و يعتبر في ملبوس الصلاة ، الطهارة من كل نجاسة خارجة عما قلنا إنه معفو عنه . و أن لا يكون مغصوبا ، بأن يكون ملكا أو مباحا ، و ما لا تتم الصلاة فيه بانفراده منسوج فيه ( 1 ) إذا كانت فيه نجاسة ، و اجتنابه أفضل . و هل يجوز للنساء الصلاة في الحرير المحض أم لا ؟ فيه رواية ، و كما يستحب صلاة المصلي في الثياب البياض القطن أو الكتان ، كذلك تكره في المصبوغ منها . و تتأكد في السود و الحمر ، و في الملحم ( 2 ) بذهب أو حرير . و أما الوقت فمعتبر لكون الصلاة مشروطة به ( 3 ) لا تصح قبل دخوله ، و إنما تصح بعد خروجه قضأ ، كما في وقتها تكون أداء . فأول زوال الشمس بحيث تصير على الجانب الايمن ( 4 ) عند استقبال القبلة لرويتها ، هو أول وقت صلاة الظهر ، فإذا انقضى من ذلك الوقت بقدر ما تصلي فيه أو صليت فقد تعين أول وقت العصر ، و يمضي بمقدار أدائها . يمتد بعد ذلك الوقت مشتركا بين الصلاتين إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر ، فيختص بها لخروج وقت الظهر ( 5 ) . و يفوت وقتها جملة بمضيه . و زوال الحمرة المشرقيه علامة غروب الشمس ، و هو أول وقت المغرب إلى أن يمضي منه مقدار أدائها أو أنها تؤدى فيه ، فيدخل أول وقت العشاء الآخرة . 1 - هكذا في " م " و في غيرها : مفسوخ فيه . 2 - الملحم : جنس من الثياب . لسان العرب . 3 - في " أ " : و أما الوقت فمعتبر الصلاة مشروطة به . 4 - هكذا في " م " و لكن في غيرها : الحاجب الايمن . 5 - في " أ " : بخروج وقت الظهر .
(85)
و بمضي ما قلناه يشترك وقتهما إلى أن يبقى لنصف الليل قدر أداء العتمة فتختص بها ، و يكون آخر وقتها ، لفواتها بخروجه ، و تحلل البياض ( 1 ) الشرقي ( 2 ) في أفق السماء و هو الفجر الثاني . و هو أول الوقت لصلاته و يمتد إلى أن يبقى لطلوع الشمس مقدار أداء الركعتين فيكون آخر وقتا الغداة . لفواتها بطلوعها . و فضيلة أول الوقت عظيمة ، و لا إثم بفواته و الاجزاء مجرد من الفضل بآخره . و نوافل الظهر و وقتها الاول ( 3 ) عند الزوال ، و يتسع إلى أن يبقى مقدار أربع ركعات لصيرورة ظل كل شيء مثله ، و نافلة العصر بعد صلاة الظهر في أول وقتها إلى أن يبقى كذلك لمصير ظل كل شيء مثله ، ماخلا يوم الجمعة ، فإن نوافلها كلها قبل الزوال ( 4 ) ، و نوافل المغرب عقيبها إلى حيث يزول الشفق المغربي . و الوتيرة بعد العتمة ، و وقتها متسع . و نوافل الليل و وقتها بعد انتصافه إلى ابتداء طلوع الفجر ، و بعد الفراغ منها و من الشفع و الوتر ، وقت الدساسة التي هي نافلة الفجر إلى ابتداء طلوع الحمرة المشرقية . و لا يكره يوم الجمعة نافلة ، و إنما فيما عداه من الايام يكره ابتدائها لا بسبب ، عند طلوع الشمس و استوائها ، و غروبها ، و بعد صلاتي الغداة و العصر ، فأما إن كان عن سبب كقضائها فلا كراهة . 1 - كذا في " م " و لكن في غيرها : " و تخلل البياض " . 2 - في " أ " : المشرقي . 3 - في " م " : و نوافل الظهر وقتها الاول . 4 - في " م " : " بعد الزوال " و هو تصحيف .
