معرفة الله وصفاته وأفعاله، فهو بمنزلةالسلطان وسائر الحواسّ والقوى كلجواسيسوالموكّلين بنواحي المملكة، كلّ موكّلبأمر خاصّ، إمّا اللون أو الصوت أوالرائحة أو غيرهما، وينفذ بلك بهم ماأدركه إلى الحس المشترك القائم في مقدّمالدماغ كالكاتب وصاحب القصص على بابالسلطان فيسلّمها إليه مختومة فيطالعهاويطّلع على أسرار المملكة ويحكم يفهابأمور عجيبة لايمكن حصرها وليس دركها فيمقدرة البشر، ويحرّك الجنود أي الأعضاءبحسب أحكامه المختلفة في الطلب، وله أسبابلايحصرها الا الله. الثاني: ثمّ الادرك لايكفي بدون الميلوالشهوة كالمريض يرى الطعام ويدرك ولايتناوله فيتوقّف بعد الادراك على ميل إلىالموافق يسمّى شهوة، وبعد عن المخالفيسمّى نفرة وكراهة، فخلق الله الشهوةوسلّطها على الانسان حتى اضطّر بها إلىالتناول، ثم لو لم تسكن بعد أخذ مقدارالحاجة لأهلكته فخلق الكراهة بعد الشبعليترك الأكل ولا يصير كالزرع الذي يجتذبالماء دائماً، إذا انصبّ في أسافله إلى أنيفسد، ولذلك يحتاج إلى من يحرسه عنالزيادة والنقيصة، ثم مجرّد الشهوةلايكفي مالم ينبعث داعيها إلى التناول،فخلق الارادة أي انبعاث النفس إلىالتناول، واحتاج إلى قوّة الغضب أيضاً فيدفع الموذي والمخالف، ومن يريد أخذ مايحتاج إليه من الغذاء. ثم لكلّ من الشهوة والغضب والكراهة أسبابلاتحصى. ثم لاتفيد الإرادة بدون الطلبوالأخذ في الفعل بالآلات، فكم من مشيّةمريد لايتمكّن منه لفقد الآلة كفقد اليدأو فلج الرجل مثلاً فلابدّ من الآلاتوالقدرة فيها لتكون حركتها بمقتضىالارادة طلباً، فخلق الآلات للطلب كالرجلللانسان والقوائم للدوابّ والجناح للطيروللدفع عن الموانع والموذيات كالقرنوالأنياب للحيوانات والأسلحة للانسان،ولكلّ منها