منقذ البشرية - بینات من الهدی نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بینات من الهدی - نسخه متنی

محمد الرصافی المقداد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید








منقذ البشرية






منقذ البشرية الامام المهدي عليه السلام







لقد جاءت الرسالات السماوية لتبشر بيوم يتحقق فيه وعد الله ويتم نوره ولو كره المشركون والكافرون والمنافقون، وبما أن القرآن الكريم هو آخرها وخاتمها وخلاصتها وصفوتها، فهو معني أكثر من سابقيه بالإشارة إلى ذلك اليوم الموعود، الذي تتخلص فيه الأرض ومن عليها من الظلم، ويستتب فيها الأمن والعدل وتقام شريعة الله وتحيا سنة رسوله وأحكام دينه بعد اندراسهما. ولو لم يكن ذلك الإيمان قائما في عقيدة المسلمين لما كان للإسلام معنى ولا لمفاهيمه قيمة، وهو الذي أصبح اليوم محاصرا ومحاربا ومشوها فهما وتطبيقا عند الكثيرين.







لقد أنبأنا القرآن الكريم بأن الإسلام كرسالة خاتمة كان معتقدا لدى الأنبياء السابقين ببعض أو بكل تفاصيله وعنصر غيب مأمورين بالإيمان به والتبليغ عنه، وكونه من المحتمات الواقعة في آخر الزمان، ونتيجة لحركة الإصلاح والخير والتقوى التي سلكها خلص البشرية، لتكون الأرض بما فيها تحت طائلة أحكامهم الإلهية ولا شيء غيرها. قال تعالى: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون".







والإيمان بيوم الخلاص أو اليوم الموعود ليس حكرا على الشرائع السماوية، فحتى النظريات المستوحاة من الفلاسفة والمفكرين، تعتقد كذلك بيوم تتم فيه فكرتها وتقوم البشرية على قوانينها. ولعل ذلك الإيمان نابع من الإحساس بشحنة الأمل التي تدفع معتقد الفكرة قدما في الزمن للعمل بلا كلل لنشرها والسعي إلى إقامتها.







ونظرية دولة العدل الإلهية ومجتمع الإسلام الحق، جاء بها القرآن الكريم وبشربها الرسول الأعظم (ص) مصرحا بتفاصيلها، التي لم يصلنا منها إلا ما نجا من براثن الطواغيت والظالمين، الذين كانوا يضيقون ذرعا بتلك النظرية ويرون فيها خطرا محدقا يهدد عروشهم، فكان سعيهم دائبا لطمسها وتمييعها، بل لعل الطريف أن فيهم من سعى إلى إلصاق ذلك اللقب بنفسه كالمهدي العباسي (775) والهادي (785) والمهتدي (869) والقائم (1031) وكان أول ملوك الفاطميين يلقب بالمهدي (934).







أما من ظهر يحمل لقب المهدي في شتى أنحاء البلاد الإسلامية فذلك عائد لإيمان المسلمين الراسخ بأن المهدي حقيقة وأن الهداية دور رباني متحقق الوقوع، وتسمية الأبناء به يأتي تيمنا وتفاءلا بعقيدة مترسخة فيهم عبر العصور.







يقول الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف، في بحثه حول المهدي: "إن فكرة المهدي بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل، قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله عموما، وفي روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام خصوصا، وأكدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشك. ولقد أحصي أربعمائة حديث عن النبي (ص) من طرق اخوتنا أهل السنة، كما أحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهدي من طرق الشيعة فكان أكثر من ستة آلاف رواية. هذا رقم إحصائي كبير لا يتوفر نظيره في كثير من قضايا الإسلام البديهية التي لا يشك فيها المسلم عادة". ص63.







إن أحاديث بلغت تلك الكثرة لهي دليل على صحة الشخصية المنتظرة ونقطة توافق منطقي بين فريقين من المسلمين تجمعهم أصول وفروع كثيرة وقضايا مشتركة أهمها على الإطلاق هذا الأمل الذي نحن بصدده والذي يجمعنا إلى غد أفضل ومستقبل يكتنفه العدل والأمن تحت قيادة فذة مقتدرة تجمع المسلمين والبشرية قاطبة على قانون واحد وأحكام صحيحة ثابتة تماما كما جاء بها الرسول الأعظم (ص) وأنزلت عليه أول مرة.







الحديث:







عن عبد الله بن مسعود قال كنت عند النبي (ص) إذ مر فتية من بني هاشم كأن وجوههم المصابيح فبكى النبي (ص) قلت ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال انا أهل بيت قد اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وانه سيصيب أهل بيتي قتل وتطريد وتشريد في البلاد حتى يتيح الله لنا راية تجيء من المشرق من يهزها يهز ومن يشاقها يشاق، ثم يخرج عليهم رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي وخلقه كخلقي تؤوب إليه أمتي كما تؤوب الطير إلى أوكارها فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا". دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص 235.







وحتى نبسط النظرية أكثر نقول لاشك بأن كل المسلمين يدركون أن الشريعة بما تحتويه من قرآن وسنة تحتاج إلى من يحركها ويضعها موضعها في الأمة حتى يمكنها من أداء دورها. وهذا الإدراك نابع من وجهتين الأولى وجهة عقلية تعتمد على الأدلة المنطقية في بيان وجوب القائم على أي شريعة لتتمكن من التحقق والاستمرار ومن دون ذلك لا يمكن لها أن تستمر وأن تجد حظها. والثانية وجهة دينية شرعية فرضتها النصوص الكثيرة الصريحة والمشيرة إلى كون اليوم الموعود الذي بشرت به رسالات الله تعالى سيكون نتيجة إعداد الهي يتمثل في تهيئة القائد وتمكينه من يوم خلاص الأمة من أعدائها ومغتصبي خيراتها ومفرقي دينها واستخلاص أعوانه وأنصاره من سواد الأمة.







إن نظرية الإمامة التي طرحها أئمة أهل البيت الاثني عشر عليهم السلام الذين بشر بهم رسول الله (ص) في حديث الاثني عشر خليفة الذي أجمع الحفاظ قاطبة على نقله، والذي مر إخباره عنهم مطموسا مغيبا فلم يصلنا عبر أكثر الرواة غير عددهم وكونهم من قريش هذا عند اخوتنا من أهل السنة. هو أول الخيط الذي أخذنا بطرفه، والذي يجب على كل مؤمن أن يأخذ به لأن الإسلام الذي جاء به النبي الأكرم (ص) دين كامل متكامل. إن الإمامة وقد يطلق عليها الولاية وظيفة من الوظائف الإلهية المتصلة بأحكام الشريعة اتصال الحفظ والفهم والتطبيق والقيمومة عموما على الدين بكل تفاصيله، هي مشمولات الخالق تعالى له وحده حق التعيين والاختيار. قال تعالى مخاطبا رسوله: " ليس لك من الأمر شيء ".







فإذا كان صلى الله عليه وآله وسلم ليس له من الأمر شيء فكيف يكون لعامة الناس الحق في اختيار لم يرقوا إليه ولا هو من مشمولاتهم ولا من اختصاصهم ولا كانت لديهم فكرة عنه؟.







لما كان الحكم منبثقا منه تعالى، راجعا إليه بالنظر فان الحكومة الإسلامية لا بد أن تكون من نفس النسيج راجعة إليه قانونا وتعيينا.







إن تنكب المسلمين عن الإمامة الإلهية إلى الإمامة البشرية قد أدى إلى إنحراف الحاكمية عن المسار المسطر لها وتعطيل أحكام الله تعالى الواحدة تلو الآخرى فانهدمت نتيجة ذلك أعمدة الدين وانفصمت عراه بحيث أصبح الحق باطلا والباطل حقا ولم يعد للدين أهمية ولا قيمة عند حكام المسلمين وعوض أن يكون أساسا للحياة أصبح هامشيا وعنوانا ومطية لكل من هب ودب. فسعى لركوبه الظالم ووالجاهل والمنافق وحتى الكافر أصبح له رأي ويريد أن يطوع الإسلام حسب رؤيته، كما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تعمل ذلك الآن. إن من ضمن الغيب الذي يجب على المسلم أن يؤمن به كما في قوله تعالى: " ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب..." هو الاعتقاد الراسخ الذي لا يزحزحه شيء بأن الله تعالى سيأذن بإتمام نوره وتطبيق شريعته الخاتمة في يوم آت علمه عنده، وإن من أسباب مجيء ذلك اليوم سببان رئيسيان.







الأول:







هو من قبله تعالى وهي مسألة الهداية والشخص الموكل بها.







قال تعالى: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "







و قال أيضا: " إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ".







و قال أيضا: "أولئك الذين هداهم الله فيهداهم اقتده ".







ولا شك أن الله تعالى عندما خاطبنا عن الذين أنعم عليهم وهداهم قد أشار في مضمون الآيات إلى أشخاص بعينهم وكلف رسوله (ص) بالإبلاغ عنهم وإظهارهم على الملا من الناس وإلا كان المعنى فضفاضا لا فائدة منه وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لذلك ينصرف اعتقادنا إلى أن الله قد حدد دور الهداية والهادي وعين أصحابها وكلف رسوله الأكرم (ص) بإبلاغ ذلك للناس وعلى الناس أن يختاروا أما طريق الذين أنعم عليهم، وإما طريق الشيطان. قال تعالى: " وهديناه السبيل إما شاكرا وإما كافورا " والله تعالى عندما يرشدنا إلى أتباع الصادقين عندما قال: " يا أيها اللذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " ليس على سبيل المجاز أو التعميم بل على سبيل الحقيقة والتخصيص، نظرا لعدم شمولية الصدق في كل الناس، وهو كما نعلم ليس مظهرا حتى نتبع صاحبه وإنما هو جوهر وجبلة لا يعلم أصحابها غيره تعالى. كما إن الكذب والشر مساوىء لا يميزها إلا هو، لذلك خاطب رسوله (ص) قائلا: " وممن حولك من الأعراب ومن أهل المدنية منافقون مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم".







إذا نخلص إلى القول بأن الهداية لطف الهي، جعله الله تعالى استمرارا لرحمته وعنايته كالنبوة، بل هو إمتداد لها في دور الحفظ والهداية، والمتمثل في شخص الإمام. اقتضته سنة الله تعالى في خلقه لتكون ردئا للنبوة، وازرا للرسالة، في استكمال المسيرة، وتجذير المفاهيم والقيم، التي أرادها الباري تعالى، لخير البشرية وصالحها العام.







الثاني:







من الناس وهم المعنيون بالامتثال للأمر والاتباع، منهم نواة إقامة الدين وفيهم الجماهير المؤمنة والعاملة لذلك الهدف والساعية نحو خالقها ودينها وإمامها. فإذا توفر ذلك الجانب فإن المولى تعالى سيحقق لنا رغبتنا.







و لقائل أن يقول: طالما أن الإمامة لطف فأين هو الإمام الآن كي نتبعه؟







و السؤال في حد ذاته عملي ووجيه إلا أن السائل نسي نفسه ومجتمعه ومحيطه ونسي أيضا كلام ربه، قال تعالى: " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وكما كنت أشير إلى أن الإمامة لطف فإن اللطف الإلهي لا ينقطع تماما كالشمس التي لا ينقطع أثرها على كوكب الأرض وقد غطاها السحاب.







و المهدي عليه السلام أوضح من الشمس وغيبته أجلى من السحاب، غير أن كل من لم يدرك حقيقة الإمامة الربانية لا يمكنه بأي حال من الأحوال يفهم حقيقة المنقذ والمخلص الذي على يديه سيتم نور الله ويقام دينه بحيث لا يبقى على وجه الأرض دين غير الإسلام الحق وهدي غير هدي أئمة أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومنزل الوحي ومختلف الملائكة عليهم السلام.







وغيبة الإمام عليه الإسلام أو حضوره، هي نتيجة لحركة المجتمع المسلم، وكد المؤمنين فيه وإن قلوا.







أما الاتباع والاقتداء، فإن خط الإمامة موجود على مر الزمن محكوم بمجموعة القوانين التي صرح بها الأئمة عليهم السلام مستمدة من روح القرآن وتعاليمه ضابطة لدور القيادة. لم يفت ثلة الإيمان عبر التاريخ الطويل من أن تنهل من فيض الإمامة الصافي وتلجأ إليها في أحلك الظروف وأشدها خطرا على أرواحهم، في حين كان غيرهم يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض.







و أنا أبحث عن إجابة لسؤال يتعلق بطول عمر الإمام المهدي عليه السلام، بادرني الحديث الذي يقول: " لو لم يبق في عمر هذه الدنيا إلا يوم واحد لطوله الله تعالى حتى يخرج رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا".







إن الذي يمكنه أن يغير سنته في إطالة يوم يمكنه أن يغيرها في إطالة عمر شخص ما كمثل يومنا الذي نعده 24 ساعة سيتغير يوم القيامة إلي يوم مقداره خمسون ألف سنة مما كنا نعد في الدنيا. كما أن الذي سلب النار خاصية الإحراق وجعلها بردا وسلاما، وفلق البحر وشق فيه طريقا بلا حائل، وعرج بالرسول الأعظم إلى فضاءات ليس فيها ما يحتاجه البشر من هواء، وإن الذي غيب أهل الكهف ثلاثمائة سنة، هو الذي غيب سيدنا الخضر عليه السلام آلافا من السنين، وهو الذي أطال عمر سيدنا نوح إلى ألفي وخمسمائة سنة على ما في بعض الروايات، هو نفسه من بيده إطالة عمرالإمام المهدي عليه السلام. فخرق السنن الإلهية ممكن من أجل إظهار المعاجز لأصحابها ولما تقتضيه المصلحة من الظهور والتخفي. وطالما أن الإمام المهدي هو آخر الأئمة الهداة فإن عمره محكوم بالطول حتى يظهر الله تعالى به دينه الحق ولا التفات لمن يتكلم بلا حجة واتخذ من الشك دينا وحياة.







أحاديث الإمام المهدي عند جمهور المسلمين:







لم يشذ عدد من العلماء الجمهور عن قاعدة الاعتراف بالحق والاصداع بالصواب، فأخرجوا روايات رسول الله (ص) التي تتحدث عن الإمام المهدي عليه السلام وأفردوا لها بابا، بل منهم من أخرج كتابا خصصه بالمسألة نذكر منهم:







جلال الدين السيوطي في الهدف الوردي في أخبار المهدي.







ابن حجر العسقلاني في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر.







يوسف بن يحي الدمشقي في عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر.







الكنجي الشافعي في البيان في أخبار صاحب الزمان.







أما العلماء الذين أخرجوا الروايات التي تنبئ بظهوره فهم عديدون منهم:







مسلم النيسابوري أشار إلى الشخص ولم يشر إلى اسمه الترمذي في سننه ج4 ص565 ابن ماجه في سننه ج2 ص368 من كتاب الفتن أبو داود في سننه ج 4 ص107. النسائي في الخصائص البيهقي في سننه الطبراني في معجمه ص566 ابن حجر في الصواعق- سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة- والحاكم في مستدركه د4 ص557 كفاية الطالب ص 486 الحاوي للفتاوي ج2 ص58. -البرهان في علامات المهدي ص94 كنز العمال للمتقي الهندي ج14 ص264. البيان في أخبار صاحب الزمان ص479. العقائد الإسلامية للسيد سابق.







الحديث من طرق العامة:







عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله (ص): "المهدي مني أجلي الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين". (أبو داود ج 2 ص 422 والحاكم في المستدرك ج 4 ص 557)







وكما كنا أشرنا فقد بلغت أحاديث الإمام المهدي من الكثرة عند أغلب الفرق الإسلامية فمنهم من أفرد لها كتابا وقد أشرنا إلى بعضهم عند اخوتنا من (أهل السنة) ومنهم من أفراد لها بابا، ومنهم من أخرج الروايات في أبواب الملاحم والفتن وأشراط الساعة، وكلهم متسالمون على صحة ورودها عن رسول الله (ص).







أما أتباع أهل البيت عليهم السلام، فإن عددا من العلماء الأفذاذ قد ألف كتبا عن الإمام المهدي عليه السلام، فضلا عن إخراج الروايات العديدة الصحيحة السند القطيعة الدلالة على صحة الدعوى.







