تفسیر کتاب اللّه المنزل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
الطبيعة هي بمنزلة النفاخات الواقعة فيكورة الحدّادين.و أول ما يخرج إلى الفعل من القوّة و إلىالبروز من الكمون هي صورة الحسّ والمحسوس، إذ كلّ إدراك سواء كان حسّا أوتخيّلا او وهما او تعقّلا او تألّها، فهوبضرب من التجريد، و مراتب التجريدات فيالشدّة و الضعف كمراتب الإدراكات فيالكمال و النقص، فأقلّ التجريدات التجريدالحاصل في الحسّ، فإنّ الحسّ تجرّد الصورةالقائمة بالمادّة المغشّاة بالغواشيالماديّة من أصل تلك المادّة و لكن لايجرّدها من الغواشي، بل هي معها مع اشتراطأن يكون لمحلها من الحسّ نسبة وضعيّةجسمانيّة إلى تلك المادّة المنتزعة هيعنها حتّى أنّه لو غابت تلك المادّة غابتالصورة أيضا عن الحسّ.و أمّا الخيال فيجرّد الصورة عن المادّةتجريدا أتمّ و إلى أفق المفارقات تقريباأشدّ فإنّه يجرّدها عن المادّة و عنملابسها و غواشيها الجسمانيّة من غيراشتراط حضور المادّة أيضا لكن بشرط بقاءتخصّصها و تعيّنها المشابه لتعيّنهاالمادّي في عالم التمثّل الخيالي.و أما الوهم فيجرّد الصورة تجريدا أتمّ منتجريد الحسّ و الخيال جميعا بحيث يتصوّرالمعاني الحاصلة في الأجسام و يجرّدها عنالموادّ و عن صفاتها المكتفة بها لكن لايمكن للوهم تجريد المعنى بالكليّة عنالموادّ الشخصيّة و عن صفاتها جميعا حتىعن اضافتها إلى الشخص بل يتصوّر كلّا منالمعاني مضافا إلى شخص بعينه، إذ الوهمنفسه أيضا كذلك لأنّه عبارة عن قوّةعقليّة مضافة إلى جوهر جسماني، حتّى لوتجرّد عن هذه الإضافات صار الوهم عقلا والشيطان ملكا و الجربزة حكمة.و أمّا العقل فشأنه تجريد الصور عنالموادّ تجريدا أتمّ و أقوى من جميع ما سبقلأنّه كما يجرّدها عن الموادّ و ملابسها،يجرّدها عن أنحاء التعلّقات و الإضافاتكلّها فيصيّرها لبّا خالصا صافيا مقدّسامطهّرا عن الأرجاس و الأدناس لائقا بحضرةالقدس و حظيرة الانس و ذلك ما أردناه.