليه اسم بعض الارض و جزئها الارضي.

و كذا لا يصدق على السجود عليه انه سجود على الارض.

و لكن كل ما صح السجود عليه حال الاتصال يصح حال الانفصال ايضا بالاجماع بل
الضرورة، و لخبر الخريطة الآتي (106) ، و رواية صالح بن الحكم و فيها بعد السؤال عن
الصلاة في السفينة و الجواب: فقلت له: آخذ مدرة معي اسجد عليها؟ قال: «نعم » (107) .

فيصح السجود على التراب الموضوع على مثل البساط و السجادة، و الحصى
الملقاة عليه، و على المدرة و اللبنة و نحوها.

و لو حصل تغير في شي ء من ذلك موجب للشك في خروجه عن صدق بعض الارض، و في جواز
السجود عليه، يحكم بالجواز، لاستصحاب البعضية و الجواز.

و كذا لو تغير تغيرا موجبا للخروج عن صدق بعض الارض و شك في جواز السجود
عليه، فيحتمل الحكم بالجواز ايضا، لاستصحابه، حيث انه لم يكن التجويز هنا
لصدق الارض حتى ينتفي بانتفائه.

و لكن الاحوط عدم الجواز، لان الظاهر ان الاجماع على الجواز على الاجزاء
المنفصلة، و تصريح الاخبار به انما هو لاجل صدق الارضية اي جزئيته لها، فهما
قرينتان على ان المراد بالسجود على الارض السجود على بعض منها.

و على ما ذكر تظهر صحة السجود على الخزف و الآجر و مثل السبحة المطبوخة، وفاقا
للمحكي عن الاكثر و ان انكره بعض من تاخر (108) ، بل في عبارة الفاضلين الاشعار
بالاجماع على الجواز (109) .

لاستصحاب الجواز الثابت بالاجماع و الاخبار، بل صدق الارض عليه ايضا، و لو
شككت فيه فاستصحبه ايضا.

و القول بان هذا الاستصحاب معارض مع استصحاب بقاء شغل الذمة، مردود بان الاول
مزيل للثاني، فلا تعارض بينهما، كما بيناه في الاصول.

و اما الرضوي المانع عن السجدة على الآجر-يعني المطبوخ (110) -فليس منعه صريحا في
النهي، مع انه-لضعفه الخالي عن جابر-عن افادة المنع قاصر.

المسالة الثالثة: يجوز السجود على كل ما انبتته الارض-عدا ما يجي ء استثناؤه-


بالاجماع و النصوص، منها-مضافا الى ما مر-صحيحة الفضل و العجلي: «فان كان من
نبات الارض فلا باس بالقيام عليه و السجود عليه » (111) .

و حسنة ياسر: مر بي ابو الحسن عليه السلام و انا اصلي على الطبري و قد القيت عليه
شيئا اسجد عليه، فقال لي: «مالك لا تسجد عليه، اليس هو من نبات الارض؟ » (112) .

و صحيحة ابن ابي العلاء: عن السجود على البورياء و الخصفة و النبات؟

قال: «نعم » (113) .

و صحيحة محمد: «لا باس بالصلاة على البورياء و الخصفة و كل نبات الا التمرة » (114) .

و استثناء التمرة قرينة على ان المراد بالصلاة السجود.

و اما صحيحة علي: عن الرجل يصلي على الرطبة النابتة (115) قال، فقال:

«اذا الصق جبهته بالارض فلا باس » الحديث (116) .

فلا تنافي عموم ما مر، اذ المسؤول عنه هو الصلاة على الرطبة دون السجود،
فيحتمل ان يكون السؤال باعتبار عدم حصول التمكن عليه فلذا اجاب بما اجاب.

و على هذا فيصح السجود على كل خشب و ورق و قصب و علف و ورد و زهر، و على التبن و
التنباك و المروحة و العود و العصا و السواك و البورياء و الحصير، و بالجملة كل
ما انبتته الارض.

و لو شك في شي ء انه هل هو نبات او لا، فلا يصح السجود عليه، للاصل المتقدم.

و لو كان على نبات صبغ، فان كان له جرم لا يسجد عليه لم يجز السجود عليه، و
الا جاز.

و كذا يجوز على النبات لو سحق او جف، و على الفحم، لصدق النبات و الاستصحاب.

و لا يجوز على الرماد، لخروجه عن اسم النباتية جدا، و تبدل صورته النوعية
النباتية.

و لا على الحاصل من النبات مما لم يتعلق به نفس نباتي و لا نمو له، كالصمغ، و
مياه النباتات اذا عصر و انجمد، لانه ليس نباتا.

و قال بعض مشايخنا المحققين بجواز السجود على ماء البقم اذا كتب به، لانه من
نبات الارض (117) .و هو ضعيف جدا.

المسالة الرابعة: يستثنى من النبات ما يؤكل و يلبس


فلا يجوز السجود عليهما اجماعا من غير السيد في بعض رسائله الغير القادح
خلافه في ثياب القطن و الكتان (118) ، و للنصوص المتقدمة جملة منها.

و منها حسنة زرارة: اسجد على الزفت؟ قال: «لا، و لا على الثوب الكرسف، و لا على
الصوف، و لا على شي ء من الحيوان، و لا على طعام، و لا على شي ء من ثمار الارض، و لا
على شي ء من الرياش » (119) .

و المرويان في العلل و الخصال، الاول: «السجود لا يجوز الا على الارض او على ما
انبتت الارض الا ما اكل او لبس » الى ان قال: «لان ابناء الدنيا عبيد ما ياكلون
و يلبسون، و الساجد في سجوده في عبادة الله عز و جل، فلا ينبغي ان يضع جبهته على
معبود ابناء الدنيا» (120) .

و الثاني: «لا يسجد الرجل على كدس حنطة و لا شعير ولا لون مما يؤكل » (121) .

و في الاخير ايضا: «لا يسجد الا على الارض او ما انبتت الارض الا الماكول و
القطن و الكتان » (122) .

و الرضوي: «كل شي ء يكون غذاء الانسان في المطعم و المشرب من الثمر و الكثر (123) ، فلا
تجوز الصلاة عليه، و لا على ثياب القطن و الكتان و الصوف و الشعر و الوبر و على
الجلد، و لا على شي ء يصلح اللبس فقط و هو يخرج من الارض، الا ان يكون في حال ضرورة » (124)
الى غير ذلك.