لم يمكنني حصر التآليف الخاصة بالإمام المهدي عليه السلام، لكني أشير على سبيل الذكر كتاب: بحث حول المهدي للشهيد محمد باقر الصدر. يوم الخلاص للشيخ على الكوراني. منتخب الأثر في أحوال المنتظر. الإمامة وقائم القيامة. موسوعة السيد محمد الصدر عن الإمام المهدي (تاريخ الغيبة الصغرى تاريخ الغيبة الكبرى- علامات ما بعد الظهور.)







أما أولئك الذين ينكرون الإمام المهدي فإنهم لم يبنوا نكرانهم على قاعدة صحيحة بحيث إنهم حاولوا بعدم اعترافهم بحقيقة الإمام المهدي عليه السلام إيقاع أتباعهم في الإنكار وإبعادهم عن معرفة واقع الإمامة الإلهية. ويمكنني القول بأن المهدي عليه السلام، كان من المسائل المجمع على صحتها بين المسلمين في القرون الأولي، ولم يشذ عن ذلك الإجماع أحد، ولم يظهر منكر للروايات المتحدثة عن الإمام المهدي عليه السلام، إلا في العصور المتأخرة حيث كثرت الفرق والمذاهب وأدلى في الدين كل بدلوه،. ولما كانت الإمامة الإلهية أصل لإمامة المهدي عليه السلام فان القائلين بعدم النص بعد الرسول (ص) قد وقعوا في إشكال وحدة القيادة في نهاية المطاف ولم يعد لمبدا الشورى في اختيار القائد أساس وواقع، فلم يروا بدا من إنكار حقيقة الإمام المهدي هربا من انكشاف بطلان اختيار الناس بعد الرسول (ص). وبمقارنة بسيطة نرى أن المسلمين القائلين بمبدا التنصيص الإلهي على الإمام بعد الرسول (ص) قد احتجوا بما عندهم وعند مخالفيهم من أن الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عددهم اثني عشر إماما كعدد نقباء بني إسرائيل، أولهم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم الإمام المهدي عليه السلام. وإذا صح الإمام الأول والإمام الأخير، مع نقلهم عن رسول الله أيضا: "الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا". صح بقية الأئمة وبطلت إمامة السقيفة، وما تلاها من دكتاتوريات كانت أساسها الأول، لم تجن على المسلمين غير ويلات ونكبات وضياع للكرامة والشرف والدين، والدليل ما نحن فيه الآن من ضياع للحكومة والقيادة والفكر، والناس بين لا مبال وتائه لا يدري أين يؤخذ به.







الإمامة رأس الدين وسنامه وعزه، به يراعى ويقوم ومن دونه يتلاشى ويزول. هي القائم عليه حفظا وتطبيقا، وعليه فإنها لابد أن تكون من جنس التشريع وضمن قوانينه وليست بخارجة عنه.. إن الآيات التي تناولت الحكم والحاكمية عديدة والروايات التي تحدثت عن الإمارة والقيادة تفسيرا وتحديدا كثيرة بما لا يدع مجالا للشك أن ذلك المنصب الهام والخطير غير منسي ولا متروك، بل هو حاضر في كلام الله تعالى وفي حديث رسوله الكريم (ص). وتعالى الله ورسوله من أن يغفلا عن أساس بقاء الدين واستمراره، وكيف يكون العكس والإمامة صنو النبوة وفرعها المنحدر منها. بل هي ربيبة الوحي ونتاجه وأثر بقائه. فإبراهيم مثلا كان نبيا ورسولا ثم إماما. قال تعالى: "إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين".







الإمامة وظيفة إلهية، وعهد منه تعالى لصفوته من خلقه، مستثنى منه بالنص كل من ظلم، والظلم متعدد الأوجه أسوأه الشرك بالله تعالى: "إن الشرك لظلم عظيم". والشرك صفة باطنة لا يعلمها إلا الله تعالى، لذلك كان التعيين من قبله أحق وأولى، لأنه الأعلم بالأصلح، والمتصرف الأوحد في دينه، وهو العارف فيمن تتوفر فيه شروط العفة والتقوى والصدق وكل المكارم الباطنة التي لا يدركها إلا من يعلم السر وأخفى، ومن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.







وعليه، فان مواصلة الإصرار على القول بان الله تعالى فوض لعباده اختيار الإمام، ضرب من الجحود والتقول على الله بالبهتان والزور، ونسبة النقص في دين الله وشريعته، باعتماد نظرية الغاصبين للإمامة تحت مبررات كاذبة، سقطت لبطلانها وافتضحت بمرور الزمن عند امتحان الأدلة، ووقوف الحق ببراهينه التي انقضت كاهل الباطل.، والحق أحق أن يتبع.







إذا فمسألة الإمام المهدي جزء لا يتجزأ من الإمامة العامة بما اشتملت عليه من نصوص تنوعت وتعددت، منها ما هو قرآني، ومنها ما هو نبوي، ومنها ما هو عقلي، ومنها ما هو تاريخي متصل بالأمم السابقة، وينتهي إلى ما أحصي على الغاصبين للإمامة من أخطاء وتجاوزات في مقابل النص، بلغت الحد الذي لا يمكن معه القبول بدعوى إمامة السقيفة، وحرية اختيار البعض دون البعض الآخر بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.







آيات الوعد الإلهي الدالة على الإمام المهدي عليه السلام:







جاء في القرآن الكريم عدد من الآيات التي تناولت مسألة الإمام المهدي، فتحدثت عن الأثر الذي سيتركه مجيئة والنتيجة التي يراد منها ظهوره، استكمالا لحركة الصالحين وأتباعهم على الأرض واختتاما لها في نهاية المطاف.:







1- قال تعالى: " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض فنجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض". القصص الآية5 و6 أخرجها الحافظ الحسكاني والقندوزي الحنفيان، وقالا بنزولها في الإمام المهدي عليه السلام.







2- وقال تعالى: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون". سورة الانبياء الآية 105 أخرجها سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 510







3- قال تعالى: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون". سورة التوبة الاية33 ينابيع المودة ص510







4- قال تعالى: "يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله لا أن يتم نوره ولو كره الكافرون". سورة التوبة الآية 32 ينابيع المودة ص114







5- قال تعالى: "فاذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا*ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا". سورة الإسراء الآيتين 5و6 أخرجها البحراني في تفسير البرهان ج2 ص406و407







6- قال تعالى: "وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون". سورة النور الاية55







إن عقيدة المسلمين في مجيء اليوم الذي يقام فيه حكم الله في أرضه، فتأخذ شريعته الخاتمة طريقها للتطبيق الحق في العالم، لتحيا به سنن النبي (ص) على يد المهدي الموعود، لهي من العقائد التي لا تقبل الشك ولا تحتمل وجها آخر. لأن بشارة النصر واقامة الدين واحقاق الحق، ونشر العدل وإبادة البغي والظلم، قد صرح بوقوعها في آخر الزمن الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتناقلتها الروايات الصحيحة وتسالم بها العقلاء وكل منكر لها مدفوع إما بعصبية مريضة، أو جهل بأبسط قواعد المنطق، وإذا نحن سلمنا بمجيئ ذلك اليوم فلا بد له من قائم به، وهو من الخطورة والعظمة بحيث أن صاحبه يجب أن يكون في مستوى ذلك الحدث أوأعظم.







لم يستطع الذين أنكروا شخصية الإمام المهدي وظهوره ليملأ الأرض قسطا وعدلا، أن ينكروا يوم نصر الإسلام وهيمنته على الأرض، لأنهم ولسبب بسيط ليس لديهم الجرأة على رد الآيات القرآنية، وانما هم مدفوعين في تعنتهم لمعارضة عقيدة المسلمين الشيعة الذين قد مضت بيعتهم للإمام المهدي جيلا بعد جيل. إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.







إن الإيمان بالمهدي المنتظر، وترقب ظهوره هو خلاصة الدين الحنيف في العيش من أجل حصول تلك الحقيقة، والعمل في أن يكون المؤمن في دائرتها عنصرا فاعلا فيها، لأنه لا خير في دين بلا قيادة ربانية كما لا خير في جسد بلا روح.







إن الأمة الإسلامية اليوم، وهي في أحرج أوقاتها بحاجة إلى الالتفاف حول ثوابت دينها، وأصول عقيدتها، والإمامة الهادية هي إحدى ركائزها الهامة، والتي من دونها لا يستقيم حكم الهي، وعليه فإنه لا بد لأفرادها الذين وعوا تلك الركائز، وخبروا أصول تلك العقائد، أن يعرفوا من لم يعرف، ويقيموا الحجة على المنكر والجاحد، ليتخلى عن إنكاره وجحوده أو يتجنبه المسلمون. لأن الحقيقة تقول إن من سعى إلى فصل الدين عن الحياة هو الذي أنكر وظيفة الإمامة وسعى إلى التشكيك في الإمام المهدي عليه السلام.







إن السبب الذي غيب الإمام عليه السلام عن بسط يده في الأمة، هو من الأمة ذاتها والخلل فيها والعيب منها، لأن الدارس للتاريخ وما جاء فيه من تفنن الأمة في التفريط في دينها، واهدار الفرص المتكررة لنهظتها وصلاح أمرها، بل وفي موالاتها للظالمين مندوحة في بقائها على حال من السقم والمرض والوهن، وبقاء الإمام في مجتمع يكاد يخلو من وازع الإرادة الحقة والتربية السليمة، والسعي إلى إدراك المعاني الحقيقية للصفوة التي أرادها الباري تعالى قادة للأمم ومنارة هدي للشعوب. وعليه فاللوم ملقى علينا والتهمة مناطة بنا فهما وتطبيقا.







إن الأمل هو الشعور الدافع فينا لمزيد التحفز والبذل، ومسألة الإمام المهدي هي من محصل ذلك الأمل الذي يختلج في صدورنا، ونسعى إلى تحقيقه باستقامتنا والتزامنا بأحكام الله تعالى ومبايعتنا لله تعالى، البيعة التي لا تبقي للدنيا وزينتها في قلوبنا مكانا. عندها يكون الفرج بإذنه تعالى وتتم كلمته في عباده وينجز وعده الحق. قال تعالى: "وقل اعملوا على مكانتكم إننا عاملون وانتظروا إننا منتظرون".







ليس لدي في الختام إلا أن أتوج هذه الخواطر بدعاء زمن الغيبة، سائلا المولى العلي القدير أن يتقبل من المؤمنين والمؤمنات أعمالهم ويزكيها، ويوفقنا جميعا لمرضاته انه ولي التوفيق.







اللهم عرفني نفسك، فانك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني نبيك، فانك أن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك ظللت عن ديني. اللهم لا تمتني ميتة جاهلية ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني... اللهم ثبتني على دينك، واستعملني لطاعتك ولين قلبي لولي أمرك، وعافني بما امتحنت به خلقك، وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته على خلقك وبإذنك غاب عن بريتك، وأمرك ينتظر، والعالم غير المعلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره، فصبرني على ذلك حتى لا أجد تعجيل ما أخرت، ولا تأخير ما عجلت، ولا كشف ما سترت، ولا البحث عما كتمت، ولا أنازعك في تدبيرك، ولا أقول لم وكيف وما بال ولي الأمر لا يظهر وقد امتلأت الأرض من الجور فأفوض أموري كلها إليك..."







اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك، والقادة إلى سبيلك، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرنا عنه فبلغناه.







اللهم صل على حجتك في أرضك، وخليفتك في بلادك، الداعي إلى سبيلك، والقائم بالقسط والفائز بأمرك، ولي المؤمنين ومبير الكافرين، والصادع بالحكمة، والموعظة الحسنة والصدق، وكلمتك وعيبتك وعينك في أرضك، المترقب الخائف، والولي الناصح، سفينة النجاة، وعلم الهدى، ونور أبصار الورى، مفرج الكرب، ومزيل الهم، وكاشف البلوى صلوات الله عليه وعلى آبائه الأئمة الهادين والقادة الميامين، ما طلعت كواكب الأسحار، وأورقت الأشجار، وغردت الأطيار. اللهم انفعنا بحبه، واحشرنا في زمرته وتحت لوائه... عندما تدعوا كل أناس بإمامهم.





















الصحابة بين الواقع والتضخيم






أردت في هذه العجالة أن أتناول مسألة بنى عليها جانب هام من المسلمين دينهم وجعلوها مقدمته ومورده وأساسه، فتعبدوا بها دون عمق نظر، ولا حقيقة بحث أوقفتهم على يقين ما هم عليه، ولا تبادر إلى خلدهم أنهم بذلك المسلك الذي سلكوه قد ظلموا أنفسهم، واتبعوا غير سبيل الرشاد الواجب اتباعه، وكان حريا بهم أن يلتمسوا غيره مما ظهرت حجته، ووضح مقامه، وبانت دلائله، بعيدا عن التقليد الذي لا طائل من ورائه.







صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هم؟ وما حقيقتهم؟ وما مدى علاقتهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل يعتبرون عدول الأمة وجب علينا اتباعهم؟ وهل جميعهم رضي الله عنهم كما يرددها المرددون صباح مساء في المساجد والملتقيات؟ وهل كلهم ثقاة كما يزعم الزاعمون؟







كل ما قرأناه بخصوصهم لم يكن مدققا، ولا كان بالنصوص الصحيحة في معظمها، ولا بالدليل الذي لا يقبل الطعن والشك.







ولو تتبعت باب الفضائل الذي خصص اغلبه لعدد من الصحابة ن ولا يمثل في حقيقته كلهم لما وقفت على فضيلة صحيحة يمكنك أن تخرج بها على قناعة من أنهم عدول الأمة، ومن ثبت منهم على منهاج النبي صلى الله عليه وآله قلة قليلة، كما هي حال اتباع الحق دائما.







قبل أن أعرف حقيقة أهل البيت عليهم السلام كنت معتقدا مع جملة من كنت على خطهم أن الصحابة هم الذين أخذ التابعون عنهم الإسلام، وكانوا السبب في استمراره وتطوره وازدهاره، هكذا تعلمنا في المدارس على مختلف مستوياتها، وتلك عقيدة المجتمع في الصحابة.







حتى إن بعض الأقلام التي كتبت عنهم لم تكن بالتي تميز بين الأخضر واليابس، وكانت كتابتهم كلها جريا وراء ما لقفوه من موروث بما يحويه من مزايدات أتى على عورتها التاريخ، فخالد محمد خالد مثلا، عندما كتب عن الصحابة في كتابيه رجال حول الرسول، وخلفاء الرسول كان يكتب من خلال عقلية تقديس الصحابة وما لبسها من مغالاة وتظخيم قاصدا بذلك الأجر والثواب، والقربة من هؤلاء الذين قد يكونون شفعاءه يوم القيامة، لم يعطنا الصورة التي يمكننا أن نأخذ بها، بل أعطانا صورا بعيدة عن متناولنا وغير الذين كتب عنهم ويعرفون بها في عصرهم، فقد صورهم لنا كأنهم الجبال الرواسي التي لا يتسلقها متسلق مهما أوتي من قوة، وعمرو خالد الذي ظهر علينا كآخر تقليعة تنتجها مصر في الحقل الإسلامي لكن هذه المرة بشيئ من (الديكور) تحدث عن الصحابة هو أيضا بضرب من التضخيم الذي يقف فيه السامع البسيط حيرانا، صحابة رسول الله كأنهم عجنوا من طينة واحدة، ولهم فكر واحد وسلوك واحد، يتصرفون بأوامر رسول الله تصرف الرجل الواحد، زهدوا الدنيا حتى لم يعد لهم فيها مطمع، أجاد الرجل في إسهاب عقول العامة الذين لا يقرءون عادة ولا يبحثون في دينهم، بأسلوب فيه كثير من الجاذبية زادها صنعته في الكلام، وكانت كل أحاديثه عن الصحابة فخلط الطيب بالخبيث والمؤمن بالفاسق، والمغضوب عليه بالمرضي عنه، طبل لها الرجل دونما إدراك لحقيقة الروايات التي نقلها للسامعين، ومن أين له ذلك وهو الذي يصنع لنفسه صورة الخطيب البارع والواعظ الفريد في عصره؟ لم أر فيه شخصيا أي علامة تدين ولا رأيت في مستمعيه من الجمهور الحاضر في مكان التصوير من تنبئك حاله بالتدين غير أولئك اللواتي أظهرن التحجب مع ما يحملنه على وجوههن من زينة، قد تكون دعوة مجانية للتعارف والزواج.







