أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الفصل
الرابع

متطلّبات
عصر الإمام الباقر (عليه
السلام)

ونستطيع
أن نجمل دور الإمام الباقر(عليه
السلام) في ثلاثة خطوط أساسية كما
يلي:

1
ـ الخط السياسي.

2
ـ بناء الجماعة الصالحة.

3
ـ بناء جامعة أهل البيت.

1
ـ الخط السياسي للإمام الباقر (عليه
السلام)

لقد
كان الخيار السياسي للإمام الباقر (عليه
السلام) في فترة تصدّيه للإمامة هو
الابتعاد عن الصدام والمواجهة مع
الاُمويين. وهذا واضح من خلال
تصريحه الذي تضمّن بياناً للجوّ
السائد وحالة الاُمّة ومستوى وعيها
آنذاك: (إنْ دَعَوْناهم لم يستجيبوا
لنا..)
[1]
.

كما
نجده فيما بعد: يستوعب سياسة
الانفتاح والاعتدال التي أبداها
عمر ابن عبد العزيز، سواء كان هذا
الاعتدال بدافع ذاتي لعلاقته
بالإمام (عليه السلام) أم بدافع
الضغوط الخارجيّة وخوفه من انهيار
الدولة الاُموية.

إنّ
الإمام قد رسم خطّه السياسي في هذه
المرحلة باُسلوبين:

الاُسلوب
الأول: تصريح الإمام (عليه السلام)
برأيه حول عمر بن عبد العزيز
وحكومته قبل تصدّي عمر للخلافة .
فعن أبي بصير، قال: كنت مع أبي جعفر
الباقر (عليه السلام) في المسجد
ودخل عمر بن عبد العزيز وعليه ثوبان
ممصّران متكئاً على مولى له فقال (عليه
السلام): لَيَلِيَنَّ هذا الغلام ]
أي سوف يتولّى السُلطة[فيظهر العدل
[2]
.

ولكن
الإمام (عليه السلام) قدح في ولايته
باعتبار وجود من هو أولى منه.

الاُسلوب
الثاني : اسلوب المراسلة واللقاء
بين الإمام (عليه السلام) وعمر بن
عبد العزيز. فقد روي أنّ عمر كرّم
الإمام أبا جعفر(عليه السلام)
وعظّمه وقد أرسل خلفه فنون ابن عبد
الله بن عتبة بن مسعود وكان من
عُبّاد أهل الكوفة فاستجاب له
الإمام (عليه السلام) وسافر إلى
دمشق فاستقبله عمر استقبالا رائعاً
واحتفى به وجَرَت بينهما أحاديث
وبقي الإمام أيّاماً في ضيافته
[3]
.

ومن
المراسلات ما جاء أنه : كتب عمر
للإمام (عليه السلام) بقصد الاختبار
فأجابه الإمام برسالة فيها موعظة
ونصيحة له
[4]
ولكن سياسة الابتعاد عن الصدام
المباشر لم تمنع الإمام الباقر (عليه
السلام) من أن يقف من الاُمة بشكل
عام ومن الاُمويين وهشام بن عبد
الملك بشكل خاص موقف التحدي الفكري
والعقائدي والعلمي لبيان الحق
المغتصب وكشف ستار الباطل الذي كان
قد أسدله الحكّام على الحق ورموزه.

وحين
حجّ هشام بن عبد الملك بن مروان سنة
من السنين وكان قد حجّ في تلك السنة
محمّد بن علي الباقر (عليه السلام)
وابنه جعفر، قال جعفر بن محمد(عليه
السلام) في بعض كلامه: «الحمد لله
الذي بعث محمّداً نبيّاً وأكرمنا
به، فنحن صفوة الله على خلقه وخيرته
من عباده فالسعيد من اتّبعنا
والشقيّ مَن خالفَنَا، ومن الناس
من يقول: إنه يتولاَّنا وهو يتولّى
أعدائنا ومن يليهم من جلسائهم
وأصحابهم، فهو لم يسمع كلام ربّنا
ولم يعمل به ...»
[5]
.

فبيّن
(عليه السلام) مفهوم القيادة
الإلهية ومصداقها الحقيقي الذي
يمثّلها آنئذ.

وهذا
الطرح وان كان فيه نوع مجابهة صريحة
للحاكم وما يدور في أذهان الناس
لكنه لم يكن مغامرة; لأنّ الظرف كان
بحاجة إلى مثل هذا الطرح والتوضيح
بالرغم من أنه قد أدّى إلى أن
يستدعي هشام، الإمامين الباقر
والصادق (عليهما السلام) إلى
الشام فيما بعد.

