التوسّل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء
تأليف الشيخ جعفر السبحانيتمهيد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف أنبيائه وأفضل سفرائه محمد وآله الطاهرين وعلى عباد الله الصالحين.أمّا بعد: فقد خلق الله سبحانه العالم التكويني على أساس الاَسباب والمسبّبات، فلكل ظاهرة في الكون سبب عادي يؤثّر فيها بإذنه سبحانه، وليس للعلم والعالم التجريبي شأن سوى الكشف عن تلك الروابطالموجودة بين الظواهر الكونية، وكلّما تقدّم العلم في ميادين الكشف، تتجلّى تلك الروابط بأعمق صورة لدينا والكلُّ يدلّ على أنّه سبحانه خلق النظام الكوني على أساس وسائل وأسباب تتبنّى مسبّباتها بتنظيم منه سبحانه إذ ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً )(1) والماء سبباً للحياة فالكل مؤثرات فيما سواه حسب مشيئته وإذنه، قال سبحانه: ( وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ )(2)والباء في الآية بمعنى السببية والضمير يرجع إلى الماء، وقال أيضاً: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ
(1) يونس: 5.(2) البقرة: 22.