وأرى أن الرجل قد يكون من سلالة القصاصين القدامى الذين استعملهم الحكام ليدوخوا عقول الناس بما يروونه من قصص مثيرة وأخبار عجيبة، لا تكون عادة ذات إفادة لمن يسمعها إلا بضرب من التمتع الظرفي، ولا تزيده عن حقيقة الإسلام السمح البسيط إلا تهويلا وإثارة وتعجيزا، بتظخيم صور أناس لم يكونوا ليحلموا بالوصول إلى معشار ذلك المقام الذي وضعوهم فيه.







القصاصون هم أصل بلاء هذه الأمة ومنبت السوء الذي تعلق بها، لأن معظم رواياتهم وأساس عقائدهم جاء من تخاريف هؤلاء، ومعظم روايات فضائل الصحابة
جاءت من شطحاتهم التي كانوا يقومون بها في المساجد ليسلبوا عقول الناس، واستمر الحال على ذلك النمط، إلى أن تأسست بعد تتابع الأجيال، عقلية تقديس ذلك الوهم، فلم يجرء الحفاظ على المساس بأي صحابي وان كان غير ثقة بحسب ما صدر عنه من تجاوزات خطيرة سكت عنها ولم ينتقدها منهم أحد، ولأن الصورة قد تظخمت بحيث لم يعد هناك مجال لذكرهم إلا بخير جميعا، فأصبح اعتقادهم بأنهم المورد الذي جاء منه الإسلام، هم من رأوا رسول الله وعاشوا معه وأخذوا عنه، بل جاءت بعض الروايات لتضعهم موضع استجابة المولى لرغباتهم، فجاءت بعض تشريعاته نزولا عندها. فالمساس بهم هو مساس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزادت الأنظمة التي استولت على السلطة بالقوة والدهاء من وتيرة ذلك الاعتقاد لدرء خطر ظهور حقيقة أن الحكومة الإسلامية هي من جنس التشريع ولا يمكن أن تترك لأناس أغلبهم حديثي عهد بالتدين، وان الوحي قد بين من الذين سيكونون أئمة للأمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.







لذلك كبر الأمر على علماء الجرح والتعديل فوقعوا تحت تأثير عوامل عدة منها:







- تأثير السلط التي كانت قد اختارت تضخيم شخصيات بعض الصحابة.







- وخشية العامة التي سكنها هاجس تقديس ذلك الكذب، من ذلك على سبيل المثال أن النسائي (وهو من علماء جمهور الصحابة، أحد الحفاظ الستة عندهم) قد ديس بالأرجل إلى أن مرض ومات لسبب أنه بعدما كتب كتاب خصائص الإمام علي عليه السلام قيل له لماذا لا تكتب عن معاوية فقال: " لا أعرف له فضيلة سوى قول رسول الله لا أشبع له بطنا".(1)







- وعامل الغيرة الذي كان يدفع بالكثيرين منهم إلى الطعن في معاصريهم لأنهم يفوقونه علما ومكانة.







- أو اتهام مخالفيهم في الفكرة أو المذهب، لإسقاط رواياتهم.







لذلك ترى أنهم عندما أسسوا علم الجرح والتعديل، أي علم الرجال في معرفة أسانيد الأحاديث النبوية والروايات التاريخية للوقوف على مدى صحتها، لم يجرء أحد من علمائهم على تجريح واحد منهم بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك فقالوا: ": "الصحابة كلهم عدول سواء منهم من لابس الفتن ومن لم يلابس".(2)







فمن أين جاءت هذه النظرية التي ابتليت بها الأمة؟ وما مدى صحتها؟







لقد جاء في كتب التاريخ أن معاوية بن أبي سفيان الذي نصبه عمر بن الخطاب على الشام أميرا هو الذي أجج حملة التحريف في سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بافتعاله فضائل للصحابة ما كان لها أن ترى النور لو لم يأمر بتلفيقها مقابل ما كان يقدمه للمحرفين من أموال وامتيازات كثيرة فقد نقل ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة قوله:







كتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أنظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم وأكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم، واسمه واسم أبيه وعشيرته.







ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لما كان يبعثه إليهم معاوية من
الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا. ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، فلا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة، فان هذا أحب إلي وأقر إلى عيني وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.







فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك بلية، القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحضوا بذلك عند ولاتهم، ويقربوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل.







حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطلة لما رووها، ولا تدينوا بها.(3)







إننا لا يمكننا أن نمرعلى النص مرور الكرام إزاء تلك الجريمة النكراء التي أصبح فيها الحليم حيرانا، والتي أفسدت على كثير من المسلمين الذين يتعبدون بالوراثة دون النص دينهم، ودفعت بهم إلى اتخاذ الصحابة كلهم بدلا عن الصفوة الطاهرة من أهل بيت النبوة صلى الله عليهم، مما زاد في تعميق مأساة الأمة وابتعادها عن الصراط السوي الواجب اتباعه.







ومن تلك الرواية التي أماطت اللثام عن مؤامرة خسيسة القصد منها إبعاد أهل البيت من الواجهة الإسلامية وإحلال الصحابة الذين استولوا على الحكم غدرا وغيلة محلهم بما لفقوا لهم من فضائل لم تثبت صحتها، وثبت عكسها كحديث نسب إلى الإمام علي عليه السلام يحدثه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأن أبا بكر وعمر هما سيدا كهول أهل الجنة وأمره بأن لا يخبرهما(4)،
والحال أن الجنة ليس فيها كهول، وواضع الرواية أراد تقليد أو معارضة الحديث المشهور: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".(5) فسقط في الابتذال والسخافة والإسفاف.







البداية تحملنا إلى معرفة المعنى المراد به لفظ صحابي؟







صاحب وصحابي هما اسمان وصفتان لمن صاحب شخصا في مكان ما وفي زمن ما. وقد اختص الإطلاق على من صاحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فترة من الزمن.







أما لغة فصحب، صحبة، وصاحب مصاحبة، أي لازمه ورافقه وعاشره.







تصاحب الرجلان ترافقا،(6) وقد تطلق على الزوجة صاحبة، قال تعالى: "ما اتخذ صاحبة ولا ولدا".(7)







أما قرآنا فقد وردت كلمة صاحب في عدة آيات مطلقة هذا الاسم على عدد من الكائنات العاقلة وغير العاقلة مع اختلاف الجنس والمعتقد.







فمن حيث اختلاف الجنس قال تعالى: "أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا".(8)







فأطلق تعالى على الكلب صاحبا وجعله ضمن الرجال الذين آووا إلى الكهف: " سيقولون سبعة وثامنهم كلبهم.(9)







وأطلق على الحوت صاحبا في الآية: "كصاحب الحوت".(10)







على سبيل المجاز لأن سيدنا يونس عليه السلام كان في بطن الحوت ولم يكن معه مصاحبا بالمعنى المعروف للصحبة، ولا كان مختارا لتلك الصحبة.







وأطلق نسبة إلى الجمادات كقوله تعالى: " فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين".(11)







وقوله تعالى: "واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون".(12)







وقوله تعالى: " قتل أصحاب الأخدود".(13)







وقوله تعالى: " كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس".(14)







وقوله تعالى: "أونلعنهم كما لعنا أصحاب السبت".(15)







وقوله تعالى: " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل".(16)







إلى غير ذلك من الآيات التي تراوحت في نسبة الصحبة من الإنسان إلى الحيوان إلى الجماد إلى يوم السبت إلى اليمين والشمال والجنة والنار، كدليل على أن الصحبة تطلق في عمومها بضرب من المجاز، وليس مطابقة، ولا حقيقة.







ومن حيث اختلاف المعتقد، فقد أطلق على الصاحبين الذين يختلفا في المعتقد بضرب من التجوز لاحتمالها ذلك، لأن الصحبة في حقيقتها لا تعبر عن تطابق المتصاحبين في كل شيء لاستحالة حصول ذلك عمليا، وإنما الصحبة علاقات محكومة بحاجة أو بمصلحة أو بظرف من الظروف.







ولنا في هذا المجال ثلاث أمثلة وردت في القرآن الكريم:







المثال الأول:







قوله تعالى: "واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا * كلتا الجنتين أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا * وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا * ودخل لجنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا * وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا * قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا * ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا * فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا * أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا * وأحيط بثمره فاصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا * ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا * هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا *(17)







المثال الثاني:







قوله تعالى: " أصاحبي السجن أأرباب متفرقون أم الله الواحد القهار".(18)







المثال الثالث:







قوله تعالى: "ما ضل صاحبكم وما غوى".(19) وقوله أيضا: " وما صاحبكم بمجنون".(20) وقوله تعالى أيضا: "ما بصاحبكم من جنة".(21).







دلت الآيات التي استعرضناها على أنه قد يطلق الصاحب على سبيل المجاز لا الحقيقة على شخصين تصاحبا لسبب أو لمصلحة، قد يكونا مختلفين في معتقدهما وتصورهما، ولا ينفي ذلك من أن يتصفا بعلاقة واقعة بينهما وهي الصحبة.







ففي الآية الأولى كان الحوار واضحا بين مستكبر أخذته العزة بالإثم فطغى، ومستضعف مؤمن بما قضاه الله تعالى وقدره له.







وفي الآية الثانية كان الحوار بين النبي يوسف عليه السلام في السجن وبين رجلين كافرين، لم يمنع كفرهما من أن يكونا صاحبيه.







وفي الآيات الثلاث من المثال الثالث كان خطاب الله تعالى موجها إلى مشركي قريش الذين ردوا على الوحي النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووصفوه بالضلال والجنون. ومع ذلك لم يمنع من أن يتصفوا بصفة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان معنى الصحبة يفيد أكثر من ذلك لكانت الصفة خاصة بفئة معينة، ولما أطلقت على كل شيء.







لذلك فان المتأمل لما ورد في القرآن بخصوص الصحابة يدرك أن ذلك الجيل لم يكن متميزا عن غيره من الأجيال التي تلته، لأن ظاهرة النبوة والوحي غير مختص بهما وحده بقدر ما هو مشترك فيها مع غيره من أجيال البشرية التي تلت عصر النبوة، بل هناك ما يؤكد على أنهم أناس عاديون جدا، لا تستدعي صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كل ذلك التقديم والتبجيل لدرجة ربطهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ربطا لا ينفك أحدهما عن الآخر كأنهم مكملون للنبوة، أو بدونهم لا يساوي النبي صلى الله عليه وآله شيئا.







لكن هل ورد في القرآن ما يفيد عصمتهم أو تميزهم عن غيرهم من الأجيال التي تلت عصر النبوة؟







لقد جاء في القرآن الكريم ما يفيد أن الصحابة ليسوا سوى جيل عادي من الأجيال التي تعاقبت على الأرض ليس لهم ما يرفعهم على بقية الناس، حتى معاصرتهم لخاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله ليه وآله وسلم ليس فيها ما يقدمهم على غيرهم بل فيها ما يلزمهم بعدم التفريط في ما كانوا يسمعونه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يزيد في إقامة الحجة عليهم أكثر من غيرهم.







لم يمتدح المولى تعالى في كتابه غير القلة القليلة منهم ومن غيرهم منذ آدم إلى أن يرث الأرض ومن عليها، كما لم يحدثنا عن تميز صحابة نبي بما حووه منذ أن أرسلهم.







كانت علاقتهم بالنبوة والوحي مهزوزة مرتابة ولم يكن حضورهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك الحضور الفاعل والمسؤول وسنعرض إلى عدد من الممارسات التي صدرت عن عدد منهم في شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة.







وفي هذا المجال أخرج مسلم بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: نهتني قريش عن الكتابة عن رسول الله وقالت: انك تكتب عن رجل يتكلم في الغضب والرضا..."







دليل أسوقه على إن جبهة الصحابة من قريش، وهم المهاجرون طبعا، بما يمثلونه من زعامات ومصالح دعتهم إلى تبني ذلك الموقف من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومما حدا بالنبي إلى الرد عليهم جميعا بقوله: " أكتب فوالذي نفسي بيده لا يخرج مني إلا حق"..







لقد ورد في القرآن الكريم عدد من الآيات التي قد يرى فيها غير المتدبر والعارف أنها تشمل كل الصحابة، والحال أنها خاصة في فئة قليلة من الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله قلبا وقالبا، نستعرضها كالآتي:







قال تعالى: " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم".(22)







خصصت الآية رضى الله تعالى في المؤمنين فقط دون غيرهم والمؤمنون من المنظور القرآني قليلون، لقوله تعالى: " وقليل ما هم "(23) وقليل من عبادي الشكور"(24) و" وقالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم".(25)







متعلق باستمرار حالة التواصل والتفاعل معه. والآية الكريمة قد استثنت من رضى الله تعالى غير المؤمنين لأن غيرهم لا يكون عمله عن يقين وإدراك، ففي المسائل العبادية الأخرى كالصلاة والصوم والحج ونحوها، التي يأتي بها المسلم بنية القربة والعبودية لله قد يطرأ على تلك العبادات ما يفسدها كأن لا يقوم بحقها من صحة أركان وحضور قلب فلا تقبل.







على أن الآية الثانية قد أفادتنا بأنه قد ينكث ناكث ممن بايع تحت الشجرة، ونبهت على ظاهرة قد تطرأ في مستقبل المبايعين.







قال تعالى: "إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه".(26)







ثم نبهت آية أخرى على خطورة النكث وإمكان حصوله حتى من الصحابة الذين بايعوا الرسول تحت الشجرة.







قال تعالى: " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون * ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا".(27)







على أن آيات المدح والرضى من الله تعالى بشان المؤمنين سواء كانوا صحابة أو غيرهم من الأجيال التي تلتهم خاضعة لقاعدة حسن الختام والامتثال لأوامر الله تعالى ونواهيه حتى آخر لحظة من حياتهم.







قال تعالى: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من يتنظر وما بدلوا تبديلا".(28)







مع ما تحمله الآية من ضمان بعدم تبديل أولئك الرجال من المؤمنين وحسن خاتمة المنتظرين منهم.







وفي آية الردة والانقلاب وأحاديث الحوض ما يكفينا مؤونة القول بأن ما حيك حول الصحابة من قداسة وتعظيم لا يتفق مع أكثرهم، وهذا ليس رأيي، إنما أنا تابع فيه لرأي الله تعالى ورسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.







قال تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة والإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلض على سوقه يعجب الزراع ليغيض بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما".(29)







تحدثت الآية الكريمة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن الذين معه
وعددت لهم من الصفات والخصائص الجليلة والعظيمة ما يرجح عدم اتصاف الذين معه بها جميعا، لأن الآية عادت إلى التخصيص في نهايته بعد التعميم في بدايتها بالقول: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما".(30)







ودل الوصف في الآية أن الخصائص المذكورة عائدة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخلص صحابته وأتباعه وليست لكل الصحابة لأنه من غير الممكن أن يكون الناس جميعا على مستوى إيماني واحد. على أن هنالك دلالات قرآنية أخرى تدعم هذا الرأي أثارت مسألة ردة الصحابة عند فرارهم من الزحف في حنين. قال تعالى: " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه لن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين".(31)







لقد نزلت الآية عندما فر جل الصحابة من المعركة تاركين النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بضعة من خلص المؤمنين مستميتين في الذب والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع احتمال قتله، احتملت موته صلى الله عليه وآله وسلم أيضا، طارحة مسألة ارتداد الصحابة بعده، قد تستغرب عندما تقف على معنى الآية والقصد منه ولكن استغرابك سيزول حتما إذا ما راجعت أحاديث الحوض التي طفحت بها كتب هؤلاء المقدسين للصحابة إلى درجة لم يعد معها شك في أن ردتهم هي حقيقة أخفيت عنا بفعل تدليس روايات التاريخ والسكوت عن الكثير منها. غير أن ما جاءنا من تلك الروايات كان كافيا لفك لغز طالما أخفاه عنا المزكون للصحابة، رغم أن تلك الروايات قد دونتها كتبهم لكنهم لم يعطوها القيمة التي يتصور منها أنها ستأتي على معتقدهم في الصحابة، وإلا لما كانوا رووها أصلا.







أخرج الحفاظ كلهم عددا من الروايات بخصوص حوض النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة فمسلم مثلا أخرج 12 رواية تحدثت عن ردة الصحابة نذكر منها أربع روايات.







