القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا» (1)
ايقاظ
انظر يا حبيبي إلى علماء زماننا كيفأفسدوا العالم بفساد علمهم (عملهم ظ)وهجروا رعاية الآداب في تعلّمهم فانتهىالأمر إلى بذل المعلمين الرشاء وتحمّلأنواع الذلّ في خدمة الحكّام لا ستطلاقالو ظائف المناصب وتوقّع المتعلّمين منهمالانتهاض في حوائجهم والقيام فيما يلحقهممن الأخطار والنوائب، فإن قصروا فيمطموعاتهم ثاروا عليهم وفتحوا ألسن الطعنفيهم بالمثالب والمعائب، ثم لا يرضون الابالتمدّح والافتخار والعجب والاستكباربنشر (2) العلوم طمعاً لما عند الله من عظيمالمواهب، فاعتبر باماراتهم وتفطّن لصنوفاغترارتهم حتّى جعلوا أنفس الأشياءخادماً لأخسّ الأغراض والمآرب، وها أناأبيّن لك العلامات الفارقة بين الصنفينحتّى تستدلّ بها على الجنسين من المقاصدوالمطالب.المقصد الرابع: في آفات علماء السوء
أي الذين قصدوا من العلم التنعّم بالدنياوالتوصّل إلى جاه عند أهلها، والاماراتالفارقة بينهم وبين علماء الآخرة، وقد وردفي الأخبار من المبالغة في الذمّ والطعنعليهم ما هو أكثر من أن يحصى.قال الصادق عليه السلام: «أوحى الله تعالىإلى داود: ياداود لاتجعل بيني وبينكعالماً مفتوناً بالدنيا، فيصدّك عن طريقمحبّتي، إنّ أولئك قطّاع طريق عباديالمريدين لي، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أنأنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم». (3)
وقال علي بن الحسين عليه السلام: «مكتوبفي الانجيل: لا تطلبوا علم
(1) الكافي: 1/44، كتاب فضل العلم، باباستعمال العلم، ح3.
(2) الجارّ والمجرور متعلّق بالاستكباربتضمين معنى «الادّعاء «يعني يدّعون نشرالعلوم طمعاً لما عند الله ويفتخرونويتكبّرون به.
(3) الكافي: 1/46، كتاب فضل العلم، بابالمستأكل بعلمه، ح4.