جماعة من أمثاله من الناس سيّما إذاشاهدوا منه الزهد والورع والتقوى ولمنشاهد إلى الآن من أمثاله من مات بين الناسجوعاً، سيّما إذا كان قانعاً بالقليل فهوخلاف ما ورد في الشريعة وصدر عن أئمّتناالهداة عليهم السلام، بل هو تعرّض للذلّوضرب على بواطن الناس وكلّ عليهم وهو منافللحرية الممدوحة.
والتحقيق ما قرّرته لك من أن المناط فيالتوكّل هو الثقة بالله وسكون النفس إليهدون الأسباب فلا دخل له بوجودها وعدمهاوجلائها وخفائها.
إرشاد
قد علمت أنّ عمدة ما يحصل به التوكّل قوّةالقلب وقوّة اليقين فعلاج من يريد تحصيلهتقوبة قلبه بما ذكر في الجبن وأضدادهوتقوية يقينه بالتذكّر لما ورد في مدحهأوّلاً من الآيات والأخبار والاعتباربحكايات الماضين ممّن توكّل فانتظمتأموره وأحواله على أحسن النظام، وممّن لميتوكّل بل اعتمد على الأسباب فأهلكه اللهوسلّط عليه من مفرّقات المسبّبات عنالأسباب مايعجز عن إدراكه عقول المدبّرينالصارفين عمرهم في دقائق الحيل والتدابيروهي في الكتب المطوّلة مذكورة على الألسنمشهورة، والتجربة في أحوال أهل العصر ممّايكفيك ويغنيك عن استماع الحكايات الماضية.ثم بالتفكّر في أنّك لمّا كنت جنيناً فيبطن أمّك وعاجزاً عن السعي والاضطراب فيتحصيل رزقك وصل مبدعك سرّتك بها حتّىينتهي إليك بواسطتها فضلات غذائها ثم بعدانفصالك عنها سلّط عليها الحبّ حتّى كفلتكاضطراراً من اشتغال نار الحبّ في قلبها منالله تعالى حتّى احتملت لأجلك مرارةاليقظة والحرّ والبرد وأنواع المتاعبالغير المحصورة، ولمّا لم يكن لك سنّ تمضغبه الطعام جعل رزقك من اللبن اللطيف، فإنّمزاجك يومئذ لرخاوته ما كان يحتمل الغذاءالكثيف حتّى إذا وافقك أنبت لك أسناناًقواطع لأجل المضغ وبعد كبرك هداك إلى مايسّره لك من أسباب التعليم