الرواية الأولى:







عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصحابي أصحابي فليقالن لي انك لا تدري ما أحدثوا بعدك".(32)







الرواية الثانية:







أخرج الطبراني بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ليرفعن لي رجال من أصحابي حتى إذا رأيتهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي، فيقال: انك لا تدري ما أحدثوا بعدك". وفي رواية أخرى "فأقول سحقا لمن غير بعدي".(33)







الرواية الثالثة:







عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "بينما أنا قائم جاءت زمرة فحال رجل بيني وبينهم فقال هلم قلت أين قال إلى النار والله، فقلت وما شأنهم فقال انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا جاءت حال رجل بيني وبينهم، فيقول: هلم، فأقول: أين؟ فيقول إلى النار والله. فأقول وما شأنهم؟ فيقول: انهم مافتئوا يرتدون بعدك على أدبارهم القهقرى (وفي الثالثة يقول صلى الله عليه وآله:) " فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم".(34)







الرواية الرابعة:







قال صلى الله عليه وآله: " إن في أصحابي اثني عشر منافقا، منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل من سم الخياط".(35)







وأحاديث الحوض هذه هي الشارحة لآيات الكتاب العزيز بخصوص الذين صاحبوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على أنه يوجد في القرآن أيضا آيات نزلت بخصوص الصحابة منها ما فيه إطراء وشكر ومنها ما فيه خلافه، بل هناك من الآيات ما يثير السخط والاستنكار واللعن، لأن اللعن عبادة وتعبير عن البراءة من المخالفين لأوامر الله ونواهيه، وعدو الله ورسوله وآله الأطهار والمؤمنين الأخيار يجب لعنه، لقوله تعالى: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون".(36)







وهذا لعن صادر حتى من الذين يتأففون من اللعن كأنما هو جريمة والحال أن الله تعالى أمر به ليس هذا فقط إنما حتى الذين يرفضون اللعن كتب عليهم ربهم اللعن رغم أنوفهم، لقوله تعالى: "أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". وقوله أيضا: " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار".(37) على أن اللعن الصادر عن الله تعالى لم يكن موجها للكفار والمشركين فقط، فالكاذب والظالم والناقض للميثاق وقاطع الرحم، خصوصا رحم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذين أوجب الله تعالى علينا مودتهم، والمفسد في الأرض ملعونون في كتاب الله، ويجب لعنهم، وفي ذلك كله دليل كاف على أن اللعن عبادة، فيها البراءة من الذين يعادون الله ورسوله ويحرفون دستوره.







آيات الشكر والمدح لبعض الصحابة لا يمكن أن تفصح عن أصحابها لأنه قد لحقت بالروايات المبينة لهم عمليات حرق ومنع قام بها ابن أبي قحافة وابن الخطاب تحت عنوان خشية اختلاطها بالقرآن، وهو تبرير لا أساس له لا ينطلي إلا على أصحاب العقول الجامدة، ثم جاء التحريف الكبير الذي قام به ابن أبي سفيان، فانقلبت الحقائق حتى أصبحت، الحالة الشاذة من بين الروايات الموضوعة، وعوض أن يكون الصحابة المقدمون عند الله ورسوله وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام هم الذين يعتمدهم الناس ويحترمونهم ويبجلونهم.







لقد كانت حادثة السقيفة المؤسس لحركة التحريف التي طالت كل شيء بعد ذلك وفي أحضانها تربى التمرد والعصيان والجرأة على الله ورسوله، وكان نتاجها انفراط أمر الحكومة الإسلامية وغيبوبة الثقافة المتصلة بها عند أكثر المسلمين، الذين كانوا يقنعون بما يلقى إليهم من أنظمة الظلم والجور، فلا يحركون ساكنا خوفا على أنفسهم ومصالحهم الدنيوية، أما دينهم فليس مهما طالما أنهم يقتاتون فضلات أسيادهم.







ثم إن العجيب والغريب في أمر أغلب أفراد هذه الأمة أنهم يديرون ظهورهم للحقيقة التي تقول بأن الاصطفاء سنة إلهية لا يمكنها أن تتبدل في هذه الرسالة الخاتمة، لأن الذرية التي بعضها من بعض مستمرة إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وهي في أهل البيت الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، لا في غيرهم ممن جرت نعمتهم عليه.







إن المتأمل في ما جاء من آيات قرآنية نازلة بخصوص الصحابة ذامة ومنددة بتصرفات الكثيرين منهم وما نقل رواة الذين اتخذوا من حب الصحابة جميعهم وسيلة إلى الله تعالى وسببا إلى مرضاته من حياة الصحابة وقائع تقيم الدليل على أن أكثرهم كان أبعد ما يكون عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن الإسلام ككل، وما تشكيكهم في كلام النبي وأوامره ونواهيه إلا دليل على بواطن ما زالت تحوي الشر والشك في النبي صلى الله عليه وآله وفي دينه.







ولن نمر من هنا قبل أن نبين بعض ما جاء في الصحابة من ذم وتنديد ولو لم يكن هناك غير آية الارتداد لكفت حجة.







قال تعالى: "يحلفون بالله انهم لمنكم".(38)







وقال أيضا: " ومنهم الذين يؤذون النبي".(39)







وقال أيضا: "ومنهم من يلمزك في الصدقات".(40)







وقال أيضا: "وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم".(41)







وقال أيضا: "وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا".(42)







وقال أيضا: "وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم".(43)







وقال أيضا: " والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين".(44)







الآيات القرآنية عديدة في شأن الصحابة لا يتسع لها المجال، فيكفي ما أوردناه ليكون دليلا على أن كل الذين تكلم عنهم الوحي هم صحابة النبي لأنهم من عصره وصحبوه زمانا ومكانا، وليس هناك اصطلاح آخر يمكن أن نعرفهم به غير تسمية (صحابة).







أما وجه الفضل فيهم فقد قلب رأسا على عقب واصبح السيد عبدا والذي لا يساوي فلسا واحدا قام عليه الدين. فجلة الصحابة الذين كان لهم فعلا الأثر في فهم الإسلام ووالتقيد به ونشر تعاليمه والدفاع عنه كسلمان الذي لو اطلعت على حياته لعجبت من جحود هذه الأمة له، وأبي ذر الغفاري الذي عرف الله وحده قبل أن يأخذه الإمام علي عليه السلام إلى رسول الله والحال أن المقدمون من الصحابة عند هؤلاء العامة ما زالوا عاكفين على الأصنام يعبدونها، وعلى الموبقات يفعلونها.







رغم أن علم الجرح والتعديل جاء متأخرا عن عصر التدوين شأن التدوين الذي تأخر عن عصر النبي صلى الله عليه وآله بتخطيط من الغاصبين للحكم، ورغم أن علماءه لم يسلموا من مرض عضال اسمه التعصب للمذهب، فانه قد استطاع أن يزيح الغموض عن حقيقة أكثر روايات فضائل الصحابة، بما نقل من طعون في رواتها، أسقطتها وتلفيقها عليهم.







ولو أن علماء الجرح والتعديل كانت لهم الجرأة واقتحموا معقل الصحابة فأعطوا رأيهم العادل في عدد منهم لسقط جانب آخر من الروايات التي لا تزال ترى النور هي في الحقيقة بدع وضلالات، غير أن الحاصل أنهم كلهم أجمعوا على عدالتهم فلم يجرأ أحد على قول الحق فيهم، جريا على سنة الأمويين، فقالوا: " الصحابة بساطهم مطوي وان جرى ما جرى وان غلطوا كما غلط غيرهم فانهم من الثقاة".(45) لكنهم مع ذلك يفرقون بينهم، فالخلفاء الثلاثة الأوائل ومن تبعهم هم خيار الصحابة، ويوردون قول ابن عمر: " إننا كنا نفاضل صحابة رسول الله فنفضل أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم يستوي الناس".(46)







كأنما كلامه هذا من القول الفصل، والميزان الذي لا يراجع، أما الإمام علي وأهل بيت رسول الله صلى الله عليهم فهم في نظر هؤلاء يستوون مع الناس. إنها السياسة التي حكمت في رقاب الأجيال الأولى من المسلمين هي التي كانت تحض على ذلك الرأي وتعاقب مخالفه بأقسى العقوبات، لأنها كانت غاصبة للسلطة، وليس لها من سبيل سوى التضليل، وإبعاد المسلمين عن الحق والوجهة الصحيحة التي يجب سلوكها في الدين.







البخاري هو مقدم علماء الجرح والتعديل عندهم، لو سألت أحدا منهم لماذا قدم البخاري على غيره؟ ومن هو حقيقة هذا الرجل؟ لما جروا لك جوابا مقنعا، ذلك لأنهم مقلدون وراثة وبلا أدنى علم، قالوا بأن الأمة قد تلقته بالقبول والتسليم، ومن روى له فقد اجتاز القنطرة كما هو رأي الذهبي مثلا. مع أن البخاري هذا لا يمتاز عن غيره في شيء، اللهم إلا في امتناعه من الرواية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقطعه لمتون الأحاديث بدعوى التبويب، مما حدا بأنظمة تلك العصور أن تعتمد كتابه وكتب من سلك نهجه ممن تسموا بأصحاب الصحاح ككتب روائية وحيدة دون غيرها ممن تفوق عليها، وكان أصحابها أساتذة أزمنتهم. فالرواية عن أهل البيت رفض ومعارضة للسلطة التي كانت ترى أن أهل البيت عليهم السلام يشكلون خطرا على كراسيهم وحكوماتهم التي لا تعرف للعدل طريقا ولا للإسلام دينا سوى تلك الصلاة التي يتقنع بها هذا الظالم وذاك. فكان السعي من هؤلاء جميعا إلى الحيلولة دون وصول الجماهير المسلمة إلى النبع الصافي والمنهل الروي، فيكتشفون معنى الولاية وحقيقة أولي الأمر الربانيين، فيكون بذلك انكشافهم وافتضاحهم، ومن ثم ثورة المسلمين عليهم وخلعهم عن سلطانهم.







لقد فضح الحفاظ بعضهم، فذكر علماء الجرح منهم رواة متهمين بالوضع والتدليس وبفساد العقيدة كالقدرية والمجسمة والمرجئة والخوارج كل هؤلاء روى عنهم أصحاب الكتب الستة.







هذا من حيث سند الرواية ومكانها، أما من حيث المتن والمحتوى فان الفضائل التي ألصقت بالصحابة عموما وبالخلفاء الثلاثة الأوائل خصوصا فقد كانت من إيعاز الطليق معاوية بن أبي سفيان ومن أعانه على جرمه العظيم عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب وأبو هريرة وغيرهم، وقد أشرت إلى ما دونه التاريخ بشأن تلك المصيبة التي أسس لها وتبعه عليها من جاء من ورائه من بني أمية طيلة فترة حكمهم (82 سنة وضعا لأحاديث الفضائل المزعومة وسبا للإمام علي وأهل بيته عليهم السلام)







من ذلك الجحر جاءت رواية العشرة المبشرة بالجنة ورواية أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ورواية عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي... ومع اختلاف الحفاظ ومن جاء بعدهم وطعنهم في صحة تلك الروايات كرد البزار وابن حنبل وابن حزم وابن تيمية على رواية أصحابي كالنجوم بأنها لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(47) فان جانبا هاما من الأمة لا يزال عاكفا على تلك المرويات كعكوف بني إسرائيل على العجل، دون إمعان نظر ولا روية بحث، كأنما الدين وراثة لا علم فيه.







على أنه لا باس من التعريج على تلك الروايات للوقوف على تهافتها واجتثاثها. أما رواية العشرة المبشرة بالجنة، فهي لا تصح لسببين.







الأول:







من حيث المتن لم يعتمد أكثر الحفاظ المعتد بهم في خط الصحابة هاتين الروايتين لضعف سنيدهما من جهة، ولاختلافهما في العشرة المبشرة بين أبوعبيدة عامر بن الجراح في رواية وبين عبد الله بن مسعود في الثانية، فاختل عدد العشرة من تلك الناحية.







الثاني:







وهو أن العشرة (الأحدا عشر في واقع الروايتين) اختلفوا بينهم لحد الحرب والاقتتال ومات من مات منهم مقاتلا صاحبه كما هو شأن طلحة بن عبد الله الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل فقال عند نزول آية الحجاب: ما ينفع محمدا نزول الحجاب غدا يموت وأتزوج فلانة (عائشة)". والزبير بن العوام وابنه عبد الله الذي اخرج خالته عائشة على جمل لمحاربة الإمام المفترض الطاعة بالشورى الصحيحة وبالنص من الله تعالى كذلك، ولو كان لهؤلاء ذرة من دين لما اقتحموا مجالا يؤدي إلى الفتنة والى غضب الله تعالى، فهل بعد هذا جنة لهؤلاء؟(48)







أما رواية عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، فهي لا تصح أيضا لأن الخلفاء المذكورين لم تكن لهم سنة واحدة، واختلفوا فيما بينهم، وقد عرض الحكم على الإمام علي عليه لسلام شريطة أن يتقيد بسنة أبي بكر وعمر فرفض قائلا: بل تبايعني على كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي". وقبلها عثمان بن عفان، لكنه سرعان ما خالف ما أعطى من شرط فقتله الصحابة في ثورة بالمدينة وبعد حصارين ويأس من أنه سيثوب إلى رشده. وبقي ملقى في بيته ثلاثة أيام ولم يدفن إلا ليلا وخارج البقيع في حش كوكب مكان كان يهود المدينة يدفنون فيه موتاهم،(49) لسبب واحد وهو أنهم اعتبروا عثمان محدثا في الدين ومرتدا عنه، ذلك الذي نقلوا عنه أنه تستحي منه الملائكة في رواية مخزية نسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولفقوا عليه بأنه لا يستحي من الملائكة ولا من الناس الداخلين عليه ويستحي من عثمان بمجرد الدخول عليه فيسوي ثيابه ويستر فخذيه، لأنه تستحي منه الملائكة. ألا لعنة الله على الكاذبين.(50)







لم أجد في كتب اتباع خط الصحابة نصا واحدا صحيحا يوجب اتباع الصحابة ولا تقديسهم ولا يؤشر إلى الموقع العالي الذي أحلوهم فيه كل ما وجدناه عدد من الروايات المتناقضة فيما بينها ما يؤكد وضعها من قبل معاوية بن أبي سفيان وبني أمية من بعده، فرواية لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكرخليلا.(51)







هي من ذلك الجم من الروايات الموضوعة في ذلك العهد، فمن حيث السند نجد عددا من الرواة الذين كشف حالهم وظهرت علاماتهم وفاحت رائحتهم مما دعا إلى ترجيح وضع الحديث هذا من ناحية، أما من حيث المتن فان الرواية لا تفيد شيئا، لأن الاتخاذ المزعوم لم يقع حتى التفكير فيه علاوة على حصوله من ناحية أخرى، ولقد ثبت وصح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد آخى بينه وبين الإمام علي عليه السلام في المؤاخاتين(52)، الأولى في مكة قبل الهجرة، والثانية في المدينة بعدها وقد صرح بها غير واحد من الحفاظ وأصحاب السير كالحلبي في سيرته التي جاء فيها أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين المهاجرين ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، وقال في كل واحدة منها لعلي: "أنت أخي في الدنيا والآخرة". ولو كان في رواية "لو كنت متخذا خليلا" هذه شيئ من الصحة لفاز أبو بكر بالمؤاخاة بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكن شيئا من ذلك لم يحصل فثبت بطلان الدعوى، ومن جهة أخرى فان المطالب لا تؤخذ بالتمني ولا أثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن استعمل هذا المصطلح الغريب عن النبوة، فيكفي الرواية وهنا أنها لا تفيد أمرا معلوما حاصلا كي نعتمده.







