أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

3
ـ تأسيس جامعة أهل البيت (عليهم
السلام)

جاءت
فكرة زرع البذرة الفكرية وتشكيل
النواة الاُولى لجامعة علمية
إسلامية في هذهِ المرحلة كضرورة
حضارية لمواجهة التحدّي الحاضر
ونسف البنى الفكرية لكل الاطروحات
السابقة التي وجدت من ظروف المحنة
مناخاً مناسباً لبثّ أفكارها.

كما
تأتي ضرورة وجود تيّار فكري يبلور
الأفكار الإسلامية الأصيلة ويعبّئ
بها ذهن الاُمة ويفوّت الفرصة على
الظالمين في حالة تبدّل الظروف.

ويمكن
تلخيص الأسباب التي شكّلت عاملا
مهمّاً في التهيئة لنجاح هذه
الجامعة فيما يلي :

1
ـ لقد عُزلت الاُمة عن تبني أفكار
الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)
وفقههم أكثر من قرن وبقيت تتناقله
الخواصّ في هذه الفترة عن طريق
الكتابة والحفظ شفاهاً وبالطرق
السرّية.

2
ـ في هذه الفترة طرحت على العالم
الإسلامي تساؤلات فكريّة
ومستجدّات كثيرة لم تمتلك الاُمة
لها حلاّ بسبب اتّساع البلاد
الإسلامية وتبدّل الظروف وحاجات
المسلمين.

3
ـ شعر المسلمون في هذا الظرف بأهمية
البحث عن مبدأ فكري يتكفّل حلّ
مشكلاتهم; لأنّ النصّ المحرّف
واجتهادات الصحابة أصبح متخلّفاً
عن المواكبة بل أصبح بنفسه مشكلة
أمام المسلم لتعارضه مع العقل
والحياة.

4
ـ في هذا العصر ظهرت مدارس فكرية
متطرّفة مثل مدرسة الرأي القائلة
بالقياس والاستحسان. زاعمة أنّ
للنصوص التي نقلت عن الرسول(صلى
الله عليه وآله وسلم) قليلة[1]
لا تفي بالغرض، الأمر الذي تسرّب
فيه العنصر الذاتي للمجتهد ودخل
الإنسان بذوقه الخاص إلى التشريع[2]،
كما ظهرت مدرسة الحديث قبال مدرسة
الرأي والتي عرفت بالجمود على ظاهر
النص ولم تتفرّغ لتمييز صحيح
النصوص من غيره.

5
ـ غياب القدوة الحسنة والجماعة
الصالحة التي تشكل مناخاً لنمو
الفضيلة وزرع الأمل في نفوس الاُمة
باتّجاه الأهداف الربّانيّة.

في
هذا الظرف الذي ذهب فيه الخوف
واستطاع المسلم أن يبحث عن المعرفة
وعن حل لمشكلاته الفكرية ، قام
الإمام الباقر (عليه السلام) بتشكيل
حلقاته العلمية في مسجد الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) فكان وجوده (عليه
السلام) مركز جذب لقلوب طلاب
الحقيقة فالتفّ حوله صحابة أبيه
الإمام زين العابدين(عليه السلام)،
وبدأ منذ ذلك الحين بالتركيز على
بناء الكادر العلمي آملا أن يواجه
به المشكلات الفكرية التي بدأت
تغزو الاُمة المسلمة. وكان يشكّل
هذا الكادر فيما بعد الأرضية
اللازمة لمشروع الإمام الصادق (عليه
السلام) المرتقب فتناول الإمام (عليه
السلام) أهمّ المشكلات الفكرية
التي كان لها ارتباط وثيق بحياة
الناس العقائدية والأخلاقية
والسياسية.

وزجّ
الإمام بكادره العلمي وسط الاُمة
بعد أن عبّأه بكل المؤهّلات التي
تمكنهُ من خوض المعركة الفكرية
حينما قال لأبان بن تغلب: «إجلس في
مسجد المدينة وافت الناس فإنّي
اُحبّ أن أرى في شيعتي مثلك»[3].

