تفسیر کتاب اللّه المنزل جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
و إنّما تثبت هذه الأوصاف لهذه النيرانالدنياويّة، لأنّها ليست نيرانا محضة بلفي مادّتها نار و نور سانح كما مرّ و أمّاالتي هي نار محضة، فتمامها إنّها صورةجوهريّة حارّة بالذّات محرّكة للموادّمحلّلة مذيبة للأجساد، محرقة موذية مهلكةقطّاعة نزّاعة مفسدة للصور الاتّصالية، وفساد الصور بوارها، فدار البوار هي محلظهور سلطان النار.و أمّا عالم النور فهو محل ظهور الحقائقمن حيث إنّها حقائق و بقاؤها و سلطانها والأبواب إليها منسدّة إلّا من قبل آثارهاو من ناحية صورها المحسوسة و لهذا قيل: منفقد حسّا فقد علما.و من تأمّل علم إنّ النيران التي عندنافمحلّ ناريّتها الحقيقية في الحقيقة دارالبوار لا دار القرار، لأن النار هيالمحلّلة المفرقة و هذا المحسوس من النارليس محرقا حقيقة و الذي يباشر الإحراق والتفريق حقّا و حقيقة هي نار مستورة عن هذهالحواسّ خارجة عن فكر الناس و القياسمرتبطة بهذا المحسوس و بغيره ارتباطا وهذا شيء يوافقنا علماء النظر لاعترافهمبأنّ الأثر لا يبقى بعد وجود ما هو الفاعلله حقيقة و إنّما الذي يبقى بعده الأثر فهوفاعل في علم الطبيعة و باصطلاح الطبيعيّينو ذلك يسمّى في علم ما بعد الطبيعة وباصطلاح الإلهييّن: «معدّا»، لا فاعلامفيدا.فقد تبيّن و اتّضح إنّ ناريّة النار أيكونها محلّلة مزيلة للصورة، ليست حاصلةفيما يفارقه، و إنّ نار اللّه الكبرى لامستقرّ لها سوى دار البوار، لأنّ حقيقتهامنبعثة عن تنزّلات الأنوار الإلهيّة والعقليّة عند هبوطها عن عالم النور إلىعالم الاستحالة و الدثور فالطبيعةالناريّة سارية في كلّ المستحيلاتالجوهريّة.و عندنا إنّ جميع الجواهر الماديّةسماويّة كانت أو أرضيّة سيّالة في ذاتهاقابلة للاستحالة الجوهريّة و التجدّد والذوبان بتأثير نيران الطبائع الغيرالمحسوسة، و هي نيران اخرويّة كامنة فيبواطن الأجسام الدنيويّة و النفسالأمّارة بالسوء أيضا نار موقدة تطّلع علىالأفئدة، و هي كلّها مولمة إلا إنّ بينالناس و بين إدراك المها حجابا.