أما حادثة سد الأبواب فهي تؤكد عمليا وبشكل واضح على القيمة التي يشتمل عليها أهل البيت عليهم السلام، لقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبشكل عملي واضح أن الباب الذي يجب على المسلمين أن يأتوا إليه بعده هو الباب الذي لم يأمر بسده، ولم يكن بمعزل عن الوحي. فمن جهة نجد الرواية الصحيحة التي تقول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ٌقد أمر بسد الأبواب المطلة على المسجد إلا بابه وباب علي عليه السلام. ومن جهة أخرى نجد رواية سد الأبواب إلا باب أبي بكر، وعليه فان النص التاريخي الذي رووه في شأن الأمويين الذين كان همهم الأكبر بعد أن استتب لهم الأمر تغييب الصورة الحقيقية لأهل البيت عليهم السلام بقلب الحقائق ونسبة فضائل الهداة من أهل البيت عليهم السلام لغيرهم وإحلالهم محلهم، وهو ما تم فعلا وهذه الرواية هي عينة أخرى على قلب المفاهيم لدى الأنظمة الطاغية. فمن جهة السند نجد عددا من الكذابين والضعفاء كنهشل بن سعيد البصري الذي قال فيه أسحاق بن راهويه: كان كذابا وقال فيه النسائي وابن أبي حاتم: متروك. ويحي والدارقطني: ضعيف(53) وكداود بن يزيد الأودي الكوفي الذي ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود، وقال فيه النسائي: ليس بثقة، وقال فيه ابن معين ليس بشيئ(54) وكعلي بن عبد الحميد الواسطي: الذي لم توجد له ترجمة وقال الهيثمي: لم أعرفه(55) أما يحي بن عبد الحميد الواسطي فقد أقر الذهبي بأنه شيعي بغيض، وأورد أن زياد بن أيوب قوله سمع يحي الحماني يقول: كان معاوية على غير ملة الإسلام. قال زياد كذب عدو الله.(56) والرواية عندهم وهي من هذا السند ملفقة على يحي لأن عقيدته في الأئمة من أهل البيت وليست في الصحابة، فهو كما صرح الذهبي شيعي ونعته بأنه بغيض كما يحلو له تعصبه بنعت فضلاء الشيعة وعلمائهم بشتى النعوت التي لا تتفق مع مقام الرجل. ومن جهة المتن فان حديث المنزلة الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام واتفق الجميع على صحة وروده وحتى تواتره: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي".(57)







هذا الحديث يفيد أن الباب الذي يجب أن يبقى مفتوحا في حادثة سد الأبواب هو باب علي عليه السلام وليس باب أبي بكر، لأنه منزلة من تلك المنازل التي تحدث عنها القرآن الكريم فقال: "وإذ أوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة".(58)







مضافا إلى آية التطهير الخاصة بأهل البيت عليهم السلام(59) لأنهم معدن النبي وأصله والثابتون على شريعته بشكل لا يضاهيه ثبات آخر ولا تفاعل آخر.







لقد تصدى الأئمة الأطهار لظاهرة الأحاديث الموضوعة التي انتشرت بدعم من السلط الغاشمة، التي كانت تحث القصاص على روايتها للناس في المساجد فقد جاء عن الإمام التاسع لأهل البيت عليهم السلام وهو الإمام محمد بن علي الجواد ما يفيد ذلك، فقد اجتمع في مجلس المأمون العباسي جمع من العلماء فيهم يحي بن أكثم، فقال يحي بن أكثم: ما تقول يا ابن رسول الله في الخبر الذي يروى انه نزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقال له: يا محمد إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك سل أبا بكر هل هو عني راض، فاني عنه راض؟ فقال الإمام: يجب على صاحب الخبر أن يأخذ الخبر الذي قاله رسول الله صلى اله عليه وآله في حجة الوداع بعين الاعتبار: "لقد كثرت علي الكذابة وستكثر بعدي، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به، وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به. وهذا الخبر لا يوافق كتاب الله، قال تعالى: " ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد". فالله سبحانه خفي عليه رضى أبي بكر من سخطه حتى سأل عن مكنون سره هذا مستحيل في العقول. ثم قال يحي بن أكثم: لقد روي أن مثل أبا بكر وعمر في الأرض كمثل جبرائيل وميكائيل في السماء. فقال الإمام عليه السلام: وهذا أيضا يجب أن ينظر فيه، لأن جبريل وميكائيل ملكان مقربان لم يعصيا الله قط، ولم يفارقا طاعته لخطيئة واحدة وهما قد أشركا بالله عز وجل وان أسلما بعد الشرك ولكن أكثر أيامهما كانت على الشرك فمحال أن يشبههما بهما.







فقال يحي بن أكثم: وقد روي أيضا أنهما سيدا كهول أهل الجنة فما تقول يا أيا جعفر؟ فقال عليه السلام: وهذا الخبر لا صحة له أيضا لأن الجنة ليس فيها كهل وشيخ وقد وضع هذا الخبر بنو أمية في مقابل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله في الحسن والحسين وأنهما سيدا شباب أهل الجنة.







فقال يحي بن أكثم: وروي أن عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة. فقال عليه السلام وهذا أيضا محال، لأن في الجنة ملائكة الله المقربين وآدم ومحمد وجميع الأنبياء والمرسلين لا تضيئ الجنة بأنوارهم حتى تضيئ بنور عمر.







فقال يحي بن أكثم: وقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لو لم أبعث لبعث عمر. فقال عليه السلام: كتاب الله أصدق من هذا الحديث، يقول الله في كتابه: "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح". فقد أخذ الله ميثاق النبيين، فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه، وكل الأنبياء لم يشركوا بالله طرفة عين، كيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه مع الشرك؟ وقال رسول الله: "نبئت وآدم بين الروح والجسد. فقال يحي بن أكثم: وقد روي أيضا أن النبي صلى الله عله وآله قال: ما احتبس عني الوحي قط إلا ظننته نزل على آل الخطاب. فقال عليه السلام: وهذا أيضا محال لأنه لا يجوز أن يشك النبي صلى الله عليه وآله في نبوته. قال تعالى: "







الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس". فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالى إلى من أشرك به؟ قال يحي: روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو نزل العذاب لما نجا منه إلا عمر. فقال عليه السلام: وهذا محال أيضا لأن الله تعالى يقول: " وما كان الله معذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون". فأخبر سبحانه أنه لا يعذب أحدا ما دام فيهم رسول الله وما داموا يستغفرون.
(60)







وعليه فانه قد ذهب عهد القصة والقصاصين الذي كان يميز المجتمعات الإسلامية القديمة، التي لم يكن لديها إمكانية البحث والتمييز وترجيح السليم من الروايات على سقيمها.







إن القيمة الثابتة التي كان على الصحابة أنفسهم وجوب اتباعها بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي قيمة أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب عنهم المولى سبحانه وتعالى الرجس وطهرهم تطهيرا. فمن اتبع منهم العترة الطاهرة فقد مضى على بينة من أمره، لم يغير ولم يبدل شأنه شأن سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد، وغيرهم من الذين ثبتوا على أمر الله تعالى ووصية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في شأنهم، ومن تنكب عنهم أو حاربهم أو حتى سكت عنهم، فهو زائغ
ثم إن السنة الواجب اتباعها سنة واحدة، هي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أئمة أهل البيت المفترضي الطاعة، لم يطرحوا أنفسهم بديلا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو الشأن بخصوص الدعوة الى العمل بسنة الصحابة كما في الرواية عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، إنما هم فيها ناقلون ومقتفون أثره، لذلك كانوا يرجعون كل أمر إلى علوم رسول الله التي ورثوها عنه كقول الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: "حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين بن علي وحديث الحسين بن علي حديث علي بن أبي طالب وحديث علي بن أبي طالب حديث رسول الله صلى الله عليه وآله".







تلك هي سلسلة الاصطفاء الواجب الأخذ عنها واتباعها دون غيرها من سلاسل الشبهة والتحريف، وحسب رأي كل منصف أنتبع من زكاه الله تعالى وطهره أم من لا نعرف حاله على وجه اليقين؟







علاقة الصحابة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن بالمتينة التي يسودها الوئام والاحترام، فقد تخللتها تصرفات غريبة، لا تعطي لفاعلها انطباعا حسنا، بل تضعه في خانة التهمة وتصنفه في مقام المنافقين من صحابة رسول الله وما أكثرهم إذا عددنا تلك التصرفات وما أقل عددهم إذا حسبناهم بالاسم، وكيف يمكننا أن نحصيهم وقد قال الله تعالى لرسوله: "لا تعلمهم نحن نعلمهم". ومع ذلك يجب علينا حبا في الله وفي رسوله أن نفضح ممارساتهم مع النبي صلى الله عليه وآله لأنها لم تكن بريئة ولا عن غير قصد بل كان مخططا لها تخطيطا محكما.







ولست هنا في موضع التعديد لكل ما صدر عن هؤلاء الصحابة، لأن المجال لا يتسع لذلك من ناحية، ولأن ما عفى عنه التاريخ من تلك الجرائم ومقترفيها اكثر بكثير مما سجله من ناحية أخرى. لكني سأوجز بعض المواقف التي بقيت شاهدا على جنايات هؤلاء الذين لقبوا بصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأحلوهم محل الهداة من أهل البيت عليهم السلام.







الموقف الأول: صلح الحديبية







أخرج البخاري: فلما فرغ النبي (ص) من الكتاب قال لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا فما قام منهم رجل، قال ذلك ثلاث مرات. أما الحلبي فقد نقل: أن عمر جعل يرد على رسول الله (ص) الكلام فقال له أبو عبيدة: ألا تسمع يابن الخطاب رسول الله يقول ما يقول نعوذ بالله من الشيطان الرجيم".(61)







وأخرج ابن هشام في سيرته تحت عنوان عمر يستنكر الصلح ويتوب بعد ذلك:







"فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال: بلى. قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه فاني أشهد أنه رسول الله، قال عمر وأنا أشهد أنه رسول الله. ثم أتى رسول الله (ص) فقال:







يا رسول الله ألست برسول الله؟ قال: بلى. قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى. قال: فعلام نعطي الدنية في دننا؟ قال: أنا عبد الله ورسوله ولن أخالف أمره ولن يضيعني. فكان عمر يقول مازلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعته يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به، حتى رجوت أن يكون خيرا.(61)







الموقف الثاني: رزية الخميس







روى الحفاظ والمؤرخون وأصحاب السير باتفاق ودون تردد أحد منهم ما يلي:







عن سعيد بن جبير انه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت له: يا ابن عباس ما يوم الخميس؟ قال اشتد برسول الله (ص) وجعه فقال: ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا. فتنازعوا ولا ينبغي عند ني تنازع. فقالوا: ماله أهجر استفهموه؟







وفي رواية أخرى، قال عمر: إن النبي (ص) غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وأكثروا اللغط. قال: قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع. فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (ص) وبين كتابه.(62)







ولئن سكت أتباع خط الصحابة عن الحادثة رغم أنهم رووها في جميع كتبهم الروائية سواء كانت مجاميع أحاديث أم كتب تاريخ وسيرة، إلا أنهم غضوا الطرف عن تناول ما جاء فيها تغطية على عمر وحزبه. فهل قرأ هؤلاء جميعا قوله تعالى: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب عظيم".(63)







ألم يقرئوا: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا".(64)







ألم يكن لديهم عقيدة بأن كل ما ينطق به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو من الله تعالى لقوله: " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى".(65)







ألم يأمرهم الله تعالى بأن يأخذوا كل ما يأتيهم به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".(66)







وقوله تعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا فيما قضيت ويسلموا تسليما".(67)







ألم ينههم الله تعالى عن تجاوز مقامه الشريف والتعامل معه بمنتهى التسليم: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون".(68)







ماذا كان قصد عمر وحزبه الذي ينعت في الغالب بقريش في تلك الحادثة مصطلح قريش هذا هو الذي يوضع عندما يراد التستر على أشخاص وعدم ذكر أسمائهم للضرر الذي سيحصل لهم عند المسلمين من جراء ذلك؟ ألا ترون أن المسألة هي من الخطورة بما كانت؟ وهل كان مقام عمر أنذاك في المدينة وفي حجرة النبي صلى الله عليه وآله أم في جيش أسامة المعسكر خارجها تهيئا لغزو الروم؟ وكيف يحق لهؤلاء الاجتراء على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم في عقر داره؟ أسئلة أضعها بين يدي من كان يريد الله ورسوله، ويرغب فعلا في تصحيح عقيدته في الدين ككل.







ومع ذلك تمضي غيرتهم على عمر وعلى من شاكله ممن كانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وآله في كل مناسبة فلا يقبلون فيهم شيئا كأنما هم شيئ فوق الشريعة والنبي صلى الله عليه وآله، ومقابل ذلك يقبلون في النبي صلى الله عليه وآله كل شيئ وينعتونه بكل شيئ، ونتساءل أحيانا ونحن في غفلة من هذا لماذا لم تنهض أمة الآلام؟ وكيف تنهض وهي على هذه الحال من المعتقد الفاسد.







الموقف الثالث: مؤامرة تبوك







أخرج الحلبي عن حذيفة قال: كنت ليلة العقبة آخذا بخطام ناقة رسول الله (ص) أقود به وعمار بن ياسر يسوقه، أو أنا أسوقه وعمار يقوده، أي يتناوبان ذلك فبينا رسول الله (ص) يسير في العقبة إذ سمع حس القوم قد غشوه، فنفرت ناقة رسول الله (ص) حتى سقط بعض متاعه، فغضب رسول الله (ص) وأمر حذيفة أن يردهم فرجع حذيفة إليهم وقد رأى غضب رسول الله (ص) ومعه محجن فجعل يضرب به وجوه رواحلهم، وقال إليكم إليكم يا أعداء الله، فإذا هم ملثمين. وفي رواية أنه صرخ بهم فولوا مدبرين، فعلموا أن رسول الله (ص) اطلع على مكرهم به فانحطوا من العالية مسرعين إلى بطن الوادي واختلطوا بالناس. وفي رواية أخرى أن حذيفة قال عرفت راحلة فلان وراحلة فلان (الأكيد أن حذيفة كان صرح بأسماء المتآمرين على قتل الرسول صلى الله عليه وآله غير أن هناك من كان يؤذيه افتضاح تلك الشخصيات فأمضى حضره على مرورها إلى الناس مستعيضا بفلان عن ذكرها. قال (ص) هل علمت ما كان من شأنهم وما أرادوه فقال: لا، قال (ص): انهم مكروا ليسيروا معي في العقبة فيزحموني فيطرحوني منها، لكن الله أخبرني بهم وبمكرهم، وسأخبركما بهم..."(69)







الموقف الرابع: التمرد على أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الخروج مع أسامة لمحاربة الروم.







أجمع أصحاب التواريخ والسير أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أسامة بن زيد مولاه وكان عمره 18 سنة على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، وعقد له لواء بيديه الشريفتين، وحث الناس على الخروج إلى قتال الروم، كان ذلك لأربع ليال بقين من شهر صفر سنة 11 للهجرة. لكن الناس تثاقلوا وأظهروا التمرد والعصيان، حتى طعنوا في تأميره لأسامة.







فخرج إليهم مغضبا، معصب الرأس متدثرا قطيفة، محموما وكان ذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول قبل وفاته بيومين. فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله انه كان لخليقا بالإمارة وان ابنه من بعده لخليق بها".(70)







أما استخفافهم بالدين فظاهر من خلال ما جاء عنهم من روايات ثابتة عن تصرفات صدرت عنهم تجاه النبي صلى الله عليه وآله، لم يقيموا له من خلالها وزنا.







الرواية الأولى: انفضاضهم عنه وهو يخطب خطبة الجمعة







عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت عير من الشام تحمل طعاما ونحن نصلي مع النبي (ص) الجمعة، فانفض الناس إلا اثني عشر رجلا. فنزلت الآية(71)







الرواية الثانية: ألهانا عنه الصفق بالأسواق







أخرج البخاري بإسناده: استأذن أبو موسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع، فقاتل عمر: ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له، فدعي له فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: إنا كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: فأتني على هذا ببينة أو لأفعلن بك، فانطلق إلى مجلس الأنصار فقالوا لا يشهد إلا أصاغرنا، فقام
أبو سعيد الخدري، فقال: قد كنا نؤمر بهذا. فقال عمر: خفي علي هذا من أمر النبي (ص)، ألهاني عنه الصفق بالأسواق.(72)







وفي رواية أخرى: اختلف عمر مرة مع أبي بن كعب وأنكر عليه قراءته، فرد عليه أبي: يا عمر انه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق.(73)







الرواية الثالثة: حصبهم لباب رسول الله (ص) بالحصباء







أخرج مسلم بسنده قال: احتجر رسول الله (ص) حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول الله (ص) يصلي فيها. قال فتتبع إليه رجال جاؤوا يصلون بصلاته. ثم جاؤوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله (ص) عنهم. قال فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب. فخرج إليهم رسول الله (ص) مغضبا فقال لهم رسول الله (ص): ما زال بكم صنيعكم حتى ضننت أنه سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فان خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة.(74)







الرواية الرابعة: تشاجرهم بين يديه







أخرج البخاري: أن رسول الله (ص) قال: " من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي". فقام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله أنا والله أعذرك فيه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وان كان من اخوتنا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا، فقال: كذبت لعمر الله، والله لنقتلنه فانك منافق تجادل عن منافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله (ص) على المنبر فلم يزل يخفضهم حتى سكتوا وسكت.(75)







وفي نفس الإطار: كسح رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فسمع ذلك رسول الله (ص)، فقال ما بال دعوى الجاهلية؟ قالوا يا رسول الله كسح رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: دعوها إنها منتنة، فسمع ذلك عبد الله بن أبي، فقال: فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ النبي (ص)، فقام عمر فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي (ص): دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه".(76)







الرواية الخامسة: فرارهم بين يديه في أحد وحنين.







