والسادس: الحبّ لمجانسة خفيّة ومناسبةمعنويّة من دون سبب ظاهر، فإنّ الأرواحلها تناسب كما ورد في الأخبار. والسابع: حبّ العلل لمعلولاتها وبالعكس،لأنّ المعلول مثال للعلة مترشّح منهامنبجس عنها لكونه من سنخها، فالعلّة تحبّهلأنه فرعها المنطوي فيها، والمعلوليحبّها لأنّها أصله الذي يحتوي عليه، فحبّكلّ منهما للآخر حبّ لنفسه في الحقيقة،والعلّة الحقيقيّة في ذلك أقوى منالمعدّة. فأقوى أقسام الحبّ ما كان الحبّ للواجبتعالى بالنسبة إلى معلولاته. ثمّ محبّة عباده العارفين به له، فإنّ هذهمتوقّفة على المعرفة بكون العلّة تامّةفوق التمام، وكونها سبباً لإخراجهم منالعدم الصرف إلى الوجود المحض وإعطائهم مايحتاجون إليه في النشأتين، وحينئذ تشتاقالنفس إلى العلّة بالضرورة. قال سيّد الرسل صلّى الله عليه وآله: «مااتّخذ الله وليّاً جاهلاً قطّ». (1) قيل: ويشبه حبّ الأب لابنه وبالعكس هذاالقسم لكون الأب علّة معدّة له فيحبّهلأنّه يراه مثالاً لذاته وجزءاً له، ولذايريد له ما يريد لنفسه، ويفرح بتفضيلهعليه ويرجو منه إنجاح مقاصده ومطالبه فيحياته ومماته، وكذا محبّة المعلمللمتعلّم وبالعكس، لأنّ المعلّم سببلحياته الروحانيّة وإفاضة الصورةالانسانيّة علي وبقدر شرف الروح على الجسميكون المعلّم أشرف من الأب. ومنه يظهر أنّ حبّ النبي صلّى الله عليهوآله وخلفاء (أي أو صياؤه) الراشدين (2) أوكدمن سائر أقسام الحبّ بعد الله تعالى،لأنّه المعلّم الحقيقي والمكمّل الأوّل. قال صلّى الله عليه وآله: «لايكون أحدكممؤمناً حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه وأهله (1) جامع السعادات: 33/140. (2) قال في جامع السعادات (3/141): «ينبغي أنيكون حبّ النبي وأوصيائه الراشدين عليهالسلام أوكد من جميع أقسام الحبّ».