(86)
و أما القبلة فلوجوب التوجه إليها وجب اعتبارها ، فالمصلي إما داخل المسجد الحرام ، فتوجهه إلى الكعبة من أي جهة كان فيه ، أو خارجة مع كونه في الحرم ( 1 ) ، فتوجهه إلى المسجد أولى من توجهه إلى الحرم ( 2 ) . و أهل كل إقليم يتوجهون إلى ركن من الاركان الاربعة ، فالعراقيون إلى العراقي ، و اليمانيون إلى اليماني ، و الشاميون إلى الشامي ، والغربيون إلى الغربي . و يلزم المتوجة ( 3 ) إلى القبلة مصليا العلم و اليقين بها مع المكنة منه ، فإن تعذر فعليه الظن ، فإن فاتاه جميعا فالحدس ، إلا أن العدول لا بحسب التعذر عن العلم إلى الظن أو عنه إلى الحدس لا يجوز ، فمن صلى لا على ما هو فرضه من كل واحد من هذه الامور فلا صلاة له و لو أصاب الجهة . و بفقد جميع ذلك ( 4 ) و تعذر كل إمارة و علامة يتوجه بالصلاة إلى أربع جهات ، أي الصلاة الواحدة يصليها أربع مرات ، إلى كل جهة مرة ، فإذا أخطأ الجهة ظانا أو حادسا و علم ذلك و الوقت باق أعاد الصلاة ، و لا إعادة عليه إن كان قد خرج إلا مع استدبار القبلة فإنه لابد من الاعادة على كل حال . و أما عدد الركعات ، ففرائض اليوم و الليلة سبع عشرة ركعة للمقيم و من هو في حكمه ، الظهر أربع و ركعات و كذا العصر ، و المغرب ثلاث ، و العشاء الآخرة أربع ، و الفجر ركعتان ، و للمسافر و من في حكمه إحدى عشرة ركعة ، تسقط عنه 1 - في " أ " : أو خارجا مع كونه في الحرم . 2 - هذا مارقمناه . و لكن في النسخ التي بأيدينا : " فتوجهه إلى المسجد أولى فتوجهه إلى الحرم " . 3 - في " أ " : و يلزم التوجه . 4 - هكذا في " م " و لكن في غيرها : " و يعتقد جميع ذلك " و هو تصحيف .
(87)
من كل رباعية ركعتان . و الذي يلزمه التقصير كل مسافر كان سفره إما طاعة أو مباحا بلغ بريدين فصاعدا . و هما ثمانية فراسخ ، أربعة و عشرون ميلا ، لان الفرسخ ثلاثة أميال . و الميل ثلاثة ألف ذراع . أو كانت مسافته بريدا و رجع ليومه ، و لا ينوي الاقامة في البلد الذي يأتيه عشرة أيام ، و لا كان حضره أقل من سفره ، فمتى تكملت للمسافر هذه الشروط ، و تمم عن قصد ، و علم بوجوب التقصير عليه ، فلا صلاة له ، و إن كان عن جهل أو سهو أعاد مع بقاء الوقت تقصيرا ، لا مع خروجه . و من عداه من المسافرين ، حكم سفره في الاتمام كحضره ، و هو المسافر في معصية أو لعب أو صيد لا تدعه الحاجة إليه ، أو الذي سفره أزيد من حضره ، كالجمال و البدوي و المكاري و الملاح و البريد و العازم على الاقامة عشرا في البلد الذي يدخله ، و من لا يبلغ سفره تلك المسافة . و بداية التقصير إذا توارى عن جدران بلده ، و إذا لم يسمع ( 1 ) صوت الاذان من مصره . و عدد نوافل اليوم و الليلة للحاضر و من هو في حكمه أربع و ثلاثون ركعة ، و للمسافر سبع عشرة ركعة ، نوافل الظهر ثمان ركعات قبلها ، و نوافل العصر مثلها ( 2 ) ، وكلها ساقطة عن المسافر ، و نوافل المغرب أربع ركعات بعدها في الحضر و السفر ، و الوتيرة نافلة العشاء الآخرة ركعتان بعدها من جلوس ، تحسب ركعة حضرا لا سفرا . 1 - في " م " : أو إذا لم يسمع . 2 - في " م " : " ثمان مثلها " .