قال ابن جرير وابن الأثير في تاريخيهما: وانتهت الهزيمة بجماعة من المسلمين وفيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص فأقاموا ثلاثا ثم أتوا النبي (ص) فقال لهم حين رآهم: "لقد ذهبتم فيها عريضة". وذكر أيضا أن أنس بن النضر انتهى إلى عمر وطلحة في رجال من المهاجرين قد ألقوا بأيديهم، فقال ما يحبسكم؟ فقالوا: قتل النبي (ص). قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ موتوا على ما مات عله النبي، فاستقبل القوم فقالتلهم حتى قتل فوجد به سبعون ضربة وطعنة وما عرفته إلا أخته.(77)







ونقل البخاري عن أبي قتادة قال: انهزم المسلمون يوم حنين وانهزمت معهم فإذا عمر بن الخطاب في الناس فقلت: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله.(78)







عد الرواة والمؤرخون الذين ثبتوا مع رسول اله في أحد فكانوا اقل من عشرة أنفس.







جاء في غزوة أحد انه لما تناهى إلى آذان الناس (الصحابة) أن النبي صلى الله عليه وآله قد قتل، هربوا جميعا إلا نفر من بني هاشم فيهم الإمام علي عليه السلام، والتجأوا إلى الصخرة في الجبل، وقالوا: ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمانا من أبي سفيان قبل أن يقتلونا. وقال غيرهم: لو كان نبيا ما قتل ارجعوا إلى دينكم الأول. وقال آخرون: نلقي بأيدينا، فانهم قومنا وبنو عمنا.(79)







ولم يقتصر فرار الصحابة بالغزوتين المذكورتين ولا بأسباب الفرار التي غالبا ما تكون من أجل الخوف من القتل، بل تجاوزتهما إلى غزوة خيبر التي انهزم فيها الصحابة رغم تكرر حملاتهم وتعدد قياداتهم، فعمر مثلا كما جاء في تاريخ ابن الأثير انهزم ورجع يجبن أصحابه وهم يجبنونه، فما كان من النبي صلى الله عليه وآله إلا أن قال: "غدا أبعث الراية مع رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرار غير فرار ويفتح الله على يديه". وكان الأمر كذلك فمن الغد نادى عليا عليه السلام وأمره بأن يغدو على بركة الله، وفي ذلك دليل على أن غير الإمام علي لم يكن حبه متبادلا مع الله ورسوله. والى الخذلان التثبيط ففي حنين فر عشرة آلاف صحابي ولم يبق مع النبي سوى ثمانية من بني عبد المطلب، وتكرر الفرار في أكثر الغزوات على ما نقله أصحاب التواريخ والسير من خط أتباع الصحابة.







الرواية السادسة: شربهم للخمر وعدم إقلاعهم عنه حتى نزل فيهم تهديد







أخرج البزار بسنده عن أنس قال: كنت ساقي القوم تينا وزبيبا فخلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له أبوبكر فلما شرب قال:










أحـيي أم بـكـر بالسلاموهل لك بعد قومك من سلام
يحدثنا الرسول بأن سـنحياوكـيف حـياة أوصال وهام







فبلغ ذلك رسول الله (ص) فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهى إليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول الله (ص) شيئا كان بيده ليضربه، قال: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله، إلى أن قال عمر: انتهينا انتهينا.(80)







أما جهلهم بأبسط المسائل اللغوية والفقهية فظاهر من روايتين:







الرواية الأولى: لا يعرف معنى فاكهة وأبا







أخرج السيوطي والطبري وغيره: قرأ عمر على المنبر آية فاكهة وأبا فسأله رجل عن معنى الأب؟ فنفض عصا كانت في يده وقال: هذا لعمر الله هو التكلف، فما عليك أن لا تدري ما الأب؟ اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه.(81)







الرواية الثانية: عمر لا يصلي إذا أجنب ولم يجد ماء







أخرج مسلم بسنده أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصل. فقال عمار: أما تذكر يا أمير...... إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت على التراب وصليت. فقال النبي (ص) إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. فقال عمر: اتق الله يا عمار. قال: إن شئت لم أحدث به.(82)







وقد ذهب ابنه عبد الله بن عمر ذلك المذهب الغريب من بعده، فقد نقل مسلم أيضا عن شقيق قال: كنت جالسا مع عبد الله بن عمر وأبي موسى الأشعري فقال أبو موسى يا أبا عبد الرحمان أرأيت لو أن رجلا أجنب ولم يجد الماء شهرا كيف يصنع بالصلاة؟ فقال عبد الله: لا يتيمم وان لم يجد الماء شهرا. فقال أبو موسى فكيف بهذه الآية في سورة المائدة، فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا من الصعيد.(83)







تأمل قول ابن عمر وهو الذي يعد من أكبر رواتهم عن رسول الله بعد عائشة وأبي هريرة، والكلام راجع إلى عمر "لو رخص لهم" بمعنى أن الشريعة لعمر يتصرف فيها كيفما شاء وحسب فهمه ومزاجه.







سطحية الكثيرين منهم تجلت في تعاملهم فيما بينهم وإزاء رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقد نقل البخاري، وان نقلت عنه فعلى سبيل إقامة الحجة على من يعتمد هذا الكتاب المحشو بالكذب على الله ورسوله وإلا فانه لا يلزمني ولا يلزم كل من كانت وجهته الله تعالى ورسوله.







الصحابة يفرحون من أجل الأكل لا من أجل لقاء رسول الله في خطبة الجمعة وأخذ ما يتزودون به لآخرتهم.







عن سهل بن سعد قال: كنا نفرح بيوم الجمعة كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سلق لنا كنا نغرسه أربعائنا فتجعله في قدر لها فتجعل فيه حبات من شعير لا أعلم إلا أنه قال ليس فيه شحم ولا دك فإذا صلينا زرناها فقربته إلينا فكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك، وما كنا نتغذى ولا نقيل إلا بعد الجمعة.(84)







ولا أجد في هذه الحالة إلا أن أحمد الله تعالى على أن هذه الروايات تظمنتها كتب أتباع الصحابة ولو كانت في كتب الشيعة وحدهم لعظم البلاء.







لا خلاق لبعضهم







اخرج الحلبي عن مسلم بإسناده عن عائشة قالت: خرجت سودة بعدما ضرب علينا الحجاب، تقضي حاجتها، أي بالمناصع، محل كان أزواجه صلى الله عليه (وآله) وسلم يخرجن إليه بالليل للتبرز، وكانت امرأة جسيمة فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين. فانكفات راجعة، ورسول الله في بيتي ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت: يا رسول الله اني خرجت فقال لي عمر كذا وكذا. قالت فأوحى الله تعالى إليه ثم رفع عنه وان العرق في يده ما وضعه. فقال انه قد أذن أن تخرجن لحاجتكن. (السيرة الحلبية ج2ص 215) وعلل الحلبي موقف عمر بأن قوله كان حرصا على أن ينزل الحجاب، كأنما هو أحرص من رسول الله صلى الله عليه وآله على نسائه، والحال أن الرواية التي نقلها تدحض حجته لأن في بدايتها تصريح بأن سودة خرجت بعدما ضرب عليهن الحجاب. فأي اعتذار يصنعه لعمر؟ وما دخل عمر في أزواج النبي؟ ألم يكن حري به أن يتجنب الوقوف في مكان يؤدي إلى موضع تبرز نساء النبي صلى الله عليه وآله، لكن ما بالطبع لا يتطبع، ومن شب على شيئ شاب عليه، وبعد هذا لا تستغرب من أن يصدر عن هذا الرجل أي شيئ، بدأ من الصفق بالأسواق والعس بالليل والتطاول على النبي صلى الله عليه وآله.







أخرج ابن كثير في تفسيره عن ابن جرير بإسناده عن ابن عباس قال: كانت تصلي خلف النبي (ص) امرأة حسناء. قال ابن عباس: لا والله ما رأيت مثلها قط. وكان بعض المسلمين (الصحابة) إذا صلوا استقدموا، يعني لئلا يروها، وبعض يستأخرون فإذا سجدوا نظروا إليها من تحت أيديهم فأنزل الله: " ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين". (ج2 ص449 سورة الحجر- ذكر ابن كثير أنه رواه احمد وصححه وابن أبي حاتم في تفسيره ورواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننه وابن ماجة وأخرجه مسلم وأصحاب السنن.)







رواية أخرجها ذلك العدد الكبير من الحفاظ المعتمدين لدى أتباع خط الصحابة حري بمن مازال حب المنافقين مشربا في قلوبهم أن يتحروا فيه ليتأكدوا أنه ليس كل الصحابة مؤمنون ولا مأمونين، تخيل معي وضعية هؤلاء الذين يتهافتون على الصف الأخير من صلاة الجماعة ليس ليصلوا ولا ليعبدوا ربهم ويقتدوا بنبيهم، وإنما ليضعوا أم رؤوسهم وليسترقوا النظر إلى تلك المرأة من بين أرجلهم (وضعية عجيبة وغريبة).







الصحابة يخالفون النبي (ص) والمسلمون يعتمدون مخالفاتهم:







حكم عمر في الكلالة بعدة أحكام متناقضة على الرغم من نزولها في كتاب الله وبيانها في السنة، أخرج البيهقي أن عمر سأل النبي (ص) عن ميراث الجد مع الاخوة فقال له النبي (ص):







"ما سؤالك عن هذا يا عمر؟ اني أظنك تموت قبل أن تعلمه. قال سعيد بن المسيب: فمات عمر قبل أن يعلمه.(85)







- أتم عثمان الصلاة في منى أربعا خلافا لفعل رسول الله (ص) وتعاليمه بالقصر في منى.(86)







- جمع عمر الناس في صلاة الجنازة على أربع تكبيرات والحال أنها خمس، اختلطت عليه الصلاة على المنافقين التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصليها ناقصة عليهم لنقص دينهم.(87)







- حرم حج التمتع لسنوات. بقوله: " متعتان كانتا على عهد رسول الله أنا أحرمهما وأعاقب عليهما".(88)







- حرم زواج المتعة.







- جعل طلاق الثلاث طلاقا باتا ثلاثا. وقد كان الطلاق على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أ. مضيناه عليهم فأمضاه عليهم.(89)







- نقص في الآذان "حي على خير العمل" ثالث الحيعلات، بدعوى أن الناس اتكلوا على الصلاة باعتبارها خير الأعمال عند الله وتقاعسوا عن الجهاد، وزاد في الآذان " الصلاة خير من النوم". فانظر هداك الله إلى هؤلاء الذين مهدوا لبداية التحريف في الدين، فهل تراهم يقرئون القرآن أو يفهمونه عندما يمرون على الآيات التي تتحدث عن تحريف الأمم السابقة لدينها؟ ثم يأتي قسم من أمة الإسلام ليأخذ ذلك كله على أساس أن عمل الصحابي حجة مقابل النصوص القرآنية والسنة النبوية.







- قطعه لشجرة الرضوان بدعوى الخشية من أن يعبدها الناس،(90) ألا ترون أنه استنتاج غريب وتوقع لتهيئات لم تحصل إلا في مخيلته، لكن البصير يستجلي عداء عمر لتلك الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان العظيمة والتي كان له فيها موقف مغاير فوت عليه البيعة فلم يبق له منها غير الحسرة والشعور بالمرارة هذا إذا كان للرجل إحساس من الأصل، فأقدم على قطعها ليرتفع عنه كابوس تلك الحادثة.







- نقله لمقام إبراهيم على ما كان عليه في الجاهلية، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أعاده إلى الوضع الذي يجب أن يكون عليه، فلم يعجب ذلك عمر، فأزاله إلى العهد الذي كان يعبد فيه أصنام الحلوى والحجارة.







أما ما صدر عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جرائم تحت عنوان حروب الردة فقد عفى عنه التاريخ إلا أثرا وحيدا دل على أن الحروب التي خاضها خالد بن الوليد في الجزيرة كان في حقيقة الأمر إخضاعا للسلطة القائمة،
فالذين منعوا الزكاة على افتراض وقوع المنع لا يعتبرون من المرتدين، ولا وجد حكم في الإسلام يقضي بقتل مانع الزكاة، فلماذا يقتل المئات من هؤلاء تحت هذا العنوان ويمر عليه المتتبع لتاريخ مرور الكرام، وهم الذين قد دخلوا تحت عنوان المرتدين، الحادثة هي كما يلي:







القبيلة هي قبيلة مالك بن نويرة ومالك من أقره النبي سيدا لقومه قائما على شؤونهم، كان وقومه يعلمون أن ولي الأمر بعد النبي صلى الله عليه وآله هو الإمام علي ولم يكن في حسابهم أن الأمة ستغدر بأهل البيت عليهم السلام كل ذلك الغدر، فتباطئوا في إرسال زكاتهم بعدما علموا أن ابن أبي قحافة قد تولى السلطة، وبمجيئ خالد بن الوليد لم يتصدوا له بالقتال، إنما استقبلوه ووضعوا أسلحتهم وانضموا إليهم في الصلاة مما سهل عملية الخديعة التي انطوت عليها نفسية خالد، فانقض كل رجل من جيش خالد على رجل من بني نويرة فأسروهم وقيدوهم ثم قتلوهم، لم يتف خالد بما فعل فدخل بزوجة مالك ليلة الجريمة، وجعل رأس مالك أثفية لقدر.(91)







ولقد أراد عمر أن يقيم عليه الحد عند رجوعه إلى المدينة لكن ابن أبي قحافة رفض ذلك، لأن خالد كان يمثل الركن القوي في عملية الاستيلاء على السلطة وتثبيتها بالقوة، وهي حقيقة غير خافية على العقلاء.







لم تكن هذه هي الجريمة الوحيدة لذلك الرجل وإنما سبق أن قام بمثلها في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بني جذيمة. واليك الرواية:







بعث النبي (ص) خالد بن الوليد إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع كل رجل منا أسيره حتى قدمنا على النبي (ص) فذكرنا له ذلك فرفع يديه فقال: " اللهم اني أبرأ إليك مما صنع خالد (مرتين).(92)







والرواية بهذه الصفة ورغم براءة النبي مما فعله خالد، قد هذبها أدعياء خط الصحابة الذين كان دأبهم وديدنهم التحريف، ولا غرابة في ما صدر عنهم لأننا ندرك الأساس الأول لهذه الظلمات، حيث وبعد إزاحة أهل البيت عليهم السلام طفقوا يحرقون ما طالته أيديهم من سنن النبي صلى الله عليه وآله ومنع تدوينها والتحدث بها.







