وعلى أثر ذلك نشطت مساع من هنا وهناك، كان
من بينها ما شارك فيه عدد من أهل العلم،
الأعزاء والأحباء، يطالبوننا بتأخير
إصدار هذا الكتاب، ولو لمدة وجيزة، آخذين
على عاتقهم إقناع البعض بإصدار كتاب يشتمل
على تصحيحات من شأنها أن تحل الإشكال
القائم وتعيد الأمور إلى نصابها. على
اعتبار: أن ثمة خطأ يحتاج إلى تصحيح ولا
نُصِرّ أن يكون ذلك بأيدينا، فرحبنا بهم
جميعا، وقطعنا على أنفسنا وعدا بتأخير
إصدار هذا الكتاب مدة عشرة أو خمسة عشر
يوما، إذ لا يحتاج هذا المهم إلى أكثر من
ذلك.
ثم مدّدت المهلة مرة ثانية. وفي المرة
الثالثة مددناها لمدة شهر، ومضى أكثر من
شهرين، وذهبت تلك الأيام التي حددت في تلك
المرات، ولحقتها أيام عديدة أخرى.. ونحن
ننتظر الفرج..
وجاء الفرج أخيرا على شكل كتاب تخيّل
مؤلفه أنه يرد على كتابنا "مأساة الزهراء
(ع)" وكتاب "لماذا كتاب مأساة الزهراء (ع)"
وتعرض أيضا لكتاب "الصحيح من سيرة النبي
الأعظـم صلى الله عليه وآله".
ولم يفاجئنا كل ذلك في حد نفسه. ولكن ما
لفت نظرنا هو أنه قد تعرض بصورة مبطنة،
فيها شيء من إظهار (الشطارة) لكتابنا هذا
بالذات، مستفيدا ـ كما هو ظاهر ـ من تلك
النسخة التي سرقت وبيعت بذلك المبلغ
الكبير من المال..
ومهما يكن من أمر، فقد أحببنا أن نعرف
القارئ الكريم بحقيقة ما جرى وأن ينتظر
المزيد من أمثال هذه الأمور، فإن ذلك من
حقه علينا..
وإذا كان ذلك قد أزعجه، فنحن نعتذر إليه
وعليه منّا سلام الله، ورحمة منه وبركات.
وعودا على بدء، نكرر ونقرر: أن الزهراء
عليها السلام في مأساتها ومعاناتها،
ومواقفها الرسالية، كما عرّفتنا الحق بعد
وفاة النبي (ص)، ها هي في غيبة الولي توضح
المكنون، وتظهر ما كنا عنه غافلين..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
فصلوات الله وسلامه على الزهراء، وأبيها،
وعلى بعلها وبنيها..
المقـدمة
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلامعلى الرسول المسدد، والمصطفى الأمجد،
المحمود الأحمد، حبيب إله العالمين،
سيدنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وآله
الطيبين الطاهرين.
وبعد..
لا نريد أن نتجنّى على أحد، ولا أن نسيء
إلى أي كان من الناس، وما نريده هو فقط أن
نسهم في حفظ السلامة العامة من الوقوع تحت
تأثير بعض الأفكار التي سجّلها البعض في
مؤلفاته، وطرحها ليتداولها الناس في شرق
الأرض، وغربها.
ونحن نرى أن كل مؤلّف يحب نشر أفكاره،
ولاسيما التجديدية منها.. ويرغب في أن
يتداولها الناس، ليستفيدوا منها، أو
لينقدوها، لتصبح أكثر دقةً، وأعمق
تأثيرا..
ولكن الأمر في هذا المورد بالذات قد يكون
على عكس ذلك، فقد ينزعج البعض من نشر ما
لديه من أفكار، رغم أنها كانت منشورة
مسبقا في ثنايا الكتب، والنشرات، وعلى
صفحات الجرائد والمجلات.
ولا ندري إن كنا سنتّهم من جديد بأننا
نهدف من وراء ذلك إلى التشهير، أو
الإسقاط، أو أننا لم نفهم كلامه، ولم ندرك
مقاصده، مع أنه يتكلم بلسان عربي، لا
تشوبه عُجمة، ولا يعاني من لُكنة. كما أن
من يستمعون ويقرؤون له إنما يفهمون الكلام
العربي باللغة العربية ولا يفهمونه بغيرها
من اللغات كالصينية أو الهندية أو
الكردية، وهم في أكثرهم ـ أعني من يستمعون
لذلك البعض ـ أناس عاديون، فيهم الكبير
والصغير، والمرأة والرجل، والمثقف وغير
المثقف.
ومهما يكن من أمر، فإننا قد صرّحنا
والمحنا إلى أن ما دعانا إلى كتابة كتاب
(مأساة الزهراء (ع) شبهات وردود) ليس هو
خصوص قضية كسر الضلع الشريف للزهراء
البتول، والصديقة الشهيدة. بل هو دفع ما
أثير من شبهات خطيرة حول ظلم الزهراء وما
جرى عليها، ثم الإلفات والتحذير مما هو
أوسع وأشمل، وأكبر وأخطر، وأمرّ وأدهى..
ونحن في ضمن كتابنا هذا بأقسامه
المختلفة، نعرض مجموعة من مقولات "جريئة"
سجلها البعض في مؤلفاته المنتشرة في مختلف
البلاد، وبين أصناف شتى من العباد،
وللقارئ الكريم الحق في أن يؤيد ما فهمناه
واستفدناه منها، أو يرده، إذا اقتضى الأمر
ـ بنظره ـ أياً من الرد أو القبول، شرط أن
يكون ذلك وفق المعايير الصحيحة
والموضوعية، ووفق النصوص القرآنية،
والتوجيهات الثابتة عن أهل بيت العصمة (ع)،
وما هو ثابت ومعروف في مذهب الشيعة
الأمامية.