(88)
و نوافل الليل و ما بعدها من الشفع و الوتر المفردة و نافلة الفجر ثلاث عشرة ركعة حضرا و سفرا ، و يزاد على الستة عشر نوافل النهار يوم الجمعة خاصة أربع ركعات ، تمام عشرين ركعة يصلي قبل الزوال أداء ، و بعده قضأ ، فإن أمكن ( 1 ) يرتبها بصلاة ، ست منها في أول النهار و ست بعد ارتفاعه ، و ست قبل الزوال و ركعتين في ابتدائه كان الافضل ، و إلا صليت جملة قبل الزوال . و أما مكان الصلاة فتعتبر فيه الملكية و الاباحة و الطهارة من متعدي النجاسة ، لان يابسها لا بأس بالوقوف عليه ، و إن كان الافضل خلافه ، أن مواضع العبادة يتفاضل بعضها على بعض في المثوبة و الاستحباب ، فأفضلها المسجد الحرام ، و مسجد الرسول ، و مشهد كل إمام من الائمة - عليهم السلام - ، و المسجد الاقصى ثم المسجد الجامع و مسجد الدرب أو القبيلة ، ثم السوق بعدها ثم صلاة الانسان في بيته . و هي في المكان المغضوب باطلة ، و مكروهة في البيع و بيوت النيران ( 2 ) و معا بد الضلال ، و المزابل ، و الحمامات ، و مواطن الابل ، و مرابض البقر و الغنم و مرابض الخيل و الحمير ، و مذابح الانعام ، و بين القبور ، و على البسط المصورة ، و الارض السبخة ، و مثاوي ( 3 ) النمل ، و جواد الطرق ( 4 ) ، و ذات الصلاصل ، 1 - في " ج " : فإن أمكنها . 2 - قال في المدارك : المراد بيوت النيران : ما أعدت لا ضرام النار فيها عادة ، كالفرن و الآ تون و إن لم تكن مواضع عبادتها . . و الاصلح اختصاص الكراهة بمواضع عبادة النيران لانها ليست موضع رحمة فلا تصلح لعبادة الله تعالى . مدارك الاحكام 3 / 232 . 3 - المثوى : المنزل . و الجمع مثاوي . مجمع البحرين . 4 - قال في المدارك : جواد الطرق : هي العظمى منها ، و هي التي يكثر سلوكها . مدارك الاحكام 3 / 233 .