خلافا للسيد في المسائل الموصلية فجوز السجود على ثياب القطن و الكتان، و هو
ظاهر المعتبر مع كراهة (125) ، كبعض متاخري المتاخرين (126) .

و ظاهر الشرائع و النافع (127) ، و شرح الشرائع للصيمري كما حكي: التردد.

كل ذلك لروايات متعددة، كرواية الصرمي: هل يجوز السجود على القطن و الكتان
من غير تقية و لا ضرورة؟ فقال: «جائز» (128) .

و الصنعاني: عن السجود على القطن و الكتان من غير تقية و لا ضرورة، فكتب الي:
«ذلك جائز» (129) .

و رواية ياسر المتقدمة (130) ، و غير ذلك.

و ترد-بعد تسليم دلالة الجميع و قطع النظر عن عموم بعضها بالنسبة الى حال
الضرورة فيخص لها-: بانها شاذة غير صالحة للحجية، اذ لم يفت بها صريحا الا
السيد في رسالته، مع انه قد افتى بالمنع في الجمل و المصباح و الانتصار (131) ، و
نقل فيه اجماع الطائفة على المنع، كالشيخ في الخلاف (132) ، و الفاضل في المختلف (133) .

و لو سلمت الحجية ايضا فتعارض ما مر من اخبار المنع عموما و خصوصا، و
الترجيح للمنع بمخالفة العامة (134) و موافقة اخبار الجواز لها، كما صرح به في صحيحة
ابن يقطين: «لا باس بالسجود على الثياب في حال التقية » (135) فتكون محمولة على
التقية.

و لا ينافيه طلب السائل في بعضها الجواب من غير تقية (136) ، اذ لا يلزم الامام
الا الجواب بما فيه مصلحة السائل من التقية او غيرها و ان الح عليه في سؤال
الحكم من غير تقية.

ثم المراد بالماكول: ماكول الانسان اجماعا، كما صرح به في الرضوي، و هو
المتبادر منه.

و بما اكل او لبس: ما صدق عليه الماكول و الملبوس في عرف المحاورات، و هو ما
كان ماكولا و ملبوسا عادة، اذ غيره لا يصدق عليه اللفظان عرفا، بل لا يتبادر منها
غيره، و لانه المدلول عليه من التعليل المذكور في العلل، اذ ما لا يعتاد اكله او
لبسه ليس مما يعبد.و كذا يدل عليه لفظ الطعام و الغذاء المتقدمين.

فلا منع في السجود على ما اكل او لبس نادرا او في مقام الاضطرار، كالعقاقير
التي تجعل في الادوية من النباتات التي لم يطرد اكلها، لدخولها فيما انبتت
الارض مع عدم شمول الاستثناء لها.

و في مثل الزنجبيل و الزعفران و الدارجيني و العناب و نحوها وجهان، اقربهما جدا
المنع، لاعتياد اكلها.

و اما مثل عود الصندل و اصل الخطمي و ورقه و ورده و ما ماثلها، فالاقرب الجواز،
لعدم الاعتياد.

و لو اعتيد اكل شي ء او لبسه في قطر دون قطر، ففي اعتبار قطر الشارع لوجوب حمل
اللفظ على متعارفه، او اختصاص كل قطر بمعتاده لصدق اللفظ في احدهما و عدمه في الآخر،
او المنع مطلقا لصدق الماكول عادة و لان الحنطة و الشعير و التمر و الارز و
امثالها يطرد اكلها في قطر دون آخر، مع انعقاد الاجماع فيها على المنع، اوجه.

و الصحيح ان يقال: انه ان كان مما يصدق عليه الماكول و الملبوس عند اهل كل من
القطرين و ان قال احدهما ما نعتاد باكله، لا يجوز السجود عليه كالخبز، فانه و
ان لم يعتد اكله عند اكثر اهل الطبرستان و بادية العرب و لكنهم يقولون انه من
الماكولات و ان لم يعتد اكله، و مثله الجبن و اللحم عند بعض الناس حيث لا
ياكلونهما و يتحاشون عنهما و لكن لا يسلبون عنهما اسم الماكول.

و ان كان مما لا يصدق عليه الماكول و الملبوس عادة عند الطائفتين فيجوز
السجود عليه، كالفحم و الطين و اصول بعض النباتات، حيث قد يعتاد باكله بعض
الناس و مع ذلك يقولون انه ليس بماكول و لكنا اعتدنا اكله.

و ان كان مما يصدق عليه الماكول و الملبوس عادة عند احدى الطائفتين دون الاخرى،
بل الاخرى تسلب عنه الاسم، فان كانت احداهما نادرة غير ملتفت اليهم و الى
عرفهم كاهل بادية بعيدة عن العمران او جزيرة او قرية من اطراف الارض، و كان
المعظم على خلافه، فالاعتبار بالمعظم، اذ قد عرفت ان المراد مما صدق عليه اللفظ
عرفا، و المصداق العرفي ما عليه معظم الانسان.

و ان لم تكن احداهما كذلك بل كان عرف كل منهما مما يعتنى به و يلتفت اليه،
فالحق الجواز، لحصول الشك في الاستثناء، و صدق النبات. و لو شاع اكل شي ء او لبسه
في عصر ثم ترك و هجر في عصر آخر حتى زالت العادة، او لم يعتد اكله او لبسه ثم
شاع و اعتيد، فالحكم للسابق، للاستصحاب.

و تحتمل متابعة التسمية، فلكل زمان حكمه.

و لو كان لشي ء حالتان شاع اكله في احداهما و لم يؤكل في الاخرى او ندر، كقشر اللوز و
ورق الكرم، اختص المنع بحالة الاكل.و نحوه التين، فانه في بدء ظهوره لا يؤكل
فيجوز السجود عليه، و لا يجوز اذا نضج.

و لو كان لشي ء اجزاء ماكولة او ملبوسة و غيرهما كان لكل منهما حكمه، فيصح السجود
على قشر الجوز و الرمان و البطيخ، و نواة التمر و المشمش، و قشر القطن و حبه، و لا
يجوز على لبها، و كذا يجوز السجود على قشر بذر القرع و البطيخ و نحوهما.

