تفسیر کتاب اللّه المنزل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
من يحذو حذوه، لأن الأنوار المحسوسةكلّها زائلة دائرة تنقص و تدثر عند عروضالشيب و الموت، ثمّ لم يبق لهم نور أصلا،لا نور الحواسّ لزوالها عند الموت، و لانور الايمان و المعرفة، لعدم اكتسابهم له،فلا جرم تركوا في ظلمات الموت و الجهالة وغيرها كظلمة الكفر و ظلمة النفاق و ظلمةالضلال و ظلمة سخط اللّه و ظلمة يوم القيمةو ظلمة عذاب السرمد، كأنها ظلمات متراكمةبعضها فوق بعض، فلا يبصرون شيئا و سلبتقواهم و جوارحهم كلّها فلا سمع و لا نطق ولا بصر كما لا اذن و لا لسان و لا عين، فهمصمّ بكم عمي لا يرجعون، لأنّ الرجوع إلىالفطرة الاولى من الممتنعات و الممتنع لايكون مقدورا أصلا.فالآية مثل ضربه اللّه لمن آتاه ضربا منالهدى فأضاعه و لم يتوصّل به إلى نعيمالأبد و سعادة السرمد فبقي متحيّرامتحسّرا في ظلمة لا أوحش منها مسلوبالحواسّ و الآلات تقريرا و توضيحا لماتضمّنه الآية الاولى.و يدخل تحت عمومه هؤلاء المنافقين و كلّمن آثر الضلالة على الهدى المجعول لهبالفطرة الاولى، و يمكن أن يكون المراد منقوله فلمّا أضاءت ما حوله، إنّ الرجلالمنافق قد يكون من أهل الوعظ و التذكيريستضيء بنور وعظه و تذكيره حواليه منالمستمعين و هو نفسه لا ينتقع بما يقوله ولا يعمل به، كما قيل «1»: «مثل العالم بأمراللّه غير العالم باللّه كمثل السراج يحرقنفسه و يضيء غيره» و في الحديث عنه «2»: إنّ اللّه يؤيّد هذاالدين بالرجل الفاجر.فهذا ما تيسّر لنا في فهم هذه الآية بفضلاللّه، و لنرجع إلى حلّ الألفاظ و ما ذكرهالمفسّرون إنشاء اللّه.