لفظة (ما) في قوله: (ما استطعتم) مصدرية زمانية، أي إذا أمرتكم بشئ فأتوا
منه زمان استطاعتكم، وليست موصولة حتى يكون النبي - صلى الله عليه
وآله - بصدد تحميل كل مصداق مستطاع، فإنه خلاف مساق الحديث،
فحينئذ لا معنى لإرادة المركب، فإن المركب إذا وجب علينا لابد لنا من إتيان
تمام أجزائه لا بعض أجزائه.
الكلام في مفاد العلوي الأول
وأما العلوي الأول ففيه احتمالات:أحدها: أن الميسور لا يسقط عن عهده المكلف.والثاني: أن حكمه لا يسقط عن عهدته.والثالث: أن حكمه لا يسقط عن موضوعه.والرابع: أن الميسور لا يسقط عن موضوعيته للحكم.أظهرها الأول، لأنه يعتبر في تحقق مفهوم السقوط أمران:
أحدهما: كون ما يتعلق به السقوط ثابتا بنحو من الأنحاء.وثانيهما: كون ما ثبت في محل مرتفع بنحو من الارتفاع يمكن أن يسقط
منه وأن لا يسقط.والطبائع لما كانت ثابتة على عهدة المكلف ورقبته بواسطة الأوامر، فكأن
عهدته ورقبته محل مرتفع يكون المكلف به محمولا عليه بواسطة الأمر، فإذا
ثبت المكلف به على عهدته ثبتت أجزاؤه بعين ثبوته، وإذا تعذر جزء منه
وسقط لتعذره لا تثبت بقية الأجزاء لولا قيام الدليل عليه.