و لو كان شي ء مما يؤكل تبعا لآخر و لا يؤكل منفردا، جاز السجود حال الانفراد، كنواة
العنب و الرمان و قشر الحنطة و الشعير و القشر الرقيق على البصل و نحوها.

و لا يشترط في الماكول و الملبوس فعلية الانتفاع بهما، بل يكفي كونهما كذلك و لو
بعد علاج فيه او عمل، للصدق العرفي.فان مثل اللوز المر و الحنطة و الشعير و القطن و
الكتان يصدق عليه الماكول و الملبوس عادة مع توقف الاول على جعله حلوا، و
الثانيين على الطحن و العجن و الطبخ، و الاخيرين على الغزل و النسج و
الخياطة و غيرها.

خلافا للمحكي عن الفاضل في جملة من كتبه، فجوز على الحنطة و الشعير قبل الطحن،
لكونهما غير ماكولين عادة، و لكون القشر في الشعير حائلا بين الماكول و الجبهة (137) .

و المناقشة فيهما-بعد ما عرفت من صدق كونهما ماكولين عادة-واضحة، مع ان الحنطة
تشوى و تؤكل قبل الطحن ايضا شائعا، و كان كذلك قشر الشعير في الصدر الاول، فقد حكي
انه كان يؤكل غير منخول و اول من نخله معاوية (138) ، على ان الطعام المنهي عن السجود
عليه في الحسنة (139) شامل للحنطة و الشعير قبل الطحن لغة و عرفا و شرعا، بل في المروي
عن الخصال-المنجبر ضعفه لو كان بالشهرة العظيمة-تصريح بالمنع عن السجود على
الحنطة و الشعير (140) .

و للمحكي عنه في النهاية، فجوز على القطن و الكتان قبل الغزل و النسج، و توقف بعد
الغزل (141) .و ضعفه ظاهر مما مر.

و اما المروي عن تحف العقول: «كل شي ء يكون غذاء الانسان في مطعمه او مشربه او
ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه و لا السجود، الا ما كان من نبات الارض من غير
ثمر قبل ان يصير مغزولا، و اما اذا صار مغزولا فلا تجوز الصلاة عليه الا في حال
الضرورة » (142) .

فلا يصلح للاستناد، لضعفه الخالي عن الجابر.

المسالة الخامسة: لا يجوز السجود على الوحل


لانه ليس بارض و لا ما انبتته، و لعدم تمكن الجبهة عليه، و يؤيده بعض الاخبار (143) .

فان لم يقدر الا عليه، فان تمكن من غمس الجبهة فيه بحيث يصل الى الارض و يتمكن
عليها بلا مشقة و ضرر وجب.

و الا فان تمكن من الجلوس و وضع الجبهة على الوحل بحيث يصدق السجدة بلا ضرر و
مشقة وجب، لعمومات السجود، و عدم توقف صدقه على تمكن الجبهة.

و الا فيركع ثم يسجد ايماء كما هو قائم، لموثقة الساباطي: عن الرجل يصيبه
المطر و هو لا يقدر ان يسجد فيه من الطين و لا يجد موضعا جافا، قال:

«يفتتح الصلاة فاذا ركع فليركع كما يركع اذا صلى، فاذا رفع راسه من الركوع
فليومئ للسجود ايماء و هو قائم، يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة و يتشهد و هو قائم ثم
يسلم » (144) .

و ظاهر الرواية عدم امكان الجلوس، حيث حكم بالتشهد قائما ايضا، فانه يجب
الجلوس له مع امكانه اجماعا، و لا وجه لسقوطه بعدم امكان السجود.

و لو امكن فهل يجب الجلوس للسجود او يومئ قائما؟

الظاهر جواز الامرين، لعدم دليل على وجوب الجلوس للسجود.

و الاستدلال له بمثل قوله: «لا يسقط الميسور بالمعسور» (145) فاسد كما مر مرارا.

نعم، الظاهر وجوب الجلوس للسجدة الثانية، لوجوب الجلوس بين السجدتين،
فتامل.

المسالة السادسة: يجوز السجود على القرطاس


بلا خلاف فيه في الجملة، الا عن الشهيد في البيان و الذكرى، حيث توقف فيهما (146) .
بل عن ظاهر جماعة (147) ، و صريح المسالك و الروضة (148) : الاجماع عليه.

و تدل عليه صحيحة ابن مهزيار: عن القراطيس و الكواغذ المكتوبة، هل يجوز السجود
عليها ام لا؟ فكتب: «يجوز» (149) .

و الجمال: رايت ابا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على القرطاس، و
اكثر ذلك يومئ ايماء (150) .

و الظاهر ان المراد ان اكثر سجوده كان بالايماء و هو حال السير و عدم
التمكن من السجود، و اذا تمكن كان يسجد على القرطاس.

و اما صحيحة جميل: «كره ان يسجد على قرطاس فيه كتاب » (151) .

ففي دلالتها منفردة نظر، لعدم تعين ارادة المعنى المصطلح من الكراهة، و عدم حجية
مفهوم الوصف.

احتج الشهيد للمنع: باشتماله على النورة المستحيلة، ثم قال: الا ان يقال: الغالب
جوهر القرطاس، او ان جمود النورة يرد اليها اسم الارض (152) .

و في احتجاجه و توجيهه نظر.

اما احتجاجه: فعلى القول بجواز السجود على النورة ظاهر، و على القول بعدمه
يجب تخصيص النورة التي في القرطاس لرواياته.

و اما التوجيهان: فلان اغلبية المسوغ لا تكفي مع امتزاجه بغيره و اختلاط
اجزائهما بحيث لا يتميز، و جمود النورة لا يرد اليها اسم الارض لو لم تسم بها
اولا، و الا فلا وجه للاستشكال.

ثم مقتضى اطلاق الصحيحة الاولى و كلام اكثر الاصحاب بل تصريح جماعة (153) : عدم
الفرق في القرطاس بين المتخذ من القنب (154) و القطن و الكتان و الابريسم.

خلافا للمحكي عن التذكرة (155) ، فاعتبر فيه كونه ماخوذا من غير الابريسم، و
ارجع اليه اطلاق كلام علمائنا، لانه ليس بارض و لا نباتها، و على هذا فيجب
استثناء الماخوذ من الصوف ايضا.

