يـقـول الـعلامة الشهيد آية اللّه العظمى السيد محمد باقر الصدر: واذا كانت فكرة المهدي اقدم من الاسلام واوسع منه , فان معالمها التفصيلية التي حددها الاسلام جاء اكثراشباعالكل الطموحات التي انـشـدت الى هذه الفكرة منذ فجر التاءريخ الديني , واغنى عطاء واقوى اثارة لاحاسيس المظلومين والـمـعـذبـين على مر التاءريخ .
وذلك لان الاسلام حول الفكرة من غيب الى واقع , ومن مستقبل الى حـاضـر, ومن التطلع الى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول , الى الايمان بوجود الـمـنـقـذ فـعـلا, وتطلعه مع المتطلعين الى اليوم الموعود الى اكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم .
فـلـم يـعـد المهدي (عج ) فكرة تنتظر ولادتها, ونبوءة نتطلع الى مصداقها, بل واقعا قائماننتظر فـاعـلـيـتـه , وانسانا معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه , نراه ويرانا, ويعيش آمالنا وآلامنا,ويشاركنا احـزانـنا وافراحنا, ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الارض من عذاب المعذبين , وبؤس البائسين , وظلم الظالمين , ويكتوي بذلك من قريب اوبعيد, وينتظربلهفة اللحظة التي يتاح له فيها ان يمد يده الى كل مظلوم وكل محروم وكل بائس , ويقطع دابر الظالمين .
وقـد قدر لهذا القائد ان لا يعلن عن نفسه ولا يكشف للاخرين حياته , على الرغم من انه يعيش معهم انتظارا للحظة الموعودة .
ومـن الواضح ان الفكرة بهذه المعالم الاسلامية تقرب الهوية الغيبية بين المظلومين , كل المظلومين , وبين المنقذ المنتظر, وتجعل الجسر بينهم وبينه في شعورهم النفسي قصيرامهما طال الانتظار.
ونـحـن حـينما يراد منا ان نؤمن بفكرة المهدي بوصفها تعبيرا عن انسان حي محدد يعيش فعلا كما نعيش , ويترقب كما نترقب , يراد الايحاء الينا باءن فكرة الرفض المطلق لكل ظلم وجور التي يمثلها المهدي , تجسدت فعلا في القائد الرافض المنتظر, الذي سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم , كما في الحديث [الشريف ], وان الايمان به ايمان بهذا الرفض الحي القائم فعلا, ومواكبة له ... ((36)) .