و قلت له مثل ذلك فقال لا أدري ما قالا ( حدثني ) محارب بن دثار عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الانصاري رضى الله تعالى عنهم ان النبي صلى الله عليه و سلم اشترى منه ناقة في بعض الغزوات و شرط له ظهرها إلى المدينة و الصحيح ما استدل به أبو حنيفة فانه حديث مشهور و مطلق النهي يوجب فساد المنهي عنه فأما حديث هشام بن عروة فقد ( قال ) أبو يوسف أوهم هشام بن عروة ما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اشترطى لهم الولاء لان هذا أمر بالغرور و لا يظن برسول الله صلي الله عليه و سلم ذلك و لو صح فتأويله اشترطى الولاء عليهم و اللام تذكر بمعنى على قال الله تعالى ( أولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار ) أو معناه أعلميهم معنى الولاء فالاشتراط في اللغة الاعلام و منه أشراط الساعة قال القائل فاشرط فيها نفسه و هو معصم و القى بأسباب له و توكلا أى جعل نفسه علما لذلك الامر و تأويل ( حديث ) جابر رضي الله تعالى عنه ان ذلك لم يكن شرطا في البيع على أن ما جرى بينهما لم يكن بيعا حقيقة و انما كان ذلك من حسن العشرة و الصحبة في السفر و الدليل عليه قصة الحديث فان جابرا رضى الله تعالي عنه ( قال ) كانت لي ناقة ثغال فقامت علي في بعض الطريق فأدركني رسول الله صلى الله عليه و سلم ( فقال ) ما بالك يا جابر فقلت جرى أن لا يكون لي الا ناقة ثغال فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن راحلته فدعا بماء و رشه في وجه ناقتى ثم قال اركبها فركبتها فجعلت تسبق كل راحلة ( الحديث ) الا أن قال أ تبيعنى ناقتك بأربعمائة درهم فقلت هي لك يا رسول الله و لكن من لي بالحمل إلى المدينة ( فقال ) صلى الله عليه و سلم لك ظهرها إلى المدينة فاشتراها رسول الله صلى الله عليه و سلم بأربعمائة درهم فلما قدمت المدينة جئت بالناقة إلى باب المسجد و دخلت المسجد ( فقال ) رسول الله صلى الله عليه و سلم أين الناقة قلت بالباب ( فقال ) صلواة الله عليه جئت لطلب الثمن فسكت فأمر بلالا رضى الله تعالى عنه فأعطاني أربع مائة درهم ( فقال ) صلي الله عليه و سلم خذها مع الناقة فيما لك بارك الله لك فيهما و بهذا يتبين انه لم يكن بينهما بيع ثم الشرط في البيع على أوجه اما أن يشترط شرطا يقتضه العقد كشرط الملك للمشتري في المبيع أو شرط تسليم الثمن أو تسليم المبيع فالبيع جائز لان هذا بمطلق العقد يثبت فالشرط لا يزيده الا و كادة و ان كان شرطا لا يقتضيه العقد و ليس فيه عرف ظاهر فذلك جائز أيضا كما لو اشترى نعلا و شرا كابشرط أن يحذوه البائع لان الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي و لان في النزوع عن العادة الظاهرة جرحا بينا و ان كان شرطا لا يقتضيه العقد و ليس فيه عرف ظاهر .
قال ( فان كان فيه منفعة لاحد المتعاقدين فالبيع فاسد ) لان الشرط باطل في نفسه و المنتفع به راض بدونه فتتمكن المطالبة بينهما بهذا الشرط فلهذا فسد به البيع و كذلك ان كان فيه منفعة للمعقود عليه و ذلك نحو ما بينا انه إذا اشترى عبدا علي أنه لا يبيعه فان العقد يعجبه أن لا تتناوله الايدي و تمام العقد بالمعقود عليه حتى لو زعم أنه حر كان البيع باطل فاشتراط منفعته كإشتراط منفعة أحد المتعاقدين .
قال ( و ان لم يكن فيه منفعة لاحد فالشرط باطل و البيع صحيح ) نحو ما إذا اشترى دابة أو ثوبا بشرط أن لا يبيع لانه لا مطالب بهذا الشرط فانه لا منفعة فيه لاحد و كان لغوا و البيع صحيح الا في رواية عن أبى يوسف ( قال ) يبطل به البيع نص عليه في في آخر المزارعة لان في هذا الشرط ضررا على المشتري من حيث أنه يتعذر عليه التصرف في ملكه و الشرط الذي فيه ضرر كالشرط الذي فيه منفعة لاحد المتعاقدين و لكنا نقول لا معتبر بعين الشرط بل بالمطالبة به و المطالبة تتوجه بالمنفعة في الشرط دون الضرر .