و فيه: ان هذا انما يصح، اذا جوزنا السجود على النورة، و قلنا بصدق النبات على
القرطاس المتخذ من النبات، فانه يكون التعارض حينئذ بين العمومات المانعة عن
السجود على غير الارض و نباتها (156) و بين الصحيحة بالعموم من وجه، فيرجع في
محل التعارض و هو القرطاس المتخذ من غير النبات الى المرجح، و لا شك انه مع
المانع لمخالفته للعامة.

و اما اذا قلنا بعدم جواز السجود على النورة فتكون الصحيحة اخص مطلقا من
العمومات، فتخص بها، و كذا اذا قلنا بعدم صدق النبات او ما انبتته الارض على
القرطاس مطلقا، كما هو كذلك، و صرح به جماعة (157) ، و لا يفيد كون اصله نباتا، الا
ترى انه يقال لزيد انه مما اولدته زينب، و ان كان ميتا، و كذا اجزائه، بخلاف ما
اذا استحيل الى شي ء آخر كالرميم و التراب.

و استدل بعض مشايخنا المحققين لهذا القول-بعد تقويته-بندرة الماخوذ من
الابريسم، و الاطلاق ينصرف الى الغالب (158) .

و يضعف بان المجوز عام لا مطلق، مع ان الندرة الموجبة لانصراف اللفظ عنها ممنوعة
جدا.

و للدروس، فلم يجوز السجود بالقرطاس الماخوذ من القطن و الكتان ايضا (159) .

و وجهه ظاهر، و ضعفه اظهر، لعدم صدق الاسمين حينئذ و لا الملبوس.

ثم ان مقتضى الصحيحة الاخيرة كراهة السجود على القرطاس المكتوب.

و هو كذلك، لها.و به صرح الاصحاب.

الا انهم قالوا باشتراط الصحة حينئذ بوقوع الجبهة على المكان الخالي عن الكتابة،
او كون المكتوب منه مما يصح السجود عليه، و الا فيحرم.

و هو حسن، لانه اذا كان المكتوب منه مما لا يصح السجود عليه لم تصدق السجدة
على القرطاس حتى تشمله اخباره، و يخرج بها عن دليل المنع.

نعم يكون المنع اذا كان له جرم مانع من وصول الجبهة الى القرطاس.و ان كان
مجرد اللون فلا منع.

و الظاهر عموم الكراهة للمبصر و القارئ و غيرهما.

خلافا للحلي، و المحكي عن المبسوط، فخصاها بالمبصر القارئ (160) و هو مبني على
استنباط ان العلة في الكراهة حصول الشغل، و هو مخصوص بالقارئ.

و ضعف: بمنع انه العلة، بل النص، و هو مطلق.مع ان القارئ لا يشغل حين السجدة، لعدم
امكان القراءة حينئذ.

و لو كانت الكتابة في احد وجهي القرطاس، فهل يكره السجود على الوجه الآخر لصدق ان
فيه كتابا؟ .

الظاهر: نعم، لذلك.

المسالة السابعة: يجوز السجود على غير ما مر جواز السجود عليه في حال الضرورة و التقية


لسقوط وجوب السجود على ما يصح السجود عليه بالاضطرار، و عدم سقوط السجود
بالاجماع، و للمستفيضة من الروايات.

كرواية عيينة: ادخل المسجد في اليوم الشديد الحر، فاكره ان اصلي على الحصى
فابسط ثوبي، فاسجد عليه؟ قال: «نعم ليس به باس » (161) .

و ابن الفضيل: الرجل يسجد على كمه من اذى الحر و البرد؟ قال: «لا باس به » (162) .

و ابي بصير: عن الرجل يصلي في حر شديد، فيخاف على جبهته من الارض قال: «يضع ثوبه
تحت جبهته » (163) .

و الاخرى: اكون في السفر فتحضر الصلاة، و اخاف الرمضاء على وجهي، كيف اصنع؟ قال:
«تسجد على بعض ثوبك » قلت: ليس علي ثوب يمكنني ان اسجد على طرفه و لا ذيله، قال: «اسجد
على ظهر كفك، فانها احد المساجد» (164) .

و الثالثة: عن الرجل يسجد على المسح، فقال: «اذا كان في تقية فلا باس به » (165) .

و علي بن يقطين: عن الرجل يسجد على المسح و البساط، فقال: «لا باس اذا كان في
حال التقية » (166) .

و احمد بن عمر: عن الرجل يسجد على كم قميصه من اذى الحر و البرد، او على ردائه
اذا كان تحته مسح، او غيره مما لا يسجد عليه، فقال: «لا باس به » (167) .

و منصور: انا نكون بارض باردة يكون فيها الثلج، افنسجد عليه؟ فقال:

«لا، و لكن اجعل بينك و بينه شيئا قطنا او كتانا» (168) .

و المروي في العلل: الرجل يكون في السفر، فيقطع عليه الطريق، فيبقى عريانا في
سراويل، و لا يجد ما يسجد عليه، يخاف ان يسجد على الرمضاء احرقت وجهه قال: «يسجد
على ظهر كفه فانها احد المساجد» (169) .

و الرضوي: «و ان كانت الارض حارة تخاف على جبهتك ان تحترق، او كانت ليلة مظلمة
خفت عقربا او حية او شوكة او شيئا يؤذيك، فلا باس ان تسجد على كمك اذا كان من
قطن او كتان » (170) .

ثم ان مقتضى رواية العلل تقديم القطن و الكتان عند الضرورة على غيرهما و لو ظهر
الكف.و لا تزاحمها الروايات المتضمنة اولا للثوب الشامل لما كان من غيرهما،
لظهور عدم مدخلية الثوبية، و لا ثوب المصلي في ذلك قطعا، بل المنظور جنسه، فيكون اعم
مطلقا من القطن و الكتان، فيخصص بهما، و يؤكده بل يدل عليه الرضوي المنجبر بفتوى
الجماعة هنا.

و مقتضى رواية ابي بصير[الاخرى] (171) تقديم ظهر الكف على سائر الاجناس بعد القطن و
الكتان.

