أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الدور
الخاص للإمام الصادق(عليه السلام) في
بناء الجماعة الصالحة

ألف
: البناء الجهادي

لقد
كان عطاء الثورة الحسينية كبيراً
جدّاً حيث أرجعت هذه الثورة
الخالدة الاُمة الاسلامية إلى
مستوى التصدّي للثورة على الحكّام
المنحرفين واستطاعت الاُمة
المسلمة بفضل هذه الثورة المباركة
أن تتجاوز الهالة المزيّفة التي
صنعها الامُويّون لإضفاء طابع من
الشرعية على سلطانهم ، وهذا الوعي
الثوري والعمل الجهادي الذي شكلته
الاُمّة خلال عدّة عقود قد يأخذ
بالهبوط إذا لم يقترن بعوامل
البقاء والاستمرار والتكامل .

من
هنا نجد الإمام الصادق (عليه السلام)
قد تحرك نحو صياغة العمل الثوري
والجهادي ورسم هيكليته وبالتالي
تجذيره في النفوس. ويبدو هذا واضحاً
من خلال موقفه من ثورة عمّه زيد بن
علي (عليه السلام) حيث صرّح قائلا : «
أَشْرَكَني الله في تلك الدماء .
مضى والله زيد عمّي وأصحابه شهداء
مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب
وأصحابه »[1]
.

وهذا
الموقف منه (عليه السلام) يعطي
الشرعية لثورة زيد ويرسم للجماعة
الصالحة طموحات الإمام (عليه
السلام) ويجعلها تعيش الهمّ
الجهادي والثوري الذي يريده الإمام
للقاعدة الصالحة التي تستطيع أن
تسير بها نحو الأهداف المنشودة
للقيادة الربّانية المتمثلة في
الإمام الصادق (عليه السلام) .

فالجماعة
الصالحة هي ذلك النموذج الفاضل
الذي يعدّه الإمام (عليه السلام)
لمهمّة الاصلاح في المجتمع وهذه
الجماعة هي التي سوف تتحمل مسؤولية
الثورة الكبرى المرتقبة .

ومن
هنا كان ترسيخ مبادئ وأهداف ومعالم
وحيويّة الثورة الحسينية في نفوس
الجماعة الصالحة من خطوات الإمام
الكبيرة في هذا الصدد .

ترسيخ
مبادئ وأهداف ومعالم الثورة
الحسينية

لقد
ربط الإمام الصادق (عليه السلام)
العواطف باتّجاه مبادئ الثورة
الحسينية وأهدافها ليكون الرفض
ومقاومة الظلم مستنداً إلى الوعي
الصحيح والتوجيه المنطقي . لذا نجد
خطابات الإمام (عليه السلام)
واهتماماته لم تقتصر على الإثارات
الفكرية والتوجيهات الوعظية نحو
الثورة وإنّما استندت إلى أساليب
تعبويّة وتحشيد جماهيريّ يعبّر
بممارسته وحضوره عن الانتماء لخط
الحسين (عليه السلام).

ومن
أساليبه بهذا الخصوص تأكيده على
جملة من الوسائل مثل الزيارة
والمجالس الحسينية والبكاء.
ونتكلّم عن كلٍّ منها بايجاز:

1
ـ الزيارة: اعتبر الإمام الصادق (عليه
السلام) زيارة قبر جدّه الحسين (عليه
السلام) من الحقوق اللازمة والتي
يجب على كل مسلم الاهتمام بها ويلزم
الخروج من عهدتها.

قال
(عليه السلام): « لو أن أحدكم حجّ
دهره ثم لم يزر الحسين بن علي (عليه
السلام) لكان تاركاً حقّاً من حقوق
رسوله; لأنّ حقّ الحسين (عليه
السلام) فريضة من الله عزّوجلّ
واجبة على كل مسلم»[2]
.

وقال
(عليه السلام): « من سرّه أن يكون على
موائد النور يوم القيامة فليكن من
زوّار الحسين بن علي (عليه السلام) »[3]
.

وقال
عبد الله بن سنان: دخلت على سيدي أبي
عبد الله جعفر بن محمد(عليهما
السلام) في يوم عاشوراء فلقيتهكاسف
اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من
عينيه كاللؤلؤ المتساقط فقلت : يا
بن رسول الله، مِمَّ بكاؤك؟ لا أبكى
الله عينيك. فقال لي : أوَ في غفلة
أنت ؟ أما علمت أنّ الحسين بن علي(عليه
السلام) اُصيب في مثل هذا اليوم ؟

قلت
: يا سيدي فما قولك في صومه ؟ فقال لي
: صمه من غير تبييت وافطره من غير
تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملا
وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة
على شربة من ماء فإنّه في مثل ذلك
الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء
عن آل رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض
منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم
يعزّ على رسول الله(صلى الله
عليه وآله) مصرعهم ، ولو كان في
الدنيا يومئذ حيّاً لكان صلوات
الله عليه وآله هو المعزّى بهم.