قال ( و إذا اشترى عبدا على انه يعتقه فالبيع فاسد ) و روى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله أن البيع جائز بهذا الشرط و هو قول الشافعي لحديث بريرة رضي الله عنها فانها جاءت الي عائشة رضي الله عنها تستعينها في المكاتبة ( قالت ) ان شئت عددتها لاهلك و اعتقك فرضيت بذلك فاشترتها و أعتقتها و انما اشترتها بشرط العتق و قد أجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم لها و لان الشراء بشرط الاعتاق متعارف بين الناس لان بيع العبد سمة متعارف في الوصايا و غيره و تفسيره البيع بشرط العتق و لان العتق في المبيع قبض حتى إذا أعتق المشترى المبيع قبل القبض صار قابضا و القبض من أحكام العقد فاشتراطه في العقد يلائم العقد و لا يفسده و حجتنا في ذلك نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن بيع و شرط و لان في هذا الشرط منفعة للمعقود عليه و العقد لا يقتضيه فيفسد به في العقد كما لو شرط ان لا يبيع يوضحه انه لو شرط في الجارية ان يستولدها أو في العبد ان يدبره كان العقد فاسدا فإذا كان اشتراط حق العتق لها يفسد البيع فاشتراط حقيقة العتق أولى و دعواه أن هذا الشرط يلائم العقد لا معنى له فان البيع موجب للملك و العتق مبطل له فكيف يكون بينهما ملائمة ثم هذا الشرط يمنع استدامة الملك فيكون ضد ما هو المقصود بالعقد و بيع العبد لسمة لا يكون بشرط العتق بل يكون ذلك وعدا من المشتري ثم البيع بعقد مطلقا و هو تأويل حديث عائشة رضى الله عنها فانها اشترت بريرة رضي الله عنها مطلقا و وعدت لها ان تعتقها لترضى هي بذلك فان بيع المكاتبة لا يجوز بغير رضاها فان استهلكه المشتري فعليه قيمته لانه قبضه بعقد فاسد فيكون مضمونا بالقيمة عند تعذر رد العين و ان أعتقه فعليه الثمن المسمى في قول أبى حنيفة استحسانا و في قولهما عليه قيمته و هو القياس لانه قبضه بعقد فاسد و قد تعذر رده بإعتاقه فيلزمه قيمته كما لو تعذر بيعه أو استهلاكه بوجه آخر يوضحه انه لو اشتراها بشرط التدبير أو الاستيلاد كانت مضمونة عليه بالقيمة إذا تعذر ردها ثان و في بذلك الشرط فكذا إذا اشترى بشرط العتق اعتبار الحقيقة الحرمة بحقيقة العتق و أبو حنيفة استحسن فقال زال المفسد قبل تقرره فيجب الثمن كما لو اشتراه بأجل مجهول ثم أسقطه قبل مضيه و بيان ذلك أن الحكم بفساد هذا العقد كان لمخافة أن لا يفي المشترى بالعتق و ليكون في الاقدام على التصرف في ملكه مختارا مجبر عليه و قد زال هذا المعنى حين أقدم على إعتاقه مختارا و حقيقة المعنى فيه أن هذا الشرط لا يلائم العقد بنفسه و لكن يلائم العقد بحكمه لان العتق ينهى الملك فان الملك في بني آدم ثابت الي العتق فيكون العتق مهينا له و انهاء الشيء يقرره و لهذا لو اشترى عبدا فاعتقه ثم إطلع على عيب به رجع بنقصان العيب بخلاف ما إذا باعه و الدليل عليه ان شراء القريب إعتاق على معنى انه متمم عليه العتق و هي الملك فكان هذا الشرط ملائما بحكمه للعقد و بصورته ملائم لان الانسان لا يجبر علي انهاء ملكه بالعتق و بالشرط يجبر عليه فلا يحكم بفساد العقد علي الثبات و لكنه موقوف فان استهلكه بوجه آخر يتقرر الفساد لوجود صورة الشرط دون الحكم و ان أعقته تتقرر صفة الجواز باعتبار الملائمة بحكم العقد و هو انهاء الملك به فيلزمه الثمن المسمى و انما سماه استحسانا لمعنى التوقف فيه في الابتداء و مخالفة صورته معنى بخلاف شرط الاستيلاد و التدبير فالملك به لا ينتهى و معنى الملائمة باعتبار انهاء الملك به فلهذا تتعين صفة الفساد هناك و في بالشرط أو لم يف .
