أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الباب
الرابع

الفصل
الأول

نهاية
الحكم الاُموي وبداية الحكم
العبّاسي

1
ـ المستجدّات السياسية

لقد
تداعا النظام الاُموي في هذه
المرحلة التاريخية من حياته بعد أن
فقد في نظر الاُمّة كلّ مبرراته
الحضارية، عقائدية كانت أو سياسية،
ولم يبقَ في قبضته سوى منطق السيف
الذي هو آخر مواطن القوة التي كان
يدير بها شؤون البلاد.

وحتى
هذا المنطق لم يدم طويلاً أمام
إرادة الاُمة رغم صرامة آخر ملوك
الاُمويين (مروان) المعروف في حسمه.

لقد
استحكمت قناعة الاُمة وآمنت بضرورة
التخلّص من الطغيان الاُموي، ولم
يبق بعد شيءٌ بيد وعّاظ السلاطين
ليرتشوا به ويدافعوا عن وجه
الاستبداد الاُموي الكالح
فيوظّفوا القرآن والحديث لصالح
مملكته ولزوم طاعة الاُمة لحكّامها ،
حيث تراكمت في ذهن الاُمة وضميرها
تلك المظالم التي ارتكبت بحق ذريّة
رسول الله (صلى الله عليه وآله)
بدءاً بسمّ معاوية للامام الحسن (عليه
السلام) وسبّه الإمام علي أخي رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمه
وزوج ابنته وجعل السبّ سُنّةً، ثم
قتل الحسين بن علي ريحانة الرسول (صلى
الله عليه وآله) وأهل بيته وخيرة
أصحابه بأمر يزيد وعمّاله، وأخذه
البيعة من أهل المدينة في واقعة
الحَرة الأليمة على أنهم عبيد له
بعد أن أباحها لجيشه ثلاثة أيام .

وقول
عبدالملك بن مروان: (من أوصاني
بتقوى الله ضربت عنقه)
[1]
وقتل الطاغية هشام لزيد بن علي (عليه
السلام) وصلبه وحرق جثمانه الشريف.

وفساد
الولاة الاُمويين بالاضافة الى
جبايتهم الضرائب الظالمة وشقّ صف
وحدة الاُمّة الاسلامية وتمزيقها
الى طوائف بإشاعتهم للروح القبلية
حيث فرّقوا بالعطاء واستعبدوا
الشعوب غير العربية.

وهكذا
ظهرت الى سطح الساحة الفكرية
والفقهية آراء لا ترى أية شرعية
للنظام الاُموي وعبّرت عن ذلك في
وسط الاُمة وأصبح مدح العلويين
أمراً تتناقله الناس رغم سلبية
موقف السلطة منهم، بعد أن كان الخوف
يمنعهم من التعبير عن رأيهم.

وهكذا
استعدت الاُمة بفعل تراكم الظلم
الاُموي لأن تتقبّل أي بديل من شأنه
أن ينقذها من الكابوس الاُموي،
لعلّها تنعم بشيء من العدل
والمساواة.

وهذا
الجو قد شجّع على ظهور اتجاهات
وادّعاءات سياسية تحرض الاُمة
وتدعوها الى الانضمام تحت رايتها
تحقيقاً لاطماعها في الخلافة ، كما
تطلعت الأمة للمنقذ باحثة عن
أخباره بشغف وأخذت فكرة المهدي
المنتظر تشقّ طريقها في اوساط
الاُمة المظلومة.

ومن
جانب آخر اتّسع خط الإمام (عليه
السلام) وامتدّ وكثرت أنصاره
واستلهمت الاُمة ثقافته حيث أنه قد
أثّر في عقلها وقراراتها، ليس على
المستوى الخاص الذي يحضى برعاية
الإمام فحسب أو في دوائر محدودة، بل
أصبح له وجود في مختلف البلاد
الاسلامية وتألّق الإمام الصادق(عليه
السلام) ودخل صيته في كل بيت حتى
اصبح مرجعاً روحياً تهوى اليه
القلوب من كل مكان وتلوذ به لحل
مشكلاتها الفكرية والعقائدية
والسياسية.