إن تغطية الحقائق وتعتيم الأحداث الصحيحة وإبعادها عن أمهات الكتب المعتمدة عند ذلك الخط، قد ترك المجال واسعا للتبرير والتأويل والتماس الأعذار طالما أن الحقيقة غير واضحة البناء، وبالتالي نفذ المجرمون بجرائمهم، وبقوا في أعين البسطاء أمثلة ونماذج يتمنى المسلم الصادق الوصول إليها، لكن هيهات فالحق دائما يعلو ولا يعلى عليه، حقيقة واقعة بني جذيمة وجريمة خالد فيها متصلة بثار جاهلي قديم، تقول الرواية إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرسل سرية إلى بني جذيمة في نحو 350 من المهاجرين والأنصار وبني سليم، أرسلهم دعاة ولم يأمرهم بالقتل (لأن الدين في جوهره حكمة وموعظة حسنة وليس غصب وإكراه كما هي سياسة العاجزين)، وكان بنو جذيمة شر حي في الجاهلية، يسمون "لعقة دم"، ومن قتلاهم الفاكه بن المغيرة وأخوه عما خالد بن الوليد ووالد عبد الرحمان بن عوف، ومالك بن شريد واخوته الثلاثة من بني سليم في موطن واحد، وغير هؤلاء من قبائل شتى. فلما أقبل خالد وعلموا أن بني سليم معه لبسوا السلاح وركبوا للحرب وأبوا الترول. فسألهم خالد أمسلمون أنتم؟ فقيل إن بعضهم أجابه نعم وبعضهم أجابه صبأنا صبأنا، أي تركنا عبادة الأصنام، ثم سألهم: فما بال السلاح عليكم؟ قالوا: إن بيننا وبين قوم من العرب عداوة فخفنا أن تكونوا هم فأخذنا السلاح، فناداهم: ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا، فصاح بهم رجل يقال له جحدم: ويلكم يا بني جذيمة انه خالد والله ما بعد وضع السلاح إلا الأسر وما بعد الأسر إلا ضرب الأعناق، والله لا أضع سلاحي أبدا، فما زالوا به حتى نزع سلاحه فيمن نزع وتفرق الآخرون. فأمر خالد بهم فكتفوا وعرضهم على السيف، فأطاعه في قتلهم بنو سليم ومن معه من الأعراب.(93)







حمية الجاهلية هذه لم تنتف حتى عن سودة بنت زمعة إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد نقل عنها لما جيئ بأسارى بدر ورأت سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل قالت: فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا زيد كذلك أن قلت: أي أبا زيد، أعطيتم بأيديكم؟ ألا متم كراما؟ فوالله ما نبهني إلا قول رسول الله (ص) من البيت: يا سودة أعلى الله وعلى رسوله تحرضين".(94) ومن أجل استكمال نصاب الكذب على الله ورسوله جاؤوا بفرية وألصقوها برسول الله صلى الله عله وآله وسلم مفادها قوله: "اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر فأيما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة". وفي رواية: " فاجعلها له زكاة ورحمة".(95)







بمعنى أن من لعنه رسول الله وتبرأ منه وطرده ونبه عليه المسلمين كي يحذروا من خطره وأذاه، مغفور له، ليس ذلك فقط بل إن ما قام به من عمل سيكون في كفة الجزاء وليس في كفة العقاب. فأي دين هذا الذي يتدين به هؤلاء؟ لا تستغرب لسبب بقائهم هكذا لا وجهة صحيحة يسلكونها، شأنهم عبر التاريخ أنهم اتباع كل ناعق، حتى صدام اللعين وما جر هو وأزلامه على العراق وأهله كانوا يطبلون له، ويعقدون عليه آمالهم الفاشلة وأمانيهم الخائبة، وتلك هي حال من لم تكن له قدوة هادية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأطلق نفسه وراء سراب لا يوصل إلى الحقيقة.







لم اكن متصورا في يوم من الأيام أنني سأقف على حقيقة هؤلاء الصحابة الذين استولوا على السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالمكر والخديعة في مرحلة أولى ثم بالقوة في مرحلة ثانية، أن يصل بهؤلاء الأمر إلى التحريف والتغيير وقلب الحقائق والاستعانة بالفسقة والمشبوهين وبقايا الشرك والنفاق، فذاك ما فاجأني وآسفني في نفس الوقت، إليك أيها الباحث المنصف هذه القائمة التي تصدرت تركيبة الحكومة بعد النبي صلى الله عليه وآله كأنما خلت الحجاز إلا من هؤلاء:







1 أبو سفيان: الذي حارب الله ورسوله ولم يدخل الإسلام مطلقا لأن النبي صلى الله عليه وآله قال له ولأهل بيته: " اذهبوا فأنتم الطلقاء". يستعمله أبو بكر واليا على نجد.







2 يزيد ومعاوية ابنا أبي سفيان: يؤمرهما أبو بكر على راس جيش إلى الروم ثم يولي عمر معاوية على الشام ويقره بعد ذلك عثمان.







3 الأعور الأسلمي: شهد حنينا وهو مشرك، ولعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان من أشد المبغضين لعلي عليه السلام مع ان بغض علي عليه السلام نفاق بصريح كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال لعلي عليه السلام: " يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق". ومع ذلك تستمر وتيرة البغض والكره ويزداد معها تاييد المنحرفين على انحرافهم بأن تسند لهم المهام الكبيرة في الدولة الإسلامية، وقد يكون على ما توضح الشرط الأول لنيل الحضوة والقربة لدى أولئك الغاصبين بغض علي عليه السلام، ويبدو من خلال ما تقدم أنه رأي عمر في الأعور هذا فأمره وجعله قائدا في جيشه.







4 يعلى بن منبه كان ممن عد مبغضا لعلي عليه السلام، أعان ابن الزبير على خروجه على الإمام علي عليه السلام، واشترى جملا لعائشة وجهز سبعين رجلا من قريش لمحاربة الإمام. هذا الرجل ولاه عمر بلاد اليمن.







5 الوليد بن عقبة بن أبي معيط: عد أبوه رابع أربعة مبغضا لله ورسوله، معلنا للسكر، أخ عثمان كان أحد أمراء عمر، صلى الصبح بالناس سكرانا ثملا في مسجد الكوفة عندما كان واليا ّّّعليها لعثمان.







6 الأشعث بن قيس: كان من المرتدين أسر على عهد أبي بكر فما كان من هذا الأخير إلا أن زوجه أخته وأمره، رغم أنه قال فيه انه لا يجد شرا إلا أعان عليه.







7 بسر بن أرطأة واياس بن صبيح: بسر هذا الذي فعل في المسلمين الأفاعيل التي لا تمحى، كانا من أصحاب مسيلمة الكذاب، بعد أسرهما استعملهما عمر فولى بسرا قضاء البصرة.







8 طليحة بن خويلد: ادعى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أعجب به عمر، فطلب من أمرائه أن يشاوروه.







9 الحكم بن العاص: رابع أربعة مبغضا للنبي وآله الكرام لعنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو وما في صلبه، أعاد عثمان له ولابنه الاعتبار فاعطاهما ما حرم منه غيرهما، وجعل مروان أمين سره وحامل أختامه وخازن بيت المال وأقطعه فدكا التي انتزعت من الزهراء سلام الله عليها، كان السبب الرئيسي في انقلاب الناس على عثمان وقتله.(96)







كنت منذ أمد معتقدا بأن العدل ذهب مع عمر بن الخطاب، ولم يدر في ذهني المحاصر بالنصوص الموضوعة والتي كانت عنوان خط الصحابة، أن العادل باق، كما لم أنتبه إلى قول عمر نفسه في عديد المآزق التي خرج منها: "لولا علي لهلك عمر". كيف تهاوت شخصية ذلك الرجل أمام ما سجل عليه ونقل عنه، والنقلة أصحابه ومقدسوه، لأنها شخصية جوفاء فارغة ليس فيها إلا الغلضة والصلافة والفضاضة، عمر الذي ألصق به أولياؤه صفة العادل يستعمل الفسقة والطلقاء والمرتدين. أين عدله الذي يتبجح به أتباعه؟







ذلك ما قاله له حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل الذي عنده علم بالصحابة الذين أرادوا قتل النبي في العقبة، إذ قال: يا عمر انك تستعين بالرجل الفاجر.(97)







فكان رد عمر بقوله: نستعين بقوة المنافق وإثمه عليه.(98)







وواجهه مرة أخرى: يا عمر انك تستعمل من يخون، وتقول ليس عليك شيئ وعاملك يفعل كذا وكذا.(99)







لم ينثن الرجل عن صنيعه رغم أنه مخالف لما جاء في كتاب الله تعالى، مخالفة صريحة، ففي عدد من الآيات يشدد المولى تعالى على عدم التعامل مع هذه النماذج، منها هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم.."(100)







أعجب الخلق إيمانا







فيما مضى من الزمن كنت في مطالعاتي المتصلة بالدين والعقيدة قد مرت علي رواية لا تزال تأخذ بناصيتي إليها، ولم تغادرني كلماتها إلى اليوم، تتلخص في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان ذات ليلة يستغفر لموتى البقيع، فتنفس وقال: " طوبى لأحبابي". فقيل له ألسنا بأحبابك يا رسول الله، فقال: أنتم أصحابي، أحبابي أناس يأتون من بعدي، فيجدون صحائف فيؤمنون بها، لأجر الواحد منهم أجر سبعين رجلا ". فقال عمر: أمنا أم منهم يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " بل منكم يا عمر".(101)







كما كنت أشرت إلى أن الصحابة لا يمتازون عنا في شيء بل نحن الذين نمتاز عليهم بالكثير من الأشياء، مع احترامنا وتقديرنا للأجلاء منهم، الذين لم يبدلوا ولم يغيروا ولم يرتدوا ومضوا على بصيرة من أمرهم وبينة من دينهم مقتفين أثر الثقلين الذين أوصى رسول الله باتباعهما وهما الكتاب العزيز والعترة الطاهرة عليهم السلام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " اني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض".(102)







إذا لم يكن وعي الصحابة ولا إشعاعهم بالمستوى الذي يتصوره المتأخرون عنهم وخصوصا المعتقدون لعدالتهم جميعا، فابشع الأحداث وأعظم الخطوب وأنكى الجرائم جرت أحداثها وتمت فصولها على مرآى ومسمع من بقيتهم، وبتزكية منهم لأنهم هم أول من بدأ مسلك التفريط وأول من أسس موقف الخذلان وصنع ربوة السكوت مما يدفعني إلى القول أن بلية الأمة وسبب انحطاطها كانوا فيه الطرف الأقوى والشريك الأكثر نصيبا. فضياع الحاكمة الإلهية كان بسببهم، وضياع قسم كبير من الأحاديث الصحيحة المفسرة للقرآن والشريعة، كان بسببهم، وتخاذلهم عن أهل البيت وتعاميهم عنهم، فسح المجال للباطل كي يستشري ويستطيل على الحق، وهو ما حصل في حوادث كثيرة، أفصحت عن حقيقة الصحابة، وبينت مستواهم وإشعاعهم، أهم تلك الحوادث التي منيت بها الأمة:







الحادثة الأولى:







التمرد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من طرفهم في أخريات حياته الشريفة في حوادث العقبة، وسرية أسامة بن زيد، وعصيانه والتطاول عليه في حجرته.







الحادثة الثانية:







انحراف الصحابة عن أهل البيت، باستغلال فرصة تجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قبل الإمام علي عليه السلام، لينقضوا على السلطة في حادثة السقيفة، التي كانت اللبنة الأولى لفصل الدين عن الحياة.







الحادثة الثالثة:







خذلانهم للإمام علي عليه السلام، في عدم استجابة الكثيرين منهم لنصرته على البغاة، بعذر أقبح من ذنب، ومحاربة قسم ثان له تحت عنوان الثأر لقتلة عثمان وهم صحابة أيضا، مما عجل بفشل الفرصة التي سنحت لرجوع الحاكمية إلى أهلها، وقد كان قصدهم ذلك لأن فيهم من كان يطمع في توليها كطلحة وأبنه، والزبير وابنه، ومن ورائهم ابنة أبي قحافة، التي قتل بسببها آلاف المسلمين، الذين استنفرتهم على أساس أنها أمهم وزوجة نبيهم.







أما الصحابة الساكتون عن الحق، والساكت عن الحق شيطان أخرس، فهم كثيرون ككثرة الفارين من بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجاة بأرواحهم، كعب الله بن عمر وأبي هريرة، مواقف الأول سنستعرضها، ومواقف الثاني تتلخص في مقالته الشهيرة: "الصلاة وراء علي أتم، والأكل مع معاوية أدسم، والجلوس على الرابية أسلم". كأنما خفي عنهم قوله تعالى: " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله".







الحادثة الرابعة:







تولي الطلقاء لدفة الحكم في الأمة بسرعة ملفتة، أسس لها عدد من الصحابة، فعندما جاء أبو سفيان للإمام علي عليه السلام مباشرة بعد تفرق المتنازعين في السقيفة، عارضا عليه المساعدة في إعادة الحكومة إليه قائلا: " لو شئت لأملأنها عليهم خيلا ورجال". ، يريد بها مكانة وحضوة عنده بعد أن يستتب له الأمر، فما كان من الإمام علي عليه السلام إلا أن رده رافضا مساعدته. فاتجه أبو سفيان إلى الشق الغاصب للإمامة، فقبلوا منه عرضه وكانت وعودهم بعد ذلك موفاة، فولي أبو سفيان إحدى مناطق الجزيرة وولي ولداه معاوية ويزيد قيادة الجيش إلى الشام ثم اقر بعد ذلك معاوية واليا على الشام فترة حكم عمر وعثمان مما أسس لظاهرة أكثر جرأة على الدين وهي إعلان الفسوق والفجور على مرآى مسمع من المسلمين، كما هو شأن يزيد بن معاوية لعنه الله ومن جاء بعده من بني أمية، المر الذي دفع بالإمام الحسين بن علي عليه السلام إلى الخروج في نهظة جسدت معاناة أهل البيت من أجل إنقاذ بيضة الإسلام، وكانت شهادته في مجموعة طاهرة من أهل بيته عليهم السلام من خيرة أصحابه رضوان الله تعالى عليهم في واقعة كربلاء الشهيرة التي بقيت مدرسة ينهل منها المؤمنون على مر العصور.







الحادثة الخامسة:







وقعة الحرة التي هتكت حرمة مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقتل فيها من قتل من بقية الصحابة وأبنائهم وفعلت فيها الأفاعيل كالاغتصاب والنهب وربطت خيل الغزاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله.







والجدير بالذكر في هذا الخصوص أن عبد الله بن عمر بن الخطاب الشاهد على هذه الأحداث كلها جاء مسرعا إلى عبد الله بن مطيع والي المدينة ليزيد الفاسق لعنه الله ولعن من أحبه (هذا دين المؤمن في البراءة من المنافقين المفسدون في الأرض وأعداء الله تعالى) فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمان وسادة. فقال ابن عمر: اني لم آتك لأجس، أتيتك لأحدثك حديثا، سمعت رسول الله (ص) يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية. ذلك رد الفعل الذي قام به ابن عمر بعد هتك مدينة الرسول صلى الله صلى الله عليه وأله، مضافا إلى وقوفه في وجه مواليه الذين أرادوا الخروج على يزيد، في هذه المرة كانت بيعته ليزيد دون إهانة لشخصه.







الحادثة السادسة:







هدم الكعبة بالمنجنيق على عهد عبد الملك بن مروان وعلى يدي حجاجه، عندما استولى عبد الله بن الزبير على مكة، فمنع الحج وضج الناس وفيهم بقية باقية من الصحابة فبنى لهم قبة الصخرة والمسجد الأقصى وأمرهم بالحج إليه ففعلوا واستعاضوهما عن الحج إلى بيت الله الحرام.، أما بيعة عبد الله بن عمر الثانية فانه لما بلغه ما فعل بان الزبير، جاء إلى الحجاج بن يوسف ليأخذ له البيعة لعبد الملك بن مروان فقال له الحجاج: "إن يداي مشغولتان فبايع رجلي". فلم يكن من عبد الله بن عمر إلا أن جثا على ركبتيه وبايع رجل الحجاج. بطريقة ووضعية مخزية(103) وقارن بين من خرج طلبا للإصلاح في دين وأمة جده، رافضا لما آل الأمر إلى اليقين، بأن الشهادة آتية لا محالة كل عروض التسوية التي عرضت عليه، سواء كان ذلك من أصحابه، أو من المحاربين له، قائلا مقالته الشهيرة: "هيهات منا الذلة، يأبى لنا ذلك الله ورسوله والمؤمنون". ذلك هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام سيد شباب أهل الجنة، سادة الدنيا والآخرة، وهذا هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، فاقتد إن شئت بهذا أو بذاك. وبقي الخطان مستمران واحد صعودا وسموا ورفعة والآخر نزولا وانكفاء وردة، "ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور".
ثم يتحدث الراوي بعدها ليقول عن عبد الله بن عمر، أو لنطبق الحديث الموضوع الذي يأمرنا بأن نقتدي بالصحابة فنبايع نحن الطغاة والظالمين من المواضع التي يرونها كل حسب هواه. ودعونا نسأل لماذا لم يرث عبد الله بن عمر من جرأة أبيه التي كان يتصرف بها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ لكني أقول حتى جرأة أبيه على رسول الله كانت كاذبة لأنه كان يعرف أن رسول الله متسامح مع أصحابه لحد اجترائهم عليه ليقينهم بأنه لا يعاقبهم على ذلك، أما لو كان شخصا آخر ويعاقب على ذلك لما سمعنا لعمر صوتا، كما لم نسمع أبدا أنه قتل أحدا في غزوة من الغزوات، ولم يعرف إلا بمرني أقطع رأسه. فأي عقلية هذه التي ترونها للصحابة؟







وليسمح لي من مازال يعتقد بعدالة الصحابة أن أسأله لماذا كذب هؤلاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسموا أنفسهم بخلفاء الرسول، وهم من أنكر أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد خلف أحدا؟ من ناحية تراهم لا يرون في أحاديث المنزلة التي نقلها القاصي والداني، دلالة على الإمامة لعلي عليه السلام، ومن ناحية أخرى وبكل صلافة يتجرئون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذبا وافتراء.