2
ـ بناء للجماعة الصالحة

لم
تكن عملية بناء الجماعة الصالحة
وليدة عصر الإمام الباقر (عليه
السلام) فقد باشرها الرسولا(صلى
الله عليه وآله وسلم) ثم لإمام علي (عليه
السلام) ، حيث نجد لأشخاص أمثال
مالك الأشتر وهاشم المرقال، ومحمد
بن أبي بكر، وحجر بن عدي، وميثم
التمار، وكميل بن زياد، وعبد الله
بن العباس دوراًكبيراً في الصراع
الذي خاضه الإمام علي (عليه السلام)
مع مناوئيه.

واستمرت
عملية البناء بشكل فاعل في عصر
الإمامين الحسن والحسين (عليهما
السلام) ثم تقلّص النشاط المباشر في
بناء هذه القاعدة وتوسيعها ثم
استمرّت عملية البناء في العقود
الأخيرة من حياة الإمام زين
العابدين (عليه السلام). وتكاملت
في عصر الإمام الباقر (عليه السلام)
حيث سنحت الفرصة له بأن يتحرك نحو
تطوير الجماعة الصالحة بتوضيح
أهدافها التي تمثلت في الدفاع عن
المجتمع الإسلامي وحفظ الشريعة
الإسلامية من التحريف إلى جانب
توسيع القاعدة كمّاً مع تطويرها
كيفاً.

ونقتصر
فيما يلي على بعض ما قام به الإمام
الباقر (عليه السلام) من خطوات :

الخطوة
الاُولى : أخذ الإمام (عليه السلام)
يعمّق ويوضح صفات الجماعة الصالحة
الموالية لأهل البيت (عليهم السلام)
ودورها في المجتمع فقد جاء في وصفه
لهذه الجماعة قوله (عليه السلام): «إنما
شيعتنا ـ شيعة علي ـ المتباذلون في
ولايتنا المتحابون في مودتنا،
المتزاورون لإحياء أمرنا الذين ،
إذا غضبوا لم يظلموا ، وإذا رضوا لم
يسرفوا، بركة على مَنْ جاوروا ، سلم
لمن خالطوا»
[6]
، وقال أيضاً: «شيعتنا من أطاع
الله»
[7]
.

وبهذا
أراد الإمام (عليه السلام) أن يرسّخ
الكمالات الإنسانية في جانبي
الأخلاق والعبادة التي تعرّضت
للضياع طيلة سنوات المحنة، ويوضّح
أن الانتماء لخطّ أهل البيت (عليهم
السلام) هو بالعمل والتحلي بهذهِ
الصفات.

الخطوة
الثانية : قام الإمام (عليه السلام)
ـ بالإضافة إلى توضيح مستوى الروح
الإيمانية التي ينبغي أن يتَمتّع
بها أفراد الجماعة الصالحة ـ بشحذِ
هممها وتربيتها على روح الصبر
والمقاومة لكي تمتلك القدرة على
مواصلة العمل في سبيل الله ومواجهة
التحديات المستمرة وعدم التنازل
أمام الإغراءات أو الضغوط الظالمة،
فقد جاء في كلامه (عليه السلام) لرجل
حين قال له: والله إني لاُحبّكم أهل
البيت. فقال (عليه السلام): «فاتّخذ
للبلاء، جلباباً، فوالله إنه لأسرع
إلينا وإلى شيعتنا من السيل في
الوادي، وبنا يبدو البلاء ثم بكم،
وبنا يبدو الرخاء ثم بكم
[8]
.

هكذا
رسم الإمام (عليه السلام) معالم
الطريق الشائك أمامه، إنه طريق
مفروش بالدماء والدموع ، والإمام
رائد المسيرة على هذا الطريق يصيبه
البلاء أوّلا قبل أن يصيب شيعتَه.

وقد
كان الإمام (عليه السلام) يذكّرهم
بمعاناة الشيعة قبل هذا الظرف
بقوله(عليه السلام): «قتلت شيعتنا
بكلّ بلدة وقُطِعت الأيدي والأرجل
على الظنة وكان مَن يذكر بحبّنا
والانقطاع إلينا سُجن ونُهب مالُه
وهُدِمَت داره»
[9]
.

