ولذا يكره الموت لظنّه عدمه أو عدم بعضه. وكذا كمال الوجود محبوب له لأنّ النقص عدمبالإضافة إلى المفقود، فالنقائص أعدام فيالحقيقة، كما أنّ الكمالات وجودات. فحاصله حبّ الوجود وبغض العدم أيضاًفكلّما كان الوجود أقوى ونحوه أتمّ كانأجمع لمراتب الوجودات والوجود الواجبيلكونه تامّاً وفوق التمام وقيّوماً محيطبكلّ الموجودات وجامع لها بأسرها، وحبّالمرء لأقاربه وأولاده وعشائره راجع إلىهذا القسم، أي حبّه لكمال نفسه إذ يرىالولد جزءاً منه قائماً مقامه، فبقاؤهبمنزلة بقائه ويرى نفسه قويّاً كثيراًبأقاربه لأنّهم كالأجنحة المكمّلة له. الثاني: حبّ من يحصل له نفع بسببه أي مايكون وسيلة إلى لذّاته كحبّه للمرأة التيبها تحصل لذّة الوقاع، والطعام الذي يحصلبه لذّة الأكل، والطّيب الذي به يحصلالصحّة، والمعلّم الذي به يحصل العلم،وهذا أيضاً يؤول إلى الأوّل، لأنّه باعثلحصول الحظوظ التي بها يتمّ كمال الوجود،فإذا أحبّ الانسان غيره بحظّ واصل منهإليه فما أحبّه لذاته بل لأجل الحظّالمزبور، ولو ارتفع طمعه فيه زال حبّه معبقائه بذاته، وإذا كان الحظّ واصلاً إليه(1)، فما أحبّ في الحقيقة الا نفسه. والثالث: المحبّة الحاصلة بسبب الأنسوالإلف والاجتماع كما في الأسفارالبعيدة، فإنّ المؤانسة لاتنفكّ عنالحبّ، والانسان مجبول عليها. وهذا أحد أسرار التعبّد بالجماعاتوالجماعات. والرابع: الحبّ الحاصل بالمجانسةوالمشاركة في الصفة كالصبي لمثله والشيخلمثله والتاجر لصنفه. والخامس: محبّة المتشاركين في سبب واحدكالقرابة، وكلّما قرب كانت أشدّ. (1) كذا، وفي العبارة سقط.