و حمل الامر فيها على الارشاد تجوز بلا قرينة.و التخصيص بما اذا لم يمكن
غيرهما تخصيص بلا مخصص.

فالقول بالترتيب بين الثوب اي القطن و الكتان، و بين الكف و غيرهما بتقديم
الاول ثم الثاني، كما ذكره جماعة من الاصحاب من غير نقل خلاف، بل بين الثاني و
الثالث-فيقدم الكف على غيرها و غير القطن و الكتان-قوي جدا.

و لا تنافيه الروايات المتقدمة المتضمنة لتجويز السجود على المسح و البساط
من غير تقييد، عند التقية (172) ، لجواز كون التقية في ترك السجود عليهما و وضع شي ء
عليهما بل هو الظاهر، فيكون مفهوم تلك الروايات دليلا آخر على الترتيب،
يث يثبت الباس اذا لم تكن تقية في ذلك، بالاطلاق، فيشمل ما امكن السجود على
الثوب او الكف.

المسالة الثامنة: ما مر من صحة السجود ببعض الاشياء دون بعض انما هو بالنسبة الى مسجد الجبهة خاصة


و اما غيرها فيجوز وضعها على اي شي ء كان، بالاجماع المحقق و المحكي في كلام
جماعة، له، و للاصل الخالي عن المعارض حتى ما مر، لان معنى السجود انما هو وضع
الجبهة.

و لبعض الاخبار، كصحيحة حمران: «كان ابي يصلي على الخمرة، يجعلها على الطنفسة، و
يسجد عليها، فاذا لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد» (173) .

و المستفاد منها وضع سائر مساجده عليه السلام على الطنفسة.

و رواية ابي حمزة: «لا باس ان تسجد و بين كفيك و بين الارض ثوبك » (174) .

و في الرضوي المنجبر: «و لا باس بالقيام و وضع الكفين و الركبتين و
الابهامين على غير الارض » (175) .

المسالة التاسعة: السجود على الارض افضل من غيرها مما يصح السجود عليه


بلا خلاف كما قيل (176) ، له، و لكونه ابلغ في التذلل، و لجملة من الاخبار، كرواية
اسحاق: عن السجود على الحصر و البواري؟ فقال: «لا باس، و ان يسجد على الارض
احب الي » (177) الحديث.

و صحيحة هشام: «السجود على الارض افضل، لانه ابلغ في التواضع و الخضوع لله عز
و جل » (178) .

و يستفاد من التعليل افضلية السجود على التراب من غيره من الاجزاء الارضية،
بل وضع سائر المساجد السبعة على الارض، بل على التراب.

و تدل على استحباب وضع اليدين على الارض صحيحة زرارة الطويلة، و فيها في حكم
اليدين عند السجود: «و ان كان تحتهما ثوب فلا يضرك، و ان افضيت بهما الى
الارض فهو افضل » (179) .

و رواية السكوني: «اذا سجد احدكم فليباشر بكفيه الارض لعل الله يدفع عنه الغل
يوم القيامة » (180) .

و ظاهرها و ان كان الوجوب و لكن يحمل على الاستحباب بقرينة ما مر.

و اما روايته الاخرى: «ضعوا اليدين حيث تضعون الوجه فانهما تسجدان كما
يسجد الوجه » (181) .

فيحتمل ان يكون المراد منه حيث يوضع الوجه من جهة الارتفاع و الانخفاض.

و افضل افراد الارض للسجود التربة الحسينية، لمرسلة الصدوق: «السجود على طين
قبر الحسين عليه السلام ينور الى الارض السابعة » (182) .

و المروي في الاحتجاج: عن السجود على لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟ فاجاب
عليه السلام: «يجوز ذلك و فيه الفضل » (183) .

و في مصباح الشيخ: كان لابي عبد الله عليه السلام خريطة ديباج صفراء و فيها
تربة ابي عبد الله، فكان اذا حضرته الصلاة صبه على سجادته و سجد عليه، ثم قال:
«ان السجود على تربة ابي عبد الله عليه السلام يخرق الحجب » (184) .

و في كتاب الحسن بن محمد الديلمي: كان الصادق عليه السلام لا يسجد الا على تربة
الحسين تذللا لله و استكانة اليه (185) .

و هل تتعدى الفضيلة الى تربة سائر الائمة و الانبياء؟

احتمله في شرح النفلية (186) ، و الاصل ينفيه.

ثم المراد من طين القبر و التربة و ان كان ما يسمى بذلك عرفا و هو ما على
القبر او قريب منه جدا، و لكن في مرسلة السراج، و المروي في كامل الزيارة، و
المصباحين، و مصباح الزائر، عن ابي عبد الله عليه السلام: قال: «يؤخذ طين قبر
الحسين من عند القبر على سبعين ذراعا» (187) .

و في الاخير: و روي في حديث آخر: «مقدار اربعة اميال » و روي «فرسخ في فرسخ » (188) .

و في كامل الزيارة عنه عليه السلام: «يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند
القبر على سبعين باعا في سبعين باعا» (189) .

و مقتضى هذه الاخبار ترتب الفضيلة على ما اخذ من سبعين ذراعا او باعا، بل
فرسخ، بل اربعة اميال.و هو كذلك، لذلك.

و لا يضر ضعف بعض الاخبار ان كان، لكون المقام مقام المسامحة.

و اما رواية الحجال: «التربة من قبر الحسين بن علي عليهما السلام عشرة
اميال » (190) .

فلاختلاف النسخ فيها حيث ان في كثير منها «البركة » مقام «التربة » لا يتم
الاستدلال بها.

المسالة العاشرة: يجب ان يكون موضع سجود الجبهة خاليا عن النجاسة اجماعا


كما مر في بحث المكان مفصلا.

و لا باس بالموضع المشتبه بالنجس محصورا كان او غير محصور.نعم لا يسجد على
الجميع، بان يسجد في كل سجدة من الصلاة بموضع او في كل صلاة بموضع، فتفسد الصلاة
في الاول و واحدة منها في الثاني.و لو صلى كل واحد من اشخاص عديدة على موضع صحت صلاة
الجميع.