قال ( و إذا اشتراه على أن يقرض له قرضا أو يهب له هبة أو يتصدق عليه بصدقة أو علي ان يبيعه بكذا و كذا من الثمن فالبيع في جميع ذلك فاسد ) لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عن بيع و سلف و عن بيعتين في بيعة و كل شيء فسد فيه البيع فالمشتري إذا استهلكه فهو ضامن لقيمته بالغة ما بلغت لان الضمان الاصلى في البيع ضمان القيمة و لهذا كان المقبوض على سوم المبيع مضمونا بالقيمة و قبض الغصب ينوب عن قبض الشراء و انما يتحول من القيمة إلى المسمى عند صحة السبب و تمامه فإذا فسد السبب بقي الضمان الاصلي كما إذا كان البيع بالخيار فان البيع يكون مضمونا على المشترى بالقيمة لعدم تمام السبب .
قال ( و لو اشترى ثوبا على انه ان لم ينقد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فالبيع فاسد ) في القياس و هو قول زفر و في الاستحسان يجوز و هو قول علماؤنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وجه القياس أنه شرط في البيع اقالة معلقة لخطر عدم النقد و لو شرط اقالة مطلقة فسد به العقد فإذا شرط اقالة معلقة أولى أن يفسد به العقد و هذا الشرط ليس في معنى شرط الخيار لان هناك لو سكت حتى مضت المدة تم البيع وهنا لو سكت حتى مضت المدة بطل البيع و جواز البيع مع شرط الخيار ثابت بالنص بخلاف القياس فلا يلحق به ما ليس في معناه و لكن تركنا هذا القياس لحديث بن عمر رضي الله تعالى عنهما فانه بأشر البيع بهذا الشرط و قول الواحد من فقهاء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم مقدم على القياس عندنا لان قوله بخلاف القياس كروايته عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فانه لا يظن به أنه قال جزافا و القياس لا يوافق قوله فعرفنا انه قال سماعا ثم هذا الشرط من حيث المقصود كشرط الخيار لانه انما يشترط الخيار ليتروى النظر فيه و يكون مخيرا في الايام الثلاثة بين فسخ العقد و تمامه بهذا الشرط لا يحصل الا هذا المقصود و الشرع انما جوز شرط الخيار لهذا المقصود حتى قال ( لحيان بن منقد إذا بايعت فقل لا خلا به ولي الخيار ثلاثة أيام .
قال ( فان اشتراه علي انه لم ينقده إلى أربعة أيام فلا بيع بينهما ) فهذا العقد فاسد عند أبى حنيفة كقوله في شرط الخيار فان عنده شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام يفسد العقد و عند محمد العقد جائز بمنزلة شرط الخيار عنده فانه يجوز شرط الخيار مدة معلومة طالت المدة أو قصرت و لم يذكر في الكتاب قول أبى يوسف و في بعض نسخ المأذون ذكر قول أبي يوسف كقول أبى حنيفة رحمهما الله تعالى و ذكر ابن سماعة في نوادره أن هذا قوله الاول فأما قوله الاخير كقول محمد لان هذا في معنى شرط الخيار و قوله كقول محمد في جواز اشتراط الخيار أربعة أيام فكذلك في هذا الشرط وجه قوله الذي ذكره في المأذون أن القياس ما قاله زفر فان هذا الشرط من حيث الحكم ليس نظير شرط الخيار و لكن تركنا القياس في ثلاثة أيام لقول ابن عمر رضى الله تعالى عنهما ففيما زاد علي ذلك نأخذ بالقياس و هذا لان الغرر يزداد بطول المدة و قد يجوز أن يحمل العقد لليسير من الغرر دون الكثير منه ألا ترى أنا نجوز شراء أحد الثياب الثلاثة على أنه بالخيار فيها ثم لا يجوز ذلك في الاربعة لما ذكرنا .
قال ( و كل فاسد رده المشتري على البائع بهبة أو صدقة أو بيع فهو متاركة للبيع و يبرأ المشتري من ضمانه ) لان الرد بسبب فساد البيع مستحق في هذا المحل بعينه شرعا فعلى أى وجه أتى به يقع من الوجه المستحق كرد المغصوب و الودائع و هذا لانه ممنوع من تمليكه من البائع بسبب مبتدإ مأمور برده لفساد البيع و لا معاوضة بين المنهي عنه و يكره المأمور به فيترك جانب المأمور به في رده عليه .