وعندما
يدرك الاصحاب مغزى هدف الإمام من
هذا التوجيه وضرورة الحضور مع
الناس يتصدى هؤلاء بأنفسهم لمعالجة
المشكلات الفكرية وإبطال الشبه عن
طريق الحوار والمناظرة حسب الخط
الذي رسمه لهم الإمام (عليه
السلام) في وقت سابق.

قال
عبد الرحمن بن الحجاج: كنا في مجلس
أبان بن تغلب فجاء شاب فقال له: يا
أبا سعيد أخبرني كم شهد مع علي بن
أبي طالب من أصحاب النبي(صلى الله
عليه وآله وسلم)؟ وأدرك أبان مراده
فانبرى قائلا: كأنك تريد أن تعرف
عليّاً بمن تبعه من أصحاب رسول
الله؟ فقال هو ذاك .

فأجابه
أبان : والله ما عرفنا فضلهم ـ أي
الصحابة ـ إلاَّ باتّباعهم إيّاه.

وتعميقاً
لهذا التوجيه وبنفس السياق يبادر
محبوب أهل البيت ولسانهم مؤمن
الطاق ليواجه أفكار حركة الخوارج
ويردّ على جرأتها في التشكيك بموقف
الإمام علي (عليه السلام) من مسألة
التحكيم[4].

يدخل
مؤمن الطاق على بعض زعماء الخوارج
في الكوفة فيقول له: أنا على بصيرة
من ديني وقد سمعتك تصف العدل فأحببت
الدخول معك، فيقول الخارجي لأصحابه
إن دخل هذا معكم نفعكم.

فيقول
له مؤمن الطاق: لِمَ تبرّأتم من
عليّ بن أبي طالب واستحللتم قتله
وقتاله؟

يجيبه
الخارجي: لأنّه حكّم الرجال في دين
الله.

فيقول
له: وكلَّ من حكّم في دين الله
استحللتم قتله ؟

فيجيب
الخارجي: نعم.

فيقول
له: أخبرني عن الدين الذي جئت
اُنظارك به لأدخل معك فيه، إن
غَلَبَتْ حجتي حجتك، من يوقِفُ
المخطئ منّا عن خطئه ويحكم للمصيب
بصوابه ؟

فيشير
الضحّاك إلى رجل من أصحابه ويقول:
هذا هو الحكم بيننا.

هنا
يتوجّه مؤمن الطاق إلى من كان
حاضراً من الخوارج ويقول: زعيمكم
هذا قد حكّم في دين الله[5].
وهكذا يفحمهم بحجّته البالغة
ومنطقه القويم.

وقبل
أن ننتهي من حياة الإمام (عليه
السلام) نشير إلى ثلاث وقائع
تاريخية لها صلة بالمرحلة التي سوف
يتصدى لها الإمام الصادق(عليه
السلام).

الواقعة
الاُولى : ان هشام بن عبد الملك هو
واحد من الحكّام الاُمويين الَّذين
نصبوا العداوة لأهل البيت، بل نراه
قد زاد على غيره حتَّى أنه على أثر
الخطبة التي خطبها الإمام الصادق (عليه
السلام) في مكة والتي أوضح فيها
معنى القيادة ولمن تكون القيادة،
يأمر هشام فور رجوعه إلى الشام بجلب
الإمامين الباقر والصادق (عليهما
السلام) إلى دمشق لغرض التنكيل بهما.

وبعد
اللقاء بهشام تفوّق الإمام الباقر (عليه
السلام) في البلاط الاُموي في
الحوار الذي أجراه مع هشام ثم حواره
مع عالم النصارى في الشام ، يسمح
لهما هشام بالرجوع إلى المدينة
ولكنه يأمر أمير (مدين) ـ وهي
المدينة الواقعة في طريقهماـ
بإيذائهما فقد جاء في رسالته: إنّ
ابن أبي تراب الساحر محمّد بن علي
وابنه جعفر الكذابين فيما يظهران
من الإسلام، قد وردا عليّ فلما
صرفتهما إلى يوم الدين مالا إلى
القسسين والرهبان، وتقربّا إليهم
بالنصرانية فكرهت النكال لقربهما،
فإذا مرّا بانصرافهما عليكم فليناد
في الناس: برئت الذمّة ممّن باعهما
وشاراهما وصافحهما وسلّم عليهما،
ورأى أمير المؤمنين قتلهما
ودوابّهما وغلمانهما لارتدادهما
والسلام[6].