(89)
و الشقرة ، و البيداء ، و وادي ضجنان ( 1 ) و رأس الوادي و بطنه . و أما موضع السجود بالجبهة فشرطه الطهارة من كل نجاسة متعدية و يابسة ، و أن يكون مما لا يؤكل و لا يلبس في العادة ملكا أو مباحا ، فأما ما يؤكل لا معتادا بل نادرا ، أو كان مما يصح استعماله على وجهه ، كالورد و البنفسج فلا بأس بالسجود عليه . و لا ينبغي السجود على المعادن أو ما كان منها ، و لا على ما قلبته النار ، كالكأس و الخزف و الجص و شبهه ، و أفضله على التربة الحسينية . 1 - في الجواهر : قيل : إن ذات الصلاصل اسم الموضع الذي أهلك الله فيه نمرود ، و ضجنان واد أهلك الله فيه قوم لوط . و " البيداء " : هي التي يأتي إليها جيش السفياني قاصدا مدينة الرسول صلى الله عليه و آله فيخسف الله به تلك الارض . و في خبر ابن المغيرة المروي عن كتاب الخرائج و الجرائح : " نزل أبو جعفر - عليه السلام - في ضجنان فسمعناه يقول ثلاث مرات : لا غفر الله لك ، فقال له أبي : لمن تقول جعلت فداك ؟ قال : مر بي الشامي لعنه الله يجر سلسلته التي في عنقه و قد دلع لسانه يسألني أن أستغفر له ، فقلت له : لا غفر الله لك " . و عن عبد الملك القمي : سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول : بينا أنا و أبي متوجهان إلى مكة من المدينة فتقدم أبي في موضع يقال له " ضجنان " إذا جاء في رجل في عنقه سلسلة يجرها فأقبل علي فقال : اسقني ، فسمعه أبي فصاح بي و قال : لا تسقه لا سقاء الله تعالى ، فإذا رجل يتبعه حتى جذب سلسلته و طرحه على وجهه في أسفل درك الجحيم ، فقال أبي : هذا الشامي لعنه الله تعالى . و المراد به على الظاهر معاوية صاحب السلسلة التي ذكرها الله تعالى في سورة الحاقة . أنظر جواهر الكلام 8 / 349 . و الوسائل 3 / 450 ، الباب 33 و 34 من أبواب مكان المصلي . و قال في مجمع البحرين : في الحديث نهي عن الصلاة في وادي شقرة - و هو بضم الشين و سكون القاف . و قيل بفتح الشين و كسر القاف - : موضع معروف في طريق مكة . قيل : إنه و البيداء و ضجنان و ذات الصلاصل مواضع خسف و أنها من المواضع المغضوب عليها .
(90)
فأما ما هو سنة من مقدمات الصلاة ، فالأَذان و هو ثمانيه عشر فصلا ، أربع تكبيرات في أوله ، و شهادة الاخلاص و شهادة النبوة ، و الدعاء إلى الصلاة ، ثم إلى الفلاح ، ثم إلى خير العمل مرتان مرتان ، و تكبيرتان و تهليلتان . و تسقط في الاقامة من ذلك ، تكبيرتان أولا ، و تهليلة آخرا ، و يزاد بعد دعائه : خير العمل : " قد قامت الصلاة " مرتان ، فيكون سبعة عشر فصلا ، جملتها خمسة و ثلاثون فصلا ، إلا أنهما سنة للمنفرد لا للمصلي جمعة أو جماعة ، لوجوبهما إذ ذاك و شرطهما الترتيب و دخول الوقت و أن لا يزاد ا و لا ينقصا عما قلناه . و فضيلتهما الطهارة و القيام و التوجه إلى القبلة ، و ترتيل الاذان و حدر ( 1 ) الاقامة ، و الوقوف على آخر فصولهما ، و الفصل بينهما أما بسجدة و دعاء ، أو جلسة أو خطوة . و تجنب الكلام في خلالهما ، و الاتيان بما لا يجوز مثله في الصلاة و يتأكد ذلك في الاقامة ، لانها آكد من الاذان ، و هما فيما يجهر بالقراءة فيه آكد منها فيما يخافت فيه . و ما يتعلق بالصلاة من الكيفية ، إما أن يرجع إلى الخمس المرتبة ، أو إلى ما عداها من الصلوات ( 2 ) المفروضة عن سبب . فيما يخص المرتبة إما أن يرجع إلى صلاة المختار ، أو المضطر ، و كلاهما إما أن يرجع إلى المفرد ، أو إلى الجامع . فما يتعلق بالمختار المفرد إما فرض فركن ( 3 ) ، و هو قيامه مع تمكنه ، و توجهه إلى القبلة مع تيقنه ، و النية بشروطهما ، و تكبيرة الاحرام 1 - حدر الرجل الاقامة - من باب قتل - : أسرع . المصباح المنير . 2 - في " ج " من الصلاة . 3 - هكذا في " م " و لكن في غيرها : " و ركن " .