لقد تصدى الأئمة الأطهار لظاهرة الأحاديث الموضوعة التي انتشرت بدعم من السلط الغاشمة، التي كانت تحث القصاص على روايتها للناس في المساجد. لا يمكننا اعتماد الصحابة كأمثلة مجسدة للدين الإسلامي في أبهى مظاهره، ولا يمكن للمسلم أن يقتدي بمجموعهم لأسباب عديدة منها:







- إن ما ذكرناه من سلوك وتصرف صدر عنهم لا يتفق مع النموذج المثالي الذي يمكن لأي مسلم أن يقتدي بهم.







- عدم وضوح صور المنافقين وشخصياتهم وهم من الصحابة لا يساعد على اعتماد الصحابي كمثال يمكن التأسي به. لم يرد نص واحد في القرآن الكريم يوجب الاقتداء بالصحابة.







- لم يرد نص واحد صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوجب اتباع الصحابة. إن مسألة الاتباع والاقتداء تبقى محصورة في الصفوة الطاهرة من الذرية التي بعضها من بعض.







إن الدارس لسيرة الأطهار من أهل البيت عليهم السلام يدرك البعد الفكري والعلمي الذي تميزوا به، فبدأ بالإمام علي عليه السلام ومرورا بالإمام الحسن وأخيه الإمام الحسين وابنه الإمام علي بن الحسين زين العبدين وابنه محمد بن علي باقر العلوم وابنه جعفر بن محمد الصادق مؤسسوا جامعة العلوم الإسلامية بالمسجد النبوي والتي تخرج منها آلاف العلماء والفقهاء والمفكرين والفلاسفة، ناهيك أن منهم أبو حنيفة ومالك. وحذا حذوهم بقية الأئمة يرعون الدين ويحفظونه ويبثونه في الصدور التي حملته صافيا لا شبهة فيه ولا تحريف، في حين بقي غيرهم يتخبط في مسالك ما انزل الله بها من سلطان.







وتبين أن إحلال الصحابة محل أهل البيت عليهم السلام لم يكن إلا مقدمة لثقافة مشبوهة وضعها المنافقون الذين كانوا يعرفون ببغضهم للطاهرين من آل محمد، لتكون بديلا عن الثقافة الصحيحة والوجهة الصحيحة للإسلام المحمدي الأصيل.







القول الفصل وكلمة الختام بخصوص الصحابة، انهم جيل النبوة ليس لهم تكليف يمتازون به عن غيرهم من الأجيال، ولا وظيفة خصها الله تعالى بهم دون غيرهم، عملوا لأنفسهم كما نحن نعمل الآن، من أحسن منهم أحسن الله إليه وجازاه الجزاء الأوفى، وجب علينا احترامه لا لأنه صحابي بل لأنه مؤمن ثابت الإيمان وحرمة المؤمن واجبة في الإسلام. ومن أساء فلا يلومن إلا نفسه. لسنا مكلفين باتباع أحد منهم إلا ما ورد بخصوص أهل البيت عليهم السلام من الآيات والأحاديث التي توجب الاتباع، وما عداهم مكلف مثلنا.







ولم يفرز خط الصحابة إلا التحريف وسوء الفهم وسطحية الفكر، وفضاضة المؤسس للغلضة والفضاضة، منذ العصر الأول لذلك العدد المحدود الذي اتخذه أتباعه عناوين بارزة للإسلام، إلى عصر ابن عبد الوهاب والطالبان وتنظيم القاعدة الذين لا يحسبون حسابا للناس طالما انهم على غير خطهم وعلى غير ملتهم، لا يعرفون من الدين سوى ما تلوكه ألسنتهم من القرآن، دون فهم سليم له وروايات منسوبة للنبي صلى الله عليه وآله بهتانا وزورا، وما وضعهم على نهجه الأقدمون من إحلال بعض أسماء تواجدت في عصر النبي صلى الله عليه وآله محل القداسة والتقديم حتى لو كان ذلك على حساب النبي نفسه، تاركين من هم أفضل منهم من الصحابة الأجلاء الذين قدموا لله ولرسوله وتاجروا معهما التجارة التي لن تبور، جعلنا الله من أتباع الصادقين منهم.







أما ظاهرة السب فانه إذا كان ذكر ما جاء به التاريخ والسيرة عن استهانتهم بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتطاولهم عليه يعتبر سبا لهم فان أول من سبهم هو الله تعالى عندما فضح أفعالهم مع رسول الله في كتابه العزيز، ثم رسول الله صلى الله عليه وآله الذي فضح أفعالهم عندما تبرأ من جرائمهم كما فعل بشأن خالد بن الوليد الذي قالوا بأنه سيف الله المسلول (على من يا ترى؟ والحال أنه ليس هناك سيف مسلول في اتجاه واحد غير سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيف علي بن أبي طالب عليه السلام)، ثم تبرأ منهم من جاء بعدهم حتى من أتباع خطهم لأنني لم أنقل هذه الروايات إلا من خط أتباع الصحابة لتكون حجة عليهم فمن بيتك أحتج عليك ومن فمك أدينك.







في الختام أود أن أنقل بعضا من دعاء الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السلام بخصوص الصحابة، من معانيه الراقية وألفاظه البديعة وعمق رأيه في خلص أصحاب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: "اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته وسابقوا إلى دعوته، واستجابوا إلى حيث أسمعهم حجة رسالته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به، ومن كانوا منطوين على محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القربات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك، دعاة إليك واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه، ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم، اللهم وأوصل التابعين لهم بإحسان، الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، خير جزائك، الذين قصدوا سمتهم وتحروا وجهتهم، ومضوا على شاكلتهم، ولم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم، والإئتمام بهدي منارهم، مكانفين وموازرين لهم يدينون بدينهم ويهتدون بهديهم ويتفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم.."(104)













1 الكنى والألقاب ج3ص248/247







2 الكفاية في علم الرواية ص 46 /49 فتح المغيث ج4 ص35 تدريب الراوي ج2 ص 214 السنة قبل التدوين ص 394 و403).







3 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج ص







4 الإمامة والسياسة لابن قتيبة أول صفحة







5 سنن الترمذي كتاب المنقب سنن ابن ماجة، المقدمة الطبراني في الكبير والأوسط البخاري في الفضائل السيوطي في الأزهار المتناثرة الكتاني في نظم المتناثر كتاب المناقب لقط اللآلي المتناثرة للزبيدي ص 149/150/151مسند أحمد ج 3 ص 62 /64/82 وج5 ص291/392







6 المعجم مادة صحب







7 سورة الجن الآية 3







8 سورة الكهف الآية







9 سورة الكهف الآية







10 سورة القلم الآية 48







11 سورة العنكبوت الآية 16







12 سورة يس الآية 23







13 سورة البروج الآية 4







14 سورة ق الآية12







15 سورة النساء الآية47







16 سورة الفيل الآية1







17 سورة الكهف الآية 32 - 42







18 سورة يوسف الآية 38







19- سورة النجم الآية 2







20 سورة التكوير الآية32







21 سورة سبأ الآية46







22 سورة الفتح الآية 18







23 سورة ص الآية 24







24 سورة سبأ الآية 13







25 سورة الحجرات الآية 14







26 سورة الفتح الآية 10







27 سورة النحل الآية 91/92







28 سورة الأحزاب الآية 23







29 سورة الفتح الآية 29







30 سورة الفتح الآية 29







31 سورة آل عمران الآية 144







32 مسلم ح 2304 ج4 ص1436 وح 2297 وح2241 من الجزء الرابع من جامعه.







33 الطبراني لقط اللآلي المتناثرة للزبيدي ص 259







34 أخرجه البخاري ج 4ص142 كتاب الدعوات باب الصراط







35 مسند احمد بن حنبل كنز العمال للمتقي الهندي ج1ص 164 - معالم الفتن ج1ص67 مسلم ج 17ص 125







36 سورة البقرة الآية 159







37 سورة الرعد الآية 25







38 سورة التوبة الآية 56







39 سورة التوبة الآية 61







40 سورة التوبة الآية 58







41 سورة التوبة الآية 101







42 سورة التوبة الآية102







43 سورة التوبة الآية106







44 سورة التوبة الآية107







45 فتح المغيث ج4 ص35 الكفاية في علم الدراية ص 46/ 49 تدريب الراوي ج2 ص 214 أضواء على السنة المحمدية ص 342 عن الذهبي في رسالته.







46 تفسير الطبري المعروف بجامع البيان المجلد العاشر ج30 ص 38







47 حجة المتقي للذهبي ص551 أضواء على السنة المحمدية ص 341/344







48 تاريخ الطبري وتاريخ الكامل لابن الأثير والبداية والنهاية لابن كثير وغيرهم..







49 تاريخ الطبري







50 مسلم كتاب الفضائل باب فضيلة عثمان







51 أخرجه البخاري







52 المآخاتين الأولى والثانية: السيرة الحلبية ج1 ص 26 وج2 ص 120 أحمد ابن حنبل في مسنده وابن عساكر في تاريخ دمشق الكبير عنهما المتقي الهندي في كنز العمال ج 5 ص 45 ح 918.







53 ميزان الاعتدال للذهبي ج4 ص 275







54 ميزان الاعتدال ج2 ص 21 / 22







55 لقط اللآلي المتناثرة للزبيدي ص 51 / 53







56 ميزان الاعتدال ج4 ص 392







57 حديث المنزلة أخرجه كل الرواة والحفاظ أذكر منهم: البخاري كتاب المغازي باب غزوة تبوك ج5ص129 مسلم كتاب الفضائل باب فضل الإمام علي عليه السلام الترمذي ج5ص301ح3808و3813 و3814- مسند أحمد ج3 ص50 وبعدة طرق، تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر وبعدة طرق في ترجمة الإمام علي عليه السلام.







58 سورة يونس الآية87







59 سورة الأحزاب الآية 33 أورد نزولها في أهل البيت (خمسة أصحاب الكساء عليهم السلام) مسلم في باب فضائل الإمام علي عليه السلام الترمذي ج5 ص30 بعدة طرق وأحمد في مسنده بعدة طرق ج1ص310 مستدرك الصحيحين للحاكم ج3ص133و146 و158 وج2 ص 416- المعجم الصغير للطبراني ج1 ص65 و135، تفسير ابن كثير الآية، وكذلك تفاسير الرازي والطبري والقرطبي والزمخشري 60 الاحتجاج للطبرسي







61 السيرة الحلبية







62 البخاري كتاب النبي الى كسرى وقيصر الروم باب مرض النبي ووفاته ج5 ص 137 كتاب الجهاد والسير باب جوائز الوفد ج4 ص 31 كتاب المرض باب قول المريض قوموا عني ج7 ص 9 - كتاب العلم ج1ص37 مسلم كتاب الوصية باب ترك الوصية- الحادثة منقولة عند كل من صنف كتابا في التاريخ أو السيرة أو الحديث، مجمع على صحتها ووقوعها.







63 سورة النور الآية 63







64 سورة النساء الآية 114







65 سورة النجم الآية3







66 سورة الحشر الآية 7







67 سورة النساء الآية 46







68 سورة الحجرات الآية1







69 السيرة الحلبية







70 السيرة الحلبية ج 3 ص207 الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 190 الكامل لابن الأثير ج 2 ص 317 المغازي للواقدي ج3 ص 119 كنز العمال للمتقي الهندي ج5 ص 312 أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص 474 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص53 تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 230







71 البخاري ج 1 ص 255







72 البخاري ج 8 ص157 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، مسلم ج6 ص 179 كتاب الآداب باب الاستئذان.







73 تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر ج2 ص228 مستدرك الحاكم سنن أبي داود جامع الأصول لابن الأثير)







74 البخاري ج7 ص 99 وج 2 ص 252 وج 3 ص 168. مسلم ج 2 ص 188 باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد.







75 البخاري ج3ص156 وج 6 ص8







76 البخاري ج1ص65 وج2 ص282 الكامل لابن الأثير ج2 ص192/193







77 شرح النهج ج14 ص276، تفسير الرازي ج 9 ص67 الدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 88 كنز العمال ج 2 ص 242)







78 البخاري ج 3 ص 46 باب قوله تعالى: "يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم.."







79 السيرة الحلبية ج2 ص227







80 فتح الباري ج 10 ص 20 مسلم كتاب الأشربة باب تحريم الخمر- مسند أحمد ج3 ص 227 /228







81 الدر المنثور ج 6 ص 317







82 مسلم ج 1 ص 192/193 كتاب التيمم البخاري ج1ص91







83 مسلم ج 1 ص 192/193 كتاب التيمم







84 البخاري ج3 ص73







85 سنن البيهقي وكنز العمال ج6 ص 15 صحيح مسلم كتاب الفرائض باب ميراث الكلالة.







86 مسلم باب صلاة المسافر وقصرها في منى







87 تاريخ الخلفاء للسيوطي ترجمة عمر







88 بالنسبة لمتعة الحج ففي سنن النسائي ج5 ص153 شرح السيوطي وصححه الألباني ج2ص578 أما بالنسبة لزواج المتعة ففي مسلم كتاب النكاح والبخاري كتاب الحج باب التمتع وفي كتاب التفسير باب سورة البقرة مسند أحمد ج3ص380 و4ص429 و438/439...







89 مسلم ج1 ص 574 كتاب الطلاق مسند أحمد ج1 ص 314 أبو داود ج 1 ص 344 النسائي ج 6 ص 145 البيهقي ج 7 ص 336 ادر المنثور ج 1 ص 279.







90 تاريخ الخلفاء للسيوطي، أوليات عمر







91 تاريخ الطبري ج3ص280 تاريخ أبي الفداء ج1 ص 147 وفايات الأعيان ج6ص14







92 البخاري ج5 ص 107 وج 8 ص 118







93 البخاري ج 5 ص 107 وج 8 ص 118 عبقرية خالد للعقاد ص 57/58







94 البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص307







95 مسلم ج8 ص27/28 البخاري ج4 ص 87 مسند أحمد ج5 ص437/439







96 كنز العمال ج5ص77 الإصابة لابن حجرج3ص363 وج2ص540 وج1ص541 الاستيعاب لابن عبد البر ج6ص662/663 وج1ص120- أسد الغابة ج6 ص16- البداية والنهاية لابن كثير ج6 ص 130وج8ص214 - تاريخ الطبري ج4 ص52 وج5 ص59







97 كنز العمال ج5 ص77







98 كنز العمال ج4 ص614







99 تاريخ الطبري ج5ص 31







100 آل عمران الآية 118







101 كتاب الترغيب والترهيب







102 حديث الثقلين أخرجه كل من: الترمذي ج5ص328 ح3874 وح3876 مسلم باب فضائل أهل البيت عليهم السلام كنز العمال ج1ص165 ح945 تفسير ابن كثير ج4ص113 الصواعق المحرقة ص147 مصابيح السنة للبغوي ص206، وغيرهم.







103 رواه الطبري - تاريخ الكامل لابن الأثير ج4 ص124 الفتوح ج2 ص 486







104- الصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام.












/ 34