ولم
يترك هشام الإمام الباقر(عليه
السلام) حُرّاً يتحرّك في المدينة،
ولم يسترح من تواجده في الساحة
الإسلامية حتَّى أقدم على قتله
غيلةً بالسمّ سنة (114هـ)[7].

الواقعة
الثانية : في هذهِ الفترة تحفّز زيد
بن علي بن الحسين (عليه السلام)
وصمّم على الثورة ضد هشام بن عبد
الملك على أثر تصرفات الاُمويين،
ولا سيما تصرف هشام المهين بحق زيد،
والنيل من كرامته، وما كان يفعله
هشام بحق الشيعة بشكل خاص.

لقد
دخل زيد على هشام فسلم عليه بالإمرة
فلم يردّ السلام إهانةً له، بل أغلظ
في الكلام ولم يفسح له في المجلس.

فقال
زيد: السلام عليك يا أحول، فإنّك
ترى نفسك أهلا لهذا الاسم. فغضب
هشام وجرت بينهما محاورة كان نصيب
هشام فيها الفشل، وخرج زيد وهو يقول:
ما كره قومٌ حرّ السيوف إلاَّ ذلّوا.

وأمر
هشام بردّه. وقال له: اُذكر حوائجك
فقال زيد: أما وأنت ناظر على اُمور
المسلمين فلا. وخرج من عنده وقال:
مَن أحبّ الحياة ذلّ[8].

ومضى
زيد إلى الكوفة ثمّ خطّط للثورة
واستشار بذلك الإمام الباقر(عليه
السلام).

قال
الإمام الصادق (عليه السلام): إنّ
عمي أتى أبي فقال إني أريد الخروج
على هذا الطاغية.

ولمّا
أزمع على الخروج أتاه جابر بن يزيد
الجعفي فقال له: إني سمعت أخاك أبا
جعفر يقول: إن أخي زيد بن علي خارج
ومقتول وهو على الحق فالويل لمن
خذله، والويل لمن حاربه، والويل
لمن يقتله. فقال له زيد :يا جابر لم
يسعن أن أسكت وقد خولف كتاب الله
تعالى وتحوكم بالجبت والطاغوت[9].

الواقعة
الثالثة: ولما قربت وفاة الإمام
محمّد الباقر (عليه السلام) دعا
بأبي عبد الله جعفر الصادق (عليه
السلام) فقال له: إن هذه الليلة التي
وعدت فيها. ثم سلّم إليه الاسم
الأعظم ومواريث الأنبياء والسلاح
وقال له: يا أبا عبد الله ، الله
الله في الشيعة. فقال أبو عبد الله:
لا تركتهم يحتاجون إلى أحد...[10].

بهذا
العرض ننتهي من تصوير حياة الإمام
الصادق مع أبيه لتبدأ مرحلة تصدّيه
للإمامة، وبها يبدأ عصر جديد من
العمل والجهاد والاصلاح.

[1]
هذا في غير مدرسة
أهل البيت (عليهم السلام) الذين
حرصوا على نقل تراث الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) وواجهوا منع
تدوين السنّة النبوية بالحث على
التدوين والنقل والتعليم لئلاَّ
تندرس معالم الدين.

[2]
فقد عرف حسن أبي حنيفة أنه لم يصح
عنده من أحاديث الرسول الفقهية سوى
سبعة حشر حديثاً. راجع مقدمة ابن
خلدون: 372.

[3]
معجم الآداب : 1 / 108 .

[4]
معجم رجال الحديث : 1/21 ـ 22 وتنقيح
المقال: 1/4.

[5]
الإمام الصادق والمذاهب الأربعة: 2/
72.

[6]
دلائل الإمامة: 104 ـ 109 وبحار
الأنوار: 46 ـ 306.

[7]
شذرات الذهب: 1/149 تاريخ بن الاثير:
4/217 طبقات الفقهاء: 36.

[8]
تاريخ الطبري : حوادث سنة ( 121 )
وتاريخ ابن عساكر : 6 / 22 ـ 23.

[9]
راجع تيسير المطالب : 108 ـ 109.

[10]
اثبات الهداة: 5/330.

/ 45