نعم لو تكلمنا على مقتضى حديث الرفع، وأن التكاليف محدودة به في
الاضطرار العرفي، يكون لهذا الكلام مجال، لكن مع الاضطرار إلى غير
المعين لا مصادقة بين حديث الرفع وأدلة التكاليف، لعدم عروض الاضطرار
إلى متعلق التكليف كما أشرنا إليه، ومع الاضطرار إلى المعين يكون العلم
الإجمالي - المردد بين أن يكون التكليف المحدود في هذا الطرف أو المطلق في
الطرف الآخر - منجزا على الفرض المتقدم.
وأما ثالثا
فلأن الافتراق بين فقد المكلف به وعروض الاضطرار فيما نحنفيه مما لا يرجع إلى محصل، لأن تأثير التكاليف الواقعية إنما يكون مع وجود
الموضوع، ومع فقده لا تكون إلا كبريات كلية مما لا تأثير فيها، ضرورة عدم
صحة الاحتجاج بالكبرى على الصغرى، ولهذا لو فقد بعض الأطراف، ثم
علم إجمالا بأن المفقود أو الموجود خمر، لم يكن للعلم تأثير، كالاضطرار إلى
المعين قبل العلم، كما أنه لو فقد بعض الأطراف بعده كان العلم حجة على
الطرف الموجود، لأجل احتمال انطباق التكليف عليه، كما أنه قبل فقده
يكون نفس هذا الاحتمال حجة عليه، وهذا بعينه يجئ في الاضطرار إلى
الطرف المعين كما لا يخفى.
في اشتراط الابتلاء بتمام الأطراف لتنجيز العلم الإجمالي
قوله: الثاني: لما كان النهي... إلخ (1).قد استقرت آراء المحققين من المتأخرين (2) على أن من شرائط تنجيز العلم(1) الكفاية 2: 218.(2) انظر فرائد الأصول: 251 سطر 3 - 10، الكفاية 2: 218 - 223، درر الفوائد 2: 120،
فوائد الأصول 4: 54، نهاية الأفكار - القسم الثاني من الجزء الثالث: 338 - 340.