تأكّد بأنّ المدركات التي هي شواهد علىالله أدركها الانسان في الصبا حال فقدالعقل، ثم لمّا بدت غريزة العقل قليلاً،كان مستغرق الهمّ في الشهوات ذاهلاً عنهذه الدلالات، مستأنساً بما أحسّه منالمدركات، ساقطاً وقعها عن قلبه بطولالأنس وكثرة العادات، ولذا إذا رأىحيواناً غريباً أو شيئاً عجيباً خارجاً عنالعادة المستأنس بها انطلق لسانه إلىالمعرفة طبعاً فقال: سبحان الله! وهو يرىطول النهار نفسه وأعضاءه وسائر المخلوقاتالمشتملة على صنوف البدائع والحكمالشواهد الصادقة على ربّه ولا يحسّبشهادتها لكثرة إلفه وأنسه بها، ولو فرضأكمه بلغ عاقلاً، ثم انقشعت عنه غشاوةالكمه ومدّ بصره إلى الأرض والسماء ومافيهما دفعة واحدة لخيف عليه أن يبهر عقلهلعظم تعجّبه.
ولذا قيل:
لقد ظهرت فما تخفى على أحد
لكن بطنت بما أظهرت محتجبا
فكيف يعرفمن بالعرف استترا (1)
الا على أكمهلايعرف القمرا
فكيف يعرفمن بالعرف استترا (1)
فكيف يعرفمن بالعرف استترا (1)
خفيّ لافراط الظهور تعرّضت
وحظّ عيون الزرق عن نور وجهه
لشدّتهحظّ العيون العوامش
لإدراكهأبصار قوم أخافش
لشدّتهحظّ العيون العوامش
لشدّتهحظّ العيون العوامش
وقال عليه السلام: «لايجنّه البطون عنالظهور ولا يقطعه الظهور عن البطون قربفنأى، وعلا فدنا، وظهر فبطن، وبطن فعلن».(3)
فصل
قد دلّ كثير من الآيات والأخبار على أنّالله يحبّ العبد أيضاً.
(1) في المحجّة البيضاء: (8/55): قد سترا.
(2) نهج البلاغة: الخطبة 185.
(3) نهج البلاغة: الخطبة 195.