اعتمد الحلواني مقارنة الأقوال والآراء بين العلماء ولا سيما القدماء ثم كان يرجّح وجهاً على آخر، مستنداً في ذلك إلى المحاكمة العقلية، والشاهد والقاعدة في هذا، وكان مقنعاً في كثير من الآراء التي رجحها لأنه رصد القواعد، والشواهد، ووصل إلى الترجيح، فهو في هذا يختلف عن المواضع في تحديد الرأي أو البتّ فيه …من هذا ما ورد في كتابه المختار عن إعراب الجمل فقد وضع عنواناً «جمل خاصة» لأربع جمل، الأولى: التي بعد همزة التسوية فبعد أن عرض لآراء القدماء قال: «وللجملة بعد همزة التسوية أحد موضعين من الإعراب إما أن تكون في محل رفع مبتدأ، وذلك إذا وقعت بعد سواء، وإما في محل نصب على نزع الخافض إذا وقعت بعد لا أبا لي..» (147) والثانية: الجملة التي بعد الحرف المصدري المحذوف فهو يحدد هذه الجملة بعد عرض آراء القدماء «والذي نذهب إليه هو أنّ هذه الجملة صلة موصول حرفي محذوف مقدر..» والثالث جملة الفاعل فقد رأى أن النحاة القدماء يتخبطون في إعراب ما يعرض لهم من هذه الظاهرة (154) لأن الكلام محمول على المعنى، ولأن النحاة يجتهدون في جعل إعرابهم لا يخرج على القواعد المستقرة، ففيها قاعدة صارمة في منع أن تقع الجملة موقع الفاعل (157) ، لكنه في النحو الميسر يفسر أكثر، ويرجّح أن تقع الجملة فاعلاً، لأن الكلام في بعض الأحيان يوحي أن جملة ما يجب أن تكون فاعلاً كما ترى في قوله أفلم يَهدِ لهم كَمْ أهْلَكْنا قَبْلَهُم مِن القُرون لأنها يمكن تأويلها بمفرد تقديره «ألم يهد لهم كثرة إهلاكنا» ويزيد على هذا فيقول «وقد يكون الفاعل جملة محكية يراد منها لفظها لا إسنادها كأن تقول مثلاً » أعجبني من كلام الحكماء: ليس كل ما يلمع ذهباً». أي أعجبني هذا القول.فهذا التحليل العلمي يقنع القارئ ويجعله يقرّ بعدد من الأحكام التي انفرد بها أو رجّحها (انظر الميسر 1/350) .والجملة الرابعة التي تقع موقع المستثنى ب (إلا) وبعد أن يعرض لكلام القدماء في الآية لسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِر إلاّ مَنْ تَوَلَّى وكَفَر يقول «وهذا مذهب فاسد لأن (إلا) بمعنى (لكن) ، وهذا يعني أنها خرجت عن معنى الاستثناء وتضمنت معنى الاستدراك، ويجب أن يكون ما بعدها مستأنفاً» (156) .وفي شبه الجملةكان قد أجاز تعليق شبه الجملة بالفعل الناقص عندما تكلم على تعليق أسماء الشرط التي تتضمن الظرفية، لكنه يعود فيخالف هذا فيتقل عن ثقات النحاة أن هذا لا يجوز لأن الفعل الناقص لا يدل على حدث، وإنما يعلق بخبره لأنه يكون إما جملة فعلية أو اسماً مشتقاً يشبه الفعل التام (166) و (205) .وفي هذا الباب ما ورد من أفعال لا تحتاج إلى فاعل، قال: «وقد يكون الفعل غير محتاج إلى فاعل البتة، ولهذا صورتان تركيبيتان:الأولى: أن يقع الفعل توكيداً لفظياً لفعل آخر» (1/351) . وأقول لماذا ما دام الفعل توكيداً لفظياً، والتوكيد اللفظي لا محل له من الإعراب.الثانية: أن تكفه (ما) المصدرية عن العمل (1/352) ثم علّق في الحاشية فقال: لمثل هذه الأفعال توجيه آخر، هو أن تكون (ما) مصدرية لا زائدة كافة، وفي هذا التوجيه يكون المصدر المؤول هو الفاعل، وحينئذ تحسن كتابة (ما) مستقلة، طال ما اشتقت إليك (1/352) .وأقول: إنه وإن لم يصرح بالوجه الذي يرجحه فكأنه يرجح الثاني ثم إن في كلامه اضطراباً، هو أنه قال تكفه (ما) المصدرية، والمعروف أن (ما) المصدرية مع ما بعدها تؤول بمصدر، فكان يفترض أن يقول (ما) الزائدة الكافة، والأمر الآخر، أن لا ضرورة لكتابة (ما) منفصلة عما بعدها وإن كانت مصدرية فثمة كلمات كثيرة أعربت متصلة مثل (فيما) و (فيم) و (ألا) أن لا و (إلا) إن لا، وأشباهها.يرجح اعتبار (ال) موصولية في اسم الفاعل واسم المفعول لأن الضمير يعود عليها كما في قوله تعالى فالمغيرات صبحاً فأثرن به نَقْعاً (1/115) ، و(ال) هنا اسم موصول مع المشتق لأنها تساوي الذي والفعل المضارع.جوّز وقوع الباء زائدة في المفعول الثاني قياساً (2/589) فكأنه يشير إلى زيادتها في خبر الفعل الناسخ، والمفعول الثاني هو ـ في الأصل ـ خبر، وكنت أفضل لو شفع كلامه بشواهد شعرية.وكان قد علق شبه الجملة بالمفعول الثاني (المختار 172) .رجح إعراب (عدا) (خلا) حرفي جر أصليين يتعلقان بما قبلهما ويعلق فيقول «على اعتبارهما حرفين شبيهين بالزائد فقال: إنَّ النحاة الثقات لا يقولون بذلك» (2/466) .رجح إعراب كل صفة في قول جرير.يا أملح الناس كل الناس إنساناألست أحسن من يمشي على قدموقد تقدم الكلام عليه.