ومن
الأعمال التي قام بها الإمام (عليه
السلام) في بناء الجماعة الصالحة هو
إلزام أتباعه وخاصّته بمبدأ التقية
حفاظاً عليهم من القمع والإرهاب
والإبادة التي طالما تعرضوا لها.
وقد اعتبر هذا المبدأ من الواجبات
الشرعية ذات العلاقة بالإيمان،
فكان يوصيِهم بالتقية قائلا: «التقية
ديني ودين آبائي، ومن لا إيمان له
لا تقيّة له»
[10]
.

ومن
المبادئ التي تتداخل مع التقيّة:
كتمان السرّ، فقد جاء عنه (عليه
السلام) في وصيّته لجابر بن يزيد
الجعفي في أوّل لقاء له بالإمام (عليه
السلام): أن لا يقول لأحد أنه من
أهالي الكوفة، وليظهر بمظهر رجل من
أهل المدينة... وجابر الجعفي هذا قد
أصبح فيما بعد صاحب سرّ الإمام (عليه
السلام)، ولشدّة فاعليّته وتأثيره
في الاُمة أمر هشام بن عبد الملك
واليه في الكوفة بأن يأتيه برأس
جابر، لكنّ جابراً قد تظاهر
بالجنون قبل أن يصدر الأمر بقتله
حسب إرشادات الإمام الباقر (عليه
السلام) التي كانت تصله سرّاً، فقد
جاء في كتاب هشام إلى واليه: أن
اُنظر رجلا يقال له جابر بن يزيد
الجعفي فاضرب عنقه وابعث إليَّ
برأسه.

فالتفت
إلى جلسائه فقال لهم: مَن جابر بن
يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله،
كان رجلا له علم وفضل وحديث وحجّ
فجنّ وهو ذا في الرحبة مع الصبيان
على القصب يلعب معهم.

قال:
فأشرف عليه فإذا هو مع الصييان يلعب
على القصب. فقال الحمد لله الذي
عافاني من قتله
[11]
.

وكان
في هذه المرحلة رجال كتموا تشيّعهم
وما رسوا نشاطات مؤثرة في حياة
الاُمة فكرية وعسكرية وفقهية مع
الاحتفاظ بعلاقاتهم، فمن فقهاء
الشيعة سعيد بن المسيّب ، والقاسم
بن محمد ، فقد كانا بارزين بين
علماء ذلك العصر في الفقه وغيره
إلاَّ أنه لم تكن لهم صبغة التشيع
الصريح، فقد شاع عن سعيد بن المسيّب
أنه كان يجيب أحياناً برأي غيره من
علماء عصره أو برأي من سبقه من
الصحابة مخافة أن يصيبه ما أصاب
سعيد بن جبير ويحيى بن اُم الطويل
وغيرهما ممّن تعرضوا للقتل
والتشريد بسبب تشيّعهم.

وهذا
موسى بن نصير من رجالات الكوفة
العسكريين وزهّادها المؤمنين ممّن
عرف بولائه لأهل البيت (عليهم
السلام) هو وأبوه نصير، ولقد غضب
عليه معاوية إذ لم يخرج معه لصفين،
وموسى هو الذي فتح الفتوحات
العظيمة في بلاد المغرب وكان تحت
امرته مولاه طارق بن زياد وولده عبد
العزيز وبسبب تشيّعه غضب عليه
سليمان بن عبد الملك وقبل أن يقتله
عرضه لأنواع العذاب فقتل ولده
أمامه وألزمه بدفع مبلغ كبير
[12]
.

وكان
لجابر الجعفي وزرارة وأبان بن تغلب
وغيرهم دور بالغ في نجاح حركة
الإمام الفكريّة وأصبحوا فيما بعد
النواة لجامعته وبقي هؤلاء بعد
وفاة الإمام الباقر (عليه السلام)
بصحبة ولده الصادق (عليه السلام)
ليمارسوا مسؤولياتهم بحجم أكبر كما
سيأتي.


[1]
الارشاد، للشيخ
المفيد: 284.


[2]
سفينة البحار:
2/127.


[3]
تاريخ دمشق: 51/38.


[4]
تاريخ اليعقوبي
2/305.


[5]
دلائل الامامة: 104
ـ 109، بحار الأنوار: 46/306.


[6]
تحف العقول: 295و
300.

[7]
تحف العقول: 295و 300.


[8]
بحار الأنوار:
46/360 ، وأمالي الشيخ الطوسي: 95.


[9]
حياة الإمام
الحسن دراسة وتحليل: 2/257.


[10]
اُصول الكافي:
2/174.


[11]
بحار الأنوار:
46/282، والكافي: 1/396.


[12]
تاريخ اليعقوبي :
2/294.

/ 45