لا يُقصد بهذه الجملة الضعف في القاعدة النحوية ، ولا التشتت في الأحكام، فالمواضع التي جاز فيها الوجهان لا تصل إلى خمسين ، وهذا عددٌ قليل جداً إذا ما قيس بقواعد العربية وأحكامها ، وهي تستند إلى قواعد نحوية لا تسير على أهواء أصحابها ، وتتفرع منها قواعد ،لكنها ـ كلَّها ـ تنتظم في قاعدة جديدة .إن ضبط الألفاظ والكلمات في الجمل التي يُراد إعرابها هو الذي يقلل من تجويز الوجهين في معظم المواضع ، فكم من قاعدة جاز فيها الوجهان ، لأنَّ بعضهم قرأ الكلمة بلفظ غير اللفظ الذي قرأه غيره ، فهل أقول إنها تشبه القراءات القرآنية ؟ لقد جاز الوجهان في ترخيم النداء ، وترجيح وجه على وجه واضحٌ في الشواهد ، وكذا التبع على اللفظ الذي رُجّح على التبع على المحل ، ومثل هذا كثير .
2- القاعدة الإملائية تيسّر النحو !
ثمة قواعد يمكن التخفيف من الخلاف النحوي فيها إذا اعتمدنا القاعدة الإملائية ، من هذا (ألاّ) مدغمة و(أن لا) وهذه من المشكلات التي تعترض الطالب في الإعراب ، كيف يكتبها ؟ وكيف سيعرب الفعل المضارع بعدهما ؟.إن اعتماد قاعدة إملائية سهلة تعتمد الشكل يؤدي إلى التمييز بينهما بسهولة ويسر ، ويقود إلى الإعراب الذي لا لبس فيه ، ولا وجهان ، ونكون ـ بذلك ـ قد خففنا عن الطالب قاعدة تصعب عليه ، ما زالت منذ قديم الزمان وما زال الخلاف يجوّز وجهين في إعراب المضارع بعدهما إلاّ إذا كان مضبوطاًَ ، أو فيه دليل حسّي كالمضارع الذي من الأفعال الخمسة .يمكن اعتماد القاعدة الإملائية التالية :آ ـ إذا كتبت مدغمة (ألاّ) أعربت مؤلفة من أن الناصبة ، ولا الزائدة النافية ، وبعدها الفعل المضارع منصوب ، قال تعالى وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ.ب ـ أما إذا كتبت مفككة مؤلفة من (أن) و(لا) فتكون مخففة من الثقيلة ، و(لا) زائدة نافية لا عمل لها ، وما يؤيد هذا ويسنده الشواهد الكثيرة جداً التي وردت فيها أن المخففة وقد وليها (لا) ، ثم إنَّ المخففة يفصل بينها وبين خبرها فاصل ، ومن الفواصل (لا) قال الشاعر :يظنان كلّ الظنّ أن لا تلاقياوقد يجمع الله الشتيتين بعدماإنَّ اعتماد هذه القاعدة لا يكلّفنا الكثير ، إلاّ الكتابة الصحيحة في كتبنا ومناهجنا، ولا تحتاج منا إلى إعادة التفكير ولا عقد المؤتمرات والندوات ،وليبدأ الأمر من كتب أطفالنا ليكبروا ومعهم قاعدة سهلة لا تعقيد فيها ولا غموض ، ولا نعمّق الخلاف القديم !! .أمّا ما ورد في القرآن الكريم فهو رسم المصحف الذي لا نعتمد القاعدة الإملائية المعاصرة فيه .ولا أظنُّ أن ثمة مشكلة كبيرة سيسببها هذا التمييز الواضح البيّن ، ما دام فيه مصلحة اللغة والنحو والطالب الذي يريد أن يتعلّم لغته ، أو يبتعد عن المشكلات والصعوبات التي تعترضه كي لا ينفر من قواعد قيل عنها صعبة وفي ما ذكرت شيءٌ من المنطق العلمي المُعْتَمَدِ في النحو العربي والإملاء .
3- أنَّما بفتح الهمزة :
من القواعد التي لا نزال نحفظها ونعلّمها طلابنا أنَّ الحرف المشبه بالفعل إذا دخلت عليه (ما) كفته عن العمل وأُعربت (كافة ومكفوفة) فلم تعد بحاجة إلى اسم وخبر ، وهيأت الأداةُ (ما) الحرفَ للدخول على الجملة الفعلية ، فهذا يعني أنَّ الجملة ستكون استئنافية ، أي بداية كلام جديد ، وهذا يقودنا إلى أن الأداة (أنَّ) بفتح الهمزة يجب أن تكون ضمن القاعدة .