و لو جهل نجاسة موضع السجود و علم به بعد الصلاة، ففي وجوب الاعادة مطلقا، و عدمه
كذلك، و الاول في الوقت و الثاني في خارجه، اقوال:

الاول ظاهر الجمل و العقود، قال: ما يوجب الاعادة في احد و عشرين موضعا-الى ان
قال-: او من سجد على شي ء نجس بعد علمه بذلك (191) .و انما قيدنا بالظاهر لاحتمال ان
يكون المعنى مع علمه بذلك.

و الثاني ظاهر المعتبر و الارشاد (192) ، و حكي عن المبسوط و مهذب القاضي و
التذكرة و نهاية الاحكام و التبصرة و البيان و الذكرى (193) .

و في نسبته الى الاخير نظر، لانه صرح فيه بان السجود على النجس كالصلاة في
الثوب النجس، و قد نقل في حكم الثوب قولين من غير ترجيح، ثم قال بامكان القول بعدم
الاعادة مع الاجتهاد قبل الصلاة و الاعادة بدونه ان لم يكن احداث قول ثالث.

و الثالث للمحقق الثاني في حاشية الشرائع و حاشية الارشاد، و المسالك بل روض
الجنان (194) ، و غيرهما (195) .

و العجب من بعض المعاصرين انه قال بعدم العثور في المسالة على من حكمها
بخصوصها بحكم (196) .

و سياتي تحقيقها في بحث الخلل.

المسالة الحادية عشرة: لو الصق ترابا بجبهته


او وضع شيئا مما يسجد عليه تحت كور عمامته، او كانت قلنسوته من الثياب
المجوز عليه السجود، او الى جبهته بطين فجف اذا كان له جرم و لو قليلا:

فصريح الذكرى: صحة السجود (197) .

و عن الشيخ: المنع من السجود على ما هو حائل له ككور العمامة و طرف الرداء (198) .

فان اراد المنع عن المحمول من حيث هو محمول-كما هو مقتضى التمثيل بطرف
الرداء-حتى يشمل مثل قطعة من المدر ياخذها الانسان بيده و يضعها عند السجود و
يسجد عليهما، فلا دليل على المنع.

و ان اراد ما كان محمولا و موضوعا على الجبهة-كالامثلة التي ذكرناها- فللمنع
وجه قوي، لعدم صدق الوضع على الارض او السجود عليها معه ان كان ملصقا به قبل
السجود ايضا.

المسالة الثانية عشرة: لو فقد ما يصح السجود عليه في اثناء الصلاة


فان امكن تحصيله من غير قطع الصلاة او فعل كثير وجب، و الا فان لم يمكن مع قطع
الصلاة ايضا، يسجد على ما امكن، و ان امكن فظاهر والدي-رحمه الله-في المعتمد:
السجود على ما لا يقطع معه الصلاة و ان كان من غير ما يصح السجود عليه.

و لعله لتحريم قطع الصلاة فهو ضرورة شرعية.

و يعارض بجواز القطع مع الضرورة ايضا و وجوب السجود على ما يصح السجود عليه
فهو ايضا ضرورة شرعية.

مع ان حرمة القطع مطلقا-حتى في مثل ذلك الحال-لا دليل عليها، و دليلها لا يتعدى
الى مثل هذا الموضع ايضا، و لو سلم فيعارض ادلة عدم جواز السجود الا على الارض،
و الترجيح لها، لمخالفتها العامة.

بل هنا كلام آخر، و هو: انا نقول بانقطاع الصلاة و فسادها بترك السجود، او
بالسجود على غير ما يصح عليه مع امكان تحصيله، فهي منقطعة لا انه يقطعها.

فالظاهر وجوب تحصيل ما يصح السجود عليه و لو بالخروج عن الصلاة.

و استصحاب صحة الصلاة معارضة باستصحاب وجوب السجدة على ما يصح عليه.

المسالة الثالثة عشرة:


لو لم يمكن تحصيل ما يصح السجود عليه في اول الوقت او في مكان معين كمسجد و
امكن في غيره، فهل يجب التاخير او يجوز السجود على ما امكن؟

الظاهر: الاول، لادلة وجوب السجود على ما يصح السجود عليه الموقوف على
التاخير، و وجوب مقدمة الواجب.

و اما الاخبار المتقدمة، المجوزة للسجود على الكم و بعض الثوب و نحوهما مع
العذر الشامل لما اختص بزمان او مكان دون غيرهما..

فتعارض اخبار عدم جواز السجود الا على الارض او ما ينبت منها (199) -بعد
تخصيصها بغير صورة عدم امكانهما مطلقا بالاجماع و غيره-بالعموم من وجه،
فيرجع الى المرجحات، و هي مع اخبار عدم الجواز، لمخالفتها العامة.

المسالة الرابعة عشرة: لو سجد على ما لا يصح السجود عليه سهوا و لم يتفطن حتى رفع راسه، يمضي


و لا يعود الى السجدة و لا يعيد الصلاة، للاصل، و انتفاء العود باستلزامه الزيادة
المبطلة، و الاعادة بتصريح الصحيح بانه: «لا تعاد الصلاة الا من خمسة » (200) فلم يبق
الا المضي.

و لا يرد انه ايضا ينتفي بوجوب السجود على ما يصح، لان الوجوب انما هو مع
الاختيار، و لا وجوب مع الغفلة، فلا تشمله ادلة وجوبه.

و بعبارة اخرى: دليل وجوبه اما الاجماع المنتفي في المقام او نحو قوله: «لا
يجوز السجود الا على الارض » و لا شك ان نفي الجواز انما هو مع التذكر.و اما
التوقيع فقد عرفت اجماله (201) .

الثالث من واجبات السجود: الانحناء بقدر لم يكن موضع جبهته ارفع من موقفه بقدر معتد به


بالاجماع المحقق، و المحكي في المعتبر و التحرير (202) .

بل بالازيد عن اللبنة المقدرة عند الاصحاب باربع اصابع مضمومة تقريبا، كما يؤيده
الآجر الموجود الآن في ابنية بني العباس بسر من راى، و ظاهر المنتهى الاجماع على
هذا التحديد (203) .

لا لما قيل من ان الانحناء باقل من هذا القدر غير معلوم كونه سجودا مامورا به
شرعا (204) ، لوضوح عدم اختلاف صدقه بزيادة اصبع و نحوها كما هو المطلوب.

بل لمرسلة الكافي: «اذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا باس » (205) .