يا
عبد الله بن سنان إنّ أفضل ما تأتي
به في هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب
طاهرة فتلبسها وتتسلّب. قلت : وما
التسلّب ؟ قال (عليه السلام): تحلل
أزرارك ونكشف عن ذراعيك كهيئة
أصحاب المصايب . ثم تخرج إلى أرض
مقفرة أو مكان لايراك به أحد أو
تعمد إلى منزل لك خال ، أو في خلوة
منذ حين يرتفع النهار ، فتصلّي أربع
ركعات تحسن ركوعها وسجودها وتسلّم
بين كلّ ركعتين تقرأ في الركعة
الاُولى سورة الحمد و( قل يا ايها
الكافرون ) وفي الثانية الحمد و( قل
هو الله أحد ) ثم تصلي ركعتين تقرأ
في الركعة الاُولى الحمد وسورة
الاحزاب، وفي الثانية الحمد وسورة (
اذا جاءك المنافقون ) أو ما تيسّر من
القرآن.

ثم
تسلّم وتحوّل وجهك نحو قبر الحسين (عليه
السلام) ومضجعه فتمثّل لنفسك مصرعه
ومن كان معه من ولده وأهله وتسلّم
وتصلي عليه وتلعن قاتليه فتبرأ من
أفعالهم ، يرفع الله عزوجل لك بذلك
في الجنّة من الدرجات ويحط عنك
السيئات .

ثم
تسعى من الموضع الذي أنت فيه إن كان
صحراء أو فضاء أو أي شيء كان خطوات ،
تقول في ذلك : إنا لله وإنا إليه
راجعون رضاً بقضائه وتسليماً لأمره
، وليكن عليك في ذلك الكآبة والحزن
وأكثر من ذكر الله سبحانه
والاسترجاع في ذلك .

فإذا
فرغت من سعيك وفعلك هذا فقف في
موضعك الذي صلّيت فيه ثم قل : اللّهم
عذِّب الفجرة الذين شاقّوا رسولك
وحاربوا أولياءك وعبدوا غيرك
واستحلّوا محارمك والعن القادة
والأتباع ومن كان منهم فخبّ
وأوْضَعَ معهم أو رضي بفعلهم لعناً
كثيراً اللّهم وعجّل فرج آل محمد
واجعل صلواتك عليهم واستنقذهم من
أيدي المنافقين والمضلّين ،
والكفرة الجاحدين وافتح لهم فتحاً
يسيراً وأتح لهم رَوْحاً وفرجاً
قريباً ، واجعل لهم من لدنك على
عدوّك وعدوّهم سلطاناً نصيراً»[4]
.

هكذا
كان الإمام الصادق (عليه السلام)
يؤكّد مبادئ الثورة عن طريق
الزيارة لتكون الزيارة خطّـاً
ثقافياً يُساهم في التربية وتمييز
الجماعة الصالحة عن غيرها ، ويكون
الحضور الدائم حول قبر الحسين (عليه
السلام) بهذا المستوى العالي من
الفهم والانتماء كدعوة للآخرين في
أن يلتحقوا به وينضمّوا إلى أفكاره
ومبادئه .

على
أنّ الحضور الدائم حول القبر
يتمتّع بالخزين العاطفي المتّكئ
على أساس فكري وهذا بطبيعته يشكّل
قاعدة للعمل الثوري الذي يعتمد
المطالبة الواعية بإرجاع الحقوق
المسلوبة من أهل البيت (عليهم
السلام) . وهذه الحقيقة كان يدركها
الاُمويون والعباسيون ولهذا وقفوا
بوجه هذا المدّ المدروس وحالوا دون
الزيارة بكلّ شكل ممكن .

2
ـ المجالس الحسينية: ومن الخطوات
التي تحرك الإمام الصادق (عليه
السلام) من خلالها من أجل صياغة
العمل الثوري والجهادي وتربية
الجماعة الصالحة على ضوئه هي قضية
الرثاء التي حفظتها المجالس
الحسينية ، فقد أكّد (عليه السلام)
على رثاء الإمام الحسين (عليه
السلام) كاسلوب من أساليب التربية
والتحريك العاطفي لغرض ربط الاُمة
بالثورة الحسينية .

وكان
الإمام (عليه السلام) يعقد هذه
المجالس الخاصة لهذه الغاية والتي
كان يطرح فيها إلى جانب الرثاء رُؤى
وثقافة أهل البيت (عليهم السلام)
العقائدية والاخلاقية والتربوية
والسياسية لتكون أداة محفّزة لبثّ
الوعي والعاطفة المبدئيّة.

قال(عليه
السلام) لأبي هارون المكفوف : «يا
أبا هارون أنشدني في الحسين (عليه
السلام) قال فأنشدته، فبكى... فقال:
أنشدني كما تنشدون يعني بالرقّة.
قال فأنشدته :

اُمرُرْ
على جَدَثِ الحُسَين ***فَقُلْ
لاَِعْظُمِهِ الزَكِيّة

قال
: فبكى ثم قال : زِدني ، قال : فأنشدته
القصيدة الاُخرى ، قال: فبكى وسمعت
البكاء من خلف الستر . قال : فلمّا
فرغت قال لي : «يا أبا هارون من أنشد
في الحسين (عليه السلام) شعراً فبكى
وأبكى عشراً كتبت له الجنّة ، ومن
أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً
فبكى وأبكى خمسة كتبت له الجنّة ،
ومن أنشد في الحسين(عليه السلام)
شعراً فبكى وأبكى واحداً كتبت له
الجنّة »[5]
.

وكان
يؤكد إحياء الذكرى كما نلاحظ ذلك فى
قوله (عليه السلام) لفضيل : «يا فضيل
تجلسون وتتحدّثون ؟ قلت : نعم سيدي
قال : «يا فضيل هذه المجالس اُحبّها
، أحْيُوا أمرنا . رحم الله أمرءاً
أحيا أمرنا »[6]
.

3
ـ البكاء: ومن الأساليب التي
اتّخذها الإمام الصادق (عليه
السلام) لتركيز الخط الثوري وتأجيج
روح الجهاد في نفوس خاصته وشيعته هي
تعميق وتعميم ظاهرة البكاء على
الإمام الحسين (عليه السلام) لأن
البكاء يساهم في الربط العاطفي مع
صاحب الثورة وأهدافه ويهيّء الذهن
والنفس لتبني أفكار الثورة ويمنح
الفرد المسلم الحرارة العاطفية
التي تدفع بالفكرة نحو الممارسة
والتطبيق ورفض الظلم واستمرار روح
المواجهة والحصول على روح
الاستشهاد .

كما
يشكّل البكاء وسيلة إعلامية
سياسيّة هادئة وسلميّة عبّر بها
الشيعي عن المآسي والمظالم التي
انتابته وحلّت بأئمته ولا سيّما
إذا كانت الظروف لا تسمح
بالأنشطة الاُخرى.

ولا
يعبّر هذا البكاء عن حالة من
الانهيار والضعف والاستسلام
لإرادة الظالمين، كما لا تشكّل
إحياء هذه الذكرى والبكاء فيها
وسيلة للتهرّب من الذنوب والحصول
على صكوك الغفران كما يحلو للبعض أن
يقول : إن الحسين قد قدّم دمه الطاهر
لأجل براءة الشيعة من النار
وإعفائهم من تبعات الآثام والخطايا
التي يرتكبونها تشبهاً بالنصارى
الذين أباحوا لأنفسهم اقتراف
الخطايا; لأنّ المسيح (عليه السلام)
كما يزعمون قد تكفّل بصلبه محو
خطاياهم .

فالبكاء
الذي أكّده الإمام (عليه السلام)
وتمارسه الشيعة لا يحمل واحداً من
هذه العناوين بل هو تلك الحرارة
التي تضخّ في الفكرة روح العمل
وتخرجها من حيّز السكون إلى حيّز
الحركة فقد جاء عنه (عليه السلام) : «
إن البكاء والجزع مكروه للعبد في
كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع
على الحسين بن علي(عليه السلام)
فإنّه فيه مأجور»[7]
.

[1]
بحار الأنوار : 46 /
171 .

[2]
كتاب المزار للشيخ المفيد : 37 .

[3]
كامل الزيارات لابن قولويه باب : 43 /
121 .

[4]
بحار الأنوار : 101 / 303 ـ 306 .

[5]
كامل الزيارات لابن قولويه : باب 33
/104 .

[6]
واقعة الطف لبحرالعلوم : 52 .

[7]
كامل الزيارات لابن قولويه : باب 33 .

/ 45