إذا ظهر هذا فنقول للاشعري : ما تعني بقولك إنه تعالى قضى أعمال العباد وقدرها ؟
إن أردت به الخلق والايجاد ، فقد بينا بطلانه وأن الافعال مستندة إلينا ، وإن عنى به الالزام ، لم يصح إلاّ في الواجب خاصة ، وإن عنى به أنه تعالى بيّنها وكتبها وَأعلَمَ أنهم سيفعلونها فهو صحيح ، لانه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبينه لملائكته ، وهذا المعنى الاخير هو المتعين ، للاجماع على وجوب الرضا بقضاء الله تعالى وقدره ، ولا يجوز الرضا بالكفر وغيره من القبائح ، ولا ينفعهم الاعتذار بوجوب الرضا من حيث أنه فعله تعالى وعدم الرضا به من حيث الكسب ، لبطلان الكسب أولاً ، وثانياً فلانا نقول : إن كان كون الكفر كسباً بقضائه تعالى وقدره وجب به الرضا من حيث هو كسب ، وهو خلاف قولكم ، وإن يكن بقضاء وقدر ، بطل استناد الكائنات بأجمعها إلى القضاء والقدر .
واعلم ، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قد بيّن معنى القضاء والقدر وشرحهما شرحاً وافياً في حديث الاصبغ بن نباته لمّا انصرف من صفين ، فانه قام إليه شيخ فقال له : أخبرنا يا أمير المؤمنين عن مسيرنا إلى الشام ، أكان بقضاء الله وقدره ؟
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ما