و حسنة ابن سنان: عن السجود على الارض المرتفعة، فقال: «اذا كان موضع جبهتك
مرتفعا عن موضع بدنك بقدر لبنة فلا باس » (206) .

دلتا بمفهوم الشرط على ثبوت الباس-الذي هو العذاب و الشدة-مع الزيادة.

و القول بعدم دلالة الباس على الحرمة ضعيف.

و ربما يوجد في بعض نسخ الحسنة «يديك » بالياءين المثناتين من تحت، بدل «بدنك »
بالباء و النون في بعض النسخ، و على هذا فلا يتم الاستدلال بها.

و صحيحته: عن موضع جبهة الساجد، ايكون ارفع من مقامه؟ فقال:

«لا، و لكن يكون مستويا» (207) .

و ظاهر ان السؤال فيها عن الجواز قطعا فالنفي له، دلت على عدم جواز الرفع
مطلقا، خرج قدر اللبنة و ما دونه بما مر فيبقى الباقي.

و لا ينافي التخصيص جزاه الاخير، لانه كلام براسه مثبت لحكم آخر، و هو رجحان
الاستواء، و لا ريب فيه، و لا دلالة له على الوجوب ايضا.

نعم في بعض النسخ: «و ليكن مستويا» و عليه يكون امرا مفيدا للوجوب.

و لكن يشكل اثباته به بعد اختلاف النسخ، مع انه يتعين حمله على الندب لو كان
صريحا في الوجوب ايضا، بقرينة ما مر، و شهادة صحيحة ابي بصير: عن الرجل يرفع موضع
جبهته في المسجد قال: «اني احب ان اضع وجهي في موضع قدمي، و كرهه » (208) .

فالقول بوجوب المساواة-كما عن بعض (209) -ضعيف.

و ظاهر كلام المتقدمين عدم لحوق الانخفاض بالارتفاع، فيجوز باي قدر كان، و عن
التذكرة الاجماع عليه (210) .

و هو الحق، للاصل، و صدق السجود معه، و رواية محمد بن عبد الله:

عمن صلى وحده فيكون موضع سجوده اسفل من مقامه، فقال: «اذا كان وحده فلا باس » (211) .

و بها يخص المفهوم المتقدم، حيث ان مقتضاه ثبوت الباس مع عدم ارتفاع
الجبهة الشامل لمطلق الانخفاض ايضا.

و عن الشهيدين و بعض آخر: الالحاق (212) ، و اختاره والدي العلامة-رحمه الله-في
المعتمد.

لموثقة عمار: في المريض يقوم على فراشه و يسجد على الارض، فقال: «اذا كان
الفراش غليظا قدر آجرة او اقل استقام له ان يقوم عليه و يسجد على الارض، و ان
كان اكثر من ذلك فلا» (213) .

و يضعف بانها تدل على نفي الاستقامة، و هو لا يدل على التحريم من وجه، بل غايته
الكراهة و هي مسلمة.

و العجب من صاحب الحدائق حيث انه بعد ما نقل انتفاء دلالة الموثقة على التحريم
عن بعضهم طعن عليه بانه مبني على اصله الضعيف من عدم دلالة الامر و النهي على
الوجوب و التحريم (214) .

و لا ادري اي امر او نهي في الموثقة، على انها واردة في الفراش فيمكن ان يكون ذلك
لاجل ان مع غلظته لا يحصل الاستقرار المطلوب.

و ظاهر الاخبار و الفتاوي و مقتضى الاصل اختصاص الحكم بالموقف و مسجد
الجبهة، فلا ضير في ارتفاعهما او انخفاضهما عن باقي المساقط بالازيد عن المقدر.

قال والدي-رحمه الله-: الا ان يثبت الاجماع على العموم، و الظاهر عدم ثبوته
كما يفهم عن المنتهى و الذكرى (215) ، و ان كان الاحوط اعتباره.انتهى.

و هو كذلك.

فروع:


ا: صرح جماعة بانه لا فرق في الارتفاع الممنوع بين ما كان بالانحدار و غيره (216) .

و هو كذلك، لاطلاق النص.

ب: لو وقعت الجبهة على موضع مرتفع عن القدر الذي يجوز السجود عليه، او على ما لا
يصح السجود عليه مع كونه مساويا للموقف او مخالفا بالقدر المجزئ، فمقتضى
القاعدة فيهما وجوب جر الجبهة على الارض حتى يوضع على الموضع المامور به، و
عدم جواز الرفع الا اذا كان الارتفاع كثيرا لا يصدق معه السجود لغة او يشك صدق
السجود معه، اذ بالرفع يزيد في سجود الصلاة.

و كون السجود باطلا لا ينفع في تجويز الرفع، اذ السجود واجب، و الوضع على
الموضع الغير المرتفع او ما يصح السجود عليه واجب آخر، فعدم تحقق احدهما لا
يجوز زيادة الآخر.

و لا تتحقق زيادة السجود بالجر، لان السجود هو الوضع المسبوق بالرفع، فلا
تلزم من الوضع على موضع بجره من موضع آخر زيادة سجود و ان تحقق تجدد وضع.

و الفرق بين الوضع على المرتفع او ما لا يصح السجود عليه بتجويز الرفع في
الاول و عدمه في الثاني، لعدم استلزام الاول للزيادة و استلزام الثاني لها..

باطل، الا اذا قلنا بانتفاء صدق السجود على الوضع على المرتفع مطلقا، و هو تحكم.

الا ان هاهنا اخبارا دالة على جواز الرفع في الموضعين.

فما يدل في الاول رواية ابن حماد: اسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع، فقال:
«ارفع راسك ثم ضعه » (217) .

و ما يدل في الثاني التوقيع المروي في الاحتجاج و الغيبة: عن المصلي يكون في
صلاة الليل في ظلمة، فاذا سجد يغلط بالسجادة و يقع جبهته على مسح او نطع، فاذا
رفع راسه وجد السجادة، هل يعتد بهذه السجدة ام لا يعتد بها؟ فوقع عليه السلام:
«ما لم يستو جالسا فلا شي ء عليه في رفع راسه لطلب الخمرة » (218) .

و رواية ابن حماد: عن الرجل يسجد على الحصى، قال: «يرفع راسه حتى يستمكن » (219) .

