حدیث الانطلاق نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وفي هذا الاتجاه عكف الامام الخميني - بعد هجرة اية الله البروجردي الى قم - باعتباره احد المجتهدين والمدرسين المعروفين في الحوزة العلمية في قم - على تحكيم اسس زعامة ومرجعية اية الله البروجردي ، وقد بذل في هذا السبيل مساع حثيثة ، واستنادا لما ينقله طلابه فان الامام قد التزم حينها بحضور درس المرحوم اية الله البروجردي في الفقه والامول .ورغبة منه في متابعة مسيرته في تحقيق اهدافه السامية اعد الامام الخميني في عام (1949 م ) مقترحا لاصلاح البنية العامة للحوزة العلمية ، ساعده في ذلك اية الله مرتضى الحائري ، وقام بتقديمه الى اية الله البروجردي (ره ) فيما بعد ، وقد حظي هذا المقترح باستقبال ودعم من قبل طلاب الامام الواعين .ولو كان تم تطبيق هذا المقترح عمليا في تلك الظروف - التي ذكرناها - لاصبحت الحوزة العلمية مؤسسة ذات تشكيلات علمية واسعة تسهل عليها اداء دورها المطلوب ، غير ان الخناسين والقشريين الذين راوا ان هذا المقترح سيؤدي الى تعكير صفو اوضاعهم المترفة الهادئة ، اصيبوا بالاضطراب فانطلقوا يعارضون ويحبطون حتى بلغ الامر ان غير اية الله البروجردي نظرته الاولى ورغبته القلبية في ذلك فاشاح اخيرا عن قبول هذا المقترح . ونتيجة لذلك تأثر اية الله مرتضى الحائري فسافر للاقامة في مشهد مدة من الزمن ، غير ان الامام الخميني اصر على البقاء رغم اضطراب الظروف ورغم تألمه مما حدث ومما تلا ذلك من الحوادث ، املا في حركة الوعي المرتقبة الوقوع في الحوزة العلمية .قبل ثمانية اعوام من ذلك التاريخ وفي ( 1941 م ) كانت ايران قد تعرضت للاحتلال من قبل جيوش الحلفاء ، وقد استسلم المستبد - الذي امضى عشرين عاما في تجهيز قواته المسلحة منفقا المبالغ الطائلة - امام هجمات الغزاة وعلى ما اقر به ابنه محمد رضا فان الجيش قد بادر للفرار في مختلف المناطق امام اول الاطلاقات التي اطلقتها قوات الحلفاء(21) . بذلك فقد تنازل رضاخان عن العرش رغم كل ادعاء اته - وغادر البلاد مجبرا ، وكان رد الفعل الشعبي متناقضا ، فمن جانب كانت الجماهير تعيش الحزن والانكسار نتيجة اجتياح قوات الحلفاء لاراضي بلادهم ، وفي الوقت نفسه كانت مشاعر السرور والفرح البالغ تعم الجميع نتيجة سقوط المستبد - الذي كانت امواله المنقولة - التي جمعها من كدح الفقراء ومن سنين النهب للثروات الوطنية - تجاوز الستمائة وثمانين مليونا من الريالات الايرانية(22) ( في ذلك الوقت ) وذلك ينطوي على حقائق كثيرة لامجال لتفصيلها هنا .صدر الامر بتعيين الملك الجديد من السفارة الانجليزية وبموافقة عضو اخر من قوات الحلفاء وهو روسيا ، وكان الاختيار قد وقع على محمد رضا البهلوي ، وبذلك ابتداء فصل جديد من العذاب والعناء استمر لسبعة وثلاثين عاما تميزت ببيع استقلال البلاد وعزتها.