الالتفات إلى ماسواه فسببه إمّا ضعفاليقين بأحد ماذكر أو ضعف القلب بالستيلاءالجبن عليه وانزعاجه بالأوهام الكاذبة،وذلك ممكن مع حصول اليقين، فإنّ من تناولعسلاً فشبّه بالعذرة عنده قد ينفر طبعهمنه، وكذا المضاجع للميّت ويخاف منه معحصول اليقين بأنّه جماد لايحيى بحسبالعادة، وكم من يقين لا طمأنينة معه، ولذاقال الخليل عليه السلام: «ولكن ليطمئنّقلبي» (1) وكذا العكس كأرباب المللوالمذاهب، فالتوكّل موقوف على قوّةاليقين وقوّة القلب معاً.
إشراق
قد تبيّن ممّا ذكر أنّ التوكّل حالة تثمرالانقطاع إلى الله في جميع الأحوال،وسنذكر حقيقتها وأقسامها إن شاء اللهتعالى، وأن تلك الحالة تنشأ من علمواعتقاد بالأربعة المشار إليها، أيالايمان بالتوحيد الذي يترجمه قولك: لاإله الا هو وحده لاشريك له، وبالقدرة التييترجمها قولك: له الملك، وبالجود والحكمةالتي يدلّ عليهما قولك: وله الحمد.وبهذا يتمّ التوكّل، ويثبت حقيقته التيهي تلك الحالة التي سنذكر البحث عنها.
والمراد من الإيمان بها صيرورتها وصفاًلازماً لقلبه غالباً عليه.
فأمّا التوحيد فهو الأصل فيه، وهو البحرالخضمّ الذي لا ساحل له، وليس لأحد إحاطةالكلام فيه، والقدر الذي يمكن الإشارةإليه في هذا المقام أنّ له أربع مراتب كلّقشر بالنسبة إلى مافوقه كالجوز.
فقشره الأعلى الذي غايته حفظ البدن عنالسيوف الإقرار باللسان خاصّة كتوحيدالمنافق.
وقشره الأسفل الذي غايته حصول الاسلاموالنجاة من العذاب المخلّد إن توفّي صاحبهعليه، ولم يضعّف بالمعاصي عقده إضافةالتصديق بالقلب
(1) البقرة: 260.