و لكن الاول: معارض برواية اخرى لابن حماد: اضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر
او على شي ء مرتفع، احول وجهي الى مكان مستو؟ قال:

«نعم جر وجهك عن الارض من غير ان ترفعه » (220) .

و صحيحة ابن عمار: «اذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها، و لكن جرها على الارض » (221) .

و الثاني: اما توقيعه فمقدوح بانه انما يبين حكم ما اذا رفع الراس، كما هو
المسؤول عنه، فلا دخل له بالمتنازع فيه، مع انه ان كان منه ايضا لا يفيد، لتحقق
الاجمال فيه بالتقييد بقوله: «ما لم يستو» حيث انه يعارض منطوقه بضميمة
الاجماع المركب مفهومه مع هذه الضميمة.

و اما روايته فبمعارضتها مع صحيحة علي: عن الرجل يسجد على الحصى و لا يمكن
جبهته من الارض قال: «يحرك جبهته حتى تمكن فتنحى الحصى عن جبهته و لا يرفع
راسه » (222) .

و قد يجاب عن معارض الاول بانه يشمل جميع افراد الارتفاع، و الاول مخصوص بما لا
يجوز وضع الجبهة عليه، للاجماع على عدم جواز الرفع اذا كان الارتفاع اقل منه،
فهو اخص مطلقا من معارضه فيجب التخصيص به.

و يضعف بان المعارض ايضا مخصوص بذلك، لعدم وجوب الجر مع الوضع على ما ارتفع
بقدر يجوز السجود عليه، فيحصل التكافؤ.

مع ان المعارض مخصوص ايضا بصورة امكان الجر بدون انفصال الجبهة، و الاول اعم
منه، بل الغالب في المكان المرتفع انه تنفصل الجبهة بالجر الى الموضع المساوي
عن الارض، فيتعارضان اما بالعموم من وجه فيرجع الى القاعدة، او المطلق،
فيقدم الخاص و هو ايضا مطابق للقاعدة.

و عن معارض الثاني بانه غير صريح في النهي عن الرفع بل غايته رجحان عدمه، و هو لا
ينافي جواز الرفع.

الا ان دليل الرفع مخصوص بصورة عدم تمكن الجبهة لا الوضع على ما لا يسجد عليه
كما هو المطلوب، و عدم الفصل غير معلوم.

فالقول بوجوب الجر مع الامكان في الصورتين-كما هو مختار المدارك و الذخيرة (223)
-اقوى مما عليه الاكثر من التفصيل بين الموضعين بتجويز الرفع في الاول و
ايجاب الجر في الثاني (224) ، مع انه اقرب الى الاحتياط ايضا.

ج: لو وضع جبهته على ما لا يسجد عليه سهوا و لم يتفطن حتى رفع راسه فيجي ء حكمه
في باب خلل الصلاة (225) .

الرابع: الذكر فيه مطلقا


او التسبيح منه خاصة، على الخلاف المتقدم في الركوع، فان السجود كالركوع في
ذلك، لاتحاد الدليل، الا انه يبدل لفظ العظيم بالاعلى استحبابا، للمستفيضة من
النصوص (226) .

الخامس: الاعتماد على المواضع السبعة بالقاء الثقل عليها


على ما صرح به جماعة (227) .

فلو اكتفى بمجرد الالصاق لم يجز، لانه الماخوذ في معنى الوضع الماخوذ في
معنى السجدة.

فان ثبت ذلك او الاجماع فهو، و الا فللنظر فيه مجال، سيما بملاحظة الاخبار
المتضمنة لمس الجبهة الارض او الصاقها او اصابتها اياها (228) .

و اما صحيحة علي: «تجزئك واحدة اذا امكنت جبهتك من الارض » (229) و رواية ابن حماد
و صحيحة علي المتقدمتان (230) و ان صلحت للتاييد و لكن في دلالتها نظر من وجوه، منها
عدم صراحة الامكان و الاستمكان في المطلوب.

و الاحوط مراعاته جدا، فلو سجد على مثل الصوف او القطن او الفراش الغليظ
يعتمد عليه حتى تثبت الاعضاء.

السادس: الطمانينة


للاجماع المحقق، و المحكي مستفيضا (231) ، و المرسل و الحسنة المتقدمتين في الركوع (232) .

و الظاهر ان المراد منها السكون و الاستقرار (لا مجرد استقراره على هيئة الساجد،
فلو سجد محركا جبهته جارا اياها على الارض لم يطمئن) (233) .

و من هذا يظهر عدم تمامية الاستدلال على وجوب الطمانينة بوجوب كون الذكر في
السجود، و كذا يظهر عدم وجوب كونها بقدر الواجب من الذكر و ان كان الاحوط
مراعاته، بل الظاهر اتحاده مع المسمى على ما اخترناه من كفاية مطلق الذكر.

و لو تعذرت الطمانينة سقطت، و يسقط معه الذكر ايضا لو لم يتمكن من اداء الواجب
منه في السجدة.

السابع: ان يراعي هيئة السجود


فلو اكب على وجهه و مد يديه و رجليه و وضع جبهته على الارض لم يجز، لان هذه الهيئة
لا تسمى سجودا، بل يقال نوم على وجهه.

و عن الفاضل: وجوب تجافي البطن، معللا بان بدونه لا يسمى سجودا (234) .

و فيه منع ظاهر، كما صرح به بعض آخر ايضا (235) .

فلو الصق بطنه الارض مع كونه على هيئة الساجد و وضع باقي المساجد على كيفيتها
الواجبة، فالظاهر الصحة.

الثامن:


رفع الراس من السجود حتى يجلس.

التاسع: الطمانينة في الجلوس بمسماها


اجماعا محققا، و محكيا في الموضعين (236) .

و لمرسلة الذكرى (237) .

و احدى روايتي ابي بصير المتقدمتين في الركوع (238) .

و صحيحة ابن اذينة الطويلة الواردة في بدو الاذان، و فيها-بعد امر الله سبحانه
للنبي بالسجود للصلاة-: «ثم اوحى الله تعالى اليه: استو جالسا يا محمد» (239) .

و ظاهر ان الاستواء في الجلوس لا يتحقق الا مع الطمانينة.

/ 18