قال ( و ان اشترى شيئا و شرط على البائع أن يحمله إلى منزله أو يطحن الحنطة أو يخيط الثوب فهو فاسد ) لان فيه منفعة لاحد المتعاقدين و العقد لا يقتضيه لانه ان كان بعض البدل بمقابلة العمل المشروط عليه فهو اجارة مشروطة في العقد و ان لم يكن بمقابلته شيء من البدل فهو أعاره مشروطة في البيع و هو مفسد للعقد و كذلك لو اشترى دارا علي أن يسكنها البائع شهرا فهذا أعاره مشروطة في البيع و هو مفسد للعقد أو هذا شرط أجل في العين و العين لا تقبل الاجل .
قال ( و لو اشترى شيئا على أن يرهنه بالثمن رهنا أو على أن يعطيه كفيلا بنفسه أو بالثمن فهذا العقد فاسد ) و الكلام في هذين الفصلين ينقسم على أربعة أقسام أما في شرط الكفيل سواء سمى الكفيل أو لم يسميه فالعقد فاسد إذا كان الكفيل غائبا عن مجلس العقد لانه لا يدري أيكفل أم لا فيفسد العقد لمعنى الغرر و لان جواز هذا العقد يتعلق بقبول الكفيل الكفالة فمتى شرط قبوله إذا كان غائبا عن مجلس العقد لم يجز العقد و ان قبله بعد المجلس كالمشتري فان كان الكفيل حاضرا أو حضر و قبل قبل أن يتفرقا جاز البيع استحسانا و في القياس لا يجوز و هو قول زفر لان الكفالة عقد آخر ليس من حقوق العقد في شيء و اشتراط هذا عقد آخر في عقد البيع مفسد للعقد إذا كان فيه منفعة لاحد المتعاقدين وجه الاستحسان أن المقصود بالكفالة التوثق بالثمن في معنى اشتراط زيادة وصف الجودة في الثمن و لو اشترط في البيع ثمنا جيدا كان البيع جائزا ثم تمام هذا العقد بقبول الكفيل فانه بقبوله ينتفى معنى الغرر فإذا وجد ذلك في المجلس كان هذا بمنزلة انتفاء الغرر عند العقد و شرط الحوالة في هذا كشرط الكفالة لانه لا ينافي وجود أصل الثمن في ذمة المشتري فان الحوالة تحويل و لا يكون ذلك الا بعد وجود الثمن في ذمة المشترى بخلاف ما لو شرط وجوب الثمن ابتداء على المشتري بالعقد فان ذلك ينافي وجوب العقد فكان مفسدا للعقد .
قال ( و ان شرط أن يرهنه بالثمن رهنا فان كان الرهن مجهولا فالعقد فاسد ) لان قبول العقد في الرهن لابد منه عند هذا الشرط و ما يشترط قبول العقد فيه لابد أن يكون معلوما و لكن لو أوفاه الثمن صح العقد لان المفسد قد زال قبل تقريره لان شرط الرهن للاستيفاء و قد استوفاه حقيقة و ان شرط أن يرهنه هذا المبتاع بعينه ففى القياس العقد فاسد لما بينا انه شرط عقد في عقد و في الاستحسان يجوز هذا العقد لان المقصود بالرهن الاستيفاء ، فان موجبه ثبوت يد الاستيفاء و شرط استيفاء الثمن ملائم للعقد ثم الرهن بالثمن للتوثق بالثمن فاشتراط ما يتوثق به كالاشتراط صفة الجودة في الثمن و كذلك ان سمى مكيلا أو موزونا موصوفا بغير عينه و جعله رهنا بالثمن لان قبول ذلك في البيع قبول صحيح ألا ترى انه يصلح أن يكون ثمنا فكذلك يصلح اشتراطه رهنا بالثمن فان أبى المشترى أن يرهنه ما سمى لم يجبر عليه لان تمام الرهن بالقبض و لم يوجد القبض و على قول ابن أبى ليلي يجبر عليه لانه ثبت في ضمن عقد لازم فيصير الوفاء به مستحقا كالعدل في الرهن إذا سلطه على البيع كان مجبرا عليه و لا يملك الراهن عزله بخلاف التوكيل بالبيع مقصودا و لكنا نقول عقد الرهن ليس من حقوق البيع فلا بد في إتمامه من اتحاد شرط العقد و إتمامه بالقبض فما لم يوجد لا يلزم حكم الرهن ألا ترى أن يد الاستيفاء لا تثبت له الا بالقبض فكذا اشتراطه في العقد لا يلزم الا بالقبض و لكن ان أبا المشترى أن يرهنه فللبائع أن يفسخ العقد لان رضاه بالبيع كان بهذا الشرط فبدونه لا يكون راضيا و إذا لم يتم رضاه كان له أن يفسخ .
