وليس لها أن تواليها في شيء يضر بالمسلمين ، ولا تختص هذه الموالاة بحال الضعف ، بل هي جائزة في كل وقت ، وقد استنبط العلماء من هذه الاية جواز التقية : بأن يقول الانسان أو يفعل ما يخالف الحق لاجل توقي الضرر من الاعداء يعود إلى النفس أو العرض أو المال ، فمن نطق بكلمة الكفر مكرهاً وقاية لنفسه من الهلاك وقلبه مطمئن بالايمان لا يكون كافراً ، بل يُعذر ، كما فعل عمار بن ياسر حين أكرهته قريش على الكفر ، فوافقها مكرهاً وقلبه مليء بالايمان ، وفيه نزلت الاية (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بالكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ )(1) . 2 ـ وقال ابن العربي المالكي : وقد اختلف الناس في التهديد ، هل هو إكراه أم لا ؟ والصحيح إنه إكراه ، فان القادر الظالم إذا قال لرجل : إن لم تفعل كذا وإلاّ قتلتك أو ضربتك أو أخذت مالك أو سجنتك ، ولم يكن له من يحميه إلاّ الله ، فله أن يقدم على الفعل ويسقط عنه الاثم في الجملة ، إلاّ في القتل ، فلا خلاف بين الاُمة أنه إذا أُكره عليه بالقتل لا يحل له أن يفدي
(1) تفسير المراغي 3/136 ـ 137 ، والاية في سورة النحل : 106 .