إنّ موجوديّة الممكنات بحقيقة الوجودالفائض من الحقّ الأول و قد علمت فيما سبق،إنّ الوجود في كلّ شيء هو نحو وجوده و هوصورة ذاته دون المسمّى بالمهيّة إلّا إنّصورة الوجود في بعض الأشياء كالمفارقات، وضرب من الملائكة و المدبّرات العلويّةقائمة في أنفسها بذات باريها و موجدها. وفي بعض الأشياء كالطبائع و ضرب من الملكوتو المدبّرات السفليّة، قائمة لا في أنفسهابل بتبعيّة المحالّ و المقادير، و كلّ منقسمي الوجود أعني القائم بالذات و القائمبالمقدار، نور من أنوار اللّه الفائضة عنهفي سموات الأرواح و أراضى الأشباح و هو مناسمه العليم و النّور إذ هو عالم الغيب والشهادة، و اللّه نور السّموات و الأرض بلالوجود على مراتبه كلّه نور و اللّه نورالأنوار.و الإنسان بالقوّة مشتمل على كلّ قسم منالنور و أشرف أنواره المكمونة بالقوّة فيذاته بحسب أصل الفطرة، هو النور العقلي،المدرك للحقائق، الفعّال للصور العقليّةو النفسانيّة و الحسيّة عند تفرّده بذاتهو خروجه من القوّة إلى الفعل و اتّصالهبحضرة الحقّ الأول، و إنّما يخرج منالقوّة إلى الفعل عند استكماله بسلوك سبيلالحقّ و انقياد الشريعة الإلهيّةبالايمان و العمل الصالح، و صرف قواهالإدراكيّة كالحواسّ الظاهرة والتحريكيّة كالقدرة و الإرادة و الشهوة والغضب فيما خلقت هي لأجله.و هذه القوى أيضا ضروب من الأنوارالوجوديّة التي أنعمها اللّه عليناللاستعمال في التوصّل بها إليه تعالى والتقرّب منه، و هي أيضا في أول النشاةضعيفة خامدة في مادّة البدن سيّماالباطنيّة منها كالوهم و الخيال من القسمالأول و الهوى و حبّ الجاه و الرياسة منالقسم الثاني، و هذه الأنوار الحسيّة وكذا محسوساتها و متعلّقاتها صور مكمونة فيموادّ الأجسام سيّما العنصريّة كالصورةالناريّة في الفحم إذ جميع هذه الأجسامالتي تلينا و ما حولنا بمنزلة الفحم والزغال، و أنوار صور الحقائق مندمجة فيها،و إنّما يظهر من البطون و يبرز من الكمونلنا بسبب حركات و رياضات في كورة الدنيا وعالم