التفصيلية واحداً بعد واحد، والقضاءوجودها إجمالاً في العالم العقلي مجتمعةعلى سبيل الإبداع، وذلك أنّه قد لمع فيمحلّه بنيّر البيان واتّضح بنور البرهانأنّ واجب الوجود وإن كان علّة لجميعالأشياء، والوجودات بأسرها فائضة منوجوده الا أنّ حدوث الحوادث لمّا كانمفتقراً إلى تصرّف الطبائع وتحريكالموادّ، وذلك ممّا لايليق بكبريائهتعالى، فلذا نسبت إلى الوسائط، ولايلزممنه نفي الفاعل المختار على ماتوهّم لماحقّق في محلّه، فيكون المعلول الأوّل علىهذا واسطة لفيضان الوجود على سائرالموجودات التي بعده فكان وجوده مشتملاًعلى وجوداتها اشتمالاً إجماليّاً، فيكونالقضاء عبارة عمّا ذكرناه من وجودهاإجمالاً في العالم العقلي، أي المعلولالأول، والقدر عبارة عن وجوداتهاالخارجيّة المترتّبة على وسائطها فيالخارج مطابقة لمّا في القضاء، ولما كانوجود المعلول الأوّل بما يشتمل عليه منالوجودات على الوجه الكلّي مفاضاً منالوجود الواجبي الذي هو عين ذاته، وثبتأيضاً علمه بذاته بما هو عين ذاته لاجرمكان علمه محيطاً بالكلّ على ماهو عليهإحاطة تامّة، فنسبة القضاء إليه كنسبةالقدر إلى القضاء، ويسمّى العالم المزبوربالعناية الأولى. وإذا ثبت جريان عادته تعالى بترتبالمسبّبات على الأسباب، وكان ذلكهوالنظام الأصلح بحالها، فمن جملتهاالصدقة والدعاء وأمثالهما، وكما أنّ شربالماء سبب لإزالة العطش مثلاً فلا تحصلالا به فكذلك الدعاء سبب رتّبه الله تعالىلدفع البلاء ولو لم يدع نزل به كما لو لميعالج المريض بالدواء والغذاء، فإنّهلايصحّ بل يموت وهو واضح. فإن قلت: إذا كان في علم الله وقضائهالسابق أنّ زيداً يدعو ويتصدّق ويندفعبذلك بليّته لدعا وتصدّق واندفعت عنه والافلا يفعل ولايندفع عنه، فأيّ فائدة فيسعيه واجتهاده؟ قلت: هذه شبهة تورد لنفي الاختيار فيأفعال العباد، ولا ربط لها