ولم
يكن هذا الامتداد منحصراً بين عموم
الناس وسوادها بل كان الإمام (عليه
السلام) مرجعاً لعلمائها وموئلاً
لساستها ، فهذا سفيان الثوري يقول:
دخلت على الإمام الصادق (عليه
السلام) فقلت له: أوصني بوصية
أحفظها من بعدك. قال: « وتحفظ يا
سفيان ؟ قلت: أجل يابن رسول الله.
قال: يا سفيان لا مروّة لكذوب ولا
راحة لحسود ولا إخاء لملول ولا خلّة
لمختال ولا سؤدد لسيّء الخلق»
[2]
.

ودخل
عليه مرة اُخرى يطلب منه المزيد من
التعاليم فقال (عليه السلام): «يا سفيان
الوقوف عند كل شبهة خير من الاقتحام
في الهلكة، وترك حديث لم تروه أفضل
من روايتك حديثاً لم تحصه، إن على
كل حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً.
ما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه
فدعوه»
[3]
. وكانت لسفيان الثوري لقاءات
اُخرى مع الإمام(عليه السلام) بل
كانت علاقته به علاقة التلميذ
باستاذه.

وكان
من جملة العلماء الذين يدخلون على
الإمام للاستفادة منه حفص ابن غياث
وهو أحد أعلام عصره وأحد المحدثين
في وقته فكان يطلب من الإمام (عليه
السلام) أن يرشده ويوصيه . فقال له
الإمام (عليه السلام) : «إن قدرتم أن
لا تعرفوا فافعلوا، وما عليك ان لم
يثن الناس عليك ـ الى أن قال ـ : إن
قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل فإنّ
عليك في خروجك أن لا تغتاب ، ولا
تكذب ولا تحسد، ولا ترائي ، ولا
تداهن».

وكان
ابو حنيفة يغتنم الفرص ليحضر عند
الإمام ويستمع منه، وكان يقول بحق
الإمام(عليه السلام): ما رأيت افقه
من جعفر بن محمد (عليه السلام).

وكان
مالك بن أنس ممّن يحضر عند الإمام (عليه
السلام) ليتأدب بآدابه ويهتدي
بهديه فكان يقول: ما رأت عين ولا
سمعت اُذن ولا خطر على قلب بشر أفضل
من جعفر بن محمد الصادق علماً
وعبادة وورعاً. وقال : اختلفت الى
جعفر بن محمد زماناً فما كنت أراه
إلاّ على احدى ثلاث خصال إمّا
مصلّياً وإمّا صائماً وإمّا يقرأ
القرآن، وما رأيته قط يحدّث عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ
على طهارة، ولا يتكلم بما لا يعنيه،
وكان من العلماء العبّاد والزهاد
الذين يخشون الله
[4]
.

وشهد
المنصور بحقّه وهو ألدّ اعدائه
قائلاً: إن جعفر بن محمد كان ممّن
قال الله فيه ( ثم أورَثْنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا) وكان ممن
اصطفى الله وكان من السابقين
بالخيرات
[5]
.

ولم
يكن الإمام مرجعاً للعلماء
والفقهاء والمحدّثين وقائداً
للنهضة الفكرية والعلمية في زمانه
فحسب بل كان مرجعاً للساسة والثوار
حيث كان الزعيم الحقيقي للخط
العلوي الثائر، حيث نجد زيداً
الشهيد بن علي بن الحسين(عليهما
السلام) يرجع اليه في قضية الثورة،
كما كان زيد يقول بحق الإمام (عليه
السلام) في كل زمان رجل منّا أهل
البيت يحتج الله به على خلقه، وحجة
زماننا ابن اخي جعفر لا يضل من تبعه
ولا يهتدي من خالفه
[6]
.

