الآخرة ابتداراً، فاتّعظي وإن منعتكالقساوة عن قبول الموعظة فاستعيني عليهابدوام التهجّد والقيام وكثرة الصلاةوالصيام، وقلّة المخالطة والكلام، وصلةالأرحام، واللطف بالأيتام، وواظبي علىالنياحة والبكاء اقتداء بأبيك آدم وبأمّكحوّاء، واستغيثي بأرحم الرحمين، وتوسّليبأكرم الأكرمين، فإنّ مصيبتك أعظموبليّتك أجسم، وقد انقطعت عنك الحيل،وزاحت عنك العلل، فلا مذهب ولا مطلب ولامستغاث ولا مهرب الا إليه، فلعلّه يرحمفقرك ومسكنت ويغيثك ويجيب دعوتك، فإنّهيجيب دعوة المضطرّ إذا دعاه، ولايخيب رجاءمن أمّله ورجاه، ورحمته واسعة، وأياديهمتتابعة، ولطفه عميم، وإحسانه قديم، وهوبمن رجاه كريم.
فصل
الرضا أفضل مقامات الدين، وأعلى منازلالمقرّبين، وهو ترك الاعتراض السخطلأفعال الله تعالى ظاهراً وباطناً قولاًوفعلاً، وهو من ثمرات المحبّة، إذ المحبّيستحسن مايفعله المحبوب، وصاحب الرضايستوي لديه الحالات كلّها، والآياتوالأخبار في مدحه ممّا لاتحصى.
قال النبي صلّى الله عليه وآله لطائفة:«ما أنتم؟ فقالوا: مؤمنون، فقال: ماعلامةإيمانكم؟ فقالوا: نصبر عند البلاء ونشكرعند الرخاء ونرضى بمواقع القضاء. فقال:حكماء علماء كادوا من الفقه أن يكونواأنبياء». (1)
وقال صلّى الله عليه وآله: «إذا أحبّ اللهعبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه، وإن رضياصطفاه». (2)
وقال الصادق عليه السلام: «أعلم الناسبالله أرضاهم بقضائه». (3)
(1) المحجّة البيضاء: 8/87.
(2) المحجّة البيضاء: 8/67.
(3) الكافي: 2/60، كتاب الإيمان والكفر، بابالرضا بالقضاء، ح2، مع اختلاف.