خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرّهاويقيهم مكروهما، كما صرف عن قوم يونس حينتضرّعوا إلى الله تعالى». (1)
فصل
في الذكر والدعاء، وهما ممّا ينبغيإكثارهما للمؤمن، سيّما عقيب الصلواتالمفروضة، والآيات والأخبار الدالة علىفضلهما كثيرة غنيّة عن البيان، والنافع منالذكر ما كان دائماً أو غالباً حتّىيتمكّن في القلب مع حضوره وفراغ البالوالإقبال إلى ذي الجلال حتّى يتجلّى لهعظمته وجلالته فينشرح صدره بنوره، وهوغاية الغايات ونهاية ثمرة العبادات. وأوّل الذكر يوجب الأنس والحبّ، وآخرهيوجبانه، وهما المقصد الأصلي منه، لأنّالعبد في بدو الأمر متكلّف في صرف القلبواللسان عن الوسواس والوصول إلى ذكر الله،فإذا حصل الأنس حصل الصرف والانقطاعالقلبي، فعند الموت الذي يحصل به الانقطاعالحسّي أيضاً يتمتّع بما كان آنساً به،ويتلذّذ من انقطاع ما كان منقطعاً عنه فيحياته أيضاً، وإنّما كانت ملابسته لها منباب الضرورات الصادّة عن ذكر الله وبالموتانقطعت الضرورة أيضاً، فكأنّما خلّي بينهوبين محبوبه فخلص من سجن الحاجب والمانع،وهذا التلذّذ باق له بعد الموت إلى أن ينزلفي جوار الله ويترقّى من الذكر إلى اللقاء. والأذكار كثيرة كالتهليل والتمجيدوالتسبيح والتكبير والحولقة (2)والتسبيحات الأربع وأسماء الله الحسنىوغيرها. وقد ورد في فضل كلّ منها أخبار لاتحصى. والمداومة على كلّ منها توجب صفاء للنفسوانشراحاً للصدر، وكلّما(1) الفقيه: 541، باب صلاة الآيات، ح 1510، معاختلاف. (2) كذا، والصحيح: الحوقلة.