قال ( و ان باع شيئا من الحيوان و استثنى ما في بطنه فالبيع فاسد ) لان ما في البطن لا يجوز إيجاب البيع فيه مقصودا فلا يجوز استثناؤه مقصودا كاليد و الرجل و هذا لان الجنين ما دام متصلا بالام فهو في حكم الاجزاء ألا تري أنها تقطع بالمقراض عنها و اجزاء الحيوان لا تقبل العقد مقصودا و لا يكون مقصودا بالاستثناء و هذا لان الجنين في البطن مجهول و لا يدري أذكر هو أم أنثى واحدا أو مثنى فإذا كان المستثنى مجهولا فالمستثنى منه يصير مجهولا أيضا و جهالة المعقود عليه تمنع جواز العقد و كذلك ان وقع العقد على عدل بر أو أغنام أو نخيل و اشترط أن يرد المشتري أحد العينين أو يأخذ البائع إحداهن بغير عينها فالبيع فاسد لان المستثنى مجهول و به يصير المستثنى منه مجهولا أيضا و هذه جهالة تفضى إلى المنازعة لانها متفاوتة في المالية فيفسد البيع .
قال و ان اشترى شاة على أنها حامل فالعقد فاسد ) لان الحبل في البهائم و هي زيادة مجهولة .
فانه لا يدري ان انتفاخ بطنها من ريح أو ولد و ان الولد حي أو ميت ذكرا أم أثنى واحدا أو مثنى و المجهول إذا ضم إلى معلوم يصير الكل مجهولا و كذلك ان شرط أنها تحلب كذا فالبيع فاسد لانه لا يدري لعل الشرط باطل يعنى ان اشتراط مقدار من البيع ليس في وسع البائع إيجاده و لا طريق إلى معرفته فكان شرطا باطلا فيفسد به العقد .
قال ( و ان شرط أنها حلوب أو لبون لم يذكر هذا الفصل في الاصل ) و قد ذكر الكرخي أن هذا ما لو شرط أنها تحلب كذا و كذا سواء لان اللبن زيادة مال منفصل و لا يكون لبونا حلوبا الا به و تلك الزيادة مجهولة على ما مر فصار كما لو اشترى على أنها حامل و ذكر الطحاوي أن هذا شرط وصف مرغوب فيه فلا يفسد العقد به كما لو شرط في العبد أنه كاتب أو خبار و لان هذا يذكر علي سبيل بيان الوصف لاعلي سبيل الشرط لان هذا وصف مرغوب فيه كما إذا اشترى فرسا على أنها هملاج أو اشترى كلبا على انه صائد فانه يجوز كذا هنا و هكذا روي الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى في الحلوب بخلاف ما إذا اشترط أنها تحلب كذا لان الفساد باشترط مقدار لبن في الضرع لا طريق إلى معرفته .
قال ( و كذلك ان اشترى سمسما أو زيتونا على أن فيهما من الدهن كذا أو اشترى حنطة بشرط أن يطحن منها كذا مختوم دقيق فهذا شرط باطل ) لا طريق للبائع إلى معرفته و لا يقدر على الوفاء به فيكون مفسدا للعقد .
قال ( و لو باع جارية و تبرأ من الحبل و كان بها حبل أو لم يكن فالبيع جائز ) لان الحبل في بنات آدم ألا ترى أن للمشتري حق الرد به فانما تبرأ البائع من العيب و ذلك مفسد للعقد .
قال و ليست البراءة في هذا كالبهائم قيل معناه كالشرط في البهائم فان الحبل في البهائم زيادة فذكره في العقد شرط زيادة مجهولة ) و في الآدمية عيب فذكره يكون تبريا من العيب و لا يكون شرط زيادة مجهولة و قيل معناه إذا ذكر الحبل في الجارية على وجه التبرى عرفنا ان مراده العيب فلا يفسد به العقد و إذا ذكره علي وجه الشرط عرفنا ان مراده شرط زيادة مجهولة فيفسد به العقد و قد ذكر هشام عن محمد رحمهما الله أنه إذا اشترى جارية على أنها حامل فالبيع جائز الا أن يظهر المشترى انه يريدها للطؤرة فيحنئذ يفسد به العقد لعلمنا أنه قصد الحبل بالشرط و هو مجهول و على هذا يحكى عن الهندواني أنه كان يقول أن شرط الحبل اذ وجد من البائع لم يفسد به العقد و أن شرطه المشتري يفسد لان البائع انما يذكر الحبل على وجه بيان العيب عادة و المشترى يذكر علي وجه اشتراط الزيادة .
قال ( رجل اشتري جارية بجاريتين إلى أجل فالعقد فاسد ) لان الحيوان لا يثبت دينا في الذمة بدلا عنما هو مال و لان الجنس بانفراده يحرم النساء فان قبض