ولم
يكن الإمام جزءاً منفصلاً عن
الثورة فقد كان يدعم الثورة بالمال
والدعاء والتحريض والتوجيه كما مرّ
في البحوث السابقة
[7]
أما العلويون من آل الحسن أمثال
عبدالله بن الحسن وعمر الأشرف بن
الإمام زين العابدين فهم كانوا
يرجعون اليه ويستشيرونه في مسائل
حياتهم، ولم يتجاوزه أحد في
الأعمال المسلحة والنشاطات
الثورية.

من
هنا فإنّ القناعة السائدة آنذاك في
اوساط الاُمّةهي أن البديل للحكم
الاُموي هو الخط الذي يتزعمه
الإمام (عليه السلام) . وهذه الحقيقة
لم يمكن تغافلها، كما سوف يتضح أن
أهم قادة الحركة العباسية ورؤساؤها
والمدبّرون لها أو قادتها
العسكريون كانوا يعتقدون في قرارة
أنفسهم بأن الإمام (عليه السلام) هو
الأولى من غيره، وصاحب القوة
والقدرة والحنكة في ادارة الثورة
وقيادتها; وذلك لطاقاته الإلهية
وثقله الشعبي، ولهذا فاتحه
بالمبايعة كخليفة كلاًّ من أبي
سلمة الخلاّل وأبي مسلم الخراساني،
وقد ألحّ عليه بعض أصحابه أيضاً
مؤكّداً ضرورة اعلان الثورة.

والجدير
بالانتباه أنّ الإمام (عليه السلام)
لم يتبوّأ هذا الموقع المقدس من
القلوب بسبب المعادلات السياسية
الآنية ، فإنّ الأحداث والظروف
المختلفة هي التي كانت قد خلقت هذا
الجوّ وأكّدت بأن يكون الإمام (عليه
السلام) لا غيره في هذا الموقع
ويصبح هو البديل اللائق سياسيّاً
وفكريّاً والخليفة الشرعي
للمسلمين بدل الحكم الاُموي الظالم.

وإنّ
العمل الدؤوب والمنهج الاصلاحي
الذي خطّه الإمام (عليه السلام) ومن
سبقه من ائمة أهل البيت (عليهم
السلام)، وبناء الأجيال الطليعية
أدّى الى ارتفاع هذا الوعي عند
الاُمة وخلق منعطفاً تاريخياً في
حياة الاُمّة ممّا أدّى الى أن تنعم
الاُمّة بالثروة الفكرية التي
خلفتها تلك الفترة الذهبية لنا.

وكان
الإمام (عليه السلام) في هذا الظرف
الحسّاس يراقب التحركات السلبية
التي تحاول العبث بمسار الاُمّة
والأخذ بها الى مطبّات انحرافية
جديدة، من هنا أصدر جملة من
التوجيهات لأصحابه والتزم الحياد
إزاء العروض السياسية الكاذبة التي تقدّم
بها بعض الثوار; وذلك لمعرفته
بالدوافع والمطامع التي كانت
تحركهم.

وكان
من تلك الاتجاهات التي تحركت
لاقناع الناس بضرورة الثورة على
الاُمويين بهدف الاستحواذ على
الخلافة وتفويت الفرصة على
منافسيهم الاتجاه العباسي.


[1]
تاريخ الخلفاء للسيوطي : 219.


[2]
بحار الأنوار : 78/261.


[3]
اُصول الكافي: 1/69 ح1 وتاريخ
اليعقوبي: 2/381 وعن الكافي في بحار
الأنوار : 2/165 والإمام الصادق
والمذاهب الأربعة: 2/322 .


[4]
مالك بن انس للخولي : 94 ، وكتاب
مالك، محمد ابو زهرة : 28.


[5]
تاريخ اليعقوبي: 2/383 وقد أخذ هذا
عن الصادق(عليه السلام) نفسه، كما
عنه في مناقب آل أبي طالب: 4/142 .


[6]
المناقب لابن شهرآشوب: 4/299 .


[7]
راجعص : 79 ـ 80 حول موقف الإمام
الصادق من ثورة زيد.

/ 45