غير أن هذا الإكرام الذي ادّعاه ابن هرثمةيتنافى مع ما أمر به المتوكل من حجب الإمام(عليه السلام) عنه في يوم وروده الىسامراء، ويزيد الأمر إبهاماً وتساؤلاً هوأمره بإنزال الإمام (عليه السلام) في مكانمتواضع جدّاً يُدعى بخان الصعاليك(1).
قال صالح بن سعيد: دخلت على أبي الحسن(عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك في كلالاُمور أرادوا اطفاء نورك والتقصير بكحتى أنزلوك هذا الخان الأشنع، خانالصعاليك(2).
وليس ببعيد أن تكون الصورة التي نقلهايحيى للمتوكل عن الإمام (عليه السلام) ومدىنفوذ شخصيّته حتى عند الولاة والقوّادمدعاةً للضغط على الإمام (عليه السلام)والسعي للتضييق الحقيقي عليه من خلالالحيلولة بينه وبين ارتباطه بقواعده وإنكان ذلك بالتظاهر بالإكرام كما نراه فيالنص الذي نُقل عن يحيى، ولا يغيب عن مثليحيى مدى كره المتوكل لآل أبي طالب بشكلعام وللإمام الهادي (عليه السلام) بشكلخاص.
الإمام (عليه السلام) في سامراء
إنّ حجب المتوكل للإمام الهادي (عليهالسلام) لدى وروده والأمر بإنزاله في خانالصعاليك لو لاحظناه مع ما جاء في رسالةالمتوكل للإمام الهادي (عليه السلام) يحملبين طيّاته صورة واضحة من نظرة المتوكلالى الإمام (عليه السلام). فهو لا يأبى منتحقير الإمام وإذلاله كلما سنحت لهالفرصة. ولكنه كان يحاول التعتيم على مايدور في قرارة نفسه ولهذا أمر بعد ذلكبإفراد دار له فانتقل اليها. مع(1) الارشاد: 313 ـ